| ضحكات ودموع | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 2407 السٌّمعَة : -667 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 العمر : 46
| موضوع: ضحكات ودموع الخميس مارس 25, 2010 3:19 pm | |
| أخوتي الأحبة : بعد توفيق الله لي بنشر مجموعتي الأولى من القصص القصيرة (فخاخ وعصافير) من خلال هذا المنتدى الرائع ؛ فإنني أستميحكم عذراً بالسماح لي بنشر بعض مذكرات حياتي المتواضعة لعل فيها شيء من عبرة وفائدة ،،،،، والتي سأنشرها على شكل حلقات لعلها تنال إعجابكم ، وأن لا تكون ثقيلة ظل عليكم ،،،،
***************************************************** أهدي هذه التجربة المتواضعة والذكريات لصغيرتي الرائدة الشجاعة التي كانت المحفز الرئيس لي بكتابتها فهي صغيرتي المدلّلة ابنة أخي الكريم : *****************************************************
صغيرتي المدلّلة :
في ليلة شتائية ، جافّة لا مطر فيها ، باردة من ليالي شهر شباط ، ولدتني أمي ، أجل لقد كانت ليلة أربعاء ،، فقد كان ترتيبي هو المولود الثامن للعائلة بحيث يكبرني ستة ذكور وشقيقة واحدة طبعاً بعدي ولدت شقيقة أخرى وثلاثة ذكور فيكون مجموع أسرتي هو والدي العزيزين وعشرة ذكور وصبيتين اثنتين
كانت امي تجلس على طشت الغسيل ففاجأها المخاض ؛ والدي كان في المدرسة (( فهو مدرس مادة العلوم لطلاب المرحلة الابتدائية )) استنجدت بجارتنا ((وهي من الشوبك)) فأخذتها إلى المستشفى ((مستشفى البشير )) - طبعاً مشياً على الأقدام - حيث أن الداية لم تكن موجودة في بيتها يومذاك ؛ فكان هذا أول دلال ورفاهية لي ،،،
خالي كان متدرباً في المستشفى ؛ لفني بجاكيت له من الجلد ، وأتم لي ولأمي معاملات الخروج ، وحملني مع أمي إلى البيت ؛ حيث أن الطريق لم تكن مسفلتة ، وكان ينبغي أن يخوضا في الطين حتى يصلا بي إلى البيت ،،،
هناك استقبلتني جارتنا ؛ وأقسمت على أمي أن لا أفتح فمي إلا على ((سمن بلدي)) طٌعمة جاءتها من اهلها في الشوبك ؛ حتى أشب وأنمو قنوعاً ؛ فمن فتح فمه على السمن البلدي نشأت معه القناعه ... هكذا قالت ... فوافقتها أمي ...
هذه المعلومات سمعتها من والدتي عندما رأتني آكل خبز الطابون الساخن ، ثم أشرب فوقه زبدية من السمن البلدي الذي أذابته أشعة الشمس ،،،،
لم أتجاوز الثمانية أشهر من عمري حتى بدأت أقف على قدمي وأمشي حول والدتي واتكئ على جدران البيت وأتنقل حيث أشاء ,,, حتى أن بعض الجيران تفاجأوا بسرعة وقوفي واعتمادي على نفسي في المشي ،،،
فجأة ودون سابق إنذار ، بكاء شديد وارتفاع في درجة حرارة جسمي ؛ تلجأ أمي بي إلى الطبيب لعله ينقذني حيث شارفت على الهلاك ،،، يحاول الطبيب تخفيض درجة حرارة جسمي بواسطة إبر لخفض الحرارة ،،، يجمع الأطباء بعدها ان خطأ طبياً تسبب لي بالشلل ،،، ****************************************** عزيزتي الصغيرة : تأكد الأطباء من عدم وجود أي أثر لفايروس شلل الأطفال في جسمي مما أكد أن خطأ طبياً نتج عن حقن الطبيب المعالج للعصب بدلاً من العضل هو الذي تسبب بالشلل لي ،،،
ذهل الطبيب ؛ عرض على والدي أن يقوم بعلاجي على حسابه الخاص في أفضل المستشفيات ، لا بل وتعهد بتعليمي والإنفاق علي ما حييت ؛ غير أن والدي ربت على كتف الطبيب وقال له : أيها الطبيب أنت لم تقصد إيذاء ولدي ، إنها أقدار الله ، ونحن قوم لا نقبل العوض إلا من الله ،،،
