غسان شربل يرصد في الحياة اللندنية مظاهر وأسباب التباعد ثم التقارب بين القوتين الإقليميتين سوريا والسعودية مؤكدًا أن الأحداث الإقليمية التي سبب التباعد هي ذاتها التي صنعت التقارب.. ود. سليمان صالح يستعرض في الشرق القطرية أسباب التقارب - غير المفهوم لدى الكثيرين – بين المسيحيين واليهود ضد المسلمين ومقدساتهم رغم العداء التاريخي بينهما بسبب حادثة صلب المسيح.. وفي الشرق الأوسط: مستوطنون يستولون على منزل فلسطيني ضخم يطل على الأقصى ويطردوا جميع ساكنيه
كتب: محمد أبو المجد (المصريون) | 31-07-2010 00:38
غسان شربل يرصد في (الحياة اللندنية) التطورات الجديدة في العلاقات بين سوريا والمملكة العربية السعودية كقوتين إقليميتين كبيرتين دفعتهما الأحداث الإقليمية لأن يكونا على طرفين نقيض دهرًا من الزمن ثم ما لبثت نفس الأحداث أن دفعتهما دفعًا نحو التقارب المشترك بحثًا عن الاستقرار.
يقول شربل: كان العقد الاول من القرن الحالي صعباً عربياً ودولياً. وكان صعباً سعودياً وسورياً. وكان على قيادتي البلدين اتخاذ قرارات صعبة بفعل الاقامة وسط العواصف او قربها. غرق العالم في اضطراب كبير. وغرق الشرق الاوسط في الاضطرابات ولم تغب الانقلابات ومحاولات الانقلاب.
ويتابع: عقد صاخب فعلاً. استيقظ العالم في 11 ايلول (سبتمبر)2001 على «غزوتي نيويورك وواشنطن». تلك الضربة المدوية ستدفع الامبراطورية المجروحة الى إخراج آلتها العسكرية الهائلة في عملية تأديب دولية. هوية مهندس الضربة وهويات المنفذين كشفت ان السعودية مستهدفة بأمنها واستقرارها وعلاقاتها الدولية. سورية ايضاً كانت تراقب انطلاق «الحرب على الارهاب».
لم يتأخر الزلزال الثاني. تقدمت دبابة اميركية في شوارع بغداد واقتلعت تمثال صدام حسين ونظامه. فتحت في العراق صفحة صعبة وغامضة وأظهرت تصرفات الاميركيين جهلاً فاضحاً بتركيبة البلد الذي ادعوا المجيء لإنقاذه وبمشاعر اهل المنطقة على اختلاف مواقفهم. تحول العراق ساحة اشتباك وفرصة تدخلات ولاحت بوادر تغييرات في موازين القوى الاقليمية وانطلقت شرارات فتنة مذهبية. كانت الرياض تراقب وتواكب. وكانت دمشق تراقب وتتحرك، فالنار مندلعة عند حدودها. اختلفت قراءات العاصمتين، لكن القلق كان مشتركاً.
الزلزال الثالث جاء من بيروت.. اغتيل الرئيس رفيق الحريري وتصاعدت الاتهامات وانسحبت القوات السورية. هزّ الاغتيال ركائز الاستقرار اللبناني وأدخل العلاقات السعودية - السورية في امتحان سيتسم بصعوبة غير مسبوقة بعد حرب تموز (يوليو) 2006 وتمدد الدور الايراني ووقوف كل من البلدين في معسكر مخالف للآخر.
من أتيحت لهم مواكبة محطات هذا العقد الصاخب من الرياض ودمشق معاً استوقفتهم مسألة مهمة. حرصت العاصمتان حتى في اشد ساعات الغضب والعتب على استبعاد خيار الطلاق النهائي على رغم عمق الاختلاف. لم تؤيد السعودية في اي وقت خيار زعزعة استقرار سورية. ولم تؤيد سورية في اي وقت خيار زعزعة استقرار السعودية. استمر كل طرف في الاعتراف بأهمية استقرار الطرف الآخر وأهمية دوره.
