الجهل .. من صور الفساد أيضًا ....

الجهل .. من صور الفساد أيضًا ....

كثيرةٌ هي الأبيات الشعرية والحِكم والمواعظ التاريخية والدينية التي تحدثت عن العِلم الذي لا يمكن لأي حضارة في التاريخ أن تنهض إلاّ من خلاله حتى وصل الأمر إلى تشبيه الأم بالمدرسة التي تُعِد شعبًا طيِّب الأعراق ....

ولكن ... ما بال عِلمنا الأردني المعاصر ؟؟؟؟
ألسنا على حافة الهاوية نتيجة التقصير به من قِبَلِ كل الأطراف ؟؟؟؟
ألا نُعد على شفا حفرةٍ من السقوط أم أنّ ذلك مجرد خيالٍ هائب من مستقبل يحمل في طيَّاته الجهلَ لأبنائنا ؟؟؟؟
وإذا لم يكن خيالاً إذًا ما الذي أوصلنا إلى هذهِ المرحلة المتقدمة منَ التسيُّب واللامبالاة في أساليب التعليم ؟؟؟؟
تُرى هل هي سياسة مدروسة بعنايةٍ تامة تسعى للنيل من أردنِّنا وشعبه أم أنَّها ثورة جادة على تلك المبادئ والقيم الميئوس منها ومن قدرتها على تحقيق ما صَبَونا إليه دومًا في هذا البلد المقسوم لشرائح تأكل بعضها البعض حتى في مجال العِلم والدراسة ؟؟؟؟
ألا يُعد الجهل من أسباب الفساد في المجتمعات كافَّة ؟؟؟؟
ألم نحفظ بيتًا شعريًّا منذ أن كنَّا على مقاعد الدراسة يقول :
العلم يرفع بيتَا لا عماد له * * * * والجهل يهدم بيت العز والشرفِ ؟؟؟؟
هل يمكن للجهل أن يهدم بيتنا الأردني يومًا ما ؟؟؟؟
ألم نتغنَّى بذلك المعلِّم الذي كاد أن يكون رسولاً في تعليمه للأجيال التي يحلو بها المستقبل المرجو في قول الشاعر :
قُم للمُعلِّم وفِّهِ التبجيلا * * * * كاد المُعلِّم أن يكون رسولا ؟؟؟؟
لماذا لم تعُد تتغنَّى ألسنة أبنائنا الطلبة بذلك البيت الشعري في يومنا هذا ؟؟؟؟

هذه التساؤلات ما هي إلا بعضٌ ممَّا يدور في الشارع الأردني من أسئلة عديدة تتعلق بما يحدُث من تسريب لأسئلة الثانوية العامة ....
لربما كانت هذه القضية أخفُّ وطأةً على المواطن الأردني بالقياس إلى ما تلقى في الآونة الأخيرة من أنباء تَكَدَّرَ لها الخاطر متمثلة بقرار رفع الموازنة الذي وقع كالصعقة على آذاننا ، خاصة وأنَّه قد جاء بتأييد ممَّن وثقنا بهم وجعلناهم ممثلين لنا نحن الشعب الكادح البسيط تحت قبة البرلمان الأردني ، ولا بملفات فساد التلفزيون الأردني التي تحتاج للتفرد في تناولها لاستيعابها بشكل تام ، كما أنها لا تتعلق بالوضع الأمني المتأزِّم في محافظة معان التي غدت شبه مفصولة أمنيًّا عن باقي محافظات المملكة ، ولا بالمظاهرات المُطالبة بالإفراج عن شباب الحراك الذين تم اعتقالهم من قِبَل أجهزة الدولة ، ولا حتى عن الإهمال والتجاهل المُتعمَّد لأهالي الأسرى الأردنيين المُطالبين بالإفراج عن أبنائهم في السجون الإسرائيلية ....
أجل .. قضية تسريب أسئلة الثانوية العامة هي ليست بحجم القضايا السابقة التي يحمل همَّها المواطن الأردني وتَعُجُّ بها شوارعنا الأردنية بالتداول على ألسنة من تحتضنهم من عامة الشعب .
على العكس تمامًا .. فهي قضية قد يصفها البعض بالأقل ضررًا على معطيات الوضع الراهن وعلى الفرد والمجتمع ، ولكن من يمتلك نظرة ثاقبة في تحليل تلك المعطيات لن يصعب عليه ربط ما حدث مع طلبة التوجيهي من تسريبٍ لأسئلتهم بدمٍ بارد مع تدهور التعليم الجامعي والانحطاط الأخلاقي لبعض طلبة الجامعات والأهم من ذلك هو العنف الجامعي المتَّصل بالعشائرية المتعصِّبة الذي بات ملحوظا للشعب الأردني كافة ....
هؤلاء الطلبة ألا يمثِّلون الطبقة المتعلمة التي نعقد عليها آمال التغيير والإصلاح والوصول لغدٍ أفضل مما هو لدينا اليوم ؟؟؟؟
وإذا انهارت تلك الطبقة بمبادئها ونزاهتها وروحها التنافسية التي تُعد من أساسات البنيان الأردني ألن يكون ذلك بالضرورة أحد أسباب انهيار المجتمع ـ لا قدَّر الله ـ في يومٍ ما ؟؟؟؟
تُرى لو جدَّ هؤلاء الطلبة وتكبَّدوا عناءَ ومشقَّة الوصول للمقاعد الجامعية وسهروا الليالي في سبيل ذلك ألن يكون الوضع مختلفًا ؟؟؟؟

إذًا يقودنا ذلك بدوره إلى سؤالنا الرئيسي ، من المسئول عن تردِّي أوضاع طلبتنا حتى غدوا اليوم على شفا حفرة من السقوط بعلمِهِم ؟؟؟؟
* تُرى هل حدث ذلك نتيجةَ تقصيرٍ متعمَّد أو غير متعمَّد من قِبَل وزارة التربية والتعليم لتكون بذلك هي الجهة المسئولة عمَّا حدث ؟؟؟؟
* أم أنّ ما جرى يقع تحت بند التقصير الأمني الذي كان يُفترض أن يُكثَّف لتطويق المدارس التي تحتوي على قاعات الامتحانات لِألاّ يتم اقتحامها من قِبَل الأهالي وغيرهم ـ كما حدث في قاعات السلط التي تم اقتحامها بشكل مسلَّح ـ ....
* أم أنَّه صورة من صور الفساد الأخلاقي لدى طلاب الثانوية والأهالي الراجين النجاح بأيِّ وسيلة كانت ؟؟؟؟

وإذا كان الأمر ليس على تلك الهيئة ....
* لماذا لم يتقدم أيٌّ من هؤلاء الطلاب والأهالي بالشكاوي والإعتراضات على ما حدث للجهات المختصة ؟؟؟؟
* تُرى هل فقدنا الأمل في استرداد الحقوق وعودة الأمور إلى نِصابها الصحيح ؟؟؟؟
* أم أنَّنا أدركنا أن لا وجود لمصطلحاتٍ مثل النَّزاهة والعدل والتنافس الشريف في واقعنا الأردني المعاصِر ؟؟؟؟
* هل وصلنا لمرحلة من الاستسلام تجعلنا نرضى بالأمر الواقع المفروض علينا جميعًا من دون أن ننال شرف محاولة تغيير هذا الواقع الغير مُنصِف للجهود الشخصية البعيدة عن الواسطة والمحسوبية ؟؟؟؟

إذًا ، واحسرتاه !!!!
واحسرتاه على أجيال قادمة لا تفقه في العِلم شيئًا سيتمُّ على أيديها الجاهلة ضياع مجتمع بأسرِه ....