عاد والدي بي إلى البيت يحملني بين يديه ، لا أقوى على الجلوس عوضاً عن الوقوف ، وضعني والدي بين يديه وانفجر هو ووالدتي بالبكاء ،،،
بعدها لم يهدأ لهما بال فلقد وعيتهما ولعدة سنوات وهما يحملانني بين أيديهما تارة وفوق أعناقهما تارة أخرى ويدوران بي من طبيب إلى طبيب ومن مشفى إلى آخر ،،،
مع التمارين التأهيلية تحسن وضعي وبدأت أستطيع الجلوس ، ثم رويداً رويداً بدأت أزحف في جنبات الدار ، ثم استطعت ان أخرج من باب بيتنا زحفاً على يدي وركبتيّ ،،،
كانت القويسمة حيث تفتحت عيناي ودرجت أول ما درجت عبارة عن منطقة خالية ريفية البيئة حيث بيادر القمح وسوق الحلال ومزارع البطيخ والقثاء ،،، آآآه كم كانت جميلة وهادئة ،،،
كنت احبو في طرقاتها الترابية كيفما أشاء ؛ فكانت تمنحني حرّية لا حدود لها ،،، .
************************************* كانت القويسمة (( حي النهارية)) أشبه ماتكون ببريّة نظراً لقلة بيوتها وانعدام شبكة المواصلات فيها تقريباً ، كانت زراعة القمح والقثائيات منتشرة فيها فكانت كثيرة الخضرة وكان الربيع فيها رائعاً والعصافير والطيور البرية أروع من أي شيء ،،،، تفتحت عيناي فيها وكان أقرب تجمع للبيوت السكنية يقع غرب بيتنا : هناك نظرت وسألت من حولي ما هذه البيوت المتلاصقة ؟؟!! إنها المخيم !!! هذه البيوت الصغيرة المتلاصقة جداً هي مخيم الوحدات (( هناك بيوزعو علينا المؤن ، وبعطونا شوية سردين وعرامين طحين ، وزجاجة زيت قلي ،،،، يخلف عليهم !!! )) ،،، طيب ليش بيعطونا ؟!! لأنهم أخذوا فلسطين بلدنا ، ووطننا ؛ وأعطونا بدالها شوية مؤن !!!
ليلتها نمت على شدو أحد أخوتي : (( ما نسيتك يا دار أهلي ، مانسيتك يا دار ؛ كأني بأنسى دمي وجرحي إن نسيتك يا دار ،،، )) نمت على هذه الكلمات فانحفرت في ذاكرتي إلى الأبد ،،،، كانت أحداث صبرا وشاتيلا في لبنان عام (1982) تشحن الجو من حولي بالغضب واليأس والحقد والانفجار ،،،، وكان صوت المظاهرات على الرغم من بعدها عن بيتنا أسمعه في القويسمة قادماً من جهة المخيم ،،، دخلت إلى البيت لم أكن جاوزت الرابعة من عمري ؛ أو ربما جاوزتها بقليل ؛ نظرت حولي كانوا جميعاً قد تحلّقوا حول مجلة مليئة بصور الجثث والقتلى وفظائع المذبحة ،،، وكانت تظهر صوراً أخرى لمذابح دير ياسين في عرض يظهر تطور مسلسلات المذابح الهمجية ،،، إلى جانب صور كل مذبحة من المذابح كانوا يضعون صورة الجزار الذي نفذها وأشرف عليها ،،، مددت يدي إلى المجلة ؛ أخذتها ، تأملت الصور وقمت أستعرض كل صورة وأقارنها مع ماسمعت بخصوصها من تعليق ،،، رمي والدي بقية سيجارته وكانت لا تزال مشتعلة ،،، أخذت المجلة وبقية السيجارة ،،، واختفيت خلف الباب الخشبي للغرفة الأخرى ؛ جاء أحد أخوتي يسأل عن المجلة ،،، ويا لهول ما رأى ،،، كنت قد أحرقت ببقية السيجارة عيون كل الجلادين الذين ظهروا في الصور ،،، ولم أعلم أنني كنت أحرق الصفحات الخلفية لكل صورة ،،، نظروا إلي بذهول وقد كنت محتقن الوجه ، منتفخ الودجين ،،، بادلتهم النظرات بغضب ،،، كانوا وقوفاً حولي وكنت جالساً على الأرض ،،، كنت أعلـم بأنني أفسدت المجلة ،،، لم أكن أعلم بانها ليست لأخي ،،، لكنني كنت على أتم الاستعداد لنيل العقاب الذي سينفذ علي ، حتى لو كان الضرب والعقاب الجسدي ،،، نظروا إلي بحنق ثم تركوني وذهبوا ،،، . **************************************** (( الحقوق محفوظة - أحمد محمد أبو خضره )) | |
