توقعات بارتفاع أسعار البلح، وتكبد المزارعين خسائر مالية
غزو " سوسة النخيل " بساتين غزة.. وآثاره المترتبة!
عمال وزارة الزراعة يقتلعون أشجار النخيل المصابة
الأربعاء, 21 سبتمبر, 2011, 20:45 بتوقيت القدس
غزة - رامي رمانة
مع الخطوات الأولى لتنفيذ خطة الطوارئ الحكومية لمواجهة "سوسة النخيل الحمراء" التي تغزو بساتين النخيل في قطاع غزة، تبدأ السجلات الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية بإحصاء وتدوين الأضرار الناجمة عن تلك الآفة الخطيرة، لاسيما في ظل حديث عن إعدام نحو 300 نخلة مصابة في أقل من يومين.
ويخشى أن تلقي تلك السوسة آثارها الوخيمة على المزارع والاقتصاد معاً لتعيدنا إلى أيام الخسائر التي تكبدتها مزارع الدواجن بغزة في أعقاب انتشار مرض أنفلونزا الطيور وما صاحبه من إعدام بعض المزارع ومنع استيراد الدواجن والبيض من المناطق المشبوهة.
المختص في الشأن الاقتصادي محسن أبو رمضان عدّ أي ضرر في الناتج الزراعي له تأثيره المباشر وغير المباشر على الاقتصاد الوطني كون الزراعة تشكل نسبة لا يستهان بها في مكونات الاقتصاد الفلسطيني.
وبين أن تعرض بساتين المزارعين وكرومهم لعمليات تجريف من قبل جرافات الاحتلال قد أعاق عمليات التقدم في الجانب الاقتصادي وكبد المزارعين خسائر فادحة، وبالتالي في حال ظهور آفة خطيرة سريعة الانتشار والإتلاف في المزروعات كـ "سوسة النخيل" فإنها بالمؤكد سيكون لها تبعات اقتصادية صعبة
إتلاف وتعويض
وأوضح المختص أبو رمضان لـ "فلسطين" أن الخطورة تكمن في أن زراعة النخيل ليست بالمساحات الكبيرة في قطاع غزة وبالتالي في حال إعدام أشجار كثيرة سيتأثر وجود هذا النوع من المزروعات، داعياً في ذات الوقت وزارة الزراعة لتكثيف جهودها من أجل محاربة الآفة الجديدة واتخاذ خطوات سريعة لزراعة ما تم إتلافه لتعويض النقص من جانب ولتفادي أي خلل زراعي واقتصادي.
وبين المحلل أن أسعار البلح سترتفع في الأسواق في غضون الأيام والأسابيع القادمة هذا إن لم تبدأ من اللحظة وذلك نتيجة قلة العرض الناجم عن اكتشاف السوسة وارتفاع الطلب عليها، مثلما حدث للطماطم التي ضربت سعراً مرتفعاً قبل عدة أشهر نتيجة إصابتها بحشرة "Tuta absoluta" "التوتا ابسلوتا" وارتفاع درجة الحرارة.
ومن الجدير ذكره أن الحشرة التي أصابت الطماطم اكتشفت عام 2010 في محافظة خانيونس وعرف عنها القضاء على 10 هكتارات طماطم خلال أسبوع واحد فقط، وأنها تقلل الإنتاج لغاية 80-100% من الحاصل.
خطر قادم
مدير عام الإدارة العامة لوقاية النبات والحجر الزراعي زياد حمادة من جانبه أوضح أن تلك السوسة تبدأ بالتكاثر بوضع بيضها والذي يصل حجمه لـ2ملم, ومن ثم يفقس البيض ويخرج منه اليرقات وبعد ذلك تتم عملية الشرنقة لتلك اليرقات, وتصبح حينها السوسة كاملة وهنا يبدأ الخطر بالتحديد.
وقال في بيان له "إن هذه الآفة يعتبر خطرها على النخيل فقط, وعندما تظهر في أي حقل يتم تدمير المحصول بالكامل, لأنها صغيرة الحجم وفي مقدمة رأسها فم "كالمنشار", وتبدأ به بثقب وتفتيت النسيج النباتي للنخلة, ونجد حول مكان الثقب والتخريب لهذه الآفة "نشارة الخشب" والتي تظهر عقب ثقب الآفة لخشب النخيل.
تعريف الحشرة
والحشرة عبارة عن سوسة يبلغ طولها حوالي 4 سم وعرضها حوالي 1 سم لونها بني مائل للاحمرار مع وجود نقط سوداء على الحلقة الصدرية. ولها خرطوم طويل هو أقصر في الذكر منه في الأنثى كما يتميز الذكر عن الأنثى بوجود زغب على السطح العلوي للخرطوم، وتعيش الحشرة الكاملة حوالي 2 - 3 أشهر، ويمكن مشاهدة الحشرة على مدار العام ولكن ذروة مشاهدتها تكون في شهري مارس ويونيو وفي الصيف، والحشرة الكاملة لا ضرر منها لأن العذارى في الشرائق تكون عادة في المحيط الخارجي بساق النخلة أو في قواعد الكرب. وتبيض الأنثى من 200 إلى 300 بيضة ثم تبدأ في نهش قلب النخلة.
الجمعية الأهلية لتطوير النخيل والتمور المتخذة من دير البلح وسط القطاع مقراً لها تخشى أن تنتقل عدوى السوسة الحمراء إلى مساحات جديدة في شمال وجنوب القطاع بعد أن اكتشفت في المنطقة الوسطى، خاصة في هذه الأوقات التي تكون فيها أشجار النخيل على وشك طرح إنتاجها في الأسواق.
مدير الجمعية الأهلية المهندس مفيد البنا عبر عن قلقه الشديد من تلك الآفة وفي نفس الوقت دعا وزارة الزراعة إلى التريث في الوسائل العلاجية، حيث إنه يرى في إعدام أكثر من 300 نخلة في يوم واحد أمر بحاجة إلى مراجعة، مراعاة لندرة أشجار النخيل في القطاع ولتفادي خسائر مادية.
وقال في حديث لـ "فلسطين": ينبغي على المسئولين في الحكومة إتلاف الأشجار المصابة فقط وليس المكان بأكمله لأن في ذلك تكبيد المزارع خسائر مالية وضرب الناتج المحلي وجميع ذلك له تأثير سلبي على الاقتصاد المحلي".
وبين البنا أن النخلة المصابة يمكن التخلص منها إذا وصلت نسبة التسوس إلى 40-50% ودون ذلك فإنها بحاجة إلى سلسلة من الخطوات العلاجية، مشيراً إلى أن السوسة الحمراء تصيب أشجار النخيل التي عمرها فوق الثماني أو العشر سنوات، بينما الفسائل فلا تكون معرضة للمرض.
توعية قادمة
وحمل البنا وزارة الزراعة جزءاً من المسؤولية لأنها وفق قوله لم تأخذ خطوات وقائية لمنع وصول هذه السوسة إلى الأراضي الفلسطينية بعد إصابتها لبساتين نخيل دول عربية مجاورة، قائلاً :" هذه السوسة عرف عن خطورتها منذ عدة سنوات فكان الأجدر بوزارة الزراعة اتخاذ خطوات وقائية مسبقة".
وعن دور الجمعية في توعية المزارعين بتلك الآفة أكد على أن الجمعية الأهلية لتطوير النخيل والتمور بصدد عقد ورشات عمل وتنظيم زيارات ميدانية لمكان النخيل المصاب، وغير المصاب والتحدث مع المزراعين بشأن السوسة وكيفية الوقاية والعلاج .
ودعا إلى ضرورة اتباع استراتجية مشتركة بين وزارة الزراعة والجمعيات والمؤسسات الأهلية المختصة بهذا الشأن للوصول إلى نقاط مشتركة كفيلة بمكافحة الآفة من جانب وتقليل الخسائر المادية والمالية المترتبة عليها من جانب آخر .
خطوات وقائية
وأهاب بمزارعي النخيل أن يتفقدوا بساتينهم وأشجارهم لتفادي وقوع الخسائر وسرعة محاصرة الأخطار الناتجة عن الآفة، معرباً عن استعداد الجمعية لتقديم كافة أشكال المساعدة في سبيل تطويق الآفة والحد من انتشارها.
ونوه إلى أن السوسة يزداد نشاطها في شهري( سبتمبر وأكتوبر) لهذا يخشى أن تنتشر بصورة سريعة إلى أماكن جديدة وتتلف مزروعات أخرى.
وأشار البنا إلى أن نسبة المساحات الخضراء المزروعة بأشجار النخيل في قطاع غزة تقدر بـ40% ، وأن المنطقة الوسطى التي ظهرت فيها السوسة بها نحو 2500 دونم من النخيل.
وتعد سوسة النخيل الحمراء من أخطر الآفات الحشرية التي تهاجم النخيل بالمملكة العربية السعودية وكثير من دول العالم مثل: الهند (الموطن الأصلي)، باكستان، أندونيسيا، فلبين، بورما، سيريلانكا، تايلند، العراق، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الكويت، قطر، سلطنة عمان ،جمهورية مصر العربية، المملكة الأردنية الهاشمية، اسبانيا، إيران، اليابان وغيرها.
وكانت وزارة الزراعة أعلنت عن خط طورائ للتواصل والاستفسار حول الآفة، وذلك على رقم هاتف( 2877120 ) أو جوال رقم (0599148160).