حياك الله أخي القرش على غيرتك ووطنيتك الأسلامية
ما في مشكله .. سأجيبك على تساؤلك .. بهذه القصة .. فخذ منها ما تشاء !
ففيها الكثير من العبر والمعاني .. وهذا الأسلوب من المحاكاة الأدبية شائع ومعروف
كأن يكون الجواب بيتا من الشعر او قصة او حكمة أو حتى نكتــة .. المهم أن تصل الرساله !
-------------------------------------
ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أن في هذي الجموع رجالا
الشاعر خليل مطران**
سَجَدوا لِكِسرى إذ بـدا إجـلالا
كسُجُودِهِـم للشَّمْـسِ إذ تتـلالا
يا أُمَّةَ الفُرْسِ العريقةِ في العُلـى
ماذا أحالَ بـكِ الأسُـودَ سِخـالا
كُنْتٌمْ كِباراً في الحـروبِ أعِـزَةً
واليومَ بِتُّـمْ صاغريـنَ ضئـالا
عُبَّادَ "كسرى" مانحيـهِ نفوسكـم
ورقابكُـمْ والعِـرْضَ والأمـوالا
تستقبِلـونَ فِعالـه بوجوهِـكُـمْ
وتُعَـفِّـرونَ أذلــةً أوكــالا
التبرُ "كسرى" وحْده في فـارس
ويَعُـدُّ أمــةَ فــارسٍ أرذالا
شـرُّ العيـالِ عليهـمُ وأعقهـمْ
لهـمُ ويَزْعُمُهُـمْ عليـهِ عِيَـالا
إنْ يؤْتهِمْ فضلاً يَمُـنَّ وإن يَـرُمْ
ثـأراً يُبْدِهُـمْ بالعـدوِّ قـتـالا
وإذا قضى يَوْماً قضـاء عـادلا
ضرب الأنـامُ بعهـدهِ الأمثـالا
يا يوم قَتْل "بزرجمهرَ" وقدْ أتـوْا
فيـه يُلبُّـونَ النـداءَ عِـجـالا
متألبيْنَ ليشهـدوا مَـوْتَ الـذي
أحيـا البـلادَ عدالـةً ونــوالا
يُبْدونَ بِشْراً والنفـوسُ كظيمـةٌ
يجفلن بيـن ضلوعهـمْ إجفـالا
تَجْلـو أسِرَّتَهُـمْ بُـرُوقُ مَسَـرَّةٍ
وقلوبهـمْ تَدْمـى بِهِـنَّ نِصـالا
واذا سَمِعْتَ صِياحَهـم ودويَّهُـمْ
لـمْ تَـدْرِهِ فَرَحَـاً ولا إعْـوالا
ويَلُوحُ كِسْرى مُشْرِفاً من قصـرهِ
شمساً تضـيءُ مهابـةً وجـلالا
شبحاً "لأرموز" العظيـمِ مُمَثَّـلاً
ملكـاً يَـضُـمُ رداؤهُ رئـبـالا
يزهو به العرشُ الرفيـعُ كأنـه
بسنا الجواهـرِ مُشعـلٌ إشعـالا
وكـأنَّ لؤلـؤةً بقـائـمِ سيـفـه
عيـنٌ تَعُـدّ عليهـمُ الآجــالا
ما كان كسرى اذ طغى في قومه
إلا لمـا خُلِقُـوا بــه فَـعَّـالا
هُـمْ حَكَّمـوه فاستبـدَّ تحكـمـاً
وهمُ ارادوا أن يصـولَ فصـالا
والجهـل داءٌ قـد تقـادم عهـدهُ
في العالمينَ ولا يـزال عُضـالا
لوْلا الجهالة لـمْ يكونـوا كلهـمْ
إلا خـلائـق إخــوة أمـثـالا
لكنَّ خَفْضَ الاكثريـنَ جناحَهـم
رَفَع الملـوكَ وسَـوَّد الأبطـالا
وإذا رأيتَ الموجَ يعلـو بعضـهُ
ألْفَيْـتَ تاليـهُ طغـى وتعالـى
