أخي القرش إن هذه المدينة الرائعة هي من أروع ما أنجز العرب من حضارة فهي المدينة التي كانت عاصمة الامبراطورية النبطية التي امتدت جغرافياً من دمشق إلى الاسكندرية ومن غزة إلى شواطئ الخليج العربي ،،،
مدينة قاومت الزحف اليهودي ( الحشموني ) على بلاد العرب منذ البداية وكان من أروع ملوكها الملك حارثة الرابع الذي كان يكنى بـ ( راحم عمهو ) أي رحيم شعبه ، هذا البطل الذي سلطه الله على العبرانيين الحشمونيين بعد قتلهم لسيدنا يحيى عليه السلام عام 27م فقتل منهم الآلاف المؤلفة حتى قالت يهود هذا انتقام الرب ليحيى ( عليه السلام ) ،،،
لقد كان ملوكهم شيوخ عشائر أي أن هيبتهم تكمن من كونهم قادة الشعب الذين يلتحمون بالعامة فهم يرعون أغلب شؤونهم بانفسهم بل وقد يسقي ملكهم فرسه بنفسه ،،،
تفاخر هؤلاء القوم بانتشار الكتابة والعلم بينهم حتى لم يكن فيهم أمي قط ؛ قال تعالى في سورة العنكبوت : (( وكانوا قوماً مستبصرين )) صدق الله العظيم ؛ فلا تكاد تجد صخرة في البتراء إلا والنقوش الثمودية عليها بادية ظاهرة ،،، وكذلك الخط النبطي الذي كان نواة الخطين العربي - قبل التنقيط - والعبري على حد سواء ،،،
المؤسف أن هذه المدينة اعتنقت الديانة الوثنية وتأثرت بآلهة الإغريق وانتجت اللات والعزى - اللتين انتقلتا لاحقاً إلى مكة وبلاد الحجاز - وتركوا ما ورثوه من دين أبينا إبراهيم عليه السلام ، فتسلط عليهم الرومان الوثنيون - بتحريض من اليهود الذين استغلوا الرأي العام الروماني وحرضوه بحجة ما أصابهم من ذبح عام 27م وتمكنوا أخيرا من استقدام الحملات الرومانية إلى المنطقة والتي استطاعت عام 106م من تدمير هذه المدينة الحصينة زمن الطاغية الروماني (تراجان) الذي دمرها واضطهد المسيحيين الذين كانوا في بداياتهم والذين كان في البتراء بدايات لانتشارهم بين العرب ،،،
بالمناسبة تراجان هذا هو نفسه الذي اضطهد أهل الكهف كما هو مرجح عند علماء الآثار ،،،
للأسف بعد سقوط المدينة الوردية لم يكتب أحد تاريخها وكثير من آثارها وتاريخها لم يكتبه سوى أعداؤها من يهود ورومان ومستشرقين ،،، ولم نجد حتى اليوم أي كتاب من تراث هذه المدينة والمذهل أن المحاكم العظيمة المنحوتة في الصخر لا يوجد لها سجلات تحفظ حقوق الناس والتجار وكافة الأقليات الموجودة في عاصمة العالم الاقتصادية آنذاك !!!!!!
أقول فهل أصاب تراث تلك المدينة ما أصاب تراث العراق على أيدي المحتلين من حرق ودمااااار ؟؟؟!!!!
إن كلمة نبطي : تعني مزارع لأنهم استنبطوا الماء من الأرض وتفننوا في كيفية أدارة شؤون الماء في وسط الصحراء الملهبة ،،، وقيل نسبة إلى جدهم نبايوت بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام ،،،
إن الأنباط هم المعروفون لدى التوراة ببني قيدار وهم من نسل إسماعيل الذي اوصى الله أمه بان تشد يدها به وتعهد في التوراة بتكثيره وجعله أمة عظيمة ،،،
لقد ورثوا هذه الأرض عن العرب الآراميين وعن العماليق ( عاد الثانية ) ،،، فكانوا هم الذين عرفوا بقوم صالح ( ثمود ) أصحاب الناقة وكنت نهاية مدينتهم نهائياً بفعل زلزال عظيم بزعم علماء الآثار !!!
لقد انحسر نفوذ العرب بعدها إلى داخل الصحراء وبقوا يلعقون جراح هزيمتهم وذلهم ويكونون ممالك ضعيفة تارة ترزح تحت حكم الروم وتارة تستجدي حنان الفرس حتى قيض الله لهذه الأمة من حررها من نير الظلم والاحتلالين الروماني والفارسي يوم قال سيدنا عمرو بن العاص لهرقل الروم : ((هذه أرض أجدادنا العماليق)) ،،، اجل يا أخي ولا زال علماء الآثار الغربيين يحاولون طمس أهمية هذه الحضارة ، ويصغرونها حتى لا يعرف العرب حقيقة هذه الحضارة ذات الرفاهية العالية ؛ قال تعالى فيها
( كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً فارهين )) وقال تعالى : (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد ، إرم ذات العماد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وفرعون ذي الأوتاد ، الذين طغوا في البلاد فصب عليهم ربك سوط عذاب )) صدق الله العظيم ولنلاحظ أن حضارة عاد وإرم (رم) وثمود كلها ذكرت قبل حضارة فرعون ؛ فهل كانت أعظم من تلك الحضارة التي يطبل الغرب لها ويزمر ويعظمها في عيون أصحابها ويصغ حولها الهالات الأسطورية محاولاً نزعها عن محيطها العربي وزاعماً أنها حضارة مستقلة تمهيداً لنزع مصر عن عروبتها وفرعنتها حتى تنسلخ عن الأمة ويسهل تفتيتها وشرذمتها ، فتذهب ريحنا ويستفردون بنا !!!!