مذكرات .. من دفاتر الأيام

الشيخ عبد الرحمن السديس
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

ثورة الغضب في صور

فتافيت ربع قرن

حامد صادق الشريف

مذكرات خاصه :

المقدمة :
تمنيت أن تكون لدي امكانية الشرح في الكتابة , لأضع على الورق صورة كاملة لحياتي التي استمرت ثلاثة أرباع القرن , ذقت خلالها ألوانا من التعب والمرارة , وطفت العديد من الدول الأجنبية والعربية , والتقيت بشخصيات متعددة . متقدمة للغاية , ومتأخرة للغاية , ممن يقرءون السطور وما بين السطور . وممن لا يقرأون ولا يكتبون .. ولا يعرفون العصى من الألف !
سجنت وعذبت ونفيت , ومكثت خارج البلاد ربع قرن ونيف . طفت الأرض بالطول والعرض , وعدت الى عمان مرتين للزيارة , والثالثة للأقامة , عدت يوم مقتل السادات مباشرة !
خرجت من الخليل وأولادي خمسـة , وعدت الى عمان وهم سبعة , السادس جاء في دمشق والسابع في القاهرة .
لقد كنت طموحا للغاية , من الطبقة المسحوقة , فقفزت الى الوسط , وأوصلت أولادي الى الدرجات الجامعية , تاركا لهم مهمة القفز الى الأعلى !
لذلك لم أستطع التعايش مع محيط الأهل , لم أستطع أن أكون في بيئة تعيش لتأكل ! فأنا أعيش في واد وهم يعيشون في واد آخر , لذلك كانت التجربة معهم فاشلة .. وها أنا أضع بين يدي القارىء تجاربي خلال فترة العمر , ليروا كيف

كانت , وأرجو أن اوفق والله من وراء القصد

هذه المذكرات :

