مصادر : قبطيه
الجزء اول :
المقوقس: من هو؟ وهل كان ''عظيم القبط ''؟ Almqoks: Who is? Was Alqubt''great''?
تصف المراجع التاريخية العربية المتداولة في مصر وكذا كتب التاريخ التعليمية المصرية المقوقس, حاكم مصر عند غزو العرب, بأنه 'عظيم القبط' ولكنها لا تذكر شيئا عن أسباب هذه العظمة وهل هي راجعة إلي أسباب اجتماعية أو مالية أو ثقافية أو دينية أو عرقية! أم لأنه كان أميرا أو حاكما أو واليا.
تنقسم المراجع التاريخية التي تعرضت لشخصية المقوقس إلي نوعين: مراجع عربية, ومراجع قبطية وأجنبية, وقد حاول الكثير من المؤرخين _ من الغريب أنهم كانوا جميعا مؤرخين أجانب - خلال الثلاثة قرون الماضية التنقيب وبعمق لإجلاء حقيقة شخصية المقوقس.
من المفيد إلقاء نظرة علي بداية كرازة مرقس الرسول في مصر, فكعادة الرسل بدء الكرازة لليهود المقيمين بالإسكندرية (كانت هناك معرفة مبدئية ولو أنها غير دقيقة بالإيمان بالمسيح من اليهود المصريين الذين كانوا في أورشليم وعاصروا حلول الروح القدس يوم الخمسين وما ورد عن أبولوس السكندري-راجع سفر أعمال الرسل) والدليل علي ذلك أن اسم أنيانوس, وهو أول من آمن, هو المنطوق اليوناني لحنانيا العبري.
ثم انتقلت الكرازة من اليهود الذين كانوا متشبعين بالثقافة اليونانية إلي اليونانيين المقيمين بمصر والذين كانت أعدادهم - مع أنهم أقلية - كبيرة, ثم تلاهم المصريون في الإيمان. وكما تذكر المراجع التاريخية فإنه كان هناك شبه انفصال في أماكن الإقامة بين المصريين من جهة واليهود واليونانيين من جهة أخري, لهذا كان البطاركة الأولون إما من خلفية يهودية أو يونانية ويرجح أن أول بطريرك مصري هو ديمتريوس الكرام الذي اعتلي السدة المرقسية في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي.
استمر بطاركة الكرسي المرقسي يأتون من هذه الخلفيات الثلاث حتي الانشقاق الذي حدث في مجمع خلقيدونية الذي نتج عنه أن غالبية المصريين تبعوا إيمان البابا ديسقورس, وغالبية اليونانيين تبعوا إيمان مجمع خلقيدونية (لاحظ تأثير العامل العرقي والثقافي والسياسي علي اعتناق العقيدة) وأصبح هناك اثنان من البطاركة, أحدهما قبطي يختاره المصريون والآخر ملكاني يعينه الإمبراطور من اليونانيين المصريين أو من خارج مصر.
وقد تداخلت الفتن والقلاقل التي حدثت بمصر بين الشعب القبطي والسلطة البيزنطية الحاكمة مع الفتن والمؤامرات والدسائس في البلاط الإمبراطوري بالقسطنطينية وأدت إلي فترات من المواجهة الشديدة وفترات من الهدوء النسبي في مصر.
تميزت فترة حكم الاإمبراطور جستنيان بتأثيرها الشديد علي الأحوال في مصر والتي استمرت حتي سقوطها في يد العرب, حيث قسم جستنيان مصر إلي قسمين إداريين هما الإسكندرية مع الوجه البحري, والصعيد, وجعل لكل منهما حاكما; الأمر الذي أدي إلي بذر بذور التنافس وسوء التنظيم بين الحاكمين, كما استحدث وضعا جديدا فحينما نصب أبوليناريس بطريركا دخيلا علي الإسكندرية سنة541 م قلده بالإضافة الي وظيفته الدينية سلطات عسكرية لتنفيذ سياسته الدينية وما لبث أن أعطاه حق جمع الضرائب مباشرة لصيانة الكنائس والرعاية فكانت هذه سابقة خطيرة لمن أتي بعده من الأباطرة الذين أعطوا لأنصارهم الوسائل التي تمكنهم من التنكيل بخصومهم الدينيين ويجددوا الاضطهاد الديني مرة أخري ولكن هذه المرة بواسطة مسيحيين ضد مسيحيين.
