سلسلة تقارير من موقع شبكة الأعلام العربية " محيط " مع الشكر الجزيل
"بنينة والزاوية والدم" .. صفعات جديدة للقذافي
محيط - جهان مصطفى
بالتزامن مع إعلان أحمد قذاف الدم ابن عم القذافي استقالته من منصبه كمبعوث شخصي له ، أصدر ضباط وجنود قاعدة بنينة الجوية الواقعة بضاحية بنغازي الليبية بيانا مساء الخميس الموافق 24 فبراير يؤيدون فيه الثورة ، مطالبين في الوقت ذاته بنتحي القذافي .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد تقدم عدد من مديري البحث الجنائي ومديري الأمن في عدد من المحافظات الليبية أيضا باستقالاتهم من مناصبهم تضامنا مع المتظاهرين الليبيين واحتجاجا على استخدام السلطات الليبية مرتزقة أجانب في ضربهم.
وأعلن مدير أمن شعبية بنغازي العميد علي محمود هويدي استقالته من منصبه وانضمامه إلى شباب الثورة وقال هويدي إن ما رآه من استعمال مفرط للقوة وفتك بالأرواح هو السبب وراء قراره.
كما تم بث شريط تسجيلي لمدير الإدارة العامة للبحث الجنائي العميد صالح مازق عبد الرحيم البرعصي عبر موقع "فيسبوك" وهو يعلن الاستقالة من منصبه متضامنا مع أهله ومدينته احتجاجا على استخدام السلطات الليبية مرتزقة أجانب في ضرب المتظاهرين.
وقبل ذلك وتحديدا يوم الأربعاء الموافق 23 فبراير ، رفض قائد سفينة حربية ليبية أوامر من القذافي بقصف مدينة بنغازي ووصل بها إلى مالطا لينضم إلى طيارين رفضا أوامر عسكرية باستخدام سلاح الطيران لضرب المتظاهرين وفرا إلى مالطا.
كما تحطمت طائرة حربية ليبية غرب بنغازي في 23 فبراير أيضا بعدما قفز قائدها ومعاونه منها بالمظلات إثر رفضهما أوامر عسكرية بقصف المدينة.
ونشرت قناة "الجزيرة" في 23 فبراير أيضا صورا لجثث أشخاص يرتدون زيا عسكريا في شوارع ليبيا قال شهود عيان إنها لجنود رفضوا الانصياع لأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين ضد القذافي.
واللافت للانتباه أن التطورات السابقة جاءت بعد استقالة اثنين من أهم وزراء نظام القذافي وهما وزيرا الداخلية والعدل ، حيث فوجيء الجميع في 21 فبراير بإعلان وزير الداخلية اللواء الركن عبد الفتاح يونس العبيدي تخليه عن جميع مناصبه الأمنية ، داعيا القوات المسلحة إلى الانضمام والاستجابة لمطالب الشعب.
وفي السياق ذاته ، قدم مصطفى عبد الجليل وزير العدل الليبي هو الآخر استقالته من منصبه وسرعان ما خرج على وسائل الإعلام يومي 23 و24 فبراير ليؤكد أن القذافي يقف وراء تفجير لوكيربي وأنه يتوقع انتحاره مثل "هتلر" ، مطالبا الدول الكبرى والدول المجاورة بمساندة الشعب الليبي الذي يتعرض لإبادة الآن في المنطقة الغربية .
استقالات جماعية
وتتوالى المؤشرات على تهاوي نظام القذافي ، حيث تواصلت استقالات الدبلوماسيين الليبيين في عدة دول وكان أحدثها إعلان السفير الليبي في الأردن محمد البرغثي يوم الخميس الموافق 24 فبراير استقالته من منصبه، قائلا إنه قرر أن يقف إلى جانب الشعب ، وفي المغرب ، أعلن دبلوماسيون في السفارة الليبية هناك انضمامهم لثورة الشعب الليبي المنادية بإسقاط القذافي ، وأظهرت المشاهد الواردة من هناك قيام موظفين في السفارة الليبية بتنكيس العلم الليبي في ساحة السفارة وإنزالهم لصورة الزعيم الليبي وتهشيمها.
ورغم أن مبعوث ليبيا لدى الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم أكد أنه لن يستقيل من منصبه ولن يهاجم القذافي ، إلا أنه طالب الأخير في 23 فبراير باتخاذ القرار الذي قال إن من شأنه أن يوقف نزف الدم الليبي ويحول دون تشظي البلاد.
وبدوره ، أعلن دبلوماسي كبير في السفارة الليبية في العاصمة الكندية أوتاوا استقالته احتجاجا على قمع المتظاهرين ، وفي وقت سابق أعلن المستشار في نفس السفارة إيهاب المسماري استقالته احتجاجا على قمع نظام القذافي للمحتجين المناوئين له.
وشهدت الأيام الماضية أيضا استقالات للعديد من السفراء الليبيين حول العالم الذين أعلنوا تبرؤهم من هذا النظام بعد الجرائم التي قالوا إنه ارتكبها بحق أبناء الشعب لأجل الاحتفاظ بالسلطة.
موقف القبائل
ورغم أن القذافي كان يعول كثيرا على دعم القبائل ، إلا أن الوقائع ترجح عكس ذلك ، حيث دعت عشائر الشرق في اجتماع حاشد لها بمدينة البيضاء الدول الأوروبية لاتخاذ موقف جريء من الأحداث التي تشهدها بلادهم.
كما أكد كبار مشايخ مدينة الزنتان الليبية فقدانهم الثقة في العقيد القذافي بعد كلمته التي ألقاها يوم الثلاثاء الموافق 22 فبراير ، وأكدوا وحدة القبائل الليبية ، داعين عموم الشعب الليبي إلى الوقوف في وجهه ودعم الثورة.
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد لوحت تلك القبائل بقطع إمدادات النفط والغاز إلى أوروبا والعالم في حال عدم تنحي معمر القذافي ونظامه "الفاسد" وتسليم ليبيا للشعب.
بل إنه في ضربة أخرى لنظام القذافي المستند إلى ولاء القبائل، دعا الوالي السابق لقبيلة أولاد سليمان الشيخ غيث سيف النصر أبناء قبيلته وقبائل الجنوب إلى أن يبادروا بالانضمام إلى أبناء وطنهم وأن "يتخلصوا من هذا الطاغية وهذا الظالم".
وقبل ذلك ، أصدر أعضاء بارزون من قبيلة ورفلة ، التي تعد كبرى القبائل في البلاد ، بيانات يرفضون فيها بقاء القذافي في السلطة وحثوه صراحة على مغادرة ليبيا ، كما أعلنت قبيلة ترهون بدورها التبرؤ من القذافي.
خطاب ثان
ويبدو أن هناك الأسوأ مازال ينتظر القذافي بعد أن واصل بحسب كثيرين تجاهل حقيقة ما يحدث على أرض الواقع ، حيث خرج مجددا على وسائل الإعلام في 24 فبراير ليتهم تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن بالتلاعب بالليبيين واعطائهم حبوب هلوسة، واصفا احتجاجات مدينة الزاوية غربي طرابلس بالمهزلة.
ولم بكتف بما سبق ، بل إنه واصل استفزازه لليبيين ، قائلا :" إن هناك عين حاسدة أصابت ليبيا "، وجدد مزاعمه حول أنه لايملك سوى سلطة أدبية.
ورغم أنه قدم هذه المرة التعازي في القتلى الذين سقطوا في الاحتجاجات ووصفهم بأنهم أبناء ليبيا بعكس خطابه السابق الذي وصفهم بالجراذن والكلاب ، إلا أنه سرعان ما ترددت تقارير حول مصرع عشرات الأشخاص في مجزرة جديدة بمدينة الزاوية التي تقع على بعد 50 كيلومترا غربي العاصمة طرابلس وتقع أيضا على البحر المتوسط على طريق رئيسي بين الحدود التونسية والعاصمة الليبية .
وكان ثلاثون ألف شخص تظاهروا في مدينة الزاوية ، في حين تجمع مرتزقة قرب المدينة للهجوم على المتظاهرين وسرعان ما كشفت تقارير صحفية أن عشرات الأشخاص بين قتيل وجريح سقطوا في اقتحام نفذته قوات موالية للقذافي لمدينتي الزاوية ومصراتة في غربي طرابلس .
ونقلت "الجزيرة" عن شهود عيان قولهم إن كتائب عسكرية تابعة للقذافي مزودة بأسلحة ثقيلة وغازات سامة شنت هجماتها يوم الخميس الموافق 24 فبراير على المحتجين الليبيين وخلفت عشرات القتلى.
ففي مدينة الزاوية ، هاجمت قوات من المرتزقة مسجد المدينة حيث يحتشد المحتجون واستخدمت أسلحة رشاشة ضدهم وأطلقت النار على مئذنة المسجد من أسلحة مضادة للطائرات ، وقال طبيب في عيادة أقيمت بالمسجد إنه شاهد ما لا يقل عن عشر جثث أصيبت بطلقات نارية في الرأس والصدر، فضلا عن 150 جريحا.
وفيما قامت قوات تابعة للقذافي بنقل الجرحى من مستشفيات الزاوية إلى مطار معيتيقة العسكري قرب طرابلس دون أن يعلم أحد ما سيكون مصيرهم ، كشف شاهد عيان مساء الخميس الموافق 24 فبراير أن المحتجين صدوا هجوما شنته كتائب القذاقي على الزاوية وأنه تم أسر عدد من المرتزقة .
وفي مصراتة ، قال شاهد عيان آخر لقناة "الجزيرة" إن كتيبة تابعة للقذافي هاجمت مطار المدينة وقتلت أربعة من الثوار قبل أن يتمكن رفاقهم بعد ذلك من صدها في منطقة السكت جنوب المدينة.
وأكد أحد الثوار أن مصراتة الآن تحت سيطرة سكانها بالكامل ، غير أنه أعرب عن قلقه لأن المدينة تقع بين مدينتي سرت وطرابلس، وهما معقلا القذافي ، هذا فيما أكد أحد الطيارين أن مطار المدينة أصبح تحت سيطرة الثوار وأنه يمكن للطائرات الهبوط فيه .
تطور محوري
ورغم أن ما سبق يشكل صفعة قوية جديدة لتهديدات القذافي في خطابه الأول يوم الثلاثاء الموافق 22 فبراير حول تطهير ليبيا "شبر شبر.. بيت بيت.. دار دار.. فرد فرد " للقضاء على الثورة ، إلا أن الأمر الأهم في هذا الصدد هو أن ما حدث في مصراتة والزاوية يرجح أن مناطق غرب ليبيا وهي معقل القذافي في طريقها للانقلاب عليه وهو تطور محوري في الإسراع بالإطاحة به بعد تحرير المناطق الشرقية بالكامل من سيطرته .
ولعل إعلان أحمد قذاف الدم استقالته رسميا من منصبه صباح الجمعة الموافق 25 فبراير يضاعف من تفاؤل الليبيين في هذا الصدد ، فمعروف أن قذاف الدم كان يشغل منصب المتحدث الرسمي باسم الزعيم الليبي للشئون الخارجية ولذا فإن استقالته وجهت ضربة موجعة للقذافي ليس فقط لأن قذاف الدم كان من ضمن كبار المسئولين الأمنيين المقربين جدا منه وإنما لأنه أيضا هو ابن عمه وأوكلت إليه مهمة قمع المظاهرات في بنغازي.