ونحن على أعتاب الشهر الأول من العام الأول للقرن الواحد بعد الألفين , فكرت في تنظيم مذكراتي , التي بدأت في كتابتها منذ فترة طويلة , بشكل متقطع , باليد وفي الصحف , لا بنية وضعها في كتاب ينشر , لأني لست كاتبا ولا أديبا كبقية الكتاب , ولست محترفا للكتابة بقدر ما أنا هاو للقراءة والكتابة , بسبب حرماني من الدراسة المدرسية من أول عمري , بل احترفت صنعة لم احببها وكنت كارها لممارستها !
وقد أقتنيت عددا من الكتب بهدف انشاء مكتبة , وخاصة بما يتعلق بقضية فلسطين , التي نذرت نفسهي لها منذ أن وعيت الحياة , وتحملت المسؤولية , منذ عام 1946 وكنت متزوجا وعندي طفلين , وقد تحررت من سيطرة الآخرين علي , ولكني ضيعتها , أو على الأصح ضاعت مني , بسبب تشردي , وتنقلي بين بلدان متعددة , مكرها لا مختارا , وأخيرا تيسر لي أن أكتب وأحتفظ بما أكتب , سواء في الصحف أو للحفظ , أولا بخط اليد أو على الكمبيوتر , وأصبح الوقت كله مهيئا للكتابة , وكله من الذاكرة التي لا زالت قوية والحمدلله , ولكن بدون قواعد ثابتة .
وقد جمعت كمية لا بأس بها , كلها من الذاكرة .. اذ أن حياتي لم تسمح لي بعمل منظم ومسجل , بسبب مشاكلي المتلاحقة خلال فترة العمر .
فقد عشت أولا في فلسطين , ثم في الأردن , ثم في سوريا ولبنان ومصر , وأخيرا في عمان , وكل بلد فيها ذكريات , كلها في الحقل السياسي ’ مع الشيوعيين والبعثيين والأخوان المسلمين , ومع الحركة الوطنية خلال أكثر من نصف قرن , لذلك من الصعب على حصرها أو جمعها في مكان واحد , لأن ذلك فوق طاقتي .
ومن خلال المذكرات , يتضح أن لي طابعا خاصا , نشأ مع نشأتي , فقد نبذت العادات والتقاليد البالية , ولم تكن حياتي روتينية كما هي مع غيري , وحدثت لي متغيرات آمنت بها , في العقيدة والمبدأ , وقد صغت وضعي بكلمات هي ( أنا مسلم بالوراثة , وماركسي بالدراسة ) وقد فرضت علي أمور لا أستطيع نكرانها , أو تجاهلها , منها ما يتفق مع الآخرين , ومنها ما يختلف . وأني على وعي بوضعي كل الوعي , وواثق بنفسي كل الثقة . صادق مع نفسي ومع الآخرين , أجامل ولا أنافق , ولا أتجاهل ذاتي تحت كل الظروف , وجاد كل الجد , في التنسيق بين المتناقضات , في صيغة مقبولة , اذا أني لست بقادر على قيادة القوم ولا على اتباعهم .
لقد خضت أكثر من مجال , وعاشرت مختلف طبقات المجتمع , حكاما ومحكومين , فلم تغريني الماديات , ولم تخيفني السجون والمعتقلات , أقول الصدق ولا أخشى لومة لائم .
اؤمن بقول عمر بن الخطاب : ( قل الحق وأن كان مرا ) مرة أخالف ومرة أجامل , فلا أستطيع الأرتفاع مع العلماء , ولا النزول في مستوى الجهلاء , فأنا اما عالم وجاهل , أو لا عالم ولا جاهل , أحاول التنسيق دون اضاعة الجوهر , بالقدر الذي أستطيع . لست فوق باب البئر ولا في قاعه , وهذا هو وضعي المادي والمعنوي , وأصنف نفسي بوسط الوسط , لست غنيا ولا فقيرا , فأنا فقير مع الأغنياء , وغني مع الفقراء , وكذلك في الحركة الوطنية , لست متقدما ولا متأخرا , أحوز على درجة النجاح , ولكن ليس متفوقا , بل ناجحا , ينطبق علي قول الشاعر : ما أنا حي يرجى ولا أنا ميت ! وهذا هو أنا . وبالنسبة لقضية فلسطين , لست مؤمنا بصدق منظمة فتح عامة , ولا بصدق ياسر عرفات خاصة منذ البداية , وخاصة منذ نكسة حزيران 1967 , وعلى الأخص منذ استلامه منظمة تحرير فلسطين 1969 , وقد عارضت ذلك في نهاية 1967 , عندما أبعد " الشقيري " عن المنظمة جهارا نهارا , بينما كانت الأكثرية الساحقة بجانب عرفات , شعوبا وحكومات , وكفرت بهجمة " صدام حسين " على الكويت , استنكرت احتلاله لها , وكان الجميع بجانبه , وقد أكدت الأيام صحة وجهة نظري .
من الناس من يصحح مسيرته ان اطلع على خطئه وأنا منهم , ومنهم من يصر على خطئه وأنا لست منهم , وعندما أراجع مسيرتي أجدني على صواب , فأصر على موقفي , اتعامل مع الجميع دون تمييز , حاكما أو محكوما , وأشدد على الحاكم لأنه هو الظالم , أتمسك بقول الله تعالى : ( قل الحق من ربكم , فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .. ) و ( يا أيها الذين آمنوا لا يضركم من ضل اذا اهتديتم ) .
والآن أنوي ترتيب هذه المذكرات وتنظيمها , وهي مهمة صعبة , بقدر ما هي سهلة , وأرجو الله أن يعينني على آداء هذه المهمة . وآمل من الله تعالى أن يطيل عمري , حتى أرى تحقيق شيء مما ناضلت من أجله ولم يتحقق , وهو تحرير فلسطين وتوحيد الأمة العربية , الذي هو السلاح الأول في سبيل التحرير , قد يبدو ذلك صعبا , ولكنه على الله يسير , والله على كل شيء قدير .

اطال الله فى عمرك وعطاك العافية ونحن ننتظر منك العدد القادم لانى كنت اجهل حضرتك فأنت والله اعلم موسوعة نادرة تأتى لنا من كل بلد بقصة كفاح ونجاح وخبرات حياتية عديدة ممكن ان نأخذ منها ما يفيدنا.
وشكرا...
اخى العزيز..

أخي القرش .. مساء الخير
بمشيئة الله سأتابع كتابة المذكرات على أجزاء ..ولأنها طويلة جدا .. لا تجدني أتمكن من نقلها مرة واحدة
الأمر الآخر .. هذه المذكرات لأحد المناضلين القدامى وهو فلسطيني من مدينة الخليل .. وقد توفي قبل اكثر من عامين .. ( رحمه الله تعالى ) وكنت قد سألته حول امكانية نشرها فوافق أما التأخير فكان لأسباب فنية ننعلق بتنسيقها على هيئة اجزاء حتى يتم نقلها بشكل لا تتعارض فيه الأحداث .

هكذا كانت البدايــــــــــــــــــة .