وكان هذا أمرا خطيرا له أسوأ الأثر علي نفسية الأقباط ومستقبل مصر السياسي. وخوفا من أن يقوم قائد الجيش البيزنطي في مصر بالاستقلال بها عن الإمبراطورية, قام جستنيان بإلغاء القيادة الموحدة وقسم مصر إلي خمس دوقيات (أقسام كبري) يحكمها خمسة محافظين يعينهم الامبراطور بمعرفته ويكونوا مسئولين أمامه مباشرة, وكان هؤلاء المحافظون يجمعون بين السلطتين المدنية والعسكرية. أوجد هذا التقسيم وضعا غريبا فالأقسام الإدارية لا تنطبق مع الأقسام العسكرية, والاثنان لا ينطبقان مع التقسيم المالي; مما أوجد ليس فقط عدم تعاون بين هذه الأقسام بل تنافسا وصراعا ظهر تأثيره عندما جاء العرب مصر.
وتحتوي الفترة المتبقية وحتي دخول العرب لمصر علي أحداث مهمة منها استيلاء هرقل علي السلطة في الإمبراطورية وغزو الفرس لسورية وفلسطين وسقوط أورشليم في يدهم حيث حملوا الصليب المقدس وأخذوه إلي بلادهم, وفي سنة619 م استولوا علي مصر ولكن هرقل تمكن من استرداد أورشليم واستعاد الصليب المقدس وأعاده الي موضعه كما تمكن من استرداد مصر سنة629 م وهكذا عادت مصر ثانية إلي الحكم البيزنطي ولكن للأسف لم يستفد هرقل من الدرس ولم يكتف بأنه أحيا سياسة جستنيان في مصر بل بالغ فيها.
وفي محاولة من هرقل لتوحيد العقيدة علي مستوي الإمبراطورية, اعتقادا منه بأهمية الأمر من ناحية السلام السياسي, لجأ إلي صياغة إيمانية جديدة تقول بوحدة مشيئتي المسيح الناسوتية واللاهوتية وأنهما كانتا متطابقتين متوافقتين (المونوثيلتية). وفي سنة638 م أصدر هرقل مرسومه الذي عرف باسم 'أكسيتيس' وعزم علي إرغام الجميع علي قبوله وكانت المقاومة الكبري له في الإسكندرية حيث رفض الأقباط أي حل بيزنطي بداية من قرارات مجمع خلقيدونية.
كان ازدياد شعور الأقباط بقوميتهم هو الذي جعلهم أكثر الرافضين للحيود عن التقاليد القديمة ورفض أية مساومات مع السلطة الإمبراطورية في المسائل الخاصة بالإيمان. ولكون مصر ذات أهمية خاصة للإمبراطورية, حيث كانت مخزن غلالها, صمم هرقل علي فرض معتقده بأية وسيلة, وكانت خطوته الأولي هي تعيين 'قيرس / قورش Cyrus' أسقف فاز (Phasis) في القوقاز, والذي كان ذو ميول نسطورية, بطريركا علي الإسكندرية. وعينه أيضا في منصب الحاكم الإمبراطوري لإقليم مصر كان عليه أن يجعل الأقباط يقبلوا الإيمان الخلقيدوني والمونوثيلتية بأية وسيلة ومنحه سلطات دينية وحربية ومالية وتنظيمية وقضائية واسعة. وقد كان قيرس هذا يتمتع بذكاء وولاء ريائي للإمبراطور.
وصل قيرس إلي الإسكندرية سنة631 م وبدأ في تنفيذ خططه بلا هوادة وفي خلال عشر سنوات غدا من أكثر الولاة البيزنطيين المكروهين في تاريخ مصر, لقد استغل الدين واستخدم صولجان الحكم لمحاولة فرض صيغة الإيمان التي أقرها هرقل.
هل قيرس / قورش هذا هو من أسماه العرب بالمقوقس؟ سأستعرض أهم ما كتبه المؤرخون العرب عنه بداية بالمؤرخين الأقرب إلي زمنه, وسأحاول أن أخرج باستنتاجات أقارنها بما كتبه المؤرخون الأقباط والأجانب.
يذكر البلاذري (مولود سنة806 م) أن المقوقس صالح (أي عقد صلحا) عمرو (أي عمرو بن العاص) وأن بعض الرواة يذهبون إلي أنه ساعد العرب. وجاء في تاريخ ابن الحكم (حوالي سنة850 م) عبارة أكثر دلالة تقول 'فوجه هرقل ملك الروم المقوقس أميرا علي مصر وجعل إليه حربها وجباية خراجها ونزل الإسكندرية'.
