عاصم حامد
قِصَّةٌ أَعْجَبَتْنِيِ مُـجَـرَّدُ كــلام !...
عاصم حامد 18 أكتوبر 08:46 مساءً
قِصَّةٌ أَعْجَبَتْنِيِ
مُـجَـرَّدُ كــلام !
بالأمس القريب أبدت رغبتَها في لبس النِّقاب ، وكانت تسألُ عن كيفية التَّعامُل مع أهل زوجِها ، وجلوسِها معهم .
واليـوم يضجُّ الشارع _ بل والشوارع المُجاورة _ بصوتِ المعازِفِ والغِناءِ
وحين تسألين .. يُقالُ لكِ : خُطوبة أو خِطبة .
نعم ، خِطبةُ تلك الفتاة التي ترغبُ في لبس النِّقاب .
تجلسُ على المَنَصَّة بجانب رجلٍ أجنبىٍّ عنها ، لا تربطها به عِلاقةٌ سِوَى مُجَرَّد وعدٍ بالزواج
تجلسُ أمام الجميع ، مِن رجالٍ ونساء .
الكُلُّ ينظرُ إليها ، الكُلُّ يُصافِحُها ويُهنِّئُها .
تَبَرُّجٌ وسفور .. اختلاطٌ ومُحادثةٌ للرجال .. مُوسيقَى وغِناء ..
معصيةٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ على مرأى ومَسمَع مِن الجميع ، ولا غَيْرةَ على دين الله ، ولا غَيْرةَ على المَحارِم .
يقولون : فرحة .. نحنُ نُعبِّرُ عن فرحتِنا وسعادتِنا بهذه الخِطبة ..
مُجَرَّد حفلةٍ نسعدُ فيها مع أحبابِنا وأقارِبِنا ، ونُعلِنُ للجميع هذه الخِطبة .
وهل الإعلانُ لا يتمُّ إلاّ بهذه الطريقةِ المُحَرَّمَة ..؟!
ثُمَّ إنَّ الإعلانَ أو الإشهارَ مطلوبٌ في الزواج .. فما الدَّاعي لهذا ..؟!
في الحقيقةِ نحنُ نسعى لإسعادِ أنفسِنا بطريقتِنا ، وبما يُوافِقُ أهواءنا ، وإنْ خالَفنا شرعَ الله
الفرحةُ في أعينِنا _ أو في أعين الكثيرين مِنَّا _ شهوةٌ نفسية ، أو لَذَّةٌ دُنيوية ، وكُلُّها مُتَـعٌ زائِلـة .
وانظري إلى مَن مَلَكَ المالَ وملأت كنوزُه الخزائِن ، هل يُفيدُه ذلك بشئٍ إذا كان في معصيةِ الله ..؟!
انظري إلى أصحابِ المناصِب والجاه ، هل يُنفعهم ذلك في الآخرة ..؟!
انظري إلى قارون وفرعون وهامان وأُبَىِّ بن خَلَف ، أين هم الآن ..؟! وإلى أين مآلُهم في الآخرة ..؟!
يظُنُّ الناسُ أنَّ من أسبابِ السعادةِ في الدنيا : المنصب والجاه والمال والولد والحَسَب والنَّسَب .
فيفخرُ المرءُ بكُلِّ هذا ، ويظُنُّ أنَّه فاقَ غيرَه مِمَّن حُرِمَ هذه الأشياء .
لكنَّ هذه لا تكونُ مصدرَ سعادةٍ للمَرءِ إلاَّ إذا كانت في طاعةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
ونحنُ أحيانًا نتكلَّمُ بكلامٍ طيب ، ننصحُ ونأمرُ بالمعروفِ وننهى عن المُنكر ، وندَّعي أنَّنا نُطَبِّق أو سنُطبِّق .
لكنْ إذا جئنا للواقع العملِىِّ لَعَلَّنا نتجاهلُ تلك النَّصائح التي نُقدِّمُها لغيرنا ، والتي نحنُ أحوجُ ما نكونُ إليها . وهُنا نخشى أن نكونَ مِمَّن قال اللهُ فيهم : ? أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ? البقرة/44 .
إنَّه مُجَرَّدُ كـلام!
وما أسهلَ الكـلام !
نَدَّعِي الاستقامةَ والالتزام ، لكنْ إذا فَتَّشنا في أنفُسِنا ، وبحثنا داخلَ قلوبِنا ، وتأمَّلنا أحوالَنا ، لوجدنا مِن الآفاتِ التي تحتاجُ لعِلاجٍ الكثيرَ والكثير .
أختاه .. لا يغركِ أنَّكِ طالبةُ عِلم .
لا يغركِ أنَّكِ تدرسين في كُلِّيةٍ شرعية .
لا تغركِ عبادتُكِ .
لا يغركِ قليلُ عملكِ .
راجعي نفسكِ .
تأمَّلي حالَكِ .
كوني صادقةً في بحثكِ عن آفاتِكِ .
وبالتأكيد ستجدينها قريبةً جدًا .
لَعَلَّكِ لم تنتبهي لها .
لَعَلَّكِ فعلتِ شيئًا منها قبل قليل .
لَعَلَّكِ تفعليها الآن .
أو لَعَلَّكِ تُفكِّرين بفِعلها .
فإنْ كُنتِ فعلتيها ، فقد فات أوانُ تدارُكِها ، وما أمامكِ إلاَّ التوبةُ منها والندمُ على فِعلِها .
وإنْ كُنتِ تفعليها الآن ، فتَوَقَّفي عنها بصِدقِ نِيَّةٍ واقتناع .
وإنْ كُنتِ تُفكِّرين في الإقدامِ عليها ،
فاحمدي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أنْ تداركتِ نفسكِ وأفقتِ مِن غفلتكِ ، فتوبي واستغفري ، ولا تعودي لذلك ثانيةً .
أعجبتني تلك الفتاةُ التي سجَّلَت في الفيس بُوك وكانت تدخلُ لِغُرفِ الشَّات ، ثُمَّ تابت وعطَّلَت حِسابَها على الفيس بُوك ، وحين سألتُها عن السبب ، قالت : لن أرجِعَ إليه أبدًا ، فلم أرَ فيه فائدة ، وتَوَقَّفَتْ عن الدخول لِغُرف الشَّات ، لأنَّها مُختلطة ولا فائدةَ فيها أيضًا . ثُمَّ بدأتْ في حِفظ القُرآن الكريم وطلب العلِم الشَّرعِىِّ .
صدقت في نِيَّتِها ، وصدقت في توبتِها ، بدأت تتقدَّمُ للأمام بخُطواتٍ قليلة ، لكنَّها مع كُلِّ خُطوةٍ تخطوها تُحاوِلُ ألاَّ تَرجِعَها ثانيةً . تسعى نحو العُلا ، وتأملُ أن تُصبِحَ يومًا ما داعيةً حافِظةً لكِتابِ الله ، عِندها مِن العِلمِ ما يُعينُها على دعوتِها .
ما أجملَ هِمَّتَها !
وما أحلَى صبرَها !
وما أروعَ عزيمتَها وإصرارَها !
فَـ فِيمَ صَرَفنَا هِمَمَنا ..؟! وكيف استفدنا مِن أوقاتِنا ..؟!
في مواقعَ مُختلطةٍ بِحُجَجٍ تافِهة ..؟
أم مع صديقاتِ سُوءٍ لا هَمَّ لَهُنَّ إلاَّ تَتَبُّع الموضات وفِعل الإباحيَّات ..؟!
أم على الهاتفِ في مُحادثةٍ للشباب بدعوَى رغبتِهم في الزَّواج ..؟!
أم في غِيبةٍ ونميمةٍ ووقوعٍ في أعراض البُرآءِ والبريئات ..؟!
أم أمام شاشاتٍ وفضائياتٍ تعرِضُ المُحَرَّمات ،
بِحُجَّةِ معرفةِ الأخبار ومُتابعةِ الأحداث أو مُشاهدةِ برنامجٍ مُفيدٍ أو بِحُجَّةِ أنَّ مَن في هذه القنوات نساء ..؟!
ألم ننتبه أنَّ هؤلاءِ النِّسوةِ مُتبرِّجات عاريات !!
فـ إِنَّا للهِ وإِنَّا إليهِ راجِعُون !
ألم نعلم أنَّنا مُحاسَبون على أعمارنا وأوقاتِنا وأعمالِنا!
فلنبكِ على أنفسِنا ، ولنرثي أحوالَنا ، ولنَعُد لِرَبِّنا عَزَّ وَجَلَّ .
لنجعل رِضاه غايتنا ، لتَكُن الجَنَّةُ أمنيتنا .
ألَا تستحِقُّ مِنَّا التضحيةَ ولو بالقليل ..؟!
? وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ? الأعلى/17 .
? وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ? الضحى/4 .
? وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ? آل عمران/185 .
جعلني اللهُ وإيَّاكُنَّ مِمَّن يستمعون القولَ فيتَّبعون أحسنَه
-------------------------