ولد ابو الصادق في مدينة الخليل عام 1922, وكان والده قد تزوج امه صغيرة ويتيمة كي تعفيه من العسكرية في ذلك الوقت , وبعد
أن خلف منها ولدين تزوج عليه ثم طلقها , وكان عمره لم يتجاوز الثلاث سنين , ثم كفلته جدته لأبيه , وكانت له بدل امه بالرعاية والحنان , حتى بلغ سن الرشد , فماتت وتركته وحيدا , تعصف به الرياح وتتقاذفه الأمواج من كل جانب !
بدأ تعليمه في " الكتاب " عند الشيخه صفيه , ثم في مدرسة الأصلاح الأبتدائية , وكان ذكيا ومجتهدا يحب القراءة والكتابة , وعندما أتم الرابع الأبتدائي أخرجه والده من المدرسة , ليعلمه صنعة " تبييض النحاس " على اعتبار ان الصنعة في اليد آمان من الفقر , اسوارة من ذهب ان ما أغنت سترت .
ومع بلوغه سن الرشد , وحبه للقراءة والكتابة , واعتزازه برأيه , وصراحته وجرأته , وتمرده على العادات والتقاليد , أصبح كثير الخلاف مع والده , مما سبب له المتاعب والمشاكل , وبذلك كان يطرده من الدكان ثم يعود ثانية , وهكذا , وفي عام 1936 ( اضراب الستة أشهر ) طرده من الدكان والبيت , فسافر الى القدس ليشتغل هناك , وفي الطريق أصابه حادث مما أدى لبقاءه اسبوعين في مستشفى بيت لحم , فجاء والده من الخليل وعادا معا .
فكر بالزواج على اعتبار أن الزوجة هي رأسمال الرجل , فحاول والده أن يزوجه من احدى الفتيات , فرفض الزواج الا من فتاة معينة كان يحبها من غير أن يعرف أحد , ورضخ والده لرأيه , وزوجه اياها , وكانت نعم الزوجة والأم والأبنة والأخت , وعوضته عن كل ما افتقده في حياته .
في عام 1944 سكن مدينة بيت لحم وعمل ( مصلح بوابير الكاز ) وكان معه أول أولاده ( ... ) وعمرها ستة شهور , وقد اصطدم بشاب وشابة على عين الماء , مما أدى لجرح الشاب جرحا بليغا فدخل السجن على أثرها لعدة ايام , وحكم عليه ببضعة جنيهات , ثم عاد الى الخليل .
في عام 1945 رحل ثانية الى القدس , فعمل مساعد سائق ثم بائع خردوات , ثم فتح دكان تبييض النحاس , وفي عام 1946 التحق بجماعة الأخوان المسلمين , وانسحب منها بعد عدة أشهر .
كان مولعا بمطالعة الصحف اليسارية , ويهتم بالسياسة والعمل الجماهيري , فالتحق بعصبة التحرير الوطني ( الحزب الشيوعي ) وكان من أنشط النشطاء في مدينة القدس , مما جعله المسئول الأول عن توزيع مادة الخبز , وأستمر حتى نهاية الحكم البريطاني وأستلام الهيئة العربية العليا , فغادر الى الخليل .
على اثر قرار التقسيم حلت العصبة , وكان معه اثنين من أبناءه , وكان في الخليل ادارتان , مصرية وأردنية , فكان هو مع الجماعة المصرية , لأعتقاده أنها الأقدر , وكان يشارك في كل الحركات الوطنية .
في عام 1949 استتب الحكم في الأردن , وأعيد تنظيم العصبة من اثنين هما ( ديب بدر وحامد الشريف ) وقادا معا أول مظاهرة في الخليل ضد وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين وسجنا معا 29 يوما , ذاقا خلالها ألوان التعذيب , ويومها قال ديب لحامد : لقد تعلمنا في السجن الحرف الأول من أبجدية النضال , وبعدها سافر ديب لتكملة تعليمه .
وسع حامد الحزب من رجال أشداء مؤمنين بالعقيدة والمبدأ ( الحزب الشيوعي ) وحتى شهر سبتمبر سجن ورحل الى عمان لأربعين يوما في السجن المركزي , ثم الى معتقل " الجفر " لسنتين , وفي المعتقل , اختلف هو ورئيس الحزب " فؤاد نصار " وفصل من الحزب , وكان قد سئم الحياة فيه , ولذلك خرج منه غير آسف عليه .
بعد خروجه من المعتقل , لاحقه حزب البعث , ونجح في ضمه اليه ونظمه في قيادة الفرع .
في الخليل عمل في دائرة الأشغال العامة , ونظم نقابة للعمال , وهي أول نقابة في الخليل , تبعها خمس نقابات اخرى شكلت فيما بينها اتحادا , وكان حامد أمين سر نقابة العمال وأمين سر الأتحاد , وقد أنضم اتحاد الخليل الى اتحاد نقابة العمال في عمان , وكان هو عضو الوفد الأردني الى مؤتمر الأتحاد الدولي للعمال العرب , الذي انعقد في شهر آذار 1956 في دمشق .
وقد شارك في جميع أوجه النشاط الجماهيري وخاصة ضد حلف بغداد 1955 , وضد العدوان الثلاثي على مصر 1956 , وضد اقالة حكومة النابلسي عام 1957 .
وعلى أثر حملة الأعتقالات في أواخر شهر نيسان 1957 هرب الى سوريا مشيا على الأقدام . ودخلها في الأول من شهر أيار 1957 , وقد اعتبر لاجئا سياسيا .
بعد وصوله دمشق , لحقت به اسرته , وبعد عدة أشهر ذهب الى حلب , وعمل في مشروع أبنية المدارس في وظيفة مراقب أبنية لمدة 3 سنين .
وبصفته موظفا في دائرة حكومية , انتسب الى نقابة عمال ومستخدمي مصالح الدولة .
وبسبب نشاطه بين العمال طاردته المباحث العامة , وأوقف في الثلاث سنين عشرون مره كان أطولها 24 ساعة , وسجن عشرة أيام بسبب مشاجرة مع مدير المدرسة التي يدرس فيها أولاده , بسبب تصرف المدير السيء مع الأولاد .
في 14 تموز 1960 , رحل من حلب الى دمشق , ثم ابعد من دمشق الى لبنان , وعاش فيها ستة أشهر , ثم عاد الى دمشق على أثر شكواه على حكومة دمشق الى الرئيس جمال عبد الناصر في القاهرة " وكان ذلك أثناء وحدة مصر مع سوريا " ويوم 29/9/1961 حصل الأنفصال السوري عن مصر , والغي اللجوء السياسي , مما جعله يغادر الى القاهرة .
دخل مصر يوم أول يناير 1962 وأعتبر فيها لاجئا سياسيا , وفي القاهرة درس هندسة البناء في المعهد البريطاني للدراسة بالمراسلة , وحمل شهادة الهندسة , ثم شهادة الأدارة للمحاسبة .
وعندما قامت منظمة التحرير الفلسطينية , تعاون معها في دائرة التنظيم الشعبي , وأخذ مكانه في قيادة التنظيم , وأوكلت اليه مهمات كثيرة , وكان من النشطاء فيها , ولما خرج " الشقيري " من المنظمة ناصبته العداء , وأستمر عداءها له حتى النهاية , وخلال اقامته في مصر لعشرين سنة كاملة , زار عددا من الدول الأشتراكية والعربية , وخرج من القاهرة الى عمان نهائيا يوم 6 اكتوبر 1981 يوم مقتل الرئيس السادات .
هوايته الكتابة , فقد كتب وهو في حلب في جريدة الجماهير الدمشقية وفي جريدة الصحافة اللبنانية , وفي مصر كتب في جريدة الشعب المصرية , وكان مما كتبه في الشعب " تاريخ ثورة 1936 في فلسطين حتى عام 1948 , ثم في جريدة البيان , وعندما عاد الى عمان كتب في جريدة الدستور والرأي وجريدة الأردن , ثم استقر يكتب في مجلة المجد , وكتاباته كلها عن قضية فلسطين , وبسبب رحلاته من بلد لآخر أضاع كتبه وأوراقه , ثم أصر على أن يكتب مذكراته من الذاكرة , فكانت هذه المذكرات .

