الأردن في عين العاصفة السورية
محمد النجار - عمان
سيطرت التطورات المتسارعة في سوريا على المشهد الأردني، وأعادت ترتيب الأولويات سواء في مطبخ القرار أو في الشارع الأردني. وعلى وقع تدفق كبير للاجئين السوريين والمنشقين عن جيش النظام، رفع الجيش الأردني والأجهزة الأمنية مستوى حالة الاستنفار استعدادا لمآلات الوضع في الجارة الشمالية.
ورغم أن الأردن يدرس بحذر إعلان حالة الطوارئ بالبلاد في حال وصلت النيران السورية إليه، يبدو المطبخ السياسي أكثر حذرا في استنتاج ما يجري في دمشق.
فرغم اعتبار ملك الأردن عبد الله الثاني في مقابلة مع قناة 'سي إن إن' الأميركية أن النظام السوري تلقى ضربة قوية في تفجير دمشق الأربعاء، وتأكيد رئيس الوزراء فايز الطراونة أن الحوار بين المعارضة والنظام السوري انتهى، فإن سياسيين يؤكدون أن مؤسسة القرار في عمان لا تزال ترى أن من المبكر القول إن نظام بشار الأسد قد انتهى.
وتؤكد مصادر متعددة أن الجيش الأردني رفع منذ الأربعاء درجة الاستنفار على حدوده الشمالية للدرجة القصوى، وعززت قواته هناك بوحدات جديدة تراقب التطورات على الحدود الممتدة لمسافة تبلغ 375 كيلو مترا في الشمال والشرق.
تدفق اللاجئين
وتعيش الحدود الأردنية السورية حالة غير مسبوقة من تدفق اللاجئين على وقع المعارك على الجانب الآخر من الحدود، حيث دخل الأردن أكثر من ثلاثة آلاف سوري عبر الحدود غير الرسمية خلال 72 ساعة فقط، منهم العشرات من الجنود والضباط المنشقين عن الجيش السوري النظامي.
وزاد عدد الضباط والجنود المنشقين عن الجيش السوري والمحتجزين في ثكنات للجيش الأردني على سبعمائة بعد أن كان العدد أقل من ستمائة قبل شهر فقط، رغم تأكيد مصادر من المنشقين للجزيرة نت أن العديد منهم سجل في الأيام الماضية طلبات لدى السلطات الأردنية لطلب العودة لسوريا للقتال إلى جانب الجيش الحر.
وتستعد السلطات الأردنية لافتتاح أول مخيم للاجئين في الزعتري قرب مدينة المفرق، ومن المتوقع أن يتسع لنحو خمسة آلاف لاجيء بعد أن وصل عدد السوريين الذين لجؤوا للأردن أكثر من 160 ألفا، حيث أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام سميح المعايطة للجزيرة نت أن الأردن لا يمكنه الاستمرار بتحمل عبء اللجوء المتصاعد من سوريا، داعيا لجهد دولي لإغاثتهم.
حالة الطوارئ
لكن مصادر سياسية أكدت للجزيرة نت أن عمان تدرس بحذر إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وأنه لا يوجد قرار أو حتى توجه أردني حتى اللحظة بإعلان هذه الحالة في الوقت الراهن.
ويرى الخبير الإستراتيجي واللواء المتقاعد من الجيش الأردني موسى الحديد أنه لا يمكن اعتبار خسارة الاستقرار في دولة جارة ومهمة مثل سوريا مكسبا للأردن.
وقال للجزيرة نت 'انفلات الأمن في سوريا سيؤثر سلبا على الأردن خاصة على صعيدي الخطط الدفاعية والضرر الاقتصادي عوضا عن التأثير على أولويات القرار السياسي'.
وبرأي الحديد فإن رفع درجة الاستنفار وحتى الطوارئ لدى القوات المسلحة الأردنية 'ضروري جدا لأن النظام السوري قد يسعى لتصدير أزمته لدول الجوار مع استمرار تلقيه ضربات موجعة من قوات الجيش الحر'.
وبينما يؤكد الحديد أن 'الجاهزية العسكرية الأردنية كفيلة بردع أي جهة تحاول العبث بالأمن الأردني' فإنه يحذر من مخاطر ستلحق بالأردن إن اشتركت المملكة في أي جهد إقليمي أو دولي للتدخل في سوريا.
سياسيا، يرى الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير أن مطبخ القرار في الأردن بات يعتبر الأزمة السورية أحد أهم المؤثرات على الأمن الأردني والإقليمي، ولم يعد ينظر إليها كأزمة في بلد مجاور.
وقال للجزيرة نت 'ليس سرا أن الأردن بات يضع خططا للتعامل مع تسارع الوضع في سوريا تتجاوز التعامل مع البعد الإنساني المتمثل بالتدفق الكبير للاجئين، وتصل حد ترقب انفجار الوضع العسكري والأمني ومخاوف تصدير النظام السوري أزمته لدول الجوار'.
تخوف رسمي
ويكشف أبو طير عن أن مسؤولين أردنيين يتخوفون من قيام النظام السوري بتوجيه صواريخ نحو الأردن ومنها صواريخ كيمياوية، ومن ثم اتهام الجيش الحر أو جماعات محسوبة على القاعدة بأنها استولت عليها.
وتابع 'الأردن يتخوف من السلوك الانتحاري للنظام السوري رغم أن مطبخ القرار في عمان يرى أن من المبكر القول إن نظام الأسد بات آيلا للسقوط'.
وقال أيضا 'من القضايا التي تثير مخاوف الأردن تهجير النظام السوري عشرات آلاف الفلسطينيين للأردن، وهو ما سيخلق مشكلة داخلية لعمان المتخوفة من هكذا سيناريو بشكل كبير'.
وعن إعلان حالة الطوارئ، يرى أن الأردن سيبتعد قدر المستطاع عن إعلان كهذا نظرا لمضار ذلك على مختلف النواحي في البلاد وإن كانت هناك حالة أقرب للطوارئ باتت مطبقة عسكريا وأمنيا.