بل إن صحيفة "ايفيننج ستاندرد" اللندنية كشفت أيضا أن أحمد قذاف الدم أعلن انشقاقه وطلب اللجوء لمصر ، معترضا على ما أسماه "بالانتهاكات الشديدة لحقوق الإنسان وللقوانين الدولية" ، هذا فيما كشفت صحيفة "القدس العربي" أن قذاف الدم اتصل بأصدقاء له في لندن وأبلغهم أنه غير مرتاح للأوضاع في ليبيا ، ملمحا إلى خيبة أمله تجاه طريقة إدارة الزعيم الليبي معمر القذافي مع الأزمة.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من قذاف الدم القول أيضا إنه شعر بأنه جرى تهميشه من قبل ابن عمه الذي أعطى معظم صلاحياته إلى أبنائه وخاصة ابنيه المعتصم وخميس اللذين يمسكان بالملف الأمني ويتزعمان قوات خاصة.
وأمام ما سبق وسواء كانت الاستقالة للاحتجاج على قمع الثورة أو بسبب التهميش ، فإن الأمر الذي يجمع عليه كثيرون أن التصدعات والانشقاقات بدأت تعرف طريقها للمحيط المقرب جدا من القذافي وبالتالي فإنه لن يستطيع أن يواصل التحدي كثيرا .
صحيح أن القذافي بات يلعب على نغمة التحذير من التدخل العسكري الأمريكي لمحاربة القاعدة ، إلا أن الشعب الليبي الذي انتفض من أجل الحرية والكرامة ودفع ثمنا غاليا من دماء أبنائه الطاهرة لن يسمح للولايات المتحدة أو غيرها بأن يتم استبدال الاستبداد بالاحتلال ، ولعل هذا ما ظهر واضحا في مسارعة العديد من الليبيين عبر شاشات الفضائيات لرفض أية تلميحات بتدخل عسكري أو فرض حظر جوي مثلما حدث سابقا مع العراق ، داعين فقط إلى منع تصدير الأسلحة لنظام القذافي ، بينما يحسم الثوار الأمر .
والخلاصة أن العقوبات والتلميحات بالتدخل العسكري سواء بشكل مباشر أو عبر فرض حظر جوي قد تضر الثورة أكثر مما تنفعها بل وقد يستخدمها القذافي أيضا فزاعة لحشد القبائل مجددا خلفه ، خاصة وأنه بات يسترجع بقوة التاريخ في محاولاته لإجهاض الثورة ولذا لن يتواني عن التحذير ليل نهار من أن فرض الحظر الجوي يعني التمهيد لاحتلال ليبيا مثلما حدث سابقا مع العراق وهذا بالفعل "كلمة حق يراد بها باطل ".
بعد خطاب "الرعب" .. يونس يفجر مفاجآت بالجملة حول القذافي
محيط - جهان مصطفى
ما أن انتهى القذافي من خطابه إلا وخرج وزير الداخلية الليبي اللواء ركن عبد الفتاح يونس على الملأ لينفي مزاعمه ويؤكد للجميع أنه مازال على قيد الحياة ، مشددا في الوقت ذاته على أنه استقال من جميع مناصبه وانضم لثورة 17 فبراير .
ولم يكتف يونس بما سبق ، بل إنه طالب أيضا في بيان نشرته قناة "الجزيرة" مساء الثلاثاء الموافق 22 فبراير القوات المسلحة بالاستجابة لمطالب الشعب ودعم المتظاهرين ضد القذافي.
وسرعان ما خرج يونس مجددا على قناة "العربية" عبر اتصال تليفوني من بنغازي ليؤكد أن الرصاصة التي أطلقها أتباع القذافي عليه في طرابلس أخطأته ، قائلا :" أنا انضممت إلى الثورة وأعتبر نفسي في خدمة الشعب".
وأكد أن خطاب القذافي جاء مخيبا للآمال ، مشيرا إلى أن كان يتمنى لو أن الزعيم الليبي ترحم على شهداء الثورة وأبدى اعتذاره عما حدث وترك السلطة .
ورغم أن خطاب القذافي تضمن تهديدات صريحة بحرب إبادة للمحتجين ، إلا أن يونس فجر في هذ الصدد عدة مفاجآت من أبرزها أنه يعرف الزعيم الليبي عن قرب منذ 40 عاما ولذا فإنه يستطيع أن يؤكد أن القذافي كان مرتبكا جدا وخائفا بعد أن تأكد أن نظامه انتهى ، إلا أنه حاول التغطية على هذا الأمر عبر حملة التهديد والوعيد والرعب.
وتتواصل المفاجآت ، حيث كشف يونس أيضا أن مصير القذافي سيكون إما الانتحار أو القتل بالنظر إلى أنه عنيد جدا ولا يمكن أن يترك ليبيا ، قائلا :" لا أتمنى أن يحدث له هذا إلا أنه عنيد جدا ، هو يحفظ القرآن جيدا وتمنيت لو اختتم حياته وهو يقرأ القرآن ويترحم على شهداء الثورة ".
وبالنسبة لتحذيرات القذافي وقبله سيف الإسلام من حرب أهلية ، واصل يونس مفاجآته بالتأكيد أن هذا لا يمكن أن يحدث في ليبيا في ضوء حقيقة بسيطة وهي أن الحرب الأهلية فيها طرفان داخليان متقاتلان أما الوضع في بلاده فهو الشعب كله في مواجهة القذافي ، هذا بالإضافة إلى انضمام معظم القبائل للثورة .
وفيما اعتبر دليلا جديدا على أن القذافي يستعين بالمرتزقة لقتل شعبه ، فجر يونس مفاجأة أخرى مفادها أنه أعطى منذ البداية الأوامر لأفراد الشرطة بتجنب إطلاق النار على المتظاهرين الذين خرجوا في منتصف فبراير وبعد ذلك في يوم الغضب "17 فبراير" ، مشددا على أن مرتزقة وكتائب أمن النظام هم من ارتكبوا المجازر ضد المدنيين وأنه لم يسقط أي شهيد برصاص الشرطة .