ويقول الطبري (839 ـ923 م) عن المقوقس إنه عظيم القبط ويفرق بين حاكم الاسكندرية وحاكم منفيس (منف) ويذكر أن المقوقس أرسل إلي منفيس جيشا تحت قيادة الجاثليق الذي كان كبير أساقفة النصاري واسمه ابن مريم. ويذكر سعد بن بطريق (المولود سنة876 م) أن المقوقس كان عاملا (أي مندوبا أو حاكما) علي الأموال في مصر لهرقل (أي من قبل هرقل).
وبعد فترة تقرب من قرنين يذكر ابن الأثير (المولود سنة 1160 م) أن المقوقس أرسل أبا مريم وأبا مريام ليقاتلا عمرو وأنه كان يقود الجيش بنفسه في موقعة عين شمس وأنه كان حاكم الإسكندرية وقت حصارها وأنه صالح 'عمرو'. أما أبو صالح (حوالي سنة 1200 م) يذكر أن نبي الإسلام بعث حاطب بن أبي بلتعه إلي المقوقس حاكم الإسكندرية سنة 6 هجرية (أي النصف الثاني من سنة 627 م), ويقول إن هرقل استعمل (أي ولي) علي مصر جريج بن مينا المقوقس.
أما ياقوت (المولود سنة 1178 م) فيعقد الأمور تعقيدا شديدا حيث يذكر أن حصن بابليون كان حاكمه المندفور الذي اسمه الأعيرج, نائبا عن المقوقس ابن قرقب اليوناني الذي كان يقيم في الإسكندرية. ويذكر مكين (المولود حوالي سنة 1205 م) أن عامل هرقل (أي وكيله) علي مصر هو المقوقس وأنه هو وعظماء القبط صالحوا عمرو.
ويكتب ابن خلدون في أواخر القرن الرابع عشر أن المقوقس كان قبطيا. ويذكر ابن دقماق حوالي سنة1400 م أن المقوقس الرومي عامل هرقل.
وينقل المقريزي (المولود سنة 1365 م) عن يزيد بن حبيب عبارة أن 'المقوقس الرومي كان واليا علي مصر وصالح عمرو'. ويتفق المقريزي مع ياقوت في ذكر الأعيرج وفي أن المقوقس بن قرقب كان يونانيا وأن المقوقس صالح العرب.
أما كتاب الوافدي, وهو كتاب قصص غير ثابت التاريخ, فقد جاء فيه أن ملك القبط كان هو المقوقس بن رعيل. ويذكر أبو المحاسن (المولود سنة 1409 م) أن قائد قصر الشمع (حصن بابليون؟) كان الأعيرج وكان تحت أمرة المقوقس. وجاء في نسختين خطيتين اسم المقوقس جريج بن مينا, وقد ذكر المؤرخ نفسه في موضع آخر أن قائد الحصن كان المندفور المسمي الأعيرج من قبل (أي الذي عينه) المقوقس بن قرقب. ويروي المؤلف عن ابن كثير قصة منقولة عن ابن اسحق وغيره أن المسلمين عندما غزوا مصر قاتلهم أبو مريم جاثليق مصر وأبو مريام الأسقف, ثم عاد وذكر هذين الإسمين عند بناء الفسطاط.
وأخيرا يكاد يتفق السيوطي (المولود سنة 1445 م) مع أبي المحاسن وهو يذكر أن الحصن كان يقوده المندفور المسمي الأعيرج من قبل المقوقس بن قرقب اليوناني, ويذكر أن مقام (أي محل إقامة) المقوقس كان في الإسكندرية وأنه صالح عمرو.
هذا العرض لكبار المؤرخين العرب يظهر وجود اختلافات كثيرة بينهم, وأنهم يذكرون ثلاثة أشخاص يجب معرفة حقيقتهم وهم الأعيرج _ أبو مريم _ المقوقس :
1- الأعيرج أو الأعرج أو الأغيرج: ورد هذا الاسم أولا في تاريخ ياقوت (أول القرن الثالث عشر الميلادي) علي أنه قائد حصن بابليون وأن لقبه كان المندفور الذي من المحتمل أن يكون تحريفا للفظ 'المندتور' وهو تعريب للقب بيزنطي. ويري المؤرخ المعروف ستانلي لين بول أن الأعرج أو الأعيرج هو أرطبون أحد قواد الروم.