|
| |
سمراء
عدد المساهمات : 124 السٌّمعَة : -26 تاريخ التسجيل : 06/12/2009 العمر : 38
| موضوع: رد: ضحكات ودموع السبت مارس 27, 2010 5:14 pm | |
| الاخ احمد اعتذر لكسر تتابع مذكراتك لكني لم استطع منع نفسي من التعليق اسلوب سلس يناديك للقراءة بنقاء شعورك ومصداقية كل كلمة ... واصل اخي فأنا لك متابعة فخورة بك يا ابن بلدتي بإنتظارك سمراء
| |
|
| |
أحمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 2407 السٌّمعَة : -667 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 العمر : 46
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الأحد مارس 28, 2010 12:06 pm | |
| أختنا سمراء شكرا لك ، أفتخر بك يا ابنة الرجال ،،، | |
|
| |
أحمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 2407 السٌّمعَة : -667 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 العمر : 46
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الأحد مارس 28, 2010 10:50 pm | |
| في بيتنا في الطبقة الأرضية ، كان مصنع الحلويات البسيط ،،، في المصنع يعمل كل من (محمد علي ) ووالده ، وجبر ، وجمع من العمال (( أما العاملات فكن يقمن بأعمال التغليف في بيوتهن ويتقاضين الأجرة دون الحالجة للبقاء في المصنع بين العمال )) ،،،
كانوا يصنعون المصاص (( البونبون)) والفوشار المحص المملح والمحلى والسمسمية وحلوى (كعب الست) الونوجا وتحميص المكسرات بالإضافة إلى المقالب والطرائف والنكت التي لا تنتهي ،،،
كنت ألازمهم دائماً ؛ فقد كانوا نافذتي الأولى على الحياة ، وكانوا يحبونني وكنت أحب قصصهم ، وضحكاتهم ، وحلوياتهم وهداياهم سواء التي يصنعونها بأيديهم أو التي يشترونها لي ،،، كنت طفلاً مدللاً بينهم ،،،
كانوا يحبون الطعام والشراب ، ويشربون شراباً لست أعرفه ؛ كلما طلبت منهم شيئاً منه اشتروا لي زجاجة ((ساليوت)) أو دكتور بيبر أو تيم أو سفن أب أي مشروب غازي سوى المشروب الذي في أيديهم ،،،
- يا عم إيش تشرب ؟! . - يا أبو احميد هذا (أسنس) يا ولدي ،،، هذه نكهة نضعها على الحلويات ،،، - دعني أشرب منه يا عماه !!! يتغاضى كأنه لا يسمعني ويرفع الزجاجة إلى رف بعيد ويخفيها ببعض أكياس الخيش ،،،
كم كنت أعجب من طريقة شربه لأنه كان يحتسي ما يشرب احتساء ولا يكثر منه بعكسنا لما كنا كنا نشرب زجاجات الكولا بسرعه ونخلص منها ،،، فقد كنت أشك إن دخل في جوفه شيء مما شربه منها ،،،
منهم تعلمت أشياء كثيرة ، ومنهم سمعت لأول مرة هذه الأسماء : ( ربعية ) ربع لتر ، نصية ( نصف لتر ) ، أما بطحة فهي ( اللتر الكامل ) ،،،، هذه الأسماء كانت في دمائهم ،،،
وعلمت لا حقاً أنهم كانوا لا يكثرون الشراب ويخفون الزجاجات حتى لا تظهر عليهم أعراض السكر ويعلم والدي بما يصنعون ،،،
************************************** | |
|
| |
أحمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 2407 السٌّمعَة : -667 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 العمر : 46
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الأربعاء أبريل 28, 2010 1:15 pm | |
| طبعاً حفظاً لخصوصية بعض الأشخاص لا أستطيع ذكر أسمائهم الحقيقية ،،، | |
|
| |
أحمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 2407 السٌّمعَة : -667 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 العمر : 46
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الأربعاء أبريل 28, 2010 2:01 pm | |
| كل واحد منهم كانت له مأساته الخاصة ، وكذلك مغامراته الغريبة ،،،
أبو محمد علي : بشرته السوداء ، بياض عينيه المصفرّ من فعل الشراب ، ملا بسه البسيطة ، شعره الأجعد ولحيته الشمطاء ، والرأس الذي اشتعل شيباً ، والعرق المتصبب من جبينه بفعل حرارة النار ؛ كلها صور له في الذاكرة ؛ بسمته اللامبالية لا زالت في ذاكرتي ،،، ظننته من السودان نظراً لسواد بشرته ، ولكن والدي قال لي هذا فلسطيني لاجىء مثلنا ، صحيح أجداده من السودان ولكنه فلسطيني جاء أجداده وعاشوا بيننا منذ مئات السنين فحضنتهم الأرض وغطتهم بحنانها السماء ،،، ************
محمد علي : شاب مفتول العضلات ، أسود البشرة كأبيه تماماً ، جميل القسمات ، وسيم الوجه ، خفيف الظل لم يكن يجاوز الثامنة عشرة من عمره ولكنني كنت أظنه لتمام خلقته وجهامة جسمه قد أكمل السابعة والعشرين من العمر أو يزيد ،،،
كنت احبه ، وكذلك هو ، فقد كان لطيف المعشر وكان يجود لي بكثير من الطعام والكولا والساليوت والبوظة ، كم كنت متعلقاً بهم جميعاً خصوصاً جبر الذي كان يصنع لي الحلوى كهيئة (العكاكيز) ويهديني منها لأختي الصغرى كهيئة الأساور والقلائد وكثير من الأشكال التي تثلج قلب ابن الرابعة أو الخامسة من العمر ،،،،
كنت أسأل نفسي دائماً وأنا أرى ساعدي محمد علي وعضلاته المفتولة : هل هكذا كان عنترة العبسي الذي يحدثني عنه أخي في قصصه لي قبل النوم ؟؟؟!!! أم أن محمد علي يشبه ( محمد علي كلاي) الملاكم ؛ على كل حال أنا لم أرى أي واحد منهما ولكن اسم محمد علي يشبه اسم (محمد علي كلاي) إذاً فهو مثله ؛ بهذا التفسير الساذج استطعت الوصول إلى ما أريد من جواب شافٍ وراحة بال ،،،
جبر : ثالث ثلاثة في ذاكرتي ؛ يقاسمهم حبي وعطفي ،،،
كان أكثر بياضاً من محمد علي ووالده بكثير ، أظنه كان حنطي البشرة ،،، قصير القامة نسبياً ،،، أصلع رغم أنه لا زال فتياً ،،، في الثلاثينات من العمر ،،، ضاحك السن ،،، عسلي العيون ،،، يلبس على رأسه قبعة تخفي صلعته ، يبلسها دائماً ولا يكاد يخلعها حتى غدت جزءً منه ،،، له كرش صغير ،،،،
جاء جبر إلى العمل في المصنع بعدهما ، عرفني عليه محمد علي ، حملني جبر على كتفه ضاحكاً ،،، شعرت بغربته بادئ الأمر ،،، كان كثير الضحك ، لهجته غريبة بعض الشيء ؛ عرفت لاحقاً أنها مدنية وتشبة اللهجة اللبنانية ، غريب الملابس ،،، قبعته ( الكسكيت) ، بنطال الجينز ، الجاكيت القصير ،،، كل ما فيه كان يوحي بأنه ليس من هنا ،،، حتى ضحكاته - رغم صغري - أدركت أنها مفتعلة متكلفة ،،، خلفها أحزان عظيمة ،،، آلام عميقة ،،، لم أشعر بادئ الأمر براحة تجاهه ،،، قليلاً ، قليلاً ،،، بدأت أحبه ؛ ولكن محمد علي كان المسيطر فعلاً على محبتي من بين كل العمال في المصنع؛ فقد كنت أرى فيه قدوة وبطلاً ،،،
****************************
يتبع بإذن الله ،،، | |
|
| |
abu khadra
عدد المساهمات : 2706 السٌّمعَة : -760 تاريخ التسجيل : 23/04/2009
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الخميس أبريل 29, 2010 6:07 am | |
| احمد .. ممتاز ورائع كعادتك ..