وبالنسبة لأساليب دعم الثورة ، أشار يونس إلى أن الهدف الأساسي الآن هو نصرة الليبيين في طرابلس ومدن الغرب لتحريرها مثل بنغازي ، مشيرا إلى انتشار السلاح بين أفراد الشعب بفضل تعاون ودعم القبائل التي دعمها القذافي بالسلاح لوأد الثورة ، إلا أنها سرعان ما انقلبت ضده .
ورغم أنه توقع أن يقاتل القذافي بالفعل حتى آخر لحظة في حياته ، إلا أنه أعرب عن تفاؤله بأنه لن يستطيع أن يواجه حشود كبيرة من الليبيين تتوجه إلى مقر إقامته في منطقة العزيزية .
واختتم بمخاطبة الشعب الليبي ، قائلا :" أيها الشعب الليبي العظيم ، تلك هي فرصتكم الوحيدة والأخيرة حتى تقف ليبيا وتصبح من دول العالم التي تملك كافة مقومات الدولة القوية بشعبا وجيشها وثرواتها الكثيرة ".
تطور هام
ومع أن الجيش لم ينضم بالكامل إلى الثورة بسبب تولي أبناء القذافي مناصب قيادية فيه ، إلا أن تصريحات يونس السابقة تبعث أقوى إشارة من نوعها حتى الآن حول أن نظام الزعيم الليبي يوشك على الانهيار رغم محاولته تأكيد عكس ذلك عبر دعايته المسمومة على التليفزيون الليبي .
ولعل ما يرجح صحة ما سبق أن يونس كان من أهم أركان نظام القذافي الأمني وعمل معه لمدة 40 عاما ولذا فإن استقالته ستقنع المترددين والخائفين وخاصة في الجيش بأن الثورة ماضية ولا رجعة للوراء مجددا . بل إن ظهور يونس على الملأ جاء ليؤكد أيضا القذافي بات معزولا ولا يعرف حقيقة ما يحدث خارج المكان الذي يتحصن فيه كما فقد أغلب أوراقه ولم يعد أمامه سوى الورقة الأخيرة اليائسة وهي تأليب القبائل الليبية على بعضها البعض .
وكان القذافي ذكر يونس عدة مرات في خطابه باعتباره قائدا إلى جانبه لمسيرة ليبيا على مدى سنين طويلة وأنه قاتل معه الأمريكيين وأنور السادات ، زاعما أن أهالي بنغازي قد اعتقلوه وأطلقوا عليه النار وأنه مجهول المصير.
وأضاف القذافي في خطابه في هذا الصدد " متظاهري بنغازي سألوه حين ألقوا القبض عليه: ما الذي جاء بك يا يونس إلى بنغازي؟ وأطلقوا عليه الرصاص " وذلك فيما اعتبر محاولة مفضوحة لإثارة صراع بين قبيلة عبد الفتاح يونس الذي ينتمي إلى غرب ليبيا وأهالي مدينة بنغازي أكبر مدن الشرق الليبي.
أجهزة القمع
وبالنظر إلى فشل الخطة السابقة ، فإنه سرعان ما ظهرت تساؤلات حول مدى فعالية أجهزة القذافي القمعية التي عجزت عن قتل وزير الداخلية والتي تتمثل أساسا في كتائب الأمن واللجان الثورية وفرق المرتزقة وأصحاب القبعات الصفراء .
ورغم أن تلك الأجهزة تكاد تكون غير مألوفة لدى الكثيرين ، إلا أن إلقاء نظرة عليها يؤكد أنها تتمتع بقدرات تفوق إمكانيات الجيش والشرطة في ليبيا ويبدو أنها كان لها اليد الطولى على مدى عهد القذافي. والبداية مع حركة اللجان الثورية التي أنشئت في الأصل لتكون حركة سياسية أشبه بالحزب الحاكم لكن ليست حزبا وهدفها حماية الثورة والتحريض على ممارسة سلطة الشعب كما يفضل النظام توصيفها. ويتبع لتلك اللجان المدرج الأخضر الذي يمنح شهادات علمية في الفكر الثوري وقد تولى أعضاؤها الإمساك بمفاصل الدولة الحساسة والإدارات العليا كافة تحت شعار "السلطة شعبية والإدارة ثورية" ، لكن تلك اللجان ومع مرور الزمن بات لها معسكرات تدريب وتحولت إلى أحد أهم أجهزة النظام في مجال قمع المعارضين أو المخالفين له. وتشير المعلومات المتداولة إلى أن اللجان الثورية مارست منذ سبعينيات القرن الماضي عمليات قمع واسعة كما اتهم رموزها بتنفيذ عمليات اغتيال خارج ليبيا وإقامة محاكم ثورية أصدرت أحكاما بالإعدام خاصة في فترة الثمانينيات. وبالنسبة للكتائب الأمنية ، فلا صلة لها بالجيش الليبي لكنها تفوقه تجهيزا وتدريبا ولا يوجد لتلك الكتائب قيادة موحدة بل يطلق عليها تسميات مرتبطة غالبا بأسماء أبناء القذافي كخميس والمعتصم والجارح وهي موجودة عادة في المدن الكبرى. وأهم تلك الكتائب تلك التي ترابط في العاصمة طرابلس وبالتحديد في العزيزية مقر إقامة القذافي المحصن تحصينا عاليا ، كما أن هناك أيضا كتيبة الفضيل بو عمر، وهي الكتيبة التي كانت ترابط في بنغازي وسقط على أسوار مقرها في بنغازي العشرات من المحتجين قتلى قبل اقتحامها.