تراكمت الملفات الشائكة على طريق الرياض - دمشق. المحكمة الدولية في اغتيال الحريري والدور الإيراني المتصاعد من بغداد الى بيروت وأحداث 7 أيار(مايو) اللبناني وسيطرة «حماس» على غزة وتنامي المشاعر المذهبية. القلق من تسارع الانهيارات العربية وشيوع حال التفكك كان حاضراً في مكتب الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وكان حاضراً ايضاً في مكتب الرئيس بشار الاسد. ومن الشعور بالحاجة الملحّة لوقف الانهيار، اطلق العاهل السعودي مبادرة المصالحة العربية واتخذ الرئيس السوري قراراً مشابهاً بطي الصفحة الماضية.
أتاحت الزيارات المتبادلة إجراء حوار صريح وعميق حول الملفات الساخنة في المنطقة. وساهمت عودة الدفء الى العلاقات الشخصية في مناقشة ملفات صعبة وحساسة. وساهم خروج سورية من حال الاشتباك التي كانت فيها في منتصف العقد في تسهيل التوافق على آلية لمعالجة الخلافات والأزمات وفي دفع سورية الى تقديم نفسها قوة استقرار لا قوة اعتراض على الاستقرار.
ويؤكد شربل أن ما سبق لا يعني أن قراءة الرياض لأحداث المنطقة باتت مطابقة لقراءة دمشق او العكس. لكنه يعني وجود قرار قاطع بالسعي إلى التقريب بين القراءتين ومناقشة كل الملفات تحت مظلة قرار الاستقرار. وقرار الاستقرار وليد حسابات دقيقة للمصالح وإدراك واضح للمسؤوليات وليس مجرد قرار عاطفي يقفز فوق جذور الأزمات.
ويختم بالقول: مع زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى دمشق امس تخطت العلاقات مرحلة المصافحة والمصالحة الى مرحلة السعي الى بناء نواة قوة استقرار عربية تسعى الى مكافحة الحرائق او السعي الى منع اندلاعها. في هذا السياق، يمكن فهم اطلالة الملك السعودي والرئيس السوري على اللبنانيين اليوم من قصر الرئاسة في بعبدا. انها رسالة يجدر باللبنانيين التقاطها. لم يعد المكان يتسع للمجازفات وحان وقت البحث عن الاستقرار وطبعاً من دون مبالغات أو أوهام.
ود. سليمان صالح يستعرض في (الشرق القطرية) أسباب التحالف وثيق العرى بين المسيحيين واليهود ضد المسلمين بشكل أثار استغراب الكثير من المسلمين الذين يعرفون أن هناك ثمة عداوة تاريخية بينهما بسبب حادثة صلب المسيح المتهم فيها اليهود بشكل أساسي.
يقول د. سليمان: لم يكن مفهوماً لمعظم الناس لماذا تحالف المسيحيون مع اليهود، ذلك أن هناك نوعاً من العداء التاريخي فالمسيحيون يعتقدون أن اليهود هم الذين تآمروا لصلب المسيح.
بالرغم من ذلك تشكلت ظاهرة المسيحية الصهيونية التي أصبح معتنقوها هم السند والنصير لإسرائيل، والقوة التي ترغم أمريكا وأوروبا على تأييد إسرائيل وحمايتها وضمان أمنها والصمت عن جرائمها وانتهاكها لحقوق الإنسان.
وكل ما بناه اليهود على أرض فلسطين كان بأموال المتبرعين من المسيحيين الصهيونيين بالإضافة إلى الأموال التي تغدقها عليهم أمريكا وأوروبا.
تريليونات الدولارات تدفقت من الغرب على إسرائيل، ليبني بها اليهود دولتهم ويدعون كذباً أنهم حولوا الصحراء إلى جنات خضراء.
وفي خلال العقدين الماضيين ظهر توصيف للحضارة الغربية تبناه الكثير من الكتاب يقوم على أن هذه الحضارة مسيحية يهودية.
