ماذا بعد ويكيليكس ...؟
أحمد الهواس | 02-11-2010 23:43
لأن العالم يرى بعين واحدة فقد أثار موقع ويكيلكس الدنيا , في حين لم يكن يرى عندما غزت أمريكا العراق ودمرت مقدراته , لم يكن يعلم ما معنى الإبادة الجماعية وهو يرى على الشاشات الفضائية مدينة الفلوجة تضرب بالفسفور الأبيض , لم يكن يقرأ أو لا يجيد القراءة لبيانات هيئة علماء المسلمين والقوى المناهضة للاحتلال , وكان يصم أذنيه عن شهادات الشهود عما لا قوه في أبو غريب وبوكا والسجون السرية , بل كان يرى قادة ومنظرو الاحتلال أن ما يحدث في العراق فوضى خلاقة , وسوف يكون واحة للديمقراطية , وإذ به ساحة للتقاتل والفتن المذهبية والتدخل الإقليمي ..؟
حين قال مناهضو المحتل: إن من قُتل بالفلوجة كانوا من المرتزقة , ادعت سيدة العالم المتحضر أنهم مقاولون فكان الثمن ستة آلاف شهيد ...
لقد غضت الدنيا بصرها عن تجويع العراق ثلاث عشرة سنة , ولم يتحدث أحد عن اليوارنيوم المستنفد , وحين قرر بوش أن يضرب بعرض الحائط مبدأ احتلال البلاد بالقوة دون تفويض من مجلس الأمن , لم يجتمع مجلس الأمن ليضع أمريكا تحت الفصل السابع وهي تغزو بلدا عضوا في الأمم المتحدة بل منحها مكافأة الاحتلال ...
والآن تصدر وثائق قد أخفى ناشروها أسماء مجرمي الحرب في الحكومات المتلاحقة , فتقوم الدنيا ولا تقعد , وكأن كل ما قُدم سابقا من صور ووثائق من جهات متعددة لم تكن لتحرك في هذا العالم شعرة ..!
لعل ما نُشر عن جرائم أمريكا والعصابات الطائفية أعاد الملف العراقي إلى الواجهة الدولية من جديد , ولو كان بلون الدماء , ولعل ما أُخفي عمدا كان أكبر بكثير من الذي سُمح له بالظهور للعلن , ولكن إن كان المقصود بالأمر هو المالكي المتشبث بالسلطة في عراق الاحتلال فهل تعجز أمريكا عن إزاحته وهو المحمي بقواتها ..! والمتباهي بأن أمريكا وإيران ترغبان ببقائه ...! أم أن هذه الفضائح المسربة من البنتاغون والمعلن عن تسريبها منذ 11 سبتمبر الماضي على لسان القائمين على موقع ويكيليكس هي تعبير عن الديمقراطية الأمريكية , التي سمحت لنا أن نطلع على بعض الجرائم التي كانت تتم أمام أعينها وبيد جنودها , والمليشيات بدعم طائفي من المالكي ..! وهنا نسأل : أليس بريمر هو من ألغى مؤسسات الدولة العراقية وصنع قانون إدارة الدولة العراقية , وهذا مخالف للقانون الدولي ..؟ أليس نغربونتي هو من صنع فرق الموت في العراق ..؟ أليست أمريكا هي من أدخل المرتزقة إلى العراق ..؟ ألم تسمح أمريكا بتسريب معلومات عن فضائح وانتهاكات السجناء العراقيين في أبو غريب بعد هزيمتها في معركة الفلوجة الأولى لينشغل العالم بتلك الانتهاكات ويطغى خبر على خبر ..؟
ورغم كل ما تقدم هل سيتغير الرأي العام في أمريكا والعالم الغربي , ونرى محاكمات لجرائم ضد الإنسانية ..؟ وهي جرائم لا تسقط بالتقادم ..؟ وهل سيحاسب الجيش الأمريكي عما فعل بالعراقيين وتغاضيه عن قتل المدنيين بيد العصابات الطائفية وقد سبق لبريمر أن وضع جنود أمريكا فوق القانون بموافقة العملاء الذين جاؤوا على الدبابة الأمريكية ...؟
* كاتب وإعلامي سوري مقيم في القاهرة