نقْـصٌ لفطـرةِ كـلِّ حـيٍّ لازمٌ
لا يَرتَجي معـهُ الحكيـمُ كمـالا
وإذ استوى كسرى وأجلسَ دونـهُ
قُــوَّاَده البُـسَـلاءَ والأقـيـالا
صَعِدَتْ إليه من الجماعة صيحـةٌ
كادتْ تزلـزلُ قصـرَه زلـزالا
وإذا الوزير "بزْرُجمْهَرَ" يسوقـهُ
جــلادُهُ متهـاديـاً مُخْـتـالا
وتروحُ حَوْلهما الجموعُ وتَغْتَـدي
كالمـوجِ وهـوَ مدافـعٌ يتتالـى
سَخِطَ المليكُ عليهِ إثْـرَ نصيحـةٍ
فاقتصَّ منـهُ غوايـةً وضـلالا
"أبزرجمهرُ" حكيمُ فارسٍ والورى
يطأُ السجونَ ويَحمِلُ الأغلالا؟؟!
"كسرى" أتُبْقي كُـلَّ فَـدْمٍ غاشـمٍ
حيَّاً وتُرديْ العـادلَ المفضـالا؟
وتَدُقُ في مرأى الرعيـةِ عُنْقـهُ
ليموتَ مَوْتَ المجرميـنَ مُـذالا؟
أينَ التفردُ من مشورةِ صـادقٍ!
والحكمُ أعدلُ ما يكـونُ جـدالا؟
إن تستطع فاشربْ من الدمِّ خمرةً
واجعلْ جماجـمَ عابديـكَ نِعَـالا
واذبح ودَمِّرْ واستبحْ اعراضهـمْ
وامـلأ بلادهـم اسـىً ونكـالا
فلأنت "كسرى" ما ترى تحريمه،
كان الحرامَ، وما تُحِـلُ حـلالا
وليذكرنَّ الدَّهـرُ عَدْلُـكَ باهـراً
ولتحمـدنَّ خلائـقـاً وفـعـالا
لو كان في تلك النعـاجِ مقـاومٌ
لك لم تجئْ ما جئتـهُ استفحـالا
لكنْ ارادتْ مـا تريـدُ مطيعـةً
وتناولـتْ منـكَ الأذى أفضـالا
ناداهم الجلادُ: هـل مـن شافـعٍ
"لبزرجمهـرَ" فقـال كُـلٌ: لا لا
وأدارَ "كسرى" في الجماعةِ طَرْفهُ
فـرأى فتـاةً كالصبـاحِ جمـالا
تَسْبي محاسنها القلـوبَ وتنثنـي
عنها عيـونُ الناظريـنَ كَـلالا
بنتُ الوزيرِ أتـتْ لتشهـدَ قَتْلَـهُ
وترى السَّفاهَ من الرشـادِ مُـدَالا
تَفْريْ الصفوفَ خَفِيَّـةً منظـورةً
فرْيَ السفينـةِ للحبـابِ جبـالا
بادٍ على مُحَيَّاها فأيـنَ قناعهـا
وعلامَ شاءتْ أن يـزولَ فـزالا
لا عارَ عندهـمْ كَخلْـعِ نسائهـمْ
أستارهُـنَّ ولـوْ فَعلْـنَ ثكالـى
فأشارَ "كسرى" أن يُرى في أمرها
فمضى الرسولُ إلى الفتاةِ؛ وقالا:
موْلايَ يَعْجَبُ كيفَ لـمْ تَتَقنَّعِـي
قالـتْ لـه : أتَعجُّبـاً وسـؤالا؟
انظرْ وقد قُتِلَ الحكيمُ فهلْ تـرى
إلا رُسُومـاً حولـه وظـلالا؟؟
فارجعْ إلى الملك العظيمِ وقل لـه
مات النصيحُ وعشْتَ أنعـمَ بـالا
وبقيتَ وحْدكَ بعدهُ رجـلاً فَسُـدْ
وارعَ النسـاءَ ودَبِّـرِ الأطفـالا
ما كانت الحسناءُ ترفـعُ سِترهـا
لوْ أنَّ في هذي الجمـوعِ رجـالا
**قالها الشاعر خليل مطران،
في وصف يوم قيام كسرى (ملك فارس) بإعدام وزيره "بزرجمهر".