أما في مدينة البيضاء شرقا فهناك كتيبة الجارح التي رفضت الأوامر بقمع المحتجين بل انضمت إليهم ، وفي غرب ليبيا ، هناك كتيبة محمد المقريف وينسب لها قمع المظاهرات في مدن غرب ليبيا والعاصمة طرابلس .
وفيما يتعلق بالطرف الأخير في الثالوث الأمني للنظام الليبي فهو المرتزقة وهم على شكل مليشيات غير معلنة تضم في صفوفها أفارقة وعناصر ينتمون لما تعرف بحركة اللجان الثورية العالمية. ويؤكد كثيرون أن عناصر المرتزقة جرى استخدامهم في قمع المظاهرات الأخيرة وارتكاب أعمال اغتصاب وبث الرعب بنفوس المحتجين .
وبصفة عامة ، فإن المؤشرات ترجح أن الوقت في غير صالح الأجهزة القمعية السابقة وخاصة في حال صدقت توقعات يونس حول أن خطاب القذافي عكس بوضوح حقيقة أن نظامه انتهى إلى غير رجعة .
خطاب الرعب
وكان القذافي خرج على الملأ مساء الثلاثاء الموافق 22 فبراير ليتوعد المحتجين المطالبين برحيله بالحرب حتى النهاية ، محذرا من أنهم سيواجهون أيضا عقوبة الإعدام .
ولم يكتف بما سبق بل إنه دعا أنصاره في جميع أنحاء البلاد أيضا للخروج ومواجهة من وصفهم بالمخربين والجرذان وطردهم من أوكارهم ، مؤكدا أنه لن يغادر ليبيا .
وأسهب القذافي في خطابه "المرعب" بالحديث عن نفسه وتاريخ عائلته وتحدث مطولا عما قال إنها إنجازات حققها لصالح الشعب الليبي ، مشيرا إلى أنه صانع مجد ليبيا .
ووصف مجددا المحتجين على حكمه بـ"الجرذان والمرتزقة ومتعاطي الحبوب المخدرة" ، مشدد على أن القانون الليبي ينص على إعدامهم جميعا.
وتابع أنه لم يستخدم القوة بعد ، مشيرا إلى أنه سيدعو الشعب إلى "تطهير ليبيا بيتا بيتا ما لم يستسلم المحتجون في الشوارع".
وأضاف القذافي في خطابه المطول أنه لا يملك أي منصب حتى يتنحى عنه، مشددا على أنه لو كان رئيسا لرمى الاستقالة على الفور في "وجوه المحتجين ".
وقدم في هذا الصدد نماذج لاستخدام القوة المسلحة ضد المعارضين مثلما حدث في روسيا حينما قام الرئيس الأسبق بوريس يلتسين بقصف مبنى البرلمان بقذائف الدبابات وحينما قامت الولايات المتحدة بقصف مدينة الفلوجة العراقية.
واستطرد " لا يوجد شخص سوي شارك في العمليات ضد الدولة بل إنهم مأجورون يتلقون الأموال من أطراف خارجية ، هؤلاء تركوا العار لعوائلهم وقبائلهم ، كل القبائل يقبلون التحدي وهم تحدوا أمريكا والغرب من قبل ومستعدون للتحدي من جديد ، هؤلاء المأجورين ليسوا سوى حفنة من القطط والفئران التي تحاول تشويه صورة ليبيا ".
وكرر القذافي مرارا أن البديل عن نظامه قيام إمارات تابعة لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وأكد أن أمريكا لن تسمح بذلك ، قائلا لأتباعه :"ازحفوا على درنة (شرق) فالذي يحكمها الآن من أتباع بن لادن ، يجب تحرير كل المناطق التي يسيطر عليها المحتجون بأسرع وقت".
واعتبر أيضا أن الاحتجاجات أمر ممنوع في بلاده إلا إن كانت بشأن قضايا خارجية وقال إن التمرد المسلح وحتى غير المسلح تم التعاطي معه دوليا بالقوة.
واتهم في هذا الصدد أجهزة عربية بالغدر والخيانة ومحاولة تقديم صورة الليبيين بشكل مسيء ، قائلا :" انظروا إلى ليبيا لا تريد العز والثورة وتريد الدروشة واللحى والعمائم وتريد الاستعمار والانتكاسة والحضيض ، هناك فضائيات قذرة تشوه صورة ليبيا أمام العالم ، ليبيا تقود القارات..آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وحتى أوروبا " .
ووعد بعمل دستور جديد وتطوير الإعلام كما دعا الشعب لأخذ النفط والتصرف فيه وكل مواطن يدير حصته كما يشاء دون أن يوضح كيفية تنفيذ ذلك ، وتعهد أيضا بمنح قبائل مختلفة حكما ذاتيا في مناطقها.
ودعا الشباب الليبى إلى الخروج فى مظاهرات مؤيدة له فى محاولة للتصدى لأجهزة الخيانة والعمالة والرجعية كما دعا إلى تشكيل لجان للدفاع عن المكتسبات الثورية والقيم وتشكيل لجان أمن للسيطرة على شوارع ليبيا ، واختتم بالتأكيد أنه لن يغادر ليبيا وسيموت شهيدا في وطنه .
واللافت للانتباه أن الخطاب السابق جاء بعد ساعات من ظهور القذافي في الساعات الأولى من فجر الثلاثاء الموافق 22 فبراير على التليفزيون الليبي لفترة لم تتجاوز 22 ثانية لتكذيب الشائعات التي تحدثت عن مغادرته البلاد، مؤكدا أنه موجود في طرابلس وليس في فنزويلا.