2- أبو مريم: وصفه المؤرخ ستانلي لين بول بأنه جاثليق مصر وأنه انضم إلي جيش عمرو. ولفظ جاثليق يعني بطريرك, وأن أول من ذكره الطبري وقد تكون معلوماته الفارسية أدت به إلي أن يذكر هذه التسمية قاصدا بها اسم كبير أساقفة الذي يقول إنه ابن مريم.
وقد كان في مصر رئيسان للأساقفة أو بطريركان في وقت الفتح العربي هما قيرس وبنيامين ولكن قلة معلومات المؤرخين العرب وضعف إلمامهم باللغتين اليونانية والقبطية والأوضاع السياسية والكنسية وقت غزو العرب لمصر أدت بهم إلي هذا الخلط حيث من المحتمل أن المقصود بابن مريم هو بنيامين حيث يذكر السيوطي أن الأسقف القبطي هو أبو ميامين, ولكن إذا سلمنا أن هذا الشخص هو بنيامين فإنه من المحال قبول ما قيل عن اشتراكه مع عمرو بن العاص حيث إن بنيامين لم يحاربه أو يفاوضه (لأنه كان في ذلك الوقت مقيما بصعيد مصر).
3- المقوقس: يذكر أغلب المؤرخين العرب شخصا يطلق عليه هذا اللقب, ولكن لا أحد منهم يذكر اسمه عدا الوافدي الذي يسميه ابن رعيل, ولكن هذا الاسم من الأسماء الخيالية التي كانت تطلق في قصص العرب أيام الجاهلية علي الملوك والسحرة. وفي سنة 1200 م نجد اسما للمقوقس, وهو جريج بن مينا وتتعدد أسمائه لدي المؤرخين العرب بعد ذلك حيث يسميه ياقوت جريج بن قرقب اليوناني.
يمكن استنتاج أن هذه الاختلافات سببها وجود روايتين مختلفتين أو مصدرين للخبر, بالإضافة إلي عدم إلمام المؤرخين العرب باللغتين اليونانية والقبطية ومعرفة أحوال السياسية والكنسية في مصر لذا لا يمكن أن يعول علي المؤرخين العرب في هذا الموضوع.
وإذا نحينا جانبا ما كتبه المؤرخون العرب ونظرنا إلي ما كتبه المؤرخون الأقباط نجد الصورة أوضح, ولاسيما إذا ما قارنا ما كتبه الأسقف يوحنا النيقوسي, الذي كان معاصرا للغزو العربي, مع تاريخ سير البطاركة الذي سجله الأسقف ساويرس بن المقفع, أسقف الأشمونين, في القرن العاشر الميلادي (نقلا عن مخطوطات وكتابات قبطية موجودة في الأديرة ولاسيما دير أبو مقار, والذي كان يحتفظ فيه بتاريخ حياة كل بطريرك قبطي), بالإضافة إلي بعض المخطوطات القبطية التي تم العثور عليها في عصور حديثة نسبيا في بعض الأديرة وقام علماء تاريخ أوربيون بتدقيقها وترجمتها, ومنها تاريخ حياة الأنبا شنودة الذي نشره العالم أملينو وهو عن أصل قبطي كتب في القرن السابع الميلادي; ومخطوطة عن حياة الأنبا صموئيل المعترف الذي كان راهبا بدير القلمون ومعاصرا للمقوقس, ويمكن أن نوجز النتائج التي أمكن استخلاصها من هذه الكتابات وهي:
1- أن خبر إرسال نبي الإسلام كتابا إلي المقوقس سنة 627 م (العام السادس للهجرة) غير دقيق تاريخيا حيث إن مصر كانت في هذا الوقت تحت سيطرة الفرس لا البيزنطيين, كما أن المقوقس تولي حكم مصر سنة631 م.
2- أن المقوقس كان بطريركا دخيلا وتعين من قبل الإمبراطور هرقل ليحكم مصر.
3- أن اسمه كان قيرس / قورش وفي بعض المراجع سيروس Cyrus وهو من أصل يوناني وأتي من مدينة فاز بالقوقاز وأن أهل الإسكندرية أطلقوا عليه 'قفقاسيوس' أي القوقازي وأن هذا اللفظ اليوناني نقل إلي اللغة القبطية وأصبح 'قفقيوس' ومنه أخذ الاسم العربي 'المقوقس'.
