طلق احد اصدقائي زوجته ، بعد ثلاث سنين فقط من الزواج ، وهو بالمناسبة حقوقي ورجل قانون وعدل ، وعندما سألته عن السبب اخبرني قائلا بانه حاول جاهدا اصلاح عيوبها ، فلم يستطيع ، فحاول جاهدا ان يتاقلم مع هذه العيوب ، ليكمل معها مشوار العمر ، الا انه ايضا لم يستطيع ، فكان لا بد من ابغض الحلال يقول ، دائما تعيرني ، او تشعرني بالتقصير مهما فعلت ، وتذكرني ان صديقتها اشترت سيارة ، وان زوج صديقتها اهداها هدية غالية ، او ان اختها وزوجها قد سافرا في نزهة سياحية الى قبرص ، ورغم انني لم اقصر ابدا في منحها الهدايا ، الا انها لا تذكر شيئا منها ، فاذا جلبت هي شيئا ولو تافها من بيت ابيها تذكرني به دائما ، وكأن والدها هو من ينفق علينا ، وهي دائمة النكد ، والصراخ ، رغم انها تتظاهر امام الجميع خارج المنزل بالرقة والحنان .
ارهقتني بطلباتها التي لا تنتهي ، ولا ترضى ان تعيش في مستواها ، تعبد الدينار ، ولا شيئ سواه ، تخيل انني لا امتلك قرشا واحدا كادخار لمواجهة الكوارث ، حتى لو توفيت الان لن يجد اقاربي لدي ثمن كفني ، رغم ان دخلي ليس قليلا ، وبقي يتذمر ، فيما سرحت انا بالقصة التي قرأتها ذات يوم عن وفاء زوجة سعودية .
شاهد الشيخ رجلا يبكي ، وكان من رواد المسجد ، فسأله عن السبب فاجاب ان زوجته مريضه ، فلما سأله عن مرضها ، وجد انه ليس خطيرا ، بل هو مرض عادي ، سرعان ما ستشفى منه، ولما لاحظ الرجل استغراب الشيخ لبكائه ، اخبره قصته فقال ، انا رجل فقير الحال كما تعلم ، ولا يدخل بيتي سوى الفلافل والبندورة والبطاطا والخبز والشاي فقط لا غير ، وعلى هذا نعيش منذ تزوجتها ، واحيانا ونتيجة ضيق ذات اليد ، كنت اضربها ، واصرخ فيها ، الا ان جاء ذات يوم والدها ، وقال لي ، يا رجل بالله عليك ، مالذي تفعله بزوجتك ، فخفت ان تكون قد اخبرته بالبؤس الذي نعيشه ، واساءة معاملتي لها ، ولما راى والدها استغرابي قال ، لقد حضرت ابنتي لزيارتنا كما تعلم يوم امس ، وقد اعددنا لها وليمة كبيرة ، الا انها رفضت تناول اي لقمة منها ، وطلبت ان نحضر لها فلافل وبندورة ، كونك لا تدخل مثل هذه الاشياء للبيت ، وانكما لا تاكلان سوى اللحوم المشوية ، والمقلية ،والاسماك ، لدرجة انها ضاقت ذرعا بذلك ، يا بني ان التنويع في الطعام مطلوب ، ثم ان هذا تبذير زائد عن الحاجة ، فهي تتذمر من شدة الرخاء والرفاهية التي تحياها معك ، المرأة ترغب احيانا ان يكون زوجها شديدا لتشعر برجولته ، فلا تكن حنونا اكثر من اللازم.
هل علمت يا شيخي لماذا ابكي ، ان زوجتي لم تأكل اللحم في بيتي سوى في الاعياد ، ومع ذلك تظاهرت عند اهلها انني اطعمها اللحم كل يوم ، وتظاهرت انها تعيش في رغد ، لدرجة انها تشتهي الفلافل والبندورة ، وهي اصلا لا تأكل غيرهما ، وانا متأكد انها كانت تشتهي قطعة لحم من تلك المائدة التي اعدها لها اهلها .
لقد حفظتني ، وحافظت على سمعتي ، امام اقرب الناس اليها ، ولم تتذمر ، ولم تشتكي ، فندمت على معاملتي القاسية لها ، واصبحت احبها اكثر من نفسي ، لدرجة انني لا اتمالك نفسي من البكاء اذا مسها مكروه .