فاطمة علاقات عامه
عدد المساهمات : 895 السٌّمعَة : -153 تاريخ التسجيل : 01/05/2009 العمر : 49
| | المسلمون حول العالم / فرنسا | |
المسلمون حول العالمالمسلمون في فرنسامع جلاء الاستعمار الفرنسي عن المستعمرات الأفريقية خلال الستينات، انتهت مرحلة الاستغلال المباشر للموارد البشرية والطبيعية، وبدأت مرحلة جديدة من الاستغلال لهذه الموارد بشكل آخر وبأساليب مختلفة، منها الإتيان باليد العاملة الرخيصة، كما حصل في شمالي أفريقيا، وتقديم الوعود المغرية للهجرة.كانت السمة الغالبة لهؤلاء المهاجرين عدم التخصص العلمي، وضعف الوعي السياسي، وقلة الزاد الثقافي والديني، ونتيجة لهذه المواصفات،ألقيت على الجيل الأول أعباء القيام باقتصاديات فرنسا، وخاصة في مجال إقامة الجسور والطرقات والأنفاق، وأدناها في السلَّم الوظيفي من قبيل التنظيف والصيانة والحراسة ، وبذلك وقع على عاتق هؤلاء البناء العمراني في فرنسا.وقد عاش هؤلاء معاناةً قاسيةً تمثَّلت في البداية أن يعيش المهاجر بمفرده بعيداً عن عائلته وذويه، وما ينجم عن ذلك من مضاعفات علىالصعيدين النفسي والاجتماعي.وبقي الأمر كذلك حتى صدر قانون «التجمع العائلي» الذي يبيح لأفراد عائلات المهاجرين الانضمام إليهم،وكان ذلك نتيجة مطالبات منظمات إنسانية ونقابية احتجاجاً عل الوضع المأساوي الذييعيشه هؤلاء العمال، وبالرغم من إصدار هذا القانون، فإن حياتهم تحولت إلى معاناة مننوع آخر، تمثلت في حشر عدد منهم في مجمعات سكنية مكتظة ومعزولة لا تتوفر فيها أدنىمتطلبات الحياة، وما زاد من تفاقم مشكلة هؤلاء المهاجرين، حياة التردد التي سادت في أوساطهم بين أن يعود المهاجر إلى وطنه أو أن يبقى على مضض في البلد المهاجر إليه،ولكن الظروف كانت قد أملت على معظمهم البقاء في تلك البلاد والاستقرارفيها.كان هذا الجيل هو المتضرر الأول من الأزمات الاقتصاديةالتي اجتاحت البلاد الأوروبية الغربية منذ السبعينات، وبالأخص أزمة النفط في 1973، 1974، حيث كانالعمال الذين تنقصهم الخبرة والإمكانيات العلمية ـ القادرة على النهوض بهم في أوقات الأزمات ـ في رأس قائمة البطالة والتهميش الاجتماعي.وتزامن ذلك مع صعود اليمين ذي النـزعة العنصرية الذي اتخذ المهاجرين هدفاً لحملاته الإعلامية والسياسية، واعتمد خطاباً استفزازياً إقصائياً للأجانب، ولا سيّما العرب المسلمون.في مثل هذه الظروف نشأ الجيل الثاني والثالث من أبناء المهاجرين، ولئن كانت إمكانية الاستفادة بهمأكبر من آبائهم، إلاّ أنهم ورثوا بدورهم حالة التمزق التي عاشها آباؤهم، وتملَّكهم شعور بأنهم مواطنون من درجة ثانية، نتيجة عوامل ذاتية وموضوعية، كما سجلت أيضاً حالات من التهميش المقصود للجالية العربية _ الإسلامية على المستوى التعليمي، بتوجيههم إلى اختصاصات قصيرة المدى، بهدف الحدِّ من تخرج الطاقات والكوادر في الاختصاصات العليا وما ينجم عن ذلك من دور فاعل ومؤثر في حركة المجتمع في كافة قطاعاته. وما يساهم في تعقيد هذه المشاكل، تبني الحكومات الفرنسية المتعاقبة إجراءات تمييزية ضد المواطنين المسلمين، ولا سيما في ما يتعلق بالحجاب، بالرغم منأن حجر الأساس في النظام العلماني الغربي هو كفالة الحرية الشخصية للفرد على الصعيدالاجتماعي.إن القانون الفرنسي الحالي الساري المفعول منذ عام1989 بشأن ارتداء الحجاب، مقصور على المدارس، والهدف المعلنمن الضجة المثارة هو التمهيد لقانون جديد أوسع نطاقاً لحظر ارتداء الحجاب على الإطلاق، وينص القانون الحالي على منح المدارس سلطة منع أي رمز ديني، «سواء كانحجاباً إسلامياً أو قلنسوة يهودية أو صليباً مسيحياً» يرتديه الطلبة، «لأنه بنظرهم يمثِّل وسيلة للضغط أو الدعاية أو الاستفزاز أو التحريض على اعتناق دين معين»، وقد تجددت هذه القضية لاحقاً حيث يدور جدال حار بين مؤيد لحظر الحجاب وبين مؤيد له، وقد اتخذ الرئيس الفرنسي موقفاً مؤيداً لقرار يقضي بحظره في المدارس، واعتباره رمزاًعدوانياً يشي بالتطرف، ليتحول مع ذلك القرار إلىقانون.وفي هذا المجال ثمّة ملاحظتان:الأولى: إن هذا القانون من الناحية النظرية يشمل جميع الأديان، ولكن في الممارسة الواقعية نجد أن الإجراءات لا تطال إلا مرتدي الحجاب، مع تجاهل حالات ارتداء القلنسوة أو الصليب. الثانية: ليس الهدف لدى المسلمات من ارتداء الحجاب ممارسة ضغوط أو دعاية أو استفزاز أو تحريض ضدّديانات أخرى، وإنما هو ببساطة امتثال لتشريع ديني يوجب على المرأة المسلمة ارتداءالحجاب.ولكي لا تسير الأمور على غاربها، ولكي يبقى الوضع تحت السيطرة ودائرة الضبط، اتفق مسؤولون حكوميون فرنسيون مع زعماء الطائفة الإسلامية فيفرنسا على تشكيل أول هيئة لتمثيل الطائفة، ويجيء هذا الإنجاز تتويجاً لجهود استمرتلعدة سنوات في سبيل تأطير العلاقة بين المسلمين الفرنسيين وحكومة باريس، وزادت هجمات 11 أيلول/ سبتمبر التي استهدفت الولايات المتحدة، من أهميةالشعور بالحاجة إلى تأسيس خطوط اتصال بين السلطات الفرنسية ومسلمي البلاد، وترميالحكومة الفرنسية من وراء ذلك إلى تحقيق هدفين أساسيين:الأول: العمل على تشجيع انبثاق نمطٍ فرنسي من الإسلاميتميز بالليبرالية.الثاني: يكمن في إزالة العداء الذي يكنه العديد من الفرنسيين للديانة الإسلامية، وذلك بإخراجها إلى العلن. وقد عبّر ساراكوزي، وزير الداخلية الفرنسي عن ذلك بقوله:«ما يجب أن يخيفن اهو الإسلام الضال، إسلام الأقبية، الإسلام السري، وليس الإسلام الذي يمارس في المساجد تحت ضياء الشمس».ولتعزيز هذه الخطوة،حاولت السلطة الفرنسية الإمساك برأس الهرم والسير به تجاه المرسوم، فكلّفت رئيس الحكومة الفرنسية الأستاذ الجامعي دانيال رينيه بمهمة التفكير في تدريب الأئمة في فرنسا. على أن المهم - كما يقول "رافاران" - أن يحيط الأئمة الذين يمارسون عملهم على أراضينا علماً بحقائق المجتمع الفرنسي. ولكي يتم تعليم حقائق المجتمع الفرنسي وإسهام الشباب المسلم الفرنسي في مستقبله، فإن ذلك لا يتسنى ـ كما يقول رافارانـ إلاّ من خلال «كلية للشريعة الإسلامية نتمكن من خلالها فيأعلى مستوى علمي من فتح الحوار بين الثقافات والنظرة الدينية، وأنا واثق من أنه سيكون للشبان الفرنسيين المسلمين دور أساسي في مستقبل الإسلام في مجمله.وفي هذا السياق، دخل الإسلام في فرنسا مرحلةً تاريخيةً مع انعقاد الجمعية العمومية التأسيسية للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية،الذي اكتسب مع هذا الاجتماع، وجوداً شرعيا وقانونياً هو نتيجة جهود أربعة وزراء داخلية فرنسيين من اليمين واليسار على السواء.وبعد تشكيل المجلس،دعا رئيس الوزراء الفرنسي المجلس الجديد إلى أن يكون صوت الاعتدال والانفتاح على المجتمع والدولة والديانات الأخرى الموجودة في فرنسا، كما دعاه إلى أن يلعب «دوراًتربوياً» إزاء الشباب المسلم، خصوصاً شباب ضواحي المدن الكبرى، وعدم الخلط بين الإرهابيين من جهة وأصحاب العقيدة الإسلامية من جهة أخرى. مشاعر قلق وخوف متبادلة:ولكن ما تحقق لم يلغ مشاعر القلق والخوف المتبادل بين المسلمين وبعض التيارات السياسية الفرنسية، وهذا ما بانت ملامحه بوضوح في أعقاب فوزمن وصفوا بأنهم أصوليون في انتخابات مجلس إسلامي يمثل المسلمين في فرنسا الكاثوليكية، حيث عبر وزير الداخلية نيكولاس ساركوزي عن هذه المفارقة، من أن بلادهلن تسمح بأن يتحوَّل المجلس الجديد المنتخب إلى ما أسماه مكاناً للإسلام الثوري،وهو يقصد الإسلام الذي يحتفظون له بصورة سلبية في أذهانهم، وتصويره على أنه يرتكزعلى العنف وممارسة الإرهاب ضد الآخر ، ولذلك فإن القوانين الإسلامية ـ برأيه ـ لنتطبَّق في أيِّ مكان لأنها ليست قوانين الجمهورية الفرنسية.هذه السياسة تتناقض مع ما قرأه الشباب المهاجرون من شعار «حرية وعدالة ومساواة»، ما خلَّف لديهم نقمة عارمة على المجتمع، وحاولوا البحثعن سبل جديدة أودت بالبعض ـ نتيجة ضعف المناعة الدينية وقلة الوعي الديني ـ للسقوط في انحرافات سلوكية وخلقية، مثل تعاطي المخدرات والعنف والجريمة.واستغلت بعض التيارات السياسية ردات الفعل هذه، وعملت على تضخيم المسألة والحديث عن مخاوف ومخاطر تهدد هوية فرنسا وأمنها، وألقت بمسؤولية أزمات المجتمع على «الأجانب».ولم يقتصر التهميش على فئات الشباب، بل طال الكوادر والنخب المثقفة العربية المسلمة، أو ما يعرف «بهجرة العقول» أو «الكفاءات العلمية الفكرية»، وفيهم نسبة من المهاجرين لأسباب سياسية، تعرضت هذه الكفاءات للاستغلال، وخاصةً في القطاع الصحي. كما إن نسبة منالطلبة الجامعيين من أصل أجنبي غير الحاصلين على منحة يعانون من أوضاع صعبة يضطرون معها للعمل بأعمال مرهقة لا تتناسب مع موقع مؤهلاتهم العلمية. ولكن أبناء الجالية العربية المسلمة لم يرضخوا لوضع الإقصاء والتهميش، وحاولوا الاندماج في المجتمع، فاعتمدوا على الذات في النهوض،وشقوا طريقهم بالكدح، وأبرزوا كفاءةً على أرض الواقع، فأقاموا العديد من المشاريع والمؤسسات التجارية والحرفية وشركات التوريد والتصدير والاستثمار ودور الطباعة والنشر والمكتبات والإنترنت والإعلام ومقاولات البناء والهندسة المعمارية وما إلى ذلك. المؤسسات الإسلامية:ويصعب تحديد عدد هذه المؤسسات الخاصة، لأن النظام الفرنسي يمنع الإحصاء على أساس عرقي أو ديني، ولكن مظاهر هذه المؤسسات كثيرة للعيان في المواقع التي يتواجد فيها عرب ومسلمون، كباريس وليونومرسيليا. وهناك سعي لحل بعض الإشكاليات الفرعية التي تعترضالمسلمين في الغرب، حيث ينصرف بعض رموز العمل الإسلامي في فرنسا للتفكير في هذه الحلول ببعديها التأصيلي الفقهي والتطبيقي العملي، وذلك عن طريق مؤسسات معروفة مثل المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء، ومركز البحوث والدراسات التابعة للكلية الأوروبية للعلوم الإنسانية فيباريس الذي يشرف عليه الدكتور عبد المجيدالنجار.وفي انتظار تحقق هذه المشاريع على أرض الواقع، هناكمبادرات فردية من طرف بعض رجال الأعمال المسلمين وأصحاب المؤسسات والمستثمرين العربوالباحثين في المجال الاقتصادي، المقيمين في فرنسا، لبلورة مقاربة اقتصادية منمنظور إسلامي، ومساعدة أبناء الجاليات المسلمين على تجاوز سياسة التهميش والإقصاء.من المؤسسات: يبلغ عدد المساجد الفرنسية حوالي الألف،يستوعب واحدها حوالي 40 مصلياً، غير أن ثمانية منها تستوعب أكثر من ألف مسلم. حسب منظمة اليونسكو، تقدر نسبة المثقفين بـ 15% من مجموع الجالية العربية والمسلمة في فرنسا، وهي أعلى نسبة في الغرب بعد الولايات المتحدة. بلغ عدد الطلبة الأجانب في التعليم الجامعي بفرنسا 139943 طالباً، خلال السنة الدراسية 1995 _ 1996، في مختلف التخصصات.وللجالية العربية،وخاصة اللبنانية، نشاط بارز في تنشيط الحركة الاقتصادية العربية في فرنسا، وحركة التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية العربية ـ الفرنسية، من خلال مكتب الخدمات الاقتصادية والتجارية والاستشارة القانونية، واستثمار رؤوس الأموال العربية القادمة من الخليج أساساً، ومن هذه النماذج المعرض التجاري الإسلامي الذي يعقده اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا. المصدر : مفتاح الجنة | |
|