هناك الكثير أيضا من وسائل الإعلام الغربية التي ربطت بين المعتقدات اليهودية والمسيحية حول إقامة الهيكل الثالث.
على سبيل المثال مجلة نيو روبابليك قالت في 18 يونيو 1984 إن ملايين المسيحيين الإنجيليين في أمريكا يؤمنون بأن قوة إسرائيل وإقامة الهيكل الثالث خطوة حول عودة المسيح وهذه عقيدة مشتركة بين اليهود والمسيحيين، وأضافت المجلة أن هناك مؤامرة بين اليهود والمسيحيين لإعادة بناء الهيكل.
وهذه النبوءة أصبحت تقوم عليها تجارة رائجة في أمريكا بشكل خاص ودول الغرب بشكل عام، فهناك الكثير من الكتاب الأمريكيين المسيحيين الذين أصدروا كتباً تشرح هذه النبوءة من واقع نصوص الإنجيل والتوراة وقد انتشرت هذه الكتب لتصبح أكثر الكتب رواجاً حيث يقدر عدد النسخ التي وزعت منها في أمريكا بأكثر من سبعين مليون نسخة، كما ترجمت إلى أكثر من خمسين لغة.
على مستوى التأثير حققت هذه الكتب والمواد الإعلامية والثقافية التي ركزت على شرح نبوءات الإنجيل والتوراة حول إعادة بناء الهيكل كمقدمة لعودة المسيح تأثيراً إستراتيجياً كبيراً، واستخدمت في تصنيع اتجاهات الجماهير لتأييد إسرائيل.
جريدة جيروزاليم بوست وهي جريدة ذات أهمية كبيرة في إسرائيل أصدرت ملحقاً في 30 سبتمبر 1983 حول الهيكل الثالث، وتضمن هذا الملحق مقالاً عنوانه الرابطة المسيحية جاء فيه: بينما توجه جماعات جوش أمونيم ويوشوفات كوهينيم أنظارها نحو بناء الهيكل، فإن المسيحيين الإنجيليين في أمريكا يخرجون الأموال من جيوبهم لتمويل الأنشطة التي تؤدي إلى إعادة بناء الهيكل.
أضافت الصحيفة الإسرائيلية: أن هناك الكثير من المسيحيين المحافظين والكنائس والجماعات يعملون لإعادة بناء الهيكل، ويعتبرون أن إعادة بناء الهيكل هو حجر الزاوية في عقيدتهم.
أضافت الجيروزاليم بوست أن هؤلاء المسيحيين الإنجيليين يؤمنون بالنبوءات وأن بناء هذا الهيكل هو مقدمة لعودة المسيح.. وهكذا حدث تحالف بين اليهود والمسيحيين الإنجيليين هدفه إعادة بناء الهيكل.
الغريب أننا عندما نستخدم مصطلح المؤامرة يسخر منا العلمانيون العرب ويعتبروننا متخلفين، ذلك أن فكرة المؤامرة في نظرهم تتناقض مع العلم والذين يتحدثون عنها هم الضعفاء.
لكن الصحف الغربية نفسها تستخدم نظرية المؤامرة، حيث قالت مجلة لينك الناطقة باسم الكنائس العالمية إن المتعصبين اليهود والمسيحيين الإنجيليين يتآمرون لتدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة وبناء الهيكل الثالث مكانه.
أضافت المجلة أن هناك هدفا مشتركاً بين اليهود والمسيحيين الإنجيليين، كما أن هناك ارتباطاً عقائدياً يشكل أساسا للوحدة بينهما، وأدى ذلك إلى قيام المسيحيين الإنجيليين بتمويل إسرائيل وجمع التبرعات لها.. إنهم يتقاسمون الآمال والأهداف التي تشكلها العقيدة.
لنأخذ مثالاً من خطاب أحد زعماء المسيحية الصهيونية وهو هل ليندسي الذي يقول إن إقامة دولة إسرائيل عام 1948 والاستيلاء على القدس عام 1967 هو نهاية عهود الأغيار وهو مصطلح يستخدم في العقيدة اليهودية لتوصيف كل الأمم فيما عدا اليهود.