وعرض التلفزيون الليبي صورة للقذافي أمام بيته في باب العزيزية بطرابلس وهو يجلس في سيارة صغيرة غير واضحة المعالم ويحمل مظلة ، قائلا في كلمات مقتضبة إنه كان ينوى السهر مع الشباب الذين يتواجدون في الساحة الخضراء بطرابلس لكن المطر الذي يتساقط على العاصمة حال دون ذلك.
وأضاف أنه كان يريد أن يبين لهم أنه ما زال في طرابلس وليس في فنزويلا وألا يصدقوا إذاعات ما سماها " الكلاب الضالة" .
الرد بالأحذية
|
|
|
|
| | واللافت للانتباه أن المتظاهرين في مدينة بنغازي شرقي ليبيا ردوا على خطاب العقيد القذافي برمي الأحذية على شاشة ضخمة ظهرت عليها صورته قرب محكمة شمال بنغازي حيث يعتصم المتظاهرون ، في حين اعتبر نشطاء في مدن بنغازي والبيضاء ودرنة ومصراتة أن كلمة القذافي هي الأخيرة وتفصله ساعات عن نهاية نظامه. وقال الناشط عبد الله الفيتوري في تصريحات لقناة "الجزيرة" من بنغازي إن خطاب القذافي قوبل بصيحات الاستهجان وإلقاء الأحذية على شاشة البث المعلقة وصور القذافي كما فعل المتظاهرون أثناء كلمة سيف الإسلام القذافي من قبل. أما الحقوقي فرج البرعصي في مدينة البيضاء فقال إن القذافي استخدم كل ما لديه ولم يعد يملك إلا لسانه لينطق به ويستخف بعقول العالم ويحاول إرهاب الشعب وأكد أن الشباب قرروا عدم السماع لكلامه وعدم الخوف والمضي في الثورة حتى إسقاطه. ومن جانبه ، قال الصحفي هشام الشلوي من درنة إن شباب درنة والشعب الليبي مصرون على إسقاط نظام القذافي بعد خطابه، مؤكدا أن الشارع يقول كلمته ولن يتراجع حتى إنهاء النظام. وأشار إلى أن خطاب القذافي خشبي ولم يقدم جديدا وإنما زاد في جرعة التهديد والوعيد عما قاله نجله سيف الإسلام، كما يلعب على وتيرة القبائل، لكنه سيفشل. وفي مصراتة ، ثالثة كبرى المدن الليبية، قال الأكاديمي الليبي الدكتور عبد الرحمن السويحلي إن القذافي لم يعد أمامه سوى ساعات وإن الشعب الليبي وأهالي مصراتة مصرون على خلع القذافي والتحرك لنصرة سكان طرابلس. وتحدى السويحلي القذافي أن يخرج هو وأبناؤه إلى شوارع طرابلس، مشيرا إلى أنه لا يستطيع ذلك دون أسلحته ومليشياته وطائراته .
وتابع "انتهى عهد القذافي، انتهى عهد الاستبداد والهوان ، النصر للثورة لقد منحناه فرصة 42 عاما والآن بقي أمامه 42 ساعة". وفي السياق ذاته ، قال الإعلامي الليبي محمود شمام إن القذافي فقد السيطرة على ثلاثة أرباع الأراضي الليبية ، مشيرا إلى أن القذافي يهين قبائل ليبيا لكن هذه القبائل ستزحف عليه رغم ما يعد له من "مخطط إرهابي للشعب الليبي" يستهدف تقسيم البلاد شرقها عن غربها.
ويبدو أن الثورة بدأت بالفعل تأخذ أشكالا تنظيمية ، حيث أصدر ثوار 17 فبراير بيانا أعلنوا فيه عدم شرعية النظام الليبي الحالي وبناء دولة ليبيا المدنية الموحدة كاملة السيادة . وأهاب البيان الذي قرأه ممثل الثوار فرج الترهوني بكل الدول والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية لأداء واجبها الإنساني تجاه الشعب الليبي ووقف ما سماها الإبادة الجماعية التي ترتكب ضده.
ولم تكد تمر دقائق على صدور البيان السابق إلا وأعلن الناطق العسكري باسم القوات المسلحة بقيادة منطقة الجبل الأخضر الانضمام الكامل للجيش في منطقته إلى الشعب ، قائلا :" نحن ضباط وجنود القوات المسلحة بقيادة منطقة الجبل الأخضر نعلن انحيازنا الكامل لثورة الشعب وسنعمل على ضمان حفظ الأمن في المنطقة، والله ولي التوفيق".
وأمام ما سبق ، فإنه يتأكد أن خطاب "الرعب" الذي ألقاه القذافي تجاهل حقيقة أن هناك ثورة تتحقق على أرض الواقع ولن تستطيع أعتى الأسلحة في العالم وقف زحفها نحو الهدف المنشود .
بعد "ميم طاء".. القذافي يرعب الليبيين بمسرحية "سليمان"
محيط - جهان مصطفى
يبدو أن الزعيم الليبي معمر القذافي لم يستفد أي شيء مما حدث في مصر ، حيث تكررت الأخطاء ذاتها بل وخرج أيضا نجله سيف الإسلام ليتوعد المحتجين ويخيرهم بين التراجع أو القتال وهو ما أعاد للأذهان على الفور حديث نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان حول أن بديل الحوار هو الإنقلاب والفوضى .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد حاول سيف الإسلام أيضا ضمنيا تهديد الغرب وخاصة أمريكا من عواقب أية إدانة لما يحدث في بلاده بالحديث حول أن تقسيم ليبيا واندلاع حرب أهلية فيها يعني حرق آبار النفط وبالتالي عدم استفادة أي طرف منها سواء في الداخل أو الخارج .
