السلام عليكم ورحمة الله
الاخت العزيزة نور بالامس ذهبت للعزاء بجوار المنزل وعندما وصلنا بدأت الام تتحدث عن ابنتها المتوفاة وتبلغ من العمر 26سنة وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة وصفت معانتها في اطعمها وفي الغيار لها مع العلم انها تبلغ من الوزن100كيلو ولكن اكثر ما أثرفي عندما اخبرتنا انها قالت لها وهي في سكرات الموت انت الى الفردوس الاعلى ياماما لا تروحي لحالك خذيني معك شدت على يد امها ورفعت شاهدها لتلفظ انفاسها الاخيرة و لتلتحق بالