الرَّاسخون في العِلْم -أيَّاً كان- يُنْزِلُون الرِّجال مَنَازلهم؛ ولذا فقد قَصَرَ الله عزوجل خَشْيَتَه على أهلِ المَعْرفة دون غيرهم (إنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عباده العلماءُ)، على أنَّ ذلك لا يعني بالمُطْلق صَيْرورة العُلماء والمُفكِّرين عَنْ قَوْسٍ واحد تَبَعاً للحقِّ وأهله؛ إذ العِلْمُ بالشيء أحياناً يُورثُ الإمساك عن قَوْلِ الحَقِّ.
جان جاك روسو
كانت مدينة جنيف السويسرية مَسْقط رأس الرِّوائي والفيلسوف "جان جاك روسو"، وعلى الرغم من صَيْرورتها مَحَلاً لإقامة أسرته منذ نَحْو 200 عام، إلا أن العائلة تشبَّثت ببروتستانتيتها ذات الأصول الفرنسية.
يرتبط اسم روسو -المولود في 28 من حزيران لعام 1712- بـ"عصر العقل" في أوروبا بحكم تَبَوَّئه فيه كأهم كاتب؛ فضلاً عن كونه وَضَعَ حَجَرَ أساس الحركة الرومانطيقية (الرومانسية) الأوروبية؛ عبر توظيفه الوجدان الحقيق في الرواية الفرنسية، وتكريسه الصُّور الوصفية للطبيعة على نطاق واسع فيها.
على أنَّ روسو المُتَوفَّى في 2 تموز بعام 1778، ما تَخَبَّط بشيءٍ بادئ أمره تَخَبَّطهُ بين احتراف الكتابة أو الموسيقى، ولقد أدْلَت فلسفته -ولا سيما في التعليم والأدب- بِدَلْوها في تشكيل أرضية الأحداث السياسية، التي سبقت مَثَارَ نَقْع الثورة الفرنسية عام 1789.
ومما نُقِل على لسان روسو قوله في النَّبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم: "من الأوروبيين من يتعلم قليلاً من العربية ثم يقرأ القرآن ويضحك منه!! ولو أنه سمع محمداً يُمْليه على الناس بتلك الفصاحة الرقيقة، وبصوته المُشْبِع المُقْنِع الذي يُطْرب الآذان ويؤثر في القلوب، والتفت إلى أنه كلما بدت أحكامه أيَّدها بقوة البيان وما أوتي من بلاغة اللسان؛ لَخَرَّ ساجداً على الأرض وناداه قائلاً:
"أيها النَّبي رسول الله، خُذْ بيدنا إلى مَواقف الشَّرف والافتخار أو إلى مَواقع التَّهلكة والأخطار؛ فنحن من أجلك نَوَدُّ المَوْتَ أو الانْتصارَ".
يذكر أن روسو يُعَدُّ في نظر الأوروبيين مُؤسِّس علم التربية الحديث.
لامارتين
ولا يَسَعُنا أنْ نُغفل شهادة حَقِّ الشاعر والفيلسوف الفرنسي الكبير "لامارتين" -المولود في 21 تشرين الأول عام 1790- في شأن نبيِّ الحقِّ الشهيرة: "إن مُحمَّداً أقلُّ من الإله، وأعْظَم من الإنسان العادي؛ أي إنه نبيٌّ".
غوستاف لوبون
أما صاحب كتاب "حضارة العرب" -الذي قُيِّد بالكتابة عام 1884- المُؤرِّخ الفيلسوف والطبيب الفرنسي غوستاف لوبون؛ فقال: "إن محمداً رغم ما يُشاع عنه من قِبَل الخصوم والمُنَاوئين له في بلاد أوروبا؛ قد ظهر لا مِرَاء بمظهر الحلم الوافر، والرَّحابة الفسيحة حيال أهل الذِّمةِ جميعاً".
وبشأن رأيه في المرأة؛ يقول غوستاف لوبون -المولود في 7 أيار لعام 1841-: "يَنْظر الشرقيون (أي المسلمون) إلى الأوروبيين الذين يُكرهون نساءهم على العمل؛ كما ننظر إلى حصان أصيل يستخدمه صاحبه في جرِّ عربة! فعمل المرأة عند الشرقيين هو تربية الأسرة، وأنا أشاطرهم رأيهم مشاطرة تامة؛ إذ الإسلام لا النصرانية هو الذي رفع المرأة من الدَّرْك الأسفل الذي كانت فيه، خلافاً للاعتقاد الشائع".
وألَّفَ غوستاف لوبون -المُتوفَّى في 13 كانون الأول لعام 1931- كتباً عديدة تَنُمُّ بالمُحصِّلة على إيلائه الحضارةَ الشرقيةَ اهتماماً كبيراً، ناهيك عن كونه واحداً من الذين أنْصَفوا الأمة العربية عموماً والحضارة الإسلامية خصوصاً؛ ذلك أنه لم يَحْذُ حَذْو نهج مؤرخي أوروبا من الجاحدين لفضل الإسلام على العالم الغربي.
ومن أشهر مؤلفاته المترجمة إلى العربية: "حضارة العرب"، و"حضارة العرب في الأندلس"، و"الحضارة المصرية".
على أنَّ لوبون -الذي جَاسَ خلال العالم الإسلامي- خَلَصَ إلى كون المسلمين هم مَنْ مَدَّنُوا أوروبا قاطبةً؛ ولذا شَرَعَ يُجلِّي عَصْرَ العرب الذهبي للعالم في صورته الحقيقية.
جونس أوركس
ويقول الأديب الإنجليزي جونس أوركس: "لم نعلم مما جاءنا من التاريخ الصحيح أن محمداً نبيّ الإسلام لم يرتكب أي رذيلة مدة حياته"
السبيل منقول