ورغم أن البعض قد يرى في حديث سيف الإسلام عن بعض الإصلاحات خطوة جيدة ، إلا أن ما يجمع عليه كثيرون أن تصريحاته جاءت غاية في الاستفزاز لدماء الشهداء الذين سقوط في الاحتجاجات ليس فقط لأنها لم تتضمن اعتذارا لهم وحملتهم جزءا من المسئولية بل لأنها جاءت أيضا مغلفة بتهديدات وحملة ترهيب لا حصر لها تقوم على الاختيار بين إصلاح توافقي أو حرب أهلية واستعمار جديد ، هذا بالإضافة إلى تكرار المشهد ذاته الذي حدث في مصر وهو أن نظام القذافي تأخر كثيرا في التحرك لتلبية مطالب المحتجين ولذا لم يكن مستغربا أن تطالب بعض الأصوات الليبية ليس فقط بالإطاحة بالقذافي وإنما بمحاكمته أيضا .
تصريحات سيف الإسلام
|
|
|
سيف الإسلام القذافي |
| | وكان سيف الإسلام القذافي خرج على الملأ للمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات ليؤكد أن ما يحدث في ليبيا هو تقليد لما وقع في تونس ومصر إلا أنه تطور إلى حركة انفصالية وفتنة كبرى .
وأضاف في مؤتمر صحفي عقده في الساعات الأولى من صباح الإثنين الموافق 21 فبراير " المنطقة تمر بزلزال وعاصفة تغيير كبيرة ، كنا نتوقع منذ فترة طويلة تغييرات كبيرة إن لم تأت من الحكومات تأت من الشعوب ، هناك عناصر معارضة تعيش في الخارج وعندهم كثيرين من الأعوان في الداخل وبدأوا في تقليد ما حدث في مصر بعمل استباقي في بنغازي تطور إلى فتنة كبرى وحركة انفصالية ، ليبيا ليست تونس ومصر ، إذا حدث تفكك ستنقسم إلى ثلاث دول باعتبار أن فيها ثلاث ولايات كبرى وقد تندلع حرب أهلية ، ليبيا أيضا ليست تونس ومصر لأنها قبائل وعشائر ، ليبيا ليست تونس ومصر لأن فيها نفط هو الذي وحد ليبيا ، في حال حدوث حرب أهلية سيتم حرق النفط ولن يستفيد منه أحد ، ما يواجه ليبيا اليوم خطير جدا قد يعود بها إلى الوراء لعقود ، نواجه اليوم اختبارا كبيرا وتاريخيا".
وتابع " كان فيه قتلى في بنغازي وهو ما أجج الوضع ، كان هناك خطأ مشتركا من الجيش والمحتجين ، الجيش لم يعرف كيفية التعامل مع جماهير غاضبة فيما قام بعضهم باستفزازه ، عدد القتلى 84 في بنغازي و14 في البيضاء ، وسائل الإعلام قدمت أرقاما مبالغ فيها " .
ومثلما فعل النظام السابق في مصر ، فقد اتهم سيف الإسلام القذافي جماعات إسلامية بأنها وراء ما حدث في مدينة البيضاء شرقي ليبيا ، قائلا :" الجماعات المتطرفة استخدمت الأسلحة المتوسطة وإخوان عرب وعمالة إفريقية من العمالة غير الشرعية في إثارة الفتنة مستغلة ظروفهم الاقتصادية ، هناك جماعات انفصالية أرادت أن تحكم في شرق ليبيا وبنغازي " .
واستطرد " هناك خطر وقوع حرب أهلية في ليبيا نظرا لطبيعتها القبلية ، الاحتجاجات تقف وراءها ثلاث مجموعات ، أولاها مجموعة منظمة وتضم نقابيين ولهم مطالب سياسية واضحة، وثانيتها جماعات إسلامية الإسلام منهم براء هاجموا معسكرا للجيش وقتلوا جنوده وأعلنوا إقامة ما يسمى إمارة إسلامية، والمجموعة الثالثة وهي الكبرى عبارة عن عصابات مخدرات وبلطجية وهاربين من السجون مصلحتهم في انهيار الأمن والنظام". وأوضح أنه تم اعتقال عشرات الأفارقة والعرب ومنهم مصريون وتونسيون تم استخدامهم في إثارة الفتنة وأصبحوا جزءا من هذا المخطط التآمري ضد ليبيا ، وحذر المحتجين ، قائلا :" كل الناس باتوا مسلحين بكل أنواع الأسلحة ، البلطجية منتشرون في كل مكان " ، كما حذر من قيام حرب أهلية في البلاد واحتمال وقوع استعمار جديد في حال عدم التوصل إلى اتفاق يعيد النظام .
وتابع " الغرب لن يسمح بالفوضى أو تصدير الإرهاب والمخدرات أو إقامة إمارات إسلامية في ليبيا ، كل الاستثمارات الخارجية ستهرب من ليبيا إذا سقط النظام ، قائلا :" إن أنهارا من الدماء ستسيل إذا سقط النظام، حيث سيحتكم الجميع إلى السلاح الذي أصبح في متناول الجميع، وسنبكي على مئات الآلاف من القتلى".
ورغم أنه عرض في هذا الصدد بدء حوار وطني حول دستور جديد ودعا إلى قيام "جمهورية ثانية" بعلم ونشيد جديدين ، إلا أنه سرعان ما عاد للتحذير مجددا من أن الجيش قادر وسيفرض الأمن بأي ثمن ، قائلا :" الجيش الليبي مازال بخير، وسيكون له دور أساسي في حفظ الأمن والنظام بأي ثمن وهو ليس كجيش تونس أو مصر وسيدافع عن القذافي حتى آخر لحظة".
وأضاف أن عشرات الآلاف يتوافدون على طرابلس للدفاع عن القذافي كما أن والده يقود المعركة بنفسه ، قائلا :" الزعيم القذافي في طرابس المدينة ويقود المعركة ، سنقاتل حتى آخر طلقة وآخر رجل ".