سلامة صدرك .. ونقاء سريرتك .. وطهارة قلبك ! يدفعني لأن أقف لك أحتراما ! لما تحمل من الصفات النبيلة والطباع الحسنة أشكرك جدا .. على هذا الطرح وهذه الأفكار التي تعبر فيه عن رؤيتك بحق ! وأرجو أن تسمح لي لاحقا بتنسبق هذه الأوراق على شكل مذكرات وتنزيلها في موضوع واحد .. | |
|
| |
رمضان رجب أبوخضره
عدد المساهمات : 1763 السٌّمعَة : -308 تاريخ التسجيل : 28/10/2009 العمر : 72
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الخميس أبريل 29, 2010 2:06 pm | |
| قصة جميله ورائعة
اسلوب سلس وممتع تجمع فيها كل جوانب الادب اتمنى لك مستقبلا عظيما واصل على الكتابة وفقك الله | |
|
| |
شمس مشرفه
عدد المساهمات : 1826 السٌّمعَة : -163 تاريخ التسجيل : 28/04/2009 العمر : 46
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الجمعة أبريل 30, 2010 12:51 am | |
| ابدعت اخي احمد واتمنى لك فعلا مواصله الكتابه للتعبير بطريقتك عما بقلوبنا نحن الفلسطنيين...... شمس(بنت البلد)لا تنسى
| |
|
| |
أحمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 2407 السٌّمعَة : -667 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 العمر : 46
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الجمعة أبريل 30, 2010 5:35 am | |
| شكراً لدعمكم ،،، مليووون شكر أفتخر بكم : عمي أبو خضره الفضل لله ثم لك وإلا بقيت تلك الصفحات مدفونة في رفوف مكتبتي يعلوها غبار الهجر ،،،
عمي رمضان ، شمس ( بنت الأصايل) شكراً لدعمكم ،،، | |
|
| |
أحمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 2407 السٌّمعَة : -667 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 العمر : 46
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الإثنين يونيو 07, 2010 4:25 pm | |
| **************************** تمرّ الأيام وتتضح الرؤيا : جبر كان في لبنان قبل عام ،،، يزيد أو ينقص قليلاً ،،، أجل ، كان فدائياً في بيروت ،،، عانق أحلام النصر ،،، شارك في صنع بيروت الأسطورة ؛ الجوزة الفولاذية ،،، بيروت الصمود ،، الكلاشينكوف والآر بي جي ،، الاجتياح والخيانات ،،، ثم الخروج من بيروت ،،، وما أدرانا ما الخروج من بيروت : - لقد خرجنا من بيروت حقناً لدماء المدنيين ( الأبرياء ) ،،، طائرات العدو ألقت منشورات تعدنا بذلك !!! أعلام العدو قال ذلك : (( نحن لا نريد إيذاء الأبرياء والمدنيين ،،، لا نريد سوى خروج المقاتلين من بيروت ؛ إذا خرج المقاتلون فلن نؤذي أحداً من المدنيين ،،، نحن لا نطلب أكثر من إبعاد " المخربين " عن حدود الجليل عن " حدودنا " ،،، هذا ما ردده إعلامهم وكذلك هذا ما وعدتنا به قوات حفظ السلام الدولية !!! ... لقد خرجنا من بيروت حفظاً لدماء الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز ،،، خرجنا فاستغلوا الأبرياء ولا حامي لهم : ذبحوا النساء ،، هتكوا الأعراض ،، قتلوا الأطفال ،، ذبحوا الشيب والشباب ،، " مثل الغنم ذبحوهم " ،،، في صبرا وشاتيلا أكوام من جثث ، أشلاء ، دمار ،،، دمار ،،، عويل ،،، استغاثة ،،، ولا مغيث ولا نصير ،،، كانت شاشات التلفزة العالمية تبث عارنا عبر الأثير وكأنها تحاول نحر آخر ما تبقى من معنويات لدينا ،،، لماذا خرجنا من بيروت ،، كيف صدقنا وعود الغرب ثانية ؟؟؟!!! ليتنا ما خرجنا ؛ ليتنا متنا فداهم ،،، أو حتى معهم ،،، لأيش طلعنا من بيروت ؟؟ لأيش طلعنا ؟؟ لإيش ؟؟!!! ،،، الموت معاهم أرحم ،،، الموت أرحم !!!