4- أنه بقي في عمله عشر سنوات حاول إرغام الأقباط أثناءها لقبول صيغة إيمان هرقل وقد وصف الأنبا بنيامين البطريرك القبطي مدة هذا الحاكم بأنها عشر سنين كان هرقل وقيرس يحكمان فيها مصر, ولا نغفل هروب الأنبا بنيامين من وجه المقوقس.
أما المؤرخون الأجانب, فيقول دي هينون في كتابه 'من مينا إلي فؤاد الأول': 'من كان هذا المقوقس الخائن علي وجه التحديد؟ أكان الأسقف الملكي قورش؟ أو شخصية أخري؟ وهل لا يجوز أن يكون شخصية خيالية لا وجود لها علي الإطلاق؟'
في حين يرجح بعض المؤرخين أنه البطريرك الوالي لأنه كان صاحب السلطة المطلقة في مصر في ذلك الوقت, فيقول جاستون فييت, المستشرق الفرنسي وأمين مكتبة دار الآثار العربية بالقاهرة سابقا, في كتابه 'مختصر تاريخ مصر' المبحث الثاني: 'يطلق المؤرخون العرب اسم المقوقس علي الرجل الذي نظم الدفاع عن مصر ضد الغزو العربي ثم وقع معاهدة التسليم معهم, وهذه التسمية غامضة. ومن المتواتر أنه قورش البطريرك الملكي الذي كان الإمبراطور هرقل قد عهد إليه بالإدارة المدنية أيضا'.
أما دائرة المعارف البريطانية فتعتبره قورش الذي كان بطريرك الإسكندرية ووالي مصر أيضا.
الآن أصبح من الواضح أن قيرس هو المقوقس الذي عينه هرقل حاكما وبطريركا دخيلا علي الإسكندرية, وأن مؤرخي العرب الذين يذكرون اسم المقوقس ليس لديهم إدراك لمعني ذلك اللفظ ولا لاشتقاقاته وقد قصدوا به حاكم مصر, ويمكن أن نلخص موقفهم في أنهم أطلقوا لفظ المقوقس علي الحاكم الذي جاءه كتاب النبي قبل الفتح بسنوات وأيضا علي الحاكم الذي كان وقت الفتح, ومن المؤكد أن المقوقس لم يكن قبطيا وبالتالي لم يكن 'عظيم القبط' بل كان حاكما أجنبيا علي مصر وأنه كان مفروضا من قبل الإمبراطور البيزنطي ويظهر أن دوره انتهي بعد دخول العرب مصر ولم يعد يذكره التاريخ علي عكس الأنبا بنيامين بطريرك الأقباط الحقيقي الذي استمر التاريخ يذكره حتي نياحته في8 طوبة (يناير) 662 م.
تذكر بعض المصادر التاريخية أن قيرس حزن علي خيانته لمصر وتسليمها للعرب ومرض بالدوسنتاريا ومات يوم أحد الشعانين في مارس 642 م, ودفن في كنيسة أبو يحنس بالحبالين بالإسكندرية, ويلاحظ أن هذه الكنيسة كانت في ذلك الوقت ملكية يونانية مما يؤكد كونه غير قبطي.
ختاما, هناك كثير من الشخصيات والأحداث في التاريخ المصري تحتاج إلي مراجعة تاريخية وإعادة كتابة لتعكس الحقيقية دون تغيير أو تزييف.
المراجع:
كتاب 'فتح العرب لمصر' تأليف د. ألفرد بتلر ترجمة محمد فريد أبو حديد
كتاب 'تاريخ الكنيسة القبطية بعد مجمع خلقيدونية'
كتاب 'أقباط ومسلمون منذ الفتح العربي إلي عام1921 م' تأليف د. جاك تاجر.
كتاب 'وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها' للقمص أنطونيوس الأنطوني.
كتاب 'قصة الكنيسة القبطية' لإيريس حبيب المصري.
كتاب 'هوامش الفتح العربي لمصر ... حكايات الدخول' تأليف سناء المصري.
كتاب 'تاريخ الأمة القبطية' تأليف مدام بوتشر
'The Copts and their history', by Edith L. Butcher published in 1897 in London.
كتاب 'مختصر تاريخ الكنيسة من البداية إلي القرن العشرين' تأليف أندرو ميلر.
كتاب 'الخريدة النفيسة'
موقع البطريركية اليونانية الأرثوذكسية للإسكندرية وسائر إفريقيا علي الإنترنت.
موقع تاريخ اللغة القبطية علي الإنترنت