وتابع سيف الإسلام " القذافي ليس بن علي أو حسني مبارك ، القذافي زعيم شعبي وسيقاتل الاحتجاجات ضد حكمه حتى آخر رجل ، الجيش الليبي سيفرض تطبيق الأمن في البلاد بأي ثمن "، واختتم قائلا :" لن تضحك علينا قنوات الجزيرة أو العربية أو البي بي سي وقد دربنا آلاف الشباب وسنحيا ونموت في ليبيا ولن نفرط في شبر واحد من ليبيا وندعها لقمة سائغة لعصابات وبلطجية ومتعاطي مخدرات".
ورغم أن ما سبق قد يثير مخاوف البعض ، إلا أن التطورات خلال الساعات الأخيرة ترجح أن أغلب الليبيين كسروا حاجز الخوف وهو ما ظهر بوضوح في امتداد الاحتجاجات من بنغازي إلى طرابلس بل وقيام محتجين في شوارع العاصمة الليبية برشق صور الزعيم الليبي معمر القذافي بالحجارة ، بالإضافة إلى أنباء عن تمكنهم من السيطرة على سوق "الجمعة" في قلب طرابلس بعد انضمام الأمن إليهم .
تهديدات الزوي
بل وكان اللافت للانتباه أيضا أن حد مشايخ قبيلة ليبية كبيرة هدد أيضا بوقف تدفق النفط إلى البلدان الغربية في حال عدم وقف قوات الأمن إطلاق النار على المتظاهرين وهو ما اعتبر رسالة مضادة لما ذكره سيف الإسلام حول أن صمت الغرب تجاه ما يحدث في بلاده يعني استمرار عمل شركات النفط الأجنبية وبالتالي عدم تأثر اقتصاد أمريكا وأوروبا .
وكان فرج الله الزوي أحد مشايخ قبيلة الزوي جنوبي ليبيا أعلن في تصريحات لقناة "الجزيرة" أن القبيلة "توجه إنذارا" إلى القذافي ومهلة 24 ساعة لوقف قمع المتظاهرين وإلا فستضطر إلى وقف تدفق النفط إلى البلدان الغربية.
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد أعلنت قبيلة ورفلة التي تعد إحدى كبرى قبائل شرقي ليبيا ويقدر أبناؤها بمليون شخص انضمامها أيضا إلى الاحتجاجات المناوئة للزعيم معمر القذافي ، كما أكدت قبائل الطوارق جنوبي ليبيا تأييدها للمطالبين بإسقاط نظامه. ويبدو أن ما حدث في بنغازي أعطى أيضا دفعة معنوية للمظاهرات المناوئة للقذافي ، فقد ترددت أنباء كثيرة مساء الأحد الموافق 20 فبراير عن قيام وحدة من الجيش الليبي بمساعدة المحتجين بتحرير المدينة من الأمن وبلطجية النظام ، فيما اعتبره البعض بوادر انقلاب عسكري .
بل وهناك توقعات أيضا بأن الأيام المقبلة قد تحمل ما هو أسوأ بكثير للقذافي في حال تواصلت المجازر البشعة ضد المحتجين خاصة بعد اتساع نطاق المظاهرات ليشمل العاصمة طرابلس .
ولعل ما يدعم صحة ما سبق أنه رغم استخدام السلطات الليبية كافة أشكال القمع الأمني والتي وصلت إلى حد الاستعانة بالمروحيات والأسلحة الثقيلة والرصاص الذي ينشطر في الجسم والقذائف المضادة للطيران والتي تعرف محليا باسم "ميم طاء" لمنع انتشار الاحتجاجات من المنطقة الشرقية إلى كافة أنحاء البلاد إلا أن هذا لم يمنع امتدادها إلى غربي ليبيا أيضا وهي معقل القبائل الموالية للقذافي .
ثمن الغطرسة
ومع أن القذافي مازال يعول بقوة على العامل القبلي إلا هذا العامل قد يلعب أيضا دورا محوريا في حسم المواجهة لصالح المحتجين خاصة وأن غطرسة النظام والتي دفعته للإيقاع بين القبائل المختلفة والاستعانة ببلطجية من دول إفريقية " أصحاب القبعات الصفراء " يتردد أنهم بلغوا 35 ألفا أضرته أكثر مما أفادته بالنظر إلى استياء الليبيين البالغ من قيام أجانب بقتل إخوتهم حتى وإن كانوا على خلاف معهم ، بل إن هذا الأمر أعاد للأذهان اهتمام الزعيم الليبي بمساعدة الآخرين خارج الحدود على حساب التنمية ومكافحة الفساد في بلاده .
وبصفة عامة ، فإن القذافي لم يع درس ثورتي مصر وتونس جيدا ولجأ للقمع الأمني منذ البداية بدلا من الحوار للقضاء على الاحتجاجات المناهضة له وهو الأمر الذي ضاعف من المرارة والإصرار على إسقاط نظامه وهذا ما ظهر بوضوح في استقالة مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية عبد المنعم الهوني احتجاجا على ما أسماها "الإبادة" التي يتعرض لها شعبه .
بل إن العبارة ذاتها التي ظهرت من قبل في ثورتي تونس ومصر بدأت أيضا تتردد بقوة بين المحتجين ألا وهي "النصر أو الشهادة" وهو الأمر الذي كان حاسما في الإسراع بإسقاط نظامي بن علي وحسني مبارك .
وكانت فاطمة الورفلي وهي من سكان بنغازي كشفت في تصريحات لقناة "الجزيرة" يوم الأحد الموافق 20 فبراير أن عشرات الجثث لشباب تناثرت في المدينة وحملت معمر القذافي مسئولية دم كل ليبي ، قائلة :"دم بنغازي الحر في رقبة معمر ، الشعب مستمر في مظاهراته حتى النصر أو الشهادة |