أهلا بك عزيزي/ عزيزتي .. لقد أسعدنا ان قمت بالتسجيل , بمشاركتك يمكن أن ينهض المنتدى ويتقدم , يمكنك المشاركة وأبداء الرأي والمقترحات .. يمكنك الكتابة بكل حرية , وسيكون في استقبالك اخوة وأخوات حريصين على التواصل معك لخدمة الصالح العام .. نحن في أنتظارك .. فأينما كنت .. نحن نرحب بك
منتدى أبو خضرة - ســـلام لكل الناس
أهلا بك عزيزي/ عزيزتي .. لقد أسعدنا ان قمت بالتسجيل , بمشاركتك يمكن أن ينهض المنتدى ويتقدم , يمكنك المشاركة وأبداء الرأي والمقترحات .. يمكنك الكتابة بكل حرية , وسيكون في استقبالك اخوة وأخوات حريصين على التواصل معك لخدمة الصالح العام .. نحن في أنتظارك .. فأينما كنت .. نحن نرحب بك
منتدى أبو خضرة - ســـلام لكل الناس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى أبو خضرة - ســـلام لكل الناس
مرحبا يا (زائر) خلينا سوا .. عدد مساهماتك 84
اللهم يا حي يا قيوم لا اله الا أنت برحمتك أستغيث لا اله الا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين
عدد المساهمات : 2706السٌّمعَة : -760تاريخ التسجيل : 23/04/2009
موضوع: الاسم : إبراهيم سربل / الدوايمة الأحد مايو 16, 2010 2:02 pm
الاسم: إبراهيم سربل/الدوايمة البلد: الأردن
-------------- الشيخ ابراهيم سربل-حركة الجهاد الأسلامي-السجون والمعتقلات
كتبها إبراهيم سربل/الدوايمة ، في 6 تموز 2009 الساعة: 14:26 م منقول من مدونة الشيخ الشخصية مع الشكر الجزيل
بسم الله الرحمن الرحيم
السجون والمعتقلات قبور الأحياء
من المؤكد والمعلوم أن من نتائج العمل الوطني والجهادي ضد العدو هي احـــدى الحسنين اما النصر أو الشهادة والى أن تصل لهذه النتيجه لا بد أن تمر بطريق طويل من معاناة قاسية وطويلة تكون اما بصورة الأعتقال أو المطاردة أو الأصابة بجــروح قد تخلف اعاقات بدنيه ونفسية تلازم الفرد طيلة حياته عنوانا للانتصار لفجر الحرية وكان نصيبنا في هذا المشوار الطويل الذي حملنا فيه الأمانة الوطنية والأسلاميـــة أن ابتلينا بالأعتقالات السياسية المتكررة التي ما زادتنا الا ايمانا وتمسكا بمبادئنــــا واصرارا على المضي في طريق الشهادة , وفهما فكريا وسياسيا في تقطيع المراحل التي قد تفرض علينا في المكان والزمان بما لا نقبله أو نؤيده أحيانا ومع بدايات تجاوب أبناء شعبنا الفلسطيني للفكر الأسلامي الثوري الذي بدأنا بنشره في الجامعات الفلسطينيه وبين الطبقة الطلابية بمراحلها المتقدمة , ومع بدايات تحميل هذا الفكر عنصر الفعل الجهادي على أرض الواقع ببدايات متواضعة من أدوات بسيطة بدأنا بالسكاكين , وعبوات ,وقنابل , وهكذا كانت ارادة الله سبحانه وتعالى أن يتم كشف احدى مجموعاتنا العاملة في القــــدس التي شاركت بأكثر من عملية ضد أهداف العدو في القدس والخليل حتى أنها توسعــت شبكة الأعتقالات حتى شملتنا (كقائد لهذه المجموعات) ومع الصدمة التـــــي رافقت اعتقالنا – مع توقعنا لذلك- الا انني شعرت أن الطرف الآخر كانت لديه صدمة واضحة كانت بينة وواضحة من تصرفاتهم وأسألتهم واستجواباتهم وطرقها وتعددها وتعـــــدد مستواها الأمني والأكاديمي حيث كانت المفاجأة أن الذي أمامهم ليس تنظيما علمانيا أو شيوعيا أو وطنيا – كما هو معتاد- من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية, بـــــل هــــو تنظيم اسلامي بفكر جهادي – وكانت هذه الفترة ليست ببعيدة عن نجاح تنظيم الجهاد الأسلامي باغتيال الرئيس المصري وكذلك بسلسلة التفجيرات في لبنان ضد أهداف أمريكية واسرائيلية واوروبية- مما أرخى بظلاله على مجريات التحقيق وخاصة معي كوني مسؤول التنظيم مما حدى برجال المخابرات وبالمحققين بالتركيز والضغط علي بشكل كبير ومتواصل وعلى أكثر من مستوى أمني , وسياسي , وأكاديمي أي أساتذة جامعات ومستشارين ( كما كان البعض يعرف عن نفسه) واستمر وضعي هذا بين أيدي المحققين وفي الزنازين أكثر من ثلاثة شهور ذقت فيها ألوانا من صنوف العذاب الجسدي والنفسي صاحبني ألم بعضها لشهور وسنوات ومنها ما ظهر أثره على جسدي بعــــد سنوات طويلة
مركز التحقيق- المسكوبية
منذ اللحظات الأولى من اعتقالي مارسوا ضدي أقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي , فبعد وضع الأصفاد في يدي من الخلف ووضع الكيس القذر على الرأس والوجه بدأوا بجولة من الضرب والأهانات قبل توجيه أي سؤال لي من البيت حتى مركز التحقيق في القدس ( المسكوبية) وهي مسافة طويلة بين مدينة الخليل ومدينة القدس على من يكون راكب السيارة في حالة طبيعية فما بالك حينما تكون بحالة اعتقال وتحت الضرب والترهيب على أيدي الجنود اليهود الحاقدين ففي هذه اللحظة الزمن لا يمر بسرعة الدقيقة طويلة والوقت لا يمر الا بنزف الدماء وبمزيد من المعاناة والألم بعد وصولنا الى مركز التحقيق( المسكوبية) شعرت منذ البداية ومن خلال أسألتهم أن الشباب الذين سبقوني في الأعتقال قد اعترف بعضهم ان لم يكن أغلبهم على بعض العمليات – وفهمت فيما بعد أن المحققين كانوا يستغلون أية معلومة مهما كانت صغيرة من الأيماء للآخرين أن لديهم معلومات اعترف بها أحدهم ليستكمل الآخر تلك المعلومات – وهذا أسلوب متبع لدى أجهزة الأمن- وكان انكاري لكثير من المعلومات منذ البداية يحملني مزيدا من العذابات الجسدية منها الشبح الطويل والضرب على الأعضاء التناسلية- زيادة للألم- والتعليق لمدة طويلة , وعدم السماح بالنوم لأيام وليالي طويلة , والضرب المبرح بالأسلاك الكهربائية, والتعري في البرد القارس- وكان الجو وقتها ماطرا وباردا-, والأجبار على الوقوف تحت الدش بماء بارد بل شديد البرودة وغيرها من الأساليب الهمجية غير الأنسانية من أجل انتزاع معلومة – حتى أن بعض الشباب اعترف بأشياء من شدة التعذيب – ولأن كل انسان منا يتمتع بقدر من التحمل والصبر يختلف عن الآخر فقد لا نلوم البعض اذا ما اعترف لأن العدو ظالم وحاقد وحتى اذا ما كانت تفشل بعض ممارستهم الهمجية معي كانوا يأتون ببعض الأخـــوة ممن اعترف بطريقة ما على بعض الأمور حتى اذا ما كانت تتم بعض المواجهات كان يزداد الأنكار لشعوري لعدم وجود أدلة حقيقية بين أياديهم وفي بعض ألأحيــــــان كان لا بد من التجاوب مع أخذي بزمام الأمور على أن تقف المعلومة الأمنية عند الحد الذي لا يؤثر على اعتقال مزيدا من الأخوة أو كشف مزيدا من المعلومات الأمنية كنت أعمل جهدي كنت أعمل جهدي على أن لا تفلت مني بعض فواصل القضايا والعمليات بتحميلها الى أحد الأخوة الذين خرجوا من فلسطين بأعتباره أحد الكــــوادر وهو مسؤول مسؤولية مباشرة عن مجموعاته( كأسماء حقيقيه ونشاطات تنظيميــة) ومعرفتي فقط بهم بأسماء حركية , ومع عدم قناعتهم كانت تشتد علي أساليب التعذيب الوحشي لأيام وليالي لكي يحصلوا على معلومات هامة , الا أن الصمود تحت التعذيب يحمي الكثير من المعلومات والأشخاص وبعد فشل محاولات المحققين الذين كانـــوا يتغيرون باستمرار والبعض من المحققين كان يبدل جلده واسلوبه من شرس الــــــــى لطيف وبالعكس ..
سجن غزة
[size=18] بعد ساعات وكأنها دهرا وقفت السيارة ونزل الجنود , طلب مني الجندي النهـوض والنزول من السيارة , حاولت , ولكن لم أستطع , فتح الجندي السائق الباب الثاني ورفعني من جهة رأسي والآخر سحبني من كتفي , أول ما أن نزلت من السيــــــارة حتى وقعت على الأرض , فقدت الأتزان أخذوا يتكلمون مع بعضهم فرفعني الجنــود كل واحد منهم من كتف , ومشينا قليلا , ثم وقفنا أمام مكتب ووقف بجانبي أحـــــــد الجنود , ثم لاحظت أن أمامي شباب يتحركون , وكأنهم مساجين يتنزهون وفعـــلا كان ذلك وبالصدفه توجه لي عن بعد الدكتور فتحي , وأخذ يرفع من معنوياتي وقــال أصمد ولا يهمك , ارتفعت معنوياتي قليلا- علما أن الدكتور كان قد اعتقل قبلــــــي بأكثر من شهر- أومأت له برأسي لأن القيود ما تزال بمعصمي التي ما زلت لا أشعــر بها , أدخلوني الى أحدى الغرف , قلت له :فك قيدي فأنا لا أشعر بيدي , فعلا فكواالقيود واذا بيدي ليس على لونهــــــم الطبيعي , عندما رآهم أحد الضباط بدأ يصيـح بالجنود الذين أحضروني , وبدأ يقول لي حرك يديك ثم بدأ بأخذ الذاتيه – الأســـــم ,المهنه , العنوان , وهكذا – أخذني أحد الحراس وأدخلني الى الزنازين , رأيت قسمين من الزنازيـن ,أدخلوني زنزانة صغيرة وأمضيت تلك الليلة , وفي صباح اليوم التالي فتح باب الزنزانة وأخذني الحارس بعد أن قيدني من الخلف , صعدت درجات , واذا بي في ساحه وفيها معتقليـن مشبوحين وعلمت فيما بعد أن تلك الساحة كانت تسمى –المسلخ- أدخلوني الى غرفة وكان بها أكثر من محقق , فقال أحدهم : لقد أحضرناك الى هنا لأن عليك اعترافات وان لم تتعاون معنا فاننا سنسلخ جلدك , قال آخر : أريد أن أعرف ماهي علاقتك بالدكتور فتحي وعبد العزيز عوده؟ قلت : علاقه طبيعيه وهي قبل مدة بسيطه ولا يوجد بيننا أي علاقة تنظيميه , قال : بدأت تكذب , لفد اعترف الدكتور أن بينكم تعاون واتفاق وتخطيط على قتل اليهود, قلت : هذا غير صحيح , لم نلتقي ألا مرة فكيف تريد أن نتفق ونخطط, قال : أين التقيتم ؟ قلت زرته في المستشفى حيث كان يداوم , قال: وماذا حصل ؟ وبماذا تكلمتم ؟ قلت : الكلام كان حول المجلة التي كانوا يوزعونها , قال: من تعرف في غزة ؟ قلت: لا أعرف سوى حسين , قال: هل تعرف فايز قلت : التقيت به مع حسين , وعرفني عليه أنه صديقه ولا يعرف شيئا , قال : هو اعترف عليك أنك المخطط لعمليات القاء القنابل على سيارات الجيش , قلت : هذا كذب , قال: سنواجهك به وستسمع منه ذلك , قلت : أنا مستعد بأن أبين كذبه أمامكم , أصلا هو لا يعرف شيئ , واذا قال غير ذلك فهو يكذب عليكم , قال : اذن لا أحد يعرف غيرك ؟ أليس كذلك ؟ قلت : أنا لا أعرف أشخاص, ولا أسماء , هي مسؤولية رئيس المجموعه فقط , هكذا هو عملنا , لا أحد يتدخل في تفصيلات شخصيه , هذه احتاطات أمنيه , قال : ولكن كنت تلتقي بهم حينما كنت تأتي الى غزه , فأخبرنا أوصاف من كنت تلتقي بهم وأين كنت تلتقي بهم؟ قلت: أنا كنت أزور حسين لفترة بسيطه ولم أكن ألتقي بأحد , وهذا ليس أسلوب عملنا , قال : أعطني أسماء الأماكن التي كنت تذهب بها مع حسين وتلتقي بالشباب؟ قلت : أنا لا أعرف أسماء , كنت التقي مع حسين في موقف السيارات , ثم نركب سيارة ونذهب الى بيته دون أن نلتقي بأحد , قال : أنت لا تتعاون معنا , نريد منك أجابات واضحه , من القى القنابل؟ نريدأسماء , أوصاف , أماكن تواجدهم , عددهم , نريد كل هذا ؟ قلت : أنت تطلب مني أمور لا أعرفها , وقد عذبوني في القدس , ولو عندي شيئ لقلته , فلماذا لا تصدقوني , قال : لأنك تكذب علينا , استمر الأستجواب في هذا المجال لساعات طويله , وكان يتخلل هذه الأسئلة استفسارات عن أهداف الحركة , والعلاقه مع ايران وسوريا وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينيه , وكيف تتفقون مع شيوعيين أو علمانيين في منظمة التحرير, وما هي الروابط بينكم وبين التنظيمات الأسلاميه ,وما هي العلاقه مع تنظيم الجهاد في مصر ولبنان , كانت كـــــل الأجابات مكررة كما هي في الأعترافات السابقه , لأن من بديهيات العمل الأمنـــــي أن يتم مطابقة الأعترافات , فاذا كان هناك تطابق بين الأجابات كان هذا لصالح المتهم , وأي اختلاف يعطي مبرر للمحقق أن يجد ثغرات يشكك في الأعترافات ويزيد من الضغط حتى يخلص الى نتيجة يقتنع بها المحقق , قرع الجرس ودخل أحد الحراس وأعادنـــــي الى زنزانة أخرى وكان بها أحد الشباب , سلمت على الشاب تعرفنا على بعض , وكنت حذرا قال لي الشاب : من أين ؟ قلت: من الخليل , فاستغرب الشاب كثيرا, ما الذي جاء بك الى هنا ؟ قلت له: هناك بعض الأمور المشتركة في التنظيم , قال : ماهي تهمتك ؟ قلت : عمليات ضد العدو , ومنها قتل , كانت هناك طريقه للتواصل بين المساجين في الزنازين , منها : عبر بعض موزعــــــي الطعام- وكانوا من المساجين مع أحد الحراس- وأخري بالنقر على الجدران بطريقــــــه متعارف عليها بينهم ومنها بالمناداه ورفع الصوت , بدأ ينادي أنه جاء أحد المعتقلين من الخليل اسمه ابراهيم0بدأت تعلوا أصوات ترحيب وكانوا جميعا يطلبون مني الصمود عرفني على بعض الأمور منها أن الطعام هنا ثلاث وجبات , ولا يسمح لأي شخص يذهب الى الحمام الا بعد كل وجبه منها غسيل المواعين وقضاء الحاجة , بعد أن استقر الوضع في الزنزانه , وحل المساء وشعرت أن بدأ توزيع الطعام وكنت حينها جائعا وكان وجبــــــة العشاء (بيضه وبعض حبات زيتون وكاسة شاي وخبز) بعدها خرجنا للحمامات ومعنا أحد الحراس ويستمر بالصياح للأستعجال غسلنا المواعين وتوضــأت بعد قضاء الحاجة, ثم عدنا الى الزنزانة بسرعة أخذت بالصلاة وبعدها أشغلت نفسي بالتسبيح وحاولت أن أعظ هذا الشاب وأشجعه على الصلاة وأن يجعل لسانه رطــــــب بذكر الله أفضل من الأغاني وكان أن أسمعني بعض الأغاني الوطنية , وكان صوته جميلا وأغانيه وطنيه وكان بعض المساجين يشجعونه على الأستمرار في الأغاني , في اليوم التالي طلبني المحقق وكرر علي الأسئلة نفسها , وكانت اجابتي نفسهـــا قال : سنواجهك بالذين اعترفوا عليك قلت :أنا مستعد , واجهني بهم وسأثبت لك أنهم يكذبون عليك , قال : أنت غير متعاون معنا , وبدأ بالشتم والسباب والضرب , وجاء أحد الحراس ففك قيدي وأجلسني على كرسي من خشب وحديد وقيدني بالكرسي من الخلف ثم قال : هــل تعترف وتتعاون معنا , أم نبدأ بالجولة , قلت : ليس لدي شيئ أعترف به , قال : بل لديك أشياء كثيرة , لديك أسماء, وعناوين ,وعمليات ,
موضوع: رد: الاسم : إبراهيم سربل / الدوايمة الإثنين مايو 17, 2010 1:33 pm
إلى الأمام نتشوق للمزيد من أخبار هذا المجاهد نرجو الله له الثبات على الحق والتمكين ،،،
abu khadra
عدد المساهمات : 2706السٌّمعَة : -760تاريخ التسجيل : 23/04/2009
موضوع: رد: الاسم : إبراهيم سربل / الدوايمة الإثنين مايو 17, 2010 3:16 pm
- تبادل الأسرى - العفو الملكي كتبها إبراهيم سربل/الدوايمة ، في 6 تموز 2009 الساعة: 14:26 م
عملية تبادل الأسرى أسير محرر
كان يشاع من وقت لآخر أخبار عن عملية لتبادل الأسرى بين الجبهة الشعبية – القيادة العامة والعدو الصهيوني حيث كانت الجبهة تحتفظ بثلاثة جنود تم خطفهم مع مجموعة من سبعة أفراد قامت فتح بتبادل هزيل عام 1983م قامت سلطات الأحتلال بخطف عدد كبير ممن شملتهم قوائم المفرج عنهم دون أن تتمكن فتح من حمايتهم أو ارغام العدو بالأفراج عنهم وقد التقيت بأكثر من شخص ممن كان في قوائم المفـــرج عنهم وكيف كانت فرحتهم عارمة حينما بلغوا بالأفراج عنهم وعزلوا عن باقي المعتقلين وتم استبدال ملابسهم ثم نقلهم الى مطار بن جورين ثم اعادتهم قبل صعودهـــم سلـــم الطائرة ثم اعادتهم الى السجن وكم كانت الصدمة كبيرة بل وصاعقة حينما لم تطالب بنا فتح بدأت تردنا أخبار جدية عن تبادل سيكون كبيرا وأن ما يعيق ذلك هي أمور أداريــــة حتى أن في أحد الزيارات زارتني زوجتي وأحد أقربائي فقلت لهم سيكون هناك عمليـــة لتبادل أسرى وان شاء الله سنكون من ضمن القائمة أما أنت يا زوجتي فاخرجي الى عمان لأنه اذا حصل تبادل وأنت هنا فمن الممكن أن يمنعوك من السفر الى الأردن , حينمــــا انتهت الزيارة وخرج من السجن فقال لأهلي ابراهيم بدأ يتسرب اليه الجنون , حكـــــم بالمؤبد (99سنة) ويحلم بالخروج , فليخرج من مضى قبله عشرات السنين ثم يخرج هو لم يصدق , وقد يكون معه حق وقد تكرر هذا الكلام كثيرا من المعتقلين القدامى وغيرهم مما دفعني بالقول للأخوة تمنوا الأفراج وادعوا الله بذلك ولكن لا تظهروا رغبتكم للمعتقلين كي لا يصيبنا نوعا من الأحباط وكي لا نستفز الآخرين ممن لهم سنوات طويله وأملهم في هذ التبادل كبير وقد يفكر أحدهم صاحب النظرة القصيرة أنه لو حصل وخرجنا قد نحل محل أحدهم , أرسلت رسالة بهذا المعنى الى الأخوة وقلت فيها : أن الله سبحانه وتعالى لن يخذل هذه الفئة المؤمنة التي أدخلت الأسلام المعركة بعد الشيخ عز الدين القسام رمز ثورتنا لهذا تبتلوا الى الله في صلاتكم وأدعوا الله أن يكون لنا نصيبا في هذه العملية , ومــــع ذلك فانه ان لـــــم يكن لنا نصيب فعلينا الصبر والأحتساب فالجهاد ماضي داخل السجن وخارجه , وما نحن الا جنودا لله سبحانه وتعالى أينما أرادنا سيجدنا ولنصبرن فـــــــي مواقعنا أينما كنا , وعليه أيها ألأخوة كونوا كما كنتم دائما محتسبين وصابرين حتى لا يسجل عليكم ثم على الحركة ما لا تريدونه , بعد ظهر أحد الأيام فوجئنا بموجه السجن ومعه عدد من عناصر الصليب الأحمر وبعض ضباط الأدارة الأسرائيلية وأذ يعلن موجه السجن أنه تقرر بدأ عملية لتبــــادل الأسرى بين الجبهة الشعبية – القيادة العامة واسرائيل ومن شروط الجبهة الشعبية : 1-تشكيل لجنة في كل سجن من المعتقلين لمراجعة الأسماء في القوائم والتأكد مـــن أحقية الأسم أم عليه علامات أمنيه , 1- تشكيل لجنة مشتركة من المعتقلين والصليب الأحمر والأدارة الأسرائيلية لمتابعة مجريات التبادل وتسهيل عملية الأتصال مابين اللجنة والقيادة العامة للتشاور, 2- قرائة بيان الجبهة الشعبية – القيادة العامة في كل السجون التي سيخرج منهـــا الأسرى , وفعلا تم قرائة البيان الذي جاء فيه تهنئة للأسرى المحررين ويتعهد باستمرار عمليات التبادل مما طمأن الأخوة الآخرين بأنه ان لم يكن له نصيب الآن قد يكون له نصيب في المستقبل, ثم قال : اننا سنقرأ الآن أسماء الأخوة التي شملتهـــم قوائم التبادل فكل أخ يسمع اسمه يجهز نفسه ويخرج من غرفته ليذهب الــــــى الساحة لأتمام الأجرآت, وبدأ بقرائة الأسماء , وسارعت الى سريري وغطيت نفسي وأخذت أدعو الله بأن نكون مع المفرج عنهم وذهني وسمعي مع الأسماء التي تتناثر من فم القارئ ,الشباب على الأبواب والكل يستمع ومن يخرج اسمه يبدأ الشبـــاب بتهنئته وما هي الا لحظات حتى سمعت اسمي فشكرت الله العلي القدير, وأخذت أعيد توازن نفسي لأن الفرحة جعلتني أبكي من الفرح , وبـــدأالشباب يقولـــون أين الشيخ ابراهيم فوجدوني على السرير وأشعرتهم أني نائم , وما كان هــــذا التصنع الا كي لا يرى أحدا مني أية انفعالات قد تسجل علي ومن ثم تسجل على الحركة فيما بعد لأنه وبالتأكيد كانت لحظات جدا حاسمة اما أن تبقى لسنــــوات طويلة والكل يعرف أن السجن هو ( قبر الأحياء ) وهذه الفرصة لا تأتي الا بعد سنوات وسنوات عديدة- وبالفعل لم يحصل تبادل أسرى من عام 1985م حتى وقتنا هذا ونحن ما بعد 2007م- واما أن تولد من جديد وتمارس نشاطــــــك الطبيعي الجهادي أو الحياة العادية , لهذا فأنت أمام مفترق حياة , وكان أن من الله علينا بأن فرج كربنا وأعادنا الى حياة قدمنا فيها جهدا اضافيا في سفـــــــر الجهاد عسى الله أن يتقبله ويجعله في ميزان حسناتنا, تقدم الي بعض الشباب وبدأوا بايقاظي ويهنئونني , ويقولون مبـــروك , مبروك , أنت مولود الآن من جديد , شكرتهم وسلمت عليهم جميعا وكان في الغرفة أكثر من شخـــــص فرج الله كربه وكان من اخواني وهوكايد كان محكوما (20 عاما وأخ آخر كـــان محكوما 15عاما ثم علمت أن الأخوة الثلاثة من مجموعتي أصحــــاب المؤبدات قد شملهم الأفراج) , سلمت أحد الأخوة الكراسات التنظيمية والرسائل والمقالات والأوراق وسلمته أغراضي الشخصية مثـل الشراشـــف وبــدلات الرياضه والحذاء الرياضي وبعض أغراض الكنتين , وأغتنمت الفرصة وبدأت بتوصيته وحملته أمانة مواصلة الجهد التنظيمي والفكري داخل المعتقلات ووعدته بماصلة الأتصال بيننا, بدأوا ينادون علي وفتحوا الباب كي نخرج أنا ومن شملهم التبادل فسلمت عليهم ووعدتهم وكنت أرفع من معنوياتهم بأن الله سبحانه وتعالى سيجعل لهم مخرجا , وكم رأيت دموعا همرت من أشخــــــاص مضوا أكثر من عشرة أعوام وأحكامهم عاليه منهم أكثر من ثلاثين عاما, تألمت على ألمهم حتى أني سمعت البعض وكأنه يحسدنا على عفـــو الله لنا وما كان ذلك الا لأن الكثير لم يشملهم هذا التبادل , خرجت من الغرفة وأنـــا في طريقي الى الساحة عبر الممر كنت أودع وأسلم على من أعرفه عبر طاقـــــــات الأبواب التي يقف خلفها الشباب , وصلت الساحة وكان هناك مجموعة من الشباب سلمنا عليهم وباركنا لهم ثم توجهت الى اللجان وتأكدوا من صحة الأسم وتطابقه على الشخصية ضمن معرفين من داخل السجن من لجان الأقسام والتي تتألف من قيادات التنظيمات أو من ينوب عنهم , سلمونا الآمانات الخاصة من ملابــــس وما سلمته حين الأعتقال , وكان معي وقتها مبلغا يقدر (400دينار أردني) طلبته الا أن ادارة السجن قالت أن المخابرات قد صادرته باعتبار أن هذا المال مــــــال تنظيمي , حاولت الأعتراض الا أن ادارة السجن أكدت أنه لم يصلها شيئا بهذا الخصوص , ثم وضعونا بقسم خاص وفي اليوم التالي جائت لجنة وطلبوا منا استبدال ملابس السجن بملابس أحضرها الصليب الأحمر وهي بدلة رياضه وحذاء رياضي , وبدأت ساعات الأنتظار , وهذه الساعات تحولت الى أيام وبدأت تتسرب لنا اشاعات حينا ايجابية وأحيانا سلبية أن المفاوضات قد تعثرت , وأن عملية التبادل قـــــد تتأخر قليلا, ومنها أن المفاوض الأسرائيلي يرفض ادراج بعض الأسماء في العملية, وهكذا كانت تمر الساعة وكأنها يوما واليوم كأنه شهرا <بدأت أعصاب الشباب تشتد مع كل خبر ومعنوياتهم اما ترتفع واما تنخفض ومنعت الزيارة عن كل السجون,استمرت هذه الحالة القلقة لمدة اسبوعــــان حتى أن بعض الشباب فقد من وزنه الكثير والبعض أصابه الأعياء من قلة الأكل ومن قلة النوم , كنت أنا وبعض الشباب لا نكترث بجلسات الأشاعة والتحليـــل غير المنطقي ودائما نتوجه لقرائة القرآن والدعاء ونؤمن بأن ما أصابنا لم يكن ليخطأنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا , ولو اجتمعت الأنس والجن على أن يضرونا بشئ لم يكتبه الله لنا ما استطاعوا, ولو اجتمعت الأنس والجن على أن ينفعونا بشئ لم يكتبه الله لنا لن يستطيعوا, لذلك فليكن توجهنا بالدعاء الى الله ولتكن نفوسنا راضية بما يحصل ولهذا ومع كل الشد والجذب ومع كل الأشاعات التــــي كان بعضها من الأدارة وبعضها تحليلات مصيبة أو خاطئة كنا أقل الشباب تضررا بها لأننا كنا أقل الشباب جريا خلف الشائعة وكنا أكثر الشباب هدوئا حتى أن بعض الشباب كان يقول المشايخ مش هامهم شيئ , قلت لبعضهم : توكلوا علــــى الله مثلنا ولن يخيب الله رجاكم, كان بعض الشباب لا يأكل وكان خائفا من أن تحصل خروقات كما كان يحصل في عمليات التبادل السابقة, والبعض كان متوترا ويذهب الى دورات المياه دائما, والبعض منهم كان يقول أن كل ما يحصل هي لعب في الأعصاب وأن اسرائيل لن تقبل بمثل هذا التبادل الكبيروأنها ستخلق مشاكل لألغائه, كانت تكهنات كثيـــرة في كل يوم وفي كل ليلة بل وفي كل ساعة تمر علينا كان هناك اشارة يفرح بها الشباب أو ينزعجوا منها , وكان يصيبنا منها الكثير وان كنا نجتهد أن لا نظهـر خوفنا وقلقنا لأن شروط اسرائيل في أغلبها لا تنطبق علينا, فنحن لم نقضي ثلث المدة , ونحن لسنا من قوائم المرضى, ونحن من المتهمين بالقتل , ونحن من الأصوليين , ونحن ونحن ممن كان يقلقنا بل ويخيفنا لذلك كانت هذه المرحلة من أشد المراحل التي مرت علينا أماني , أحلام , خوف , قلق , لله الأمر من قبل ومن بعد , نحن الآن على بعد خطوات من أبواب الحرية , بعد اسبوعان تقريبا وفي عصر أحد ايام الأنتظار الصعبة الى أن فتح باب القسم وطلب منا التوجه الى خارج السجن , وفعلا رأيت عن بعد رجالا مدنيين من الصليب الأحمر وبأيديهم أوراقا ثم رأيت حافلات مدنية واقفة , وبـــــدأوا بتأكدمن الأسماء وبدأنا بالصعود الى الحافلات بعد المرور من بين أعداد من الجيش وبعد أن تم تقييدنا من أيدينا وأجلسونا على الكراسي , في هذه اللحظة حمدنا الله سبحانه وتعالى وارتفعت المعنويات شيئا قليلا , وبدأت العمليـــــة تأخذ مجرى عمليا جديدا, بدأ الليل يسدل أستاره والحافلات لم تتحرك بعد , صليت المغرب وأنا جالس وبدأت الحافلات بالتحرك والستائر مسدولة على النوافذ ويمنع رفعها والجنـــود مازالوا يعطون أوامرهم ممنوع الكلام , ممنوع التحرك , ممنوع النظـــر من النوافذ , كل شيئ عندهم ممنوع, طالت الطريق ونحن لا نعرف الى أيــــن ولكن بالتأكيد نعرف أننا نتوجه الى المطار ولكن أي مطار لا نعرف , وبعـــد مسير قرابة ساعتين وقفت الحافلات وعرفنا أننا في مطار بن جوريون كمـــــا قالوا لنا بعيدا عن المدرج , أصابنا نوع من العطش والجوع , طلبنا المــاء وطلبنا الطعام وبدأوا يسوفون , صليت العشاء وأنا جالس في مقعد الحافلة بعد الحاح الشباب في طلبهم للطعام – وكأن الأدارة لم تكن مهيأة لمثل هذه الأحتياجات- ففوجئنا باحضارهم زجاجات ماء صحية ثم وزعوا علينا كـــل واحد من الشباب (حبة بندورة وخيارة ورغيف خبز صغير ) بعد أن أكــــل الشباب وشربوا كان من الطبيعي أن يحتاجوا للاخراج فبدأوا يطلبون مـــن الجنود الذهاب الى الحمامات, الا أن الجنود كانوا يرفضون بحجة عــــــدم وجود حمامات في هذه المنطقة,الا أن الحاح الشباب والطلب المستمـــر من الصليب ومن الجنود حتى سمح لمن يريد أن ينزل من الحافة الى خلف موقف الحافلات ويقضي حاجته , وبالفعل ذهب الجميع بصورة فرديــة, في هذه اللحظات وعند نزولي لقضاء الحاجة رأيت سيارة مدنية ومعهــا سيارة جيب عسكرية وتوجهوا نحونا وقالوا: أين المسؤل ؟ قلنا ؟ لماذا, وهنا تجمع بعضا من الناس من الصليب الأحمر ومن بعض الشباب ومن الجيش, قالوا : نحن أهالي الأسير أرون جراد ( الطيار) ونحن نريد منكم خدمـــة لنا كأهل ولسنا كمسؤولين في الدولة أن تنقلوا طلبنا هذا للقيادة الفلسطينية للكشف عن مصير ابننا للعودة الى أهله بأية حال من الأحوال كان بهــــا والدولة مستعدة لأجراء عملية تبادل حسب طلب المنظمة, وهذا طلب انساني وليس طلبا من الحكومة , وعد الشباب بنقل طلبهم لمن يجدونه من المسؤولين الفلسطينيين , وفعلا تم نقل هذا الطلب على أكثر من لسان ممن كان حاضرا , ولكن لا جواب من القيادات الفلسطينية, استمر الأنتظار لساعات طويلة دون اعطاء أية مبررات لهذا التأخيــــر أكثر من قولهم اصبروا بعد قليل ستأتي الطائرات وكان في الموقع كـــــل الحافلات المجمعة من كل السجون , وكأن هذا الأنتظار الطويل كان بمثابة تجميع للحافلات من كل المواقع , قبل بزوغ الفجر تحركت الحافلات باتجاه الطائرات ونزلنا واحدا تلو الآخر ليتم التدقيق في الأسماء والشخصيــــات لآخر مرة وكان أمامنا صفان من الجنود ابتداءا من الحافلات الى سلـــــم الطائرة وأثنا صعود الشباب الى الطائرة رأينا سيارة جيب عسكرية قادمة باتجاه الطائرة ونزل منها أحد الضباط برتبة عالية وأمر بصوت عالـــــي غاضب بانصراف الجنود – باعتبار وقفة الجنود هذه تكريما لنا – وهـــو لا يريد حتى آخر لحظة باظهار حسن نية من الجانب الصهيوني باتجـــاه من حاربوه برجولة وبسالة, لم يكن في واردنا نحن الأسرى ما كــــان يظن به هذا الحاقد فليس من اهتمامنا أن نحظى بلحظة احترام من عــدو عرفنا عبر سنين الأعتقال, كل همنا أن نتحرر من كل هذا الحقد , وكـــل هذا اللؤم , وكل هذه العنصرية, صعدت سلم الطائرة وكانت معنوياتي ترتفع مع كل درجة من درجات سلم الطائرة, ودخلت الطائرة فاذا بها مجموعة من الجنود وأخرى مـــن الموساد بلباس مدني وطلب مني الحارس الجلوس على أحد المقاعـــــد ويدي مكبلة ثم كبل قدماي وطلب مني عدم التكلم مع جاري وكانت أيضا ستائر نوافذ الطائره مسدلة ,انتظرنا طويلا في الطائرة ولعل هـــــــذا الأنتظار بسبب العدد الكبير من المحررين وبسبب تعقيد الأجراآت وبطئ سير العملية , وبعد ساعات طويلة ونحن اقتربنا من منتصـــف النهـــار أقلعت بنا الطائرة مع الطائرات الأخرى وأظن كان عددها اما ثلاثــــــة طائـــرات أو أربعة كانت الرحلة غير مريحة , مازلنا نشعر أننا سجناء مكبلي الأيدي والأرجل وفوق رؤوسنا غربان الحياة وفوق ذلك رجال الموساد وفوق هذا وذاك بدأ كثيرا من الشباب بحاجة لقضاء حاجتهم فطلبوا وكرروا طلبهم كثيرا من الحراس بالسماح لهم بالتوجه الـــــى دورة المياه في الطائرة الا أن الجنود كانوايرفضون بشكل مستمـــــــر وأمام الحاح الجميع سمحوا بذلك ولكن على أن يبقـــى بـــــاب الحمام مفتوحا والحارس أمامك , كيف يكون ذلك , وكيف يقضي الواحد منا حاجته وهو مراقب , قال هذه أوامر , كثير من الشباب لم يستطيعوا أن يقضوا حاجتهم وانتفخت مثاني البعض وزداد ألمهم حتى أنني سمعت البعض منهم يتمنى أن لو لم يكن في هذه الرحلة بمعنى أن البعض مـــن شدة الألم تمنى لو بقي في السجن على مثل هذه المعاملة السيئـــــــــة من جنود الأحتلال , هذه الرحلة التي كان من المفروض أن تكـــــون رحلة حياة جديدة سعيدة بعيدة عن الألم والظلم ومعاداة الأنسان لأنـــــه انسان ,( في توراتهم يعتبروننا من الجويم أي مخلوق أقل من الأنسان ولكن الرب خلقنا كهيئة الأنسان كي يستصيغوا معاملتنا ) هذه هي نظرة هؤلاء أبناء القردة والخنازير لذلك كانت هذه الرحلة رحلة عـــــذاب ومرض وخوف , أبى هؤلاء المجرمون الا أن يتمتعوا بعذابات المناضلين حتى آخر لحظة , وليس أمامنا الا الصبر والصبر مفتاح الفرج, حطت بنا الطائرة مع اخواتها في مطار جنيف وسررت بأننا أصبحنا أقرب الى الحرية بخطوة أخرى الا أن الشك بنوايا العدو تبقى قائمة الى أن تنتهي عملية التبادل وينجلي الموقف عن حرية بيضــاء يتمناهـــا الجميـع من الأسرى , طالت بنا الساعات ونحن ننتظر في مطار جنيف , لا طعـام ولا شراب ولا ماء حتى أصبح الوقت بعد الظهر , طلب عناصر الموساد منا بتهيأ للنزول من الطائرة حسب ترتيب المقاعد وبدأ الشباب بالوقوف والتوجه الى باب الطائرة وعند الباب يقف مجموعة من الجنود ورجال الموساد وبعضهم يقص قيود الأيدي والأرجل وهي مــن البلاستيك , وحينما فك قيودي ووقفت على باب الطائرة من الخارج تنشقت هوائا نظيفا هوائا يختلف بالكامل عن هواء السجون الملوث وهواء طائراتهم ورأيت الأستنفار الكبير في المطار , رأيت طائرات مروحية على أرتفاعات منخفضة تحوم في سماء المطار ورأيت دبابات منتشرة أمام ناظري ورأيت جنودا ورجالا بملابس مدنية بكثافة , نزلت سلم الطائرة ولساني يلهــــــث بالشكر لله سبحانه وتعالى وأقول يارب سلم ,سلم , حينما وصلـــــت أرض المطار سألني أحد رجال الصليب الأحمر قائلا : ما اسمك قلت : ابراهيم , فأعطى اشارة حول اسمي , وأخذني اثنان من الواقفين وأوصلوني الى أحد الحافلات التي كانت واقفة وتنتظر حمولتها من المحررين وحينما اكتملت حمولة الحافلة فتحركت هي ومجموعة أخرى من الحافلات باتجاه طائرات الجبهة الشعبيه في الجهة الثانية من المطار في هذه الحافلة التقيت باخواني في المجموعة فسلمنا عليهم بكل شوق ومحبة وهنأتهـــــم بالحرية فذكرني أحدهم قائلا: أتذكر وعدك لنا بعد عودتنا من أولى جلسات المحكمة في نابلس حيث قلت لنا أننا لن نمكث في السجن ما بين السنـــــــة والسنتان , قلت :أذكر ذلك قال: أتعلم اليوم كم يكون من عمر السنة والسنتان قلت : كم يكون؟ قال : بالأمس نكون قد أمضينا في السجن سنه ونصف , أي كما وعدت يا شيخنا ما بين السنه والسنتان – سنه ونصف السنة قلت : الحمد لله أن استجاب لدعائنا وأن فرج كربنا ولم يخذلنا , في منتصف الطريق رأينا سيارة مدنية متجهة الى المكان الذي كنا فيــــه وقالوا هذا أحــــد الأسرى اليهود – فكان من المخطط أن كــل مجموعة من الحافلات التي تحمل أسرى فلسطينيين يسلم أسير اسرائيلي الى الصليب ثم يسلم للعـــدو بنفس وصول الأسرى الفلسطينيين- كان تخطيط الجبهة الشعبيه سليما ودقيقا حتى لا يخدع الجانب الفلسطيني كما خدع في المرة السابقـــــة واستطاع العدو خطف واعادة مجموعة من الأسرى الى السجن عام 1983م في تبادل فتح والعــدو لذلك كان الحذر ودقة التنفيذ هي سمة واضحة في عملية التبادل هذه حتى آخر لحظة , وصلنا طائرات الجبهة الشعبية وكانت طائــرات ليبية , فهبطنا مـن الحافلات واستقبلنا الأخوة من الجبهة الشعبية وسلموا علينا بحرارة مهنئين لنا بالحرية , كان بعض المستقبلين ممن كانوا معتقلين سابقا من عناصــــر الجبهة وكان كثيرا من الأسرى المحررين يعرفونهم فكان لقاء المحررين سابقا مع المحررين حاليا لقائا حارا أخويا , ثم صعدنا الطائرة وعند باب الطائـــرة استقبلنا أخوة آخرين سلموا علينا ورحبوا بنا وطلبوا منا تغييـــر مـــلابسنا وأعطــــونا ملابس عسكرية وطلبـــوا منا كذلك تسليــــم الساعات والخواتم والأغراض الشخصية الى أمانات الطائرة كنوع من أنواع الحذر الأمني وكان الجميع متعاون معهم بنفس رضيــــة , غيرنا ملابسنا وجلسنا في مقاعـد الطائرة وطلب الأخوة منا أن نكون حذرين من أي تحرك غير طبيعي بجانــب الطائرة وعلى الشباب الجالسين بالقرب من النافذة أن يبقوا عيونهم مفتحة لأي احتمال وخطوة خرقاء قد يقوم بها العدو لأفشال عملية التبادل أوعملية خطف لأحدى الطائرات واعادة الأسرى الى السجون الصهيونية مرة أخرى , بعد أن صعد كل الأسرى الى الطائرات الليبية الثلاث أقلعت بنا الطائرة مــــع أخواتها متوجهة الى ليبيا وبعد ساعات هبطت بنا الطائرة في مطـــار طرابلس فحينما قال كابتن الطائرة شدوا الحزمة نحن في ألأجواء الليبية بدأنا نهنئ أنفسنا ثانية وهبطت بنا الطائرة وكانت الساعة بعد العاشرة ليلا , وكان في استقبالنــا أحمد جبريل مسؤول الجبهة الشعبية – القيادة العامة وكوادر الجبهة ومنظمات فلسطينية , ومسؤولين ليبيين وتناوبوا على القاء كلمات الترحيب ثم وزعــــت علينا بطاقات تعريفية شخصية لكل أسير محرر ثم نقلنا الى معسكر بالقرب من طرابلس في بلدة الزاوية , وكان معسكرا حرشيا كبيرا على البحر وفيه بنايات للمنامات العسكريين أو الكشفيين أو الضيوف وفية مرافق ترفيهية غير صالحة للعمل مثل مسابح أو مسارح أو مطبخ ومطعم مجهز, وصلنا المعسكر صباح أول أو ثاني يوم في رمضان , حينما نزلنا من الحافلات قبلنا الأرض وتنسمنا هواء الحرية في الأرض التي هي الأولى التي شعر بها المحررين بطعم الحرية بعد طول أسر , بعد حرمان من سماء صافية , ومن أشجار خضراء , ومن بحر ذي مياه زرقاء صافية , ان هذا الموقع جمع الطبيعة التي كان يحلم بها كـــــــل سجين وهو على فراش سجنه ,لقد كان اختيارا موفقا للموقع , انطلق الشباب في المعسكر جريا وركضا وهرولة والبعض يتمرغ في رمال المعسكر ليتأكد من حقيقة واقعه أهو حلم أم حقيقة , طفنا أنا وبعض الأخوة في جنبات المعسكــــــر ورأينا بساتين من حمضيات فعبرناها دون أن نسأل لمن هذه أهي تابعة للمعسكر أم هي أملاك خاصة , أخذنا نقطف من حبات البرتقال والكلمنتينة ونأكل حتـــــى رآنا أحد المزارعين الليبيين فاستغرب من تصرفنا هذا, كيف نأكل في رمضان؟ فقلنا له نحن جئنا اليوم الى هذا المعسكر ونحن من الأسرى المحررين , وكأنه لم يفهم علينا فقلنا له : أهذه المزرعة أملاك خاصة أم عامة , قال : أملاك خاصة فاعتذرنا له , وخرجنا من المزرعة عائدين الى المعسكر, وزعونا الى الغرف والأسرة وعلى كل سرير هناك لباس ليبي مكون من قميص وسوال –على الطراز الليبي الشعبي – وقد أحببت هذا اللباس لأنه مريح أكثر من اللباس العسكري , في وقت الظهيرة توضأنا وصلينا جماعة وكان العدد كبيــــرا وتعرفـــــت على كثير من الأخوة وخاصة من كانوا في معتقل عسقلان في القسم الأسلامي وبعض السجون الأخرى , ولأن وجودنا كان حديثا في المعتقلات لم يكن بالأمكان بناء صداقات مع كثير من الأسرى ومع ذلك دائرة معرفتنا كانت تتوسع عند المساء كانت هناك محاضرة للأمين العام للجبهة الشعبة – القيادة العامة ذكر لنا فيها مراحل المفاوضات ومفاصل تلك المفاوضات التي كانت أحيانا تفرض على الجبهة الأصرار على مواقف معينة مما يؤدي الى وقف التفاوض لمدة قــد تصل لأشهر معدودة حتى يرضخ العدو للقبول , وذكر أن من مخطط الجبهة في هذه العملية أن تكون شاملة لجميع التنظيمات والفصائل وكذلك أن تدخل الفرحة في كل أماكن تواجد شعبنا الفلسطيني في كل مخيم وقرية ومدينه وكذلك أن تشمل هذه العملية كل اللبنانيين في معسكرات الأعتقال معسكرات الأنصار وكذلك معتقلين سوريين ويمنيين وليبيين ويابانيين وأردنيين ودول عربية أخرى , وكذلك شملت ممن اتهموا بقتل يهود عسكريين ومدنيين ممن تقول عنهم اسرائيل –ممن لطخت أياديهم بداء يهود- وكنا نحن منهم ممن قتل يهود ومن الأحكام العالية وعددهم كبير جدا , وكان من حظنا أننا لفتنا انتباه قيادة الجبهة بكثافة الأعلام خلال المحكمة وكوننا تنظيم اسلامي جديد وكذلــــــك الأحكام العالية هذه العناصر كانت سببا في أضافة أسمائنا الى القوائم التي كانت معدة مسبقا مما جعل المفاوض الأسرائيلي يرفض هذه الأضافة الا أن اســرار اللجان كان أن فرض قبول المفاوض الأسرائيلي وكان حظنا وأرادة الله فوق كل ارادة وخرجنا وتنسمنا هواء الحرية مع من كان لهم سنين طويلة, وفعلا لقد كانت هذه العملية أوسع وأكبر وأشمل عملية تبادل حصل في عهد الدولة الصهيونية حتى تاريخ كتابـــة هذه المذكرات ولكن للأسف الشديد لم تغطى أعلاميا كما في عمليات تبادل أخرى حصلت بعدها أقل شأنا منها بالعدد والكيف والقدر والأهمية والأنتشار الجغرافي ,ولكن نستطيع أن نقول مع أهمية العملياتن التي حصلت بعد هذه العمليه الا أن حزب الله استطاع أن يغتنم وأن يجيش الأعلام لمصلحته ومصلحة من أفرج عنهم مثل ما سمي بعميد الأسرى سمير القنطار مع احترامنا الكبير له كمناضل ناضل من أجل فلسطين وما زال يحمل هذا الهم فكل الأحترام له ولزملائه من كوادر في حزب الله , ونحن لا نبخس الناس حقها ولا نبخس حق حزب الله في المغالات الأعلامي ولكن كان من واجب اعــــلام حزب الله أن هناك انجازا فلسطينيا أكبر وأشمل وأهم سبق انجازاته المحدودة قياسا لما قام به ولا ينسى مآت الأسرى اللبنانيين الذي شملهم التبادل الكبير عام 1985م شعرنا وشعر الفلسطينيين بمنة من حزب الله أن أخـــرج بعـــض الأســرى وبعــض الجثامين لشهداء فلسطينيين لم يطلب من الحزب اخراجهم خارج فلسطين ليس مـن الحكمة اخراج جثمان الشهيد الفلسطيني خارج وطنه ولا يعتبر انجازا لا للحزب ولا لغيره من يخرج من استشهد من الفلسطينيين الى خارج فلسطين ليدفن خارج وطنه ليس انجــازا بـــل هــــو اقتناص للفرص من حزب الله ليضخم حجم عمليته وليمن على الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه الشعبية , انني أتحفظ بشكل تام على ما تم في عملية التبادل من اخراج شهداء فلسطين من أرض فلسطين حتى وان كان تحت مسمى مقبرة الأرقام بل واني لم أسمع من أهالي الشهداء أن طلبوا اخراج جثامين شهداء أبنائهم , لا بل سمعنا عكس ذلك بل بدأ أهالي الشهداء بالمطالبة وبالنضال من أجل اعادة جثامين الشهداء الى القدس أو الى مسقط رأس آبائهم وأجدادهــــم وذلك تطبيقا لوصاياهم بأن يدفنوا في فلسطين , ويأتي من يخرجهم من أرضهـــم وكأنهم طردوا أحيائا وطردوا منها أمواتا , - ظلمات بعضها فوق بعض- تمتعنا بشمس طرابلس(الزاوية) ومياه بحرها ( البحر الأبيض المتوسط ) الذي يشترك مع شواطئ فلسطين كل ساحل فلسطين , وظلال أشجارها الوارفة00ولكن كان سؤالنا الى متى سنبقى هنا , وبعد أيام خيرونا الوجهة التي نريد منا من اختار لبنان من لبنانيين وفلسطينيين من سكان لبنان , ومنا من اختار سوريا من سوريين أو فلسطينييــــن من سكان ســـوريا أو ممن يتبعون فصائل فلسطينية مقرها دمشق ,ومنا من اختار الأقامة في ليبيا أو بعض دول المغرب العربي ومنا ونحن منهم من اختار الأردن وكان عددنا لا يتجاوز التسعين شخصا أغلبهم من فتح وهناك مــــــن الجبهات وبدأنا ننتظر الموافقة الأمنية من الأقطار العربية00 سمح للزوار من فلسطينيين وغيرهم بزيارة المعسكر ومنهم من كان له أهل في ليبيا , أحد الأخوة جاء لزيارته أهله وأراد أن يذهب معهم فقال هل تريد مني شيئا قلــــت : أريد أن ترسل برقية الى هذا العنوان تذكر فيه أين نحن وأننا سنكون في الأردن بعد أيام , - وفعلا وصلت البرقية في حين كانت زوجتي تهيأ نفسها للعودة الى فلسطين ظنا منها أنني خرجت الى الخليل وليس الى الخارج , قيل لي بعــــــد وصولي الأردن أن لي عم – شقيق والدي يسمى محمود - كان مريضا وهو مـمــن تمسك في فلسطين سنوات عمره وكان أن حمل لي رسائل تنظيمية في ذهابه وأيابه الى فلسطين أكثر من مرة دون معرفة أكثر من أن هذا الغرض هدية من فلان الى فلان وحن كثيرا لأعتقالي وحزن أكثر حين نسف بيت العائلة وللأسف الشديـــــــد جاء أجله بعد مرض قصير في يوم التبادل واطلاق سراحنا , حتى أن ابن عمـي محمود (أبو جهاد) وبعد أن قرأ اسمي في الجريدة من بين قوائم عملية التبـــادل دخل على المعزيين وقال: (أن الله أخذ والدي وهو كبير في السن وأفرج عن ابن عمي ابراهيم وهو شاب فأصبح الناس يهنؤون بعضهم بعضا وتحول العزاء الى بيت تهنئه – كم كنت أنا شخصيا أتمنى أن أطال الله في عمر عمي وسمع خبــــر الأفراج عني حتى تزول حسرته التي كظمها في قلبه – بعد اعتقالي وخاصة نسف بيتنا ولكن مشيئة الله غالبه) , كانت هذه الحالة فيها تناقض بالمشاعر ولكن الأهل والناس قدموا مفهوم الحياة لشاب كان مدفونا في قبور الأحياء على شيخ كبير في السن أخذت السنون من قوته وصحته مما تركته لرحمة خالقه سبحانه وتعالى, كل من اختار سوريا ولبنان لم يمكثوا طويلا وسافروا الى أهلهم وبلدانهـــــــــم ومكان تواجد تنظيماتهم , وكان معنا يابانيين من الجيش الأحمر وممن قاموا بعملية بطولية في مطار بن جوريون بالأشتراك مع الجبهة الشعبية ضمن توافق فكـــــــري شيوعي أممي ومكثوا في الأعتقال سنوات طويلــــة وكانت سلطات الأحتلال ترفض الأفراج عنهم وكان في استقبالهم مسؤوليين من تنظيمهم واستلموا هذه المجموعة وسافروا بعد أن تركوا المعسكر , بقي في المعسكر من اختار التوجـــــه الى الأردن وطال انتظارنا للموافقة الأمنية الى أن قالوا أن الأردن وافقت على دخول القائمـــــة واستعد الجميع للسفر وتوجهنا في اليوم التالي الى المطار وركبنا الطائرة وأقلعت بنا بعد أن أخذت الموافقة من الدخول والهبوط في الأردن كما قالوا لنا , شكرنـا القيادة الليبية التي استقبلتنا وأكرمتنا وودعنا المسؤولين الذين حضروا الى المطار وكان شوقنا كبيرا في أن نرى الأهل وكل في مخيلته وفؤاده ما يخبئه عن الجميـــع ولكنها بالتأكيد تحمل جميعها الشوق بعد غياب طويل فمنهم من له أولاد لم يراهــم أو يلمسهم ولهم زوجات وأمهات وآباء وأمهات لوعتهم حسرة الفراق وألم الأعتقال < أخبــرنا قبطان الطــائرة أننا وصلنا الأجــواء الأردنية فرح الجميع وهلل البعض وكبــــر والبعــــض صفق وابتهـــج الجميع ثم قالوا شدوا الأحزمة سنهبط الى أرض المطار, انتظرنا الهبوط مدة أكبر من المتوقع بدأ الشك يتسلل الى قلوبنا وأخـــــذ البعض يتسائل مـــاذا حصل ؟ ما الأمــــر ؟ وجاء رد القبطان : نعتذر رفضوا هبوط الطائرة , وعلينا العودة الى طرابلس الليبية,أصاب الجميع انتكاسة كبيرة , لماذا ؟ لقد أبدت الأردن موافقتها , ولماذا تراجعت؟ ولأننا لا نعرف السبب أخـــــذ الغضب مأخذه من الجميع , أهكذا يعامل الأحرار في الوطن العربي ؟ تغلق الأبواب أمامهـــم , غيــر مرغوب فيهـــم , ألذنب اقترفوه , هل خانوا الأمانة ؟هل باعوا الوطن؟ هل تآمروا مع العدو ضد شعوبهم ؟ أم لأنهم لم يخونوا ولم يتآمروا وأدوا واجبهم أصبحوا غير مرغوب فيهم , لعلها هي تهمتهم الوحيدة, وصلنا مطار طرابلس والجميع في حالة سيئة ونفسية الأغلبية من الشبــــاب منهارة , استقبلنا من ودعنا قبل سفرنا من المسؤولين الليبيين وكانت في الساعات الأخيرة من الليل وخطب بنا أحد الليبيين وحمل على بعض الأنظمة العربية ورحب بنا ثانيــــة وأبــدى استعداد ليبيا باحتضان الجميع , شكرناهم ثانية , ثم عدنا الى المعسكر وراح الجميع في نوم عميق وكأنه هربا من واقع مر أو تخلي عن ساعات تعب وارهاق بسبب ساعات الطيران المتواصلة ذهابا وايابا , بعد عشرة أيام قالوا أن الأمور سويت بيننا وبين المخابرات الأردنية على أمور أهمها لا يجـــــوز للمخابــــــرات الأردنية اعتقال أي شخص من المحررين ويسمح بمراجعة المحرر لدائرة المخابرات خلال ثلاثة شهور من وصوله لتقديم افادة حسب الأصول دون ممارسة أي ضغوط عليه , وعدنا الى المطار وأقلعت بنا الطائــــــرة ولكن لـــم يكــــن بنفس الحماس ومـــا زالـــت أثر الصدمة الأولى ماثلة أمام أعين الأخوةالمحررين حتى نزلنا من الطائرة وللأسف الشديد لم نجد ما يستقبل المحررين كما توقعنا الا بعض الأفراد وباعداد قليلة وذلك بسبب تكتيم الأمر على الناس وعدم اعلان ذلك لا في الصحف ولا عن أي طريق آخر قد يكون لسبب أمني عند النظام أو لعدم اظهار تكريم للمحررين أو لأي سبب لم نعرفه حتى الآن, وكانت المنظمة مهيأة لكافة الأمور من حجـــز فنـــادق للمحررين وكذلك كانــوا معدين حفل عشاء , ونقل الجميع في الحافلات الى مكتب المنظمة في عمان جبل الحسين وكان بعض مسؤولي المنظمة في استقبال المحرريين , عرفت البعض منهم وخاصة من تدربت عندهم في فتح , فطلبت منهم أن يوصلوني الى بيت شقيقي , فقالوا: تم حجز فندق القدس للجميع فاذهب الى الفندق وخذ راحتك الليلة ثم تذهب لأهلك غدا , قلت: أريد أن أذهب لأهلي لأجعلها مفاجئة لهم , وفعلا أوصلوني الى بيت شقيقي ووقفوا منتظرين حتى قرعت الباب وخرج أخي واطمأنوا ثم رحلوا , فعلا تفاجأ أخي وسلمنا على بعضنا بشوق ودخلنا البيت وكان الليل قد شارف على اعـــلان الفجر , صلينا الفجر حاولت النوم الا أنني لم أستطع حتى طلعت شمس نهاري الأول في الأردن بعد الحرية, أبلغ شقيقي بعض الأهل وحضرت عمتي باكرا ومعها ابنتي فلسطين فسلمت عليهم وبدأت بالزغاريد ثم سلمت على ابنتي ومع أنها لم تقبلني الى أن حضرت زوجتي وبدأ الناس يتجمهرون ثم انتقلنا جميعا الى بيت عمي في مخيم حطين وبدأت الناس من أهل وعشيرة وجيران ووطنيين ومسلمين بالحضور للسلام علي وتهنأتي وتهنأة الأهل , من المستغرب أن الأعلام الأردني في اليوم التــــالي لــــم يشــــر الى وصول المحررين وكأن الأمر لم يرتقي لبعض المسؤولين لأبراز ثلة ضحوا بأرواحهم وسنين عمرهم دفاعا عن الوطن والأمة ضد عدو مغتصب لا يريد لهذه الأمة رفعة وسؤددا وحرية وتقدما , لو وصلت مطربة أو رقاصة أو ممثلا من الوسط الهابط لزمــــر الأعـــلام وطبـــل وظهروا بالتلفزيونات والصحف اليومية في صفحاتها الأولى , أما أن تكون هذه الثلة من الشرفاء فممنوع لها من الأعلام ومن تكريمهم على مستويات محترمه, أنا أبارك لمحررين حزب الله لقد استقبلوا استقبالا يليق بهم ,
يتبع .........
العفو الملكي الخاص
عدل سابقا من قبل abu khadra في الإثنين مايو 17, 2010 3:50 pm عدل 1 مرات
abu khadra
عدد المساهمات : 2706السٌّمعَة : -760تاريخ التسجيل : 23/04/2009
موضوع: رد: الاسم : إبراهيم سربل / الدوايمة الإثنين مايو 17, 2010 3:29 pm
عفو ملكي خاص مر أواخر الليلة بسرعة حتى أيقظني شريكي في الزنزانة لصلاة الصبح توضأنا وصلينا جماعة ومر اليوم بسرعة ولكن كان هادئا ليس كمثله من الأيام ولكنني لم أعتبره مميزا الا حين جاء مساء اليوم التالي فأخذت الحركة بالتزايد تفتح الزنازين وتغلق أخرى الى أن فتحت زنزانتي وطلبوا شريكي في الزنزانة الى أن عاد بعد أقل من نصف ساعة فسألته عما جرى فقال : سألوني عن اسمي والعائلة , وأسماء الأولاد والأشقاء والعمل والوظيفة , وغيرها فقلت : هذه يسموها الذاتيه , يعني أن التحقيق أغلق معك, قال : بهذه السرعة, قلت : ان في الأمر شيئ,ما هو ,لعله خير,الى أن حان موعد المغرب وتهيأنا للصلاة حتى فتح باب الزنزانة وطلبني الحارس وأخذني الى المحقق, فقال : اجلس,جلست على الكرسي أمام الطاولة, فقال : ألا تريد أن تعترف ؟ فقلت : بماذا أعترف ؟ فقال : بمحاولة ضرب صواريخ ,وتهريب أسلحة, قلت : هل توصلت لأي دليل مهما كان لتتهمنا بمثل هذه التهم أم هي وشاية وتركيب قضية ؟ قال : لدينا شكوك , وسنعمل في المستقبل على تأكيدها , ولكن الآن حصلت ظروف أخرى قد تنقذكم مؤقتا من بين أيدينا , قلت : خير ان شاء الله , قال : هناك توجه من جلالة الملك باصدار عفو خاص عن السياسيين , وعلى هذا الأساس سنغلق القضية مؤقتا وأي دليل سنعيدكم , ثم أخذ بتسجيل الذاتية ثم طلب من الحارس اعادتي الى الزنزانة, دخلت الزنزانة وعلى وجهي ابتسامة فبادرني شريكي في الزنزانة قائلا : أراك تبتسم , ماذا حصل معك ؟ قلت : هناك عفو من جلالة الملك قد يصدر قريبا , وانشاء الله سنخرج قريبا من الزنزانة. فاستدركت الوقت وتذكرت بأنني لم أصلي المغرب فصليت المغرب , فشكرت ربي وأنا ساجد وأنهيت صلاتي وأخذت بالتسبيح ,ثم صلينا جماعة صلاة العشاء وأتممناها بالسنن ثم أخذنا حديث العفو وسألني عن معنى العفو الخاص والعفو العام فشرحت له أن العفو الخاص: يسقط الحكم ولا يلغي القضية , أما العفو العام : فانه يلغي الحكم والقضية وكأن الأمر لم يكن , قضينا تلك الليلة وأزعم هنا أن معظم من عرف من الموقوفين بالعفو الخاص أنه بات تلك الليله وهو حالم بالحرية لأن أثقل ما يكون على الحر هو تقييد الحركة ,هو قهر الجسد والروح ,هي التهمة لفعل كان من الواجب الديني والوطني أن يكرم من يؤمن بها ويمارسها بطريقة لا تؤذي الا العدو والمحتل , اننا نعتقد أن نيل الحرية والدفاع عن الحق والدفاع عن الوطن والمقدسات هو واجب لا يمكن تحقيقه الا بالممارسة الفعلية من الدول أولا وبما أن هذه الدول تراجعت عن آداء واجبها قصرا بفعل السلطات الحاكمة التي لا تعبر معظمها عن نبض شعوبها فكان لا بد من أن يقوم بهذا الواجب شرفاء الأمة ومع ذلك لاحقت هذة الأنظمة كل من يقوم بواجبه نيابة عنها وتتهمه بشتى التهم التي لا يستفيد منها الا العدو والعدو فقط , والا لماذا يجرم من يجاهد لتحرير الوطن والمقدسات , لماذا يسجن ويهان في زنازين الأنظمة العربية كما ويهان في زنازين العدو وأجزم أحيانا أنه قد تتماهى العقوبة العربية والأسرائيلية وأحيانا تزيد سوئا عند أجهزتنا الأمنية العربية تحت مسمى ( حماية النظام , أو حماية الأنجازات –ان كانت هناك انجازات- وحماية المعاهدات – لبعض من عقد معاهدات مع العدو والتي تنص في بنودها محاربة المقاومة وحماية حدود ما يسمى اسرائيل- أو أننا لن ننجر لمعركة لم نتهيأ لها – وتمر عشرات السنين ولم يتهيأوا للمعركة- ولا ندري متى يتهيأون والى أن يتهيأوا فعلى الشرفاء أن يسجنوا أو يقتلوا أو يحاربوا في أرزاقهم وأهلهم وراحة بالهم- انها طاحونة المبادئ والكرامة والوحدة والأستقلال-), في اليوم التالي وبعد الساعة العاشرة بدأت حركة نشطة في فتح أبواب الزنازين واغلاقها وخروج المعتقلين , وبعد صلاة الظهر وبعد وجبة الطعام وأنا متوجه نحو المغسلة لتنظيف أواني الطعام التي استخدمتها فطلبني الحارس وقال لي : اترك ما بيدك وتعال للباشا فأخذني الى خارج الزنازين وصعدنا الأدراج الى أن وصلنا غرفة المحقق فقال : اجلس , مبروك صدر عفو خاص من جلالة الملك للمعتقلين السياسين , وستخرج الى أهلك , ما رأيك ؟ قلت : شكرا لله أولا , ثم شكرا للملك لأنه من لم يشكر الناس لم يشكر الله , ونحن تعودنا في أدبياتنا أن نشكر كل من يقدم لنا ولقضايانا خيرا قال : حضر اليوم والدك لزيارتك فأخبرناه أنك ستخرج اليوم من المعتقل, قلت : والدي في فلسطين وممنوع من العدو زيارتي قال : فمن الذي زارك اليوم ؟ قلت : لعله عمي شقيق والدي ووالد زوجتي, قال : لعله ذلك, قلت : سيارتي محجوزة عندكم , هل بأمكاني استلامها قال : لا مانع , سيارتك ليس عليها شيئا لأننا لم نعثر بداخلها ما يرتب حجزها أو مصادرتها قلت : هل من الممكن مساعدتي على تشغيلها لأنها واقفة لمدة شهر تقريبا , قال : سنرسل معك من يساعدك وتسليمها لك, وسلمني بطاقتي ورخصة السيارة وأوراق كانت بالسيارة وطلب أحد الموظفين وأعطاه مفتاح السيارة وقال له : شغل السيارة وسلمها له ليخرج بها من الدائرة , قلت : لم أستلم بعض أغراضي , فقال : تستلم أغراضك من غرفة الأمانات وتكلم مع الشخص الذي أرسله لتشغيل السيارة بأن طلب منه أن يساعدني على استلام أغراضي وخصوصياتي التي استلموها مني حين الأعتقال , وفعلا تم استلامي لأغراضي الشخصية من غرفة الأمانات ثم توجهنا الى موقف السيارات وحددت مكان سيارتي ففتح باب السيارة وشغل السيارة دون الحاجة لأي مساعدة شكرته وأخذت سيارتي وخرجت من باب الدائرة الخاص بموقف السيارات من خلف الدائرة مع ترديد الحمد والشكر لله أن سخر لنا هذا العفو لنخرج لحياتنا الطبيعيه لنخرج لأهلنا وأسرتنا وواجباتنا المتنوعة حيث أشعر كما ويشعر كل معتقل سياسي أن الزنزانة هي قبر الأحياء والخروج منها هي حياة أخرى وهبنا الله اياها وعليه يكون الشكر والحمد والتسبيح والتهليل والتكبير هي المفردات الطبيعية والصحيحة في تلك اللحظات وفعلا طول الطريق ولساني يلهث بالشكر والحمد لله مفرج الكروب ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )
abu khadra
عدد المساهمات : 2706السٌّمعَة : -760تاريخ التسجيل : 23/04/2009
موضوع: رد: الاسم : إبراهيم سربل / الدوايمة الإثنين مايو 17, 2010 3:49 pm
عـفــو عــام 1992م صدر مرسوم العفو العام عن المعتقلين والسياسيين في يوم الخميس ليلة الجمعة في 12/11/1992م , كانت تلك الليلة قد حملت فرحة كبيرة لقطاعات كثيره من (صدور المرسوم الملكي بعفو عام عن المعتقلين السياسيين وبعض المحكومين المدنيين)
الشعب الأردني فمن له أب أو أبن أو أخ وشقيق أو قريب أو صديق أو جار كل هؤلاء تحركت عواطفهم تلك الليلة وأخذ الكثير يتمنى أن يكون من المحظوظين بهذه الصفقة مدنية كانت أم سياسية , وأخذ البعض يرتب أمانيه وأحلامه بعودة من يهمه أمره الى بيته وحضن من ينتظره لأشهر بل لسنين من أبناء وأزواج وأهل وأقارب أصبح السجن خلية نحل كل المعتقلين والمساجين يتحركون داخل غرفهم والهرج والمرج من كل العنابر ونحن في عنبر السياسيين الفرحة كبيرة وأخذ البعض يشرح ويفسر للبعض الآخر المعتقلين السابقين أصحاب المعرفة والتجربة وأخذوا بشرح معاني العفو العام من العفو الخاص , هدأت الأمور بعد ساعات من الليل ونام المعتقلين ومن قد يشملهم العفو على خير حال الكل فيهم بدأ يحلم بالعودة الى أهله وحياته الطبيعيه , من ظلم فها هو قد يتحرر ممن ظلمه , ومن عاش سنين خلف القضبان ها هو قد يخرج للحرية , بالنسبة لي خالطني شيئا من الخوف , هل سيشملني العفو أم لا ؟ لأنني ما زلت بعهدة القضاء , ساورتني الشكوك , أخذ القلق يقض مضجعي , هل سيخرج الجميع وأبقى أنا, هل يكون مسلسل المؤامرة ضدي لم ينتهي بعد مع شروق أمل الحرية من جديد , أذن لصلاة الفجر, قمت من سريري دون أن أذوق طعم النوم, توضأت وبدأت أدعو الله أن يجعل لي فرجا عاجلا لا آجلا مع المفرج عنهم وأن لا أكون من المستثنيين بسبب كوني بذمة القضاء ولم يصدر حكما ضدي وعليه كانت سرعة البت بحكم النائبان ليشملهما العفو ,حاولت أن أقاوم مثل هذه الأفكار الا أنها كانت تراودني وبشكل مستمر , حاولت أن أستمزج رأي من كان به خبيرا كما يقولون في غرفتنا وله معرفة قانونية وقدرة على تفسير القانون وهو محامي أو درس القانون وحصل على الشهادة أثناء وجوده بالمعتقل , قلت له: ما رأيك أو ما تراه في القانون هل من الممكن أن أستثنى من العفو ؟ قال : لو كان عفوا خاصا ولم يدرج اسمك في الأراده الملكية ضمن القائمة فانه سوف تستثنى, أما وأنه عفو عام عن جميع المعتقلين كما ورد في نص الأرادة الملكية فانك ضمن المفرج عنهم , طمأنني شيئا قليلا ولكني ما زلت قلقا ,توجهنا الى المطعم لتناول وجبة الفطور والكل من المعتقلين والمساجين ليس لهم حديث الا العفو ومن يشمل ومن لا يشمل ,وبعد تناولنا لوجبة الفطور بدأ الأستعداد للزيارة, وكانت البشائر تأتي عبر الأخوة الذين قابلوا أقاربهم ممن تابعوا صدور الأرادة الملكية بالعفو عبر الأعلام فكانت بعض وكالات الأنباء مثل رويتر ومونتوكارلوواذاعة لندن قد وردت بعض التفاصيل وبعض الأسماء وخاصة أسماء النائبان واسمي كزعيم حركة الجهاد الأسلامي فكان سؤال كثير من الزوار لأبنائهم المعتقلين هل لديكم زعيم الجهاد الأسلامي فانه سيطلق سراحه , وهكذا وبدأت تردني هذه الأخبار المطمئنة, وحان موعد زيارتي وكان الأهل والأقارب قد حضر العديد منهم ظنا منهم أنه سيطلق سراحنا اليوم " يوم الجمعة" فقلنا لهم قد يطلق سراحنا غدا أو بعد غد وكانت هذه الزيارة مفعمة بالأمل وتحدثوا معي عما ورد في بعض وسائل الأعلام والجميع من الزوار هنأ أبناؤه بالفرج القريب , وبعض أقارب الزوار طلبوا التعرف على بعد أن تردد اسمي بوسائل الأعلام وسلموا علي وكانوا سعيدين برؤيتي , وكنت سعيدا بسؤالهم واهتمامهم بي , ودعنا الزوار على أمل اللقاء القريب خارج السجن , عدت الى المهجع بمعنويات عالية , وكان كل الحديث يدور عن ما يتناقله الزوار من حديث الساعة " العفو العام" , وعن فرحة جماهير عريضة من الناس بمثل هذه الخطوة وفي الوقت نفسه لمست من بعض الأخوة نوعا من الحسد والغيرة لأن اسمي كان يتردد في وسائل الأعلام دون ذكر لأسمائهم. فعلق أحد الأخوه ممن يعتبر نفسه ذا قيمة تنظيمية وله في المعتقل سنوات طويلة أن الأعلام يركض خلف المشاهير, فلن يتكلم الا عن النائبان وزعيم الجهاد وكأن الآخرين ليسوا بوطنيين أو مناضلين ,هؤلاء جائوا آخر الوقت فحصدوا السمعة والصيت , علقت على كلامه وبشكل الممازح حتى لا أجرح مشاعره أو أقلل من قدره قائلا : الصحف والأعلام بجميع فئآته لا يتسع لذكر الجميع فأخذوا آخر الأسماء , ولكن أنتم المناضلين ممن سبقتمونا في اعتقالكم لا نقلل من قيمتكم ويكفي أن التاريخ سيذكركم فقال أحدهم : كيف سيذكرنا التاريخ , وأنتم من يكتب عنكم في الصحف ويذكركم الأعلام قلت له : ألا يكفيك أن تكون جندي مجهول قدم واجبه ارضائا لربه ووطنه وقضيته , أم تريد شهرة , اذا كنت تريد شهرة تستطيع أن تأخذها قم بواجب كبير وسيتحقق هدفك قطع من جدالنا البيزنطي هذا الذي ينطوي على شيئ من الغيرة والحسد أو الشعور من البعض - أن التاريخ لم ينصفهم بعد سنين طويلة من الأعتقال وأحيانا أتعاطف معهم , وأستوعب غيرتهم وأضعها في موضع الحق الشخصي لكل مناضل أو مجاهد أن يذكره التاريخ بجهده . ولكن ليس كل من اعتقل قائدا أو قدم للقضية أو الأمة أو الوطن شيئا يستحق الذكر أو التسجيل- آذان الجمعة فتوجهت الى المسجد وبعض المعتقلين دون الآخرين لأن منهم من لم يصلي لأنه يحمل أفكارا شيوعية أو اشتراكية – التي ماتت في مهدها و ما زال البعض عاجز عن مراجعة أفكاره ونهجه وبالتالي ليست لديه جرأة النقد ليقول أن مسيرتنا لسنوات طويلة كانت تحت ظلال خاطئ وعلينا تصويب الأمور لنعبر عن ارادة الشعب العربي المسلم في قضاياه ونترك كل مستورد رمتنا به الماسونية الغربية أو الشرقية, أدينا صلاة الجمعة بعد أن استمعنا لخطيب الجمعة حيث كان مرسلا من خارج السجن فتكلم في الأخلاقيات وكانت الخطبة شبه مواعظ , وكانت آخر خطبة نسمعها في مسجد السجن , عدنا الى المهجع وأخذت ترد الينا بعض الشائعات أن جميع المعتقلين السياسيين سيفرج عنهم الا واحد, ولم يذكروا هذا الواحد وما هي تهمته ولماذا . قالوا أن الأدارة ما زالت على أتصال بمديرية السجون وبوزارة الداخلية من أجل التثبت من الأسم وسبب الأستثناء ؟ بالنسبة لي بدأت أعيد حساباتي وخشيت أن يكون هذا الشخص المستثنى هو أنا , ولكني كنت دائما أكظم انفعالاتي كي أبقى أمام الجميع متماسكا , وقلت في نفسي اذا ما تم استثنائي من العفو فسأعلن الأضراب العام حتى ينظر في أمري ولن أستسلم , ولكن لو كنت من المستثنيين لماذا ذكروا اسمي في الأعلام والصحف ؟ قد يكون شخصا آخر , مر اليوم وليلته وأنا في حالة ارباك , وأصبحت قليل الكلام , وبدأ بعض الأخوة يتوقعوا أسمائا , وبعضهم يقول انها اشاعة الى صباح اليوم التالي بعد أن زارنا ضابط من الأدارة برتبة كبيرة وسأل عن الخبر هل هو صحيح أم اشاعة , فأجاب هذا صحيح وليس اشاعة وسنتحقق اليوم بعد أن تأتينا القائمة بأسماء المفرج عنهم في السجن , حاولنا أن نستوضح منه سبب الأستثناء , فقال : قد يكون خطأ في العدد وقد يكون هناك قضية على المعتقل لم تنتهي أو لم يتخذ بشأنها قرار سيحسم أمره اليوم أو صباح غد, تذكرت أجواء تبادل الأسرى في معتقل جنيد بنابلس حينما تم الأعلان عن التبادل وفصلوا بيننا ( نحن من ضمتهم قوائم الأفراج) وبين باقي المعتقلين ومضت بنا الأيام وما تخللها من دعايات واشاعات حتى أن البعض منا تمنى أن يعود الى القسم الذي جاء منه ويحسم وضعه بين المعتقلين ولا يكون بين وبين بين المفرج عنهم في تبادل الأسرى وبين من بقي من المعتقلين, كانت حالتنا النفسية تزداد ارهاقا وعدم استقرار بسبب تضارب الأشاعات وما أكثرها وما أسهل انتشارها , وما أسهل قبولها عند جميع الأطراف لأن الكل يقف بين حالة الأماني وبمعنى آخر الكل وخاصة من يتوقع خروجه أو شموله في العفو الملكي يعتبر كما " حالة الأعراف" ولا تشبيه يوم القيامة أي ما بين بين , الحقيقة جميعنا معرض أن يكون هو المستثنى حتى أن أحد الأخوة يمازحني ويقول لي : اذا خرج جميع المعتقلين وبقيت أنت يا شيخ ابراهيم فما هو شعورك ؟ قلت له : سأتمسك بتلابيب معنوياتي التي تعودت عليها في مثل هذه الظروف ولن أصل الى حالة اليقين في الحسم مع من سأكون , وان كنت سأضع نفسي محل هذا الشخص وان كنت تلقيت أخبار التأكيد في الساعات التي خلت بأني من ضمن المشمولين في قائمة العفو الملكي وتحدث في ذلك الأعلام نقلا عن مصادر رسمية الا أنني ما زلت قلقا وخائفا من تدخلات أمنية تجعلني هذا الشخص المستثنى , ومرت الساعات وجاء اليوم التالي يوم الأحد وكالعادة هو يوم زيارات وبدأ السجن كخلية نحل , وبدأ المعتقلين ينقلون لنا تحركات وآراء وما كتبته الصحافة وخاصة الأسبوعية وجميعهم يؤكدون على تنفيذ العفو هذا اليوم ويؤكدون أن الأعلام ما زال يذكر اسمي من بين المفرج عنهم - بالأسم والصفة الشيخ ابراهيم سربل زعيم حركة الجهاد الأسلامي – وعند الساعة العاشرة تقريبا كان موعد زيارتي وحضر لزيارتي أبناء العمومة وجميعهم أخبروني أن كثيرا من أبناء العمومة ينتظرونك من الصباح الباكر ولن يعودوا الى بيوتهم الا وأنت معهم , وأن هناك كثيرا من أهالي المعتقلين والمسجونين ينتظرون أبنائهم وبعضهم يشكل حلقات دبكة ويغنون وينشدون ويهتفون ويرفعون الأعلام , وكذلك يتواجد بعض وسائل الأعلام , وكان جل الحديث الذي دار بيني وبين زواري كما كثيرا ما يدور بين كل زائر وأهله ممن قد يكون لهم حظ الشمول بالعفو , استثني من العفو العام من اتهموا بالتجسس لصالح اسرائيل , ولم يشملوا في أي عفو سابق , وكذلك مروجي المخدرات , وكذلك من اتهم بالقتل ولم يصلح مع أهل المقتول , وهناك تقنين في بعض القضايا الأخرى التي لا تشكل خطرا على المجتمع المدني , بعد الغداء حضر أحد الضباط وطلب من الجميع أن يخلعوا ملابسهم الخاصة بالسجن وتسليمها وتسليم كل آمانات السجن ووافقت الأدارة أن يتم تسليم الأمانات الخاصة بالسجن داخل المعبر وداخل غرف المعتقلين , وفعلا تم خلع الملابس وجمعها داخل الغرف وبقيت الأسرة وما عليها من شراشف وبطاطين وسلمت الأدارة أمانات الكنتين وكان لي بها أكثر من دفعة اسبوعية تبرعت بها لزميلي في الحركة كي يستطيع أن يستخدمها للوصول للأهل ان لم يتمكن اهله بالقدوم الى السجن حين الأفراج عنه , وعند الاساعة الثالثة تقريبا حضر مجموعة من الضباط والشرطة والأمن الوقائي وبدأ بتلاوة أسماء المفرج عنهم وكان اسمي من أول الأسماء فحمدت الله وشكرته وأصبح الآن الأمر حقيقيا لا خوف من المفاجآت , ولكن المفاجأة كانت حين أعلن عن الشخص المستثنى من العفو وهو أحد المتهمين بالمشاركة في قتل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في عمان لأنه لا بد من اتمام مصالحة بين أهل المتهم وأهل الفقيد باعتبار أن ولي المغدور هو من له الحق الشخصي بعد الحق العام , وهذا هو الشخص الذي كان الأكثر فرحا والأكثر نشاطا وتعليقا وهو الذي قال لي تصور أن تكون أنت الشخص المستثنى,فكان هو بالفعل هو الشخص المستثنى,تأثرنا له كثيرا وشاب فرحنا حزنا وعبرت له عن حزني وألمي لهذه المفاجأة غير المتوقعة لشخصه ولكنها كانت ستقع لأي منا , لبس بدلته الخاصة بالسجن بعد أن خلعها وألقاها بين بدلات الآخرين حيث أنه أخذ يبحث عنها من بين الملابس الأخرى , توجه الواحد تلو الآخر الى غرفة الأمانات وكانت غرفة كبيرة جدا وبها رفوف وعليها حقائب وأكياس , وبقج وهي خاصة للمعتقلين والمسجونين تنتظر أصحابها حين الأفراج عنه , وفعلا استلمت حقيبتي السفرية وبها ملابسي المدنية واستلمت بعض الأموال التي لم تحول الى الكنتين ثم وضعت بالحقيبة بعض أغراضي الشخصية التي جمعتها أثناء فترة الأعتقال والتي لم تتجاوز الأربعة أشهر ومنها بعض الدفاتر التي تحتوي على بعض الخواطر وبعض الملابس الخاصة , بعد خروجي من غرفة الأمانات وكنت في أول الصف طلبني فريق الأمن الوقائي وطلبوا تفتيش أمتعتي مرة ثانية ووجدوا بعض الأوراق ومنها رسائل تنظيمية , فقالوا : لو سمحت نرجوا الأنتظار قليلا , ولكن الدور في الأفراج استمر وخرج بعض المعتقلين وانتظرت أكثر من ساعة الى أن قالوا : سوف نصادر الرسائل وبامكانك الخروج ولكن من الطبيعي أن يتم استدعائك للمخابرات ان لزم الأمر , قلت : لا بأس , وفعلا ختموا على يدي اليسرى بختم السجن للسماح لي بالمرور عبر حواجز وبوابات السجن الى أن خرجت مشيا على الأقدام الى البوابة الخارجية وكان في استقبالي أخي وأبناء عمومتي وكثيرا من المحبين وأناس كثر ينتظرون أبنائهم بعض من المنتظرين أخذوا بسؤالي عن أشخاص أعرف بعضهم وأجهل البعض الآخر , وكنت أجيبهم بشكل سريع عما أعرفه , ركبنا السيارة وكانت مجموعة من السيارات الأخرى وعدنا من سجن السواقة الى البيت وحينما وصلنا كان كثيرا من الأهل والأحباب والجيران بانتظارنا وكانت فعلا فرحة كبيرة وكان الجميع بانتظارنا من يوم اعلان العفو العام من يوم الجمعة تقريبا وكلهم يتوقعون اللحظه هذه أو تلك عبر مرور الساعات والتي كانت طويلة ولكنها متفائلة , سلمنا على المستقبلين وعلى أهل بيتي وعلى أقاربي الذين كانوا ينتظرون في القاعة في الدور الأول واستمر استقبال المهنئين لساعات متأخرة من الليل واستمر لعدة أيام وفي اليوم الثالث صنعنا طعام غداء وحضره الأهل والمحبين والأصدقاء والجيران وبعض السياسيين وأصحاب الرأي وأفراد بعض التنظيمات والأحزاب السياسية , واستمر حضور المهنئين لما بعد الأيام الثلاثة , في الليلة الأولى وحين آويت للفراش تذكرت الحلم الأخير لي في الزنزانة وان ذكرتكم ببعض جوانبه ( حيث حلمت أنني في قاعة وفيها هرج ومرج وناس يتحركون ورأيت أناسا أعرفهم وآخرين لا أعرفهم ثم سمعت صوتا واضحا ومسموعا يقول" سبعة" , وحينها لم استطع أن أصل لتفسير هذا الحلم , الا أنه أصبح الآن واضحا وضوح الشمس , فالقاعة هي قاعة المحكمة وفعلا دخلتها لعدة جلسات والهرج والمرج هو آراء الناس منها الأيجابي ومنه السلبي ورقم سبعة هو حكم الله الذي لا حكم قبله ولا بعده مهما تآمر المتآمرون ومهما خطط المخططون فهي فعلا سبعة شهور ثلاثة في الزنازين وأربعة في سجن السواقة, الحمدلك يارب في الأول والآخر , لك الحمد الى أن تقوم الساعة , فمع أخطائي وتقصيري وعجزي وسوء ادارتي في أحيان الا أن يد الرحمن تنتشلني من غياهب السجون وأولها وأعظمها في المعتقلات الصهيونية بعد أن صدر حكما قضائيا من دولة العدو بالسجن مدى الحياة "99سنة" ولكن كان حكم الله سنة ونصف , وفي هذه المرة كان مخططهم الحكم علي ب :15سنة " على أقل تقدير ولكن كان حكم الله النافذ هو سبعة شهور, انها هبة من الله , لعل الله وجد عندي بعض المصداقية ولعله وجد عندي بعض الأخلاص , ولعله بسبب دعاء الوالدين , أو بسبب أهل بيتي وأطفالي , أو بسببهم جميعا , لله الحمد والشكر والمنة , وشكرا لعقل وسياسة الملك حسين لأنه من لم يشكر الناس أهل الفضل لم يشكر الله .