------------------------------------------------
شرح مجمل الأبيات:
يا يومَ قتل بزر جمهرَ وقد أتوا فيه يلبّون النداء عجالا. ما أقسى هذا اليوم الذي قتل فيه بزر جمهر وقد استجابت الجماهير المستكينة لأمر الملك وانطلقت مسرعة.
متألبين ليشهدوا موتَ الذي أحيا البلاد عدالةً ونوالا، لقد احتشد الناس في ساحة الإعدام ليروا مصرع ذلك الوزير الذي نشر العدل، وحقق أماني الناس.
إنهم يتظاهرون بالرضا والسعادة بينما هم يكظمون الغيظ الشديد في نفوسهم التي تضطرب خوفاً وهلعاً.
وإذا الوزيرُ بزر جمهرُ يسوقهُ جلاده متهادياً مختالا، ها هو ذا الوزير يصل إلى ساحة الإعدام يقوده جلاده المتكبرّ وهو يمشي في غرور وصلف.
وتروح حولهما الجموعُ وتفتدي كالموجِ وهو مدافع يتتالى، راحت الجماهير تتجمع وتتفرق في كل جيئة وذهاب كأَنها أمواج البحر المتلاطمة المتعاقبة.
سخط المليك عليه إثر نصيحةٍ فاقتصَّ منه غواية وضلالا، لقد غضب الملك عليه بعد أن قدّم له نصيحة صادقة فانتقم منه ظلماً وتعسفاً.
ناداهم الجلاد هل من شافعٍ لبزر جمهرَ فقال كلٌّ: لا لا
ارتفع صوت السيّاف قائلاً للجماهير هل من أحدٍ يطلب الرحمة للوزير فردت الجماهير الخائفة بالرفض.
وأدار كسرى في الجماعةِ طرفَه فرأى فتاةً كالصباحِ جمالا، وكان كسرى ينظر في الجماهير فأثار انتباهه فتاة مشرقة الوجه تحاكي الصباح جمالاً وإشراقاً.
فأشار كسرى أنْ يُرى في أمرِها فمضى الرسول إلى الفتاةِ وقالا:
طلب الملك أن يعرف سبب ما فعلته الفتاة فأرسل إليها من أجل ذلك رسولاً .
مولاي يعجب كيف لم تتقنّعي قالت له أتعجباً وسؤالا؟!
قال رسول الملك إن سيدي الملك يستغرب كيف خلعت حجابك فأجابته ولمَ الاستغراب والسؤال ومشهد الظلم أمامك؟! .
فارجع إلى الملك العظيم وقل له: مات النصيحُ وعشت أنعمَ بالا
عد إلى ملكك المبجل وقل له: لقد مات من كان ينصحك فعشْ هادئ البال مرتاح النفس .
انظر وقد قُتل الحكيم فهل ترى إلا رسوماً حوله وظلالا؟!.
ألا ترى أنَ عادل الأمَة يعدم غدراً فلا تشاهد حوله إلا أشباه رجال لا حياة فيهم ولا نخوة.
ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أنَ في هذي الجموعِ رجالا
لم تكن الفتاة الجميلة لتكشف من جمالها لو أنها وجدت بين هذه الجماهير رجالاً حقيقيين..
ويُقال أن كسرى أنوشروان
لم يقتل بزرجمهر وعفا عنه في اللحظة الأخيرة