لحظتها بدأت أفهم شيئاً ما عن جبر ،وبدأت أعرف لماذا كان يهز رأسه بأسى وعينية غارقتين في بحر من الخذلان وهو يسمع فرقة العاشقين الفلسطينية تغني : بالصوت كانوا معانا يا بيروت **** والصورة ذابت في الميه واللي ما شاف من الغربال يا بيروت **** أعمى بعيون أمريكية شاهدت فيلماً وثائقاً عندما كبرت قليلاً عن الخروج من لبنان ،،، فأدركت شيئاً مما عاناه جبر ،،، بكيت مع بكائهم ، واختنقت بالعبرات ،،،
قليلاً ،،، قليلاً ،،، وشيئاً ،، فشيئاً ، توطدت علاقة جبر معنا ؛ فأصبح بعد العمل يحضر زوجته ويأتيا لزيارتنا ، تعرفت أمي إلى زوجته ؛ كان الرجال يجلسون معاً ، وكذلك النساء يجلسن منعزلات عنهم في الغرفة الداخلية ،،، كنت انادي زوجته بــ ( يا خاله ) فقد كانت كخالتي تماماً بل حتى أنني كنت أشعر بذلك حقاً ،،،
اشتكت يوماً لأمي من جبر ، وقالت لها بأنه يشرب المنكر في البيت سراً ؛ قالت لها أمي يومها : - لا تتركيه يشرب ،،، هذا حرام ،،، انصحيه واطلبي منه أن يتب لله عن هذا البلاء ،،، سيدمر صحته ،،، إن بقي هكذا فسيحرق كبده ،،، قالت لأمي : - إني أحاول معه يا خالتي ،،، إني أدعوه دائماً ، وأدعو الله له بالهداية ؛ بل إنني دائماً أقوم إلى الصلاة ، وأتوضأ وأصلي أمامه ؛ فكأني أذكره بالتوبة دون أن ألحَّ عليه بالطلب ؛ حتى لا ينفر مني ،،،
كم كانت حكيمة ، حفظها الله !!! ،،، على الرغم من أني لا أعرف يومذاك شيئاً عن الصلاة ، بل لربما كانت معلومات كل واحدة منهما عن الصلاة خصوصاً وعن الإسلام عموماً مجرد أماني كأماني أهل الكتاب ،،،إلا أنني أعجبتني حكمتها وكذلك أدهشتني كلمة أمي : (( سيحرق كبده )) فهل بقي له كبد ليحترق ؟!!،،،
(( يتبع - جميع الحقوق محفوظة لأحمد محمد عبد الهادي أبو خضره )) | |
|
| |
أحمد عضو نشيط
عدد المساهمات : 2407 السٌّمعَة : -667 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 العمر : 46
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الخميس أكتوبر 21, 2010 1:13 pm | |
| *************************************************** أمام بقالتنا في يوم ربيعي مشمس ،،، جلس جبر على برميل صغير فارغ لزيت الشاحنات لونه أصفر متخذاً إياه كرسياً ... جلست بين يديه ؛ أخذت أنظر إليه وهو شارد الذهن وقد خلع قبعته ( الكسكيت ) عن رأسه ، فها هي صلعته محمرّة بفعل الشمس الدافئة وتلمع بشيء من التعرق وكأنها مسحت بزيت الزيتون ،،، وسيجارة تنفث أنفاسها الأخيرة بين شفتيه ،،،