الله يعطيك العافية استاذ ابوخضرة بارك الله فيك . ما تقصر وجعلة الله في ميزان حسناتك .
نعم استاذي الغالي هي قصة مؤثرة للغية ومتعبة .كم من متاعب ومشاقت مر بها ... اعتذر لم اقراء الجزء الثاني ..
اخيك ابوشوشة

رحم الله عمنا أبو الصادق رحمة واسعة ( نتمنى أن نستفيد من تجربته الغنية ) نتابع مذكراته بشغف ،،،

شكراً يا عم وأعانك الله على حمل الأمانة ،،،

قصه جميله ورائعه فعلا ومليئه بالاحداث القاسيه والمفيده متقلبه حياته(ابو الصادق)رحمه الله كتقلبات الفصول الاربعه.....عانى كثيرا...وجاهد كثيرا من اجل معتقداته ومبادئه.....قوي وتحلى بالاراده من بين الاف الضعفاء.....وجميل جدا ان يسعى الانسان وراء الهدف والغايه تحقيقه.....بالرغم مما عانى كان اصراره اقوى من كل الظروف....وقهرها...ولم يستسلم ....
نحن بأنتظار المزيد.....
وشكرا على النقل......شمس

خمسة وخمسون عاما من النضال
..
منذ عام 1946 الى عام 2000 , لم أبتعد يوما واحدا عن ساحة النضال ,وكان العمل الجماهيري هو هدفي , من الخليل الى القدس , ومن اريحا الى عمان , ومن دمشق الى حلب , ومن لبنان الى بغداد ثم الأسكندرية ثم القاهرة , ومن دول عربية الى دول أجنبية , ودول اشتراكية ودول رأسمالية , ومن المشرق الى المغرب , كل هذه السنين , كانت قضية فلسطين شغلي الشاغل , وعل أساسها كانت علاقاتي بالجميع , من أدنى فئات المجتمع الى اعلاها , ومن النوادي والجمعيات الى النقابات والأحزاب , لم يوجد مكان لم أدخله , ولم تحجب أمامي الأبواب , لا أهاب الشخصيات ولا أخشاها , وما من معمعة الا خضتها , , عدوي الرئيسي آفات المجتمع الثلاث " الفقر والمرض والجهل " لا أعرف الخوف ولا أحسب حسابه , خادم للعمال والفلاحين , كما يقول الشاعر " ان السعادة لا تكون صحيحة ........ ان كان يعرف طعمها أنفار
بل يستطاب العيش وهي عميمة ............ يهنأ بها عمالنا الأحرار
ورغم أني نشأت في بيت فقير متدين , غارق في العادات والتقاليد , لكننب تمردت عليها جميعها , وأخذت منها ما توافق معي , لم تغريني المادة , وتمسكت بالأخلاق الحميدة , وبالأخلاص والصدق في المعاملة " ان الفتى من قال هاأنذا .. وليس الفتى من قال كان أبي " أقول الحق ولا أخشى لومة لائم , ولا احب اللف والدوران , ولا أفعل الا ما اؤمن به , اؤمن بالواقع الحي , ولا أؤمن بالأشباح والخيالات , ولا أفعل ما أخجل منه , هذه طباعي أكون في بلدي مضيفا وفي بلاد الآخرين ضيفا !
" ان أكرمكم عند الله أتقاكم وليس أغناكم , والجميع يلاقي ربه صفر اليدين , لا يأخذ من دنياه شيئا الى آخرته سوى عمله الصالح .
-------------------------------------------------
التمرد ...

في عام 1950 كنت في الخليل , وكان نظام العشائر سائدا بجانب الحكم الأداري , وفي ذلك الوقت حصل نزاع عشائري بين احمد محمود الشريف من الخليل , ومحمد اسحاق بحيص من يطا , وعلى أثره هاجم بحيص منزل الشريف , وكان الشريف غائبا , لكن من في البيت ردوه على أعقابه , لكن الشريف اعتبر المهاجمة كسر محرم ومساس بالكرامة .
وبعد أيام نزل الى الخليل من يطا شخص من عيلة بحيص , وعلم بذلك أحمد الشريف , فنادى على عدد من شباب الشريف وكنت أحدهم , وطلب منهم ضرب بحيص وهو عائد الى بلده , غير أني رفضت الطلب وقبله آخرون ونفذوه وقد تمت العمليه , ونقل بحيص الى المستشفى , وقد ادعى بحيص على ضاربيه وأنا أولهم , ولما واجهته في المستشفى قلت له : هل أنت متأكد اني ضربتك ؟ قال " نعم " قلت " الله يخرب بيتك , والله بستاهل لأني اتصرقت بالحق والأنسانية "
ويوم أن وقفنا أمام القاضي , أنكر الجميع , ولكنه اعترف عليه رغم انكارهم , طبعا وانا معهم , وتدخل أحمد الشريف وقال للقاضي : ضربوه وشو الغلط ؟ هل هو قنصل , هذا خلقة فلاح !" وقد حكم القاضي علينا ستة اشهر حسن سلوك , ولولا تدخل الشريف لكان الحكم أقسى وأشد .
لقد ضحك الشباب مني وقالوا بتستاهل , غير أني لم أندم , فموقفي كان صحيحا , نعم لم أشترك في العملية , ولكني لم أنج من العقاب .

» الإبتسامه أفضل من خاروف
» من دفاتر الحاج جمعه إبراهيم أبوخضرة
» مذكرات أم وأب ..
» فتافيت تكتب / مذكرات على سطح القمر!!
» مذكرات اب ( من إبراهيم جمعه أبوخضره الدايمي)