ويعتبر هال ليندسي هو الأب الروحي لحركة نبوءة إنجيل العهد الجديد والممثل الرئيسي للصهيونية المسيحية، وهو يرى أن مساحة الـ 35 فداناً المقام عليها الآن المسجد الأقصى، والتي يجب أن يقام عليها الهيكل الثالث هي أهم نقطة في الصراع العالمي، وسيتم حسم مصير الأرض كلها بناء على نتيجة الصراع حول هذه القطعة من الأرض!
يضيف ليندسي: إن الهيكل سيتم إعادة بنائه... هكذا تقول النبوءة.... وهذه أول مرة يسيطر فيها اليهود على الهيكل بشكل كامل منذ 2600 سنة، وبناء الهيكل العظيم إشارة إلى العودة القريبة للمسيح وعلى كل الذين يؤمنون بالمسيح أن يستعدوا لاستقباله.
يبقى أن نقول أن المسيحيون الصهاينة يفسرون نبوءات الإنجيل في شكل تتابع زمني يبدأ بحرب مدمرة بين اليهود والمسلمين، تنتهي بمعركة "هرمجدون".
أما جريدة (الشرق الأوسط) فقد نشرت في طياتها خبرًا يبعث على مزيد من الأسى والحزن، يقول: استولى مستوطنون بحماية ومرافقة شرطة الاحتلال عند الساعة الثالثة من فجر اليوم الخميس، على مبنى من طابقين يشتملان على 11 غرفة في حارة السعدية بالبلدة القديمة من القدس.
وأفاد مراسلنا في المدينة المقدسة أن المنزل تعود ملكيته للمواطن سليمان حنضل، فيما تقطنه عائلة المواطن كمال قرش المكونة من خمسين نفرا، فيما تمت عملية الاستيلاء خلال غياب أصحاب المنزل عنه.
وبالاستيلاء على هذا المبنى يرتفع عدد المباني التي يستولي عليها مستوطنون في حارة السعدية إلى 5 مبان، من أصل 70 عقارا كان مستوطنون استولوا عليها في عموم البلدة القديمة تطل جميعها على المسجد الأقصى.
وقال ديمتري دلياني عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن قوات الاحتلال قامت بطرد القاطنين في المنزل الا أنهم لم يتمكنوا من اخلاء ثلاث غرف من مُجمل المنزل حيت اعتكفت عدد من النسوة والأطفال فيها و قاموا بإقفال ابواب هذه الغرف من الداخل.
وأضاف دلياني الى أن المنزل كان يستخدم في سنوات قبل الاحتلال الاسرائيلي عام 67 كمدرسة و هو مكوّن من طابقين و يقع بالقرب من المسجد الأقصى المبارك.
وتخوف دلياني من مخططات انشاء مدرسة دينية للمتطرفين اليهود في هذا المنزل بحُكم موقعه الحساس حيث يبعد حوالي 300 متر عن الحرم القدسي الشريف و مساحته الكبيرة الأمر الذي سيدعم بشكل كبير تواجد المستوطنين غير الشرعي في أحياء البلدة القديمة.
ولفت دلياني الى أنه يوجد حوالي 75 بؤرة استيطانية استعمارية في البلدة القديمة من القدس يقطنها حوالي 3500 مستوطن تحت حماية اسرائيلية مُسلّحة و تقام فيها عدد من المدارس الدينية المتشددة. وقال أن الاستيلاء على منزل عائلة قرّش تحت حماية قوات الاحتلال هو دليل آخر على نوايا حكومة نتنياهو الاستمرار في عملية الاستيطان بالقدس العربية المحتلة و وضع المزيد من العراقيل أمام تقدم العملية السياسية.
وأشار دلياني الى تجمع عدد كبير من كوادر حركة فتح و أهالي البلدة القديمة حول المنزل فور سماع نبأ الاستيلاء على المنزل حيث حدثت صدامات مع قوات الاحتلال.