ألقى على الأرض بقية سيجارته ،،، قطعت عليه رحلته قائلاً : جبر !! صحيح أنت لا زلت شاباً ؛ لست (اختياراً) عجوزاً ،، لكن لماذا أنت أصلع ؟؟!! تفاجأ بسؤالي الذي لربما كان محرجاً له وقد انتبه من شبه إغفاءة عميقة ،،، كاد أن يجيب على سؤالي لولا أن قاطعه صوت أخي وهو يحضر الشاي قائلاً : سمعتك تسأل يا أحمد ، لماذا أصبح جبر أصلع الرأس وهو شاب ؛ الحقيقة لقد مرّت من فوق رأسه قذيفة في بيروت فأحرقت شعره ولم يعد ينبت له شعر بعدها !! ،،، هذا من الخوف طبعاً يا حبيبي وانخرط الجميع في الضحك ،،، وبقي جبر ساهماً ،،، بعدها خيم الصمت قليلاً على المكان ... ثم انطلق الجميع في أحاديث جانبية كثيرة وأنا بينهم جسداً فقط ، فقد سبحت روحي بعيداً ؛ هل حقاً أن القذيفة أرعبت جبر فلم يعد ينبت له شعر أم أن أخي يمزح كعادته ؟؟!! ،،، لماذا صمت جبر ولم يقل شيئاً ؟؟ ليس هذا فقط بل إنه سبح بفكره بعيداً عن كل الجالسين ،،، هل أراد أن يتذكر ذلك المشهد ؟! أم أنه سبح ليتذكر كل شيء هناك ؟؟!! ماذا أراد أن يتذكر ؟؟!! لا أدري لربما عاد لنفس الموضوع الذي كان ساهماً فيه قبل أن أناديه ،، ومن يدري لربما كان ذلك هو ذات الموضوع الذي أثرناه ،،،
أفقت من رحلتي هذه وهو يناديني : أنا ذاهب إلى البيت أتأتي معي ؟ ،،، بلا تردد أجبته : نعم خذني معك ؛ عند خالتي ،،، كنت يومذاك ضعيفاً في مشيي جداً ، وأكثر مشيي كان حبواً على أربعة في الطرقات ؛ لذلك حملني على رقبته وترك رجليَّ الضعيفتين تتدليان على كتفيه وأمسك بيديه كلتا يديَّ الاثنتين ، وفي فمه سيجارة أخرى كان قد أشعلها ، فمضت تنفث سحاباتها نحو عنان السماء ،،، ومضى بي إلى بيته ،،، كان يمشي متقدماً نحو الأمام والدخان يخرج من فمه إلى أعلى مندفعاً إلى الخلف ملامساً وجهي الصغير ،، فكنت كم يركب القاطرة البخارية التي تمر إلى جوار بيتنا على سكة الحيد كل يوم ،،، وأمامنا في المدى يظهر جبل مرتفع هناك بعيد عنا ومرصع بالبيوت الصغيرة لشدة بعدها ،،، كنت أنظر إليها من فوق صلعته فكأنها تنبت من صلعته نفسها ؛ كلما تقدم بي نحو الأمام ، لا يقطع هذا المشهد سوى سحابات سيجارته المتوالية ...
وصلنا إلى البيت ،،، دخلنا معاً ،،، كانت غرفة صغيرة ؛ جلست على السرير ، وذهب هو إلى الداخل - لا أذكر ماذا أراد أن يحضر - أما زوجته فكانت قبالتي تصلي صلاة الظهر - لا زلت أذكرها بالرغم من صغري تماما - نادراً ما رأيت أحداً يصلي ، بل لربما كانت أول مرة في حياتي أرى إنساناً يصلي ، أو لم أنتبه أن أحداً من الناس يصلي قبل ذلك ،،، كانت خاشعة ، وكانت صلاتها جميلة ،،، أنهت صلاتها ،،، نظرت إليَّ بوجهها الرائع وابتسامتها العذبة سلَّمت عليَّ : كيف حالك ؟ كيف صحة أمك ؟ - الحمد لله أنا وأمي بخير ،،، جاء جبر على صوتها من الداخل : مرحباً ،،، أهلين جبر ؛ أجابته هي ،،، حضّرتي لي لقمة ؟ ،،، نعم ، الأكل جاهز ،،، ثواني ويكون عندك ،،، ذهبت إلى الداخل لتأتي بالغداء ،،، سألت جبر : لقد كنت في بيروت ،،، أليس كذلك ؟! باقتضاب : نعم . - إذاً حاربت مع الفدائيين ؟؟ صح ؟! - ابتسم : نعم . - رأيت الأعداء ؟ - نعم !! - كيف شكلهم ؟! هل شكلهم مثل الناس ؟؟!! يضحك : - لا تخف ؛ إنهم مثلنا ،،، لهم أفواه ، وآذان وعيون وأيدي وأقدام !!! ... - إذاً لماذا هزموكم ؟! لماذا لم تتفوقوا عليهم ؟؟!! ألم يكن معك رشاش الكلاشينكوف ؟!! نظر إلي بشيء من الضيق ، فهو حقاً لا يريد الخوض في ذكريات الماضي ،،، لكنني استطردت : - هل قتلت أحداً منهم ؟ - كلا ،،، لست أدري !! - ألم تحاربهم ؟! - كنت أطلق الرصاص عليهم وهم في متاريسهم ودباباتهم ومن بين البنايات ؛ أحياناً كنا نرهم من مسافات جيدة ونتبادل معهم النار وصليات المدافع الرشاشة ،،، ولكنني لم أر أحداً منهم يموت ،،، ربما جرحنا برشاشاتنا أو قتلنا أحداً منهم عن بعد ،، لكنني لست متأكداً من أنني أنا من فعل ذلك ،،، - إذاً أنت لم تقتل أحداً منهم عامداً ؟! - أبداً !! - آآآه لو أني أملك مسدساً أو رشاشاً !!! إذاً لأريتك ماذا أصنع !! انفجر ضاحكاً يمسح رأسي الصغير بيده : - ماذا سيصنع مسدسك أمام البوارج والدبابات والطائرات والصواريخ ؟؟!! - إيش يعني بوارج ؟؟!! - البارجة سفينه كبيره في البحر البعيد ، لها مدافع كبيره جداً وتقصف كل شيء وتميت كل شيء ؛ النساء والشيوخ ، الأولاد والبنات ، كل شيء !! ،،، كل شيء !!! هي تقول فقط : بومب ؛ فتنهار المدارس ، وتشتعل المستشفيات ، وتنتثر قطع السيارات مع حجارة الأرصفة وتحترق الجثث ككتل متفرقة من الفحم ،،، ألم أقل لك ينتهي كل شيء ؟؟!!!
صمتُّ ... لا أريد أن أسمع أكثر ؛ فالأعداء أقسى مما توقعت ،،، وجبر لم يكن بطلاً خارقاً كما اعتقدت ...
جاءت زوجته تحمل الطعام والشاي الساخن ،،، أكلنا ،،، كلامنا كان قليلاً ،،، كنت أتدبر الحوار الذي كان بيننا ،،، قال لي : - أنا ذاهب إلى العمل ؛ أتبقى عند خالتك ؟ أم تفضل العودة معي إلى بيتكم ؟؟ - لا ،،، بل أريد العودة معك إلى بيتنا !! حملني على رقبته من جديد وعاد بي ... كنت في الطريق أفكر ،،، كم كنت أتمنى لو قال لي أنه ذاك المقاتل الشرس ، لو أنه كذب علي وقال بأنه دمَّر الدبابات وألقى القنابل والمتفجرات وقذائف الآر بي جي ،،، وأن نيران رشاشه كانت تصلي العدى ناراً ،،، لقد حطم أسطورته في قلبي قبل أن تكتمل !!! لماذا لم يكذب عليّ ؟!! فأنا صغير ،،، وسأصدّق كل ما يقوله لي !! لن أعرف أنه كذب عليَّ ،،، لماذا كان صادقاً ؟؟!! لماذا لم يحاول تعويض نقصه وضعفه أمام البوارج والدبابات بين يديّ ،،، لماذا ؟؟!!!
يبدو أن جبر لم يحب أن يتصرف بخداع ذاق هو طعم مرارته ذات يوم ،،، أظنه كره أن يعاملني كطفل غِـرّ كما خادعة وعامله الجميع ... ( الحقوق محفوظة - أحمد محمد عبد الهادي محمد عبد الرحمن أبو خضره ) ********************************** | |
|
| |
abu khadra
عدد المساهمات : 2706 السٌّمعَة : -760 تاريخ التسجيل : 23/04/2009
| موضوع: رد: ضحكات ودموع الخميس أكتوبر 21, 2010 2:53 pm | |
| تسلم ايدك عزيزي أحمد .. لا يزال عهدي بك أديبا مؤدبا متميزا أمتعنا بالمزيد الله يرحم والديك .. مساء الخير .. | |
|
| |
| ضحكات ودموع | |
|