مجزرة الدوايمة مثا لاً...قتلة على طاولة التفاوض!
شؤون سياسية
الخميس 6/12/2007
أحمد أبو سلعوم المناصرة
من المعروف أن المؤرخين الصهاينة الذين كتبوا عن المجازر الوحشية. وحلقات الذبح الدموية بحق الشعب الفلسطيني
منذ بدء مأساته الوطنية وحتى الساعة. يرجعون إلى قاعدة أساسية في العقيدة الصهيونية العنصرية. بنيت على أرضية اعتماد قانون ( الحق المطلق ) الذي يضع دائماً اليهود في جهة أعلى من بقية البشر. وكثيراً مادللت على ذلك تعاليم تلمودهم, وهذا ماجعلهم يؤمنون بالعمل الدؤوب على إبادة الجنس العربي. فالعقيدة الصهيونية. وماقامت عليه من عنصرية تغذت دائماً بالأعمال والأفكار الإجرامية والإرهابية.
فالقتلة الذين يجلسون معنا على طاولات المفاوضات في السر والعلن, وتحت مسميات وعناوين مختلفة. ومهما اختلفت أشكالهم وأرقامهم وأسماؤهم, هم ذاتهم الذين ارتكبوا بدم بارد المذابح الدموية, ومارسوا القتل المنظم بحق الشعب العربي والفلسطيني, تحت سمع وبصر العالم المتمدن.
فتاريخ الشعب الفلسطيني من خلال مسيرة كفاحه الطويل, حافل بالمجازر الدموية البشعة التي ارتكبت بحقه, لكنه أيضاً زاخر بالمآثر البطولية التي لن يكون بمقدور تاريخ الإنسانية تجاوزها. فالدم يفرض نفسه دائماً على الظلم وعلى سيف الظالم والمعتدي, ولم يذكر في التاريخ أن شعباً في أربع جهات الأرض تناسى ذاكرته وآلامه.
وحديثنا اليوم عن مجزرة دموية, جرت فصولها وأحداثها في العام 1948 إبان قيام كيان الأعداء على أرضنا. والمكان قرية فلسطينية من قرى مدينة الخليل تدعى ( الدوايمة ), ولكن من سوء حظ هذه القرية, وفي غمرة الغزوة الإلغائية فقد جرى طي ملف الأحداث الدموية فيها.
فالقرية المنكوبة هي إحدى قرى محافظة الخليل, بلغ عدد السكان فيها ماينوف عن خمسة آلاف, ويوم احتلالها هو الجمعة 11/11/1948 كان عدد من فيها من سكان القرى المجاورة, والذين أجبرتهم العصابات الصهيونية على ترك قراهم بالإضافة إلى سكانها, حوالى 9 آلاف نسمة, وتحيط بهذه القرية الوادعة. قرى دورا والقبية وبيت جبريل والفالوجا.
إن القرى التي رسمت في ذاكرة شعبنا كثيرة, كدير ياسين ونحالين وكفر قاسم..الخ فلا تكاد تذكر قرية, إلا ويتحدث أهلها عن حلقات القتل والذبح والاغتصاب الذي فاق كل وصف.
أما ماجرى في ذلك اليوم الأسود, فإنه يستدل من روايات الأهالي أن قرية الدوايمة قد عاشت ساعات عصيبة إبان احتلالها وارتكاب المجزرة فيها, كغيرها من القرى التي داهمتها الوحشية اليهودية.
فمع إشراقة شمس يوم الجمعة 11/11/1948 بدأ الجنود الصهاينة وأفراد العصابات من تعداد الوحدة 89 من أفواج هاغاناه بقيادة زعيم الأرغون المجرم المقبور مناحيم بيغن الهجوم الشامل على القرية بهدف احتلالها وطرد سكانها تنفيذاً لأكبر عملية ( تراتسفير ) في القرن العشرين. وبالأسلحة والإمكانات القليلة المتوفرة آنذاك خاض السكان معارك دفاع بطولية ويائسة, ودارت على مداخل القرية مواجهات دامية. وسقط الكثير من المدافعين عن القرية, وتردد في ذلك الوقت أن قائد الهجوم هو مناحيم بيغن الذي أصيب إصابة بالغة في معركة البيادر جنوب القرية. فكان ثمن البطولات الجمة التي سطرها المدافعون عنها, مجزرة رهيبة اقترفها المجرمون بحق السكان العزل بلغت حصيلتها حوالى 400 ضحية.
ويذكر في الروايات المؤرخة أن الجنود الأعداء أرغموا من تبقى من أحياء على إلقاء جثث الموتى في الآبار المهجورة في المنطقة لإخفاء آثار الجريمة.
فكانت هناك العديد من الروايات التي يندى لها الجبين, ورغم ذلك كان من الطبيعي أن تكون روايات وشهادات الأحياء ممزوجة بمشاعر الذهول والأسى بسبب الألم المخزون في الذاكرة. وهو ما أبعد الكثير من الروايات والشهادات عن السرد العلمي المتسلسل. إلا أن ذلك لم يمس صدقية الأقوال والروايات عن الحدث المؤلم في العام 1980تحدث عن المجزرة بطلها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن.
وتحدث عن دوره فيها, غير أنه مالبث أن تراجع عن أقواله بعدما أثيرت ضجة كبيرة حول ذلك أثارتها صحيفة حدشوت في ذلك الوقت. غير أنه وبعد مرور عام على اعترافات بيغن أثارت صحيفة معاريف القريبة من المعارضة العاصفة مجدداً وذلك عندما نشرت مقابلة غير مسبوقة مع أحد الجنود الذين اشتركوا في الهجوم على القرية.
قال الجندي في شهادته:
( واجهتنا مقاومة شرسة من العرب. وأصيب اللفتنانت مناحيم بيغن في المعارك فتلقينا برقية على جهاز الإرسال بضرورة إطلاق النار على كل شيء يتحرك بمن فيهم الأطفال الصغار, فالصغار يوماً سيكبرون ويحملون السلاح ).
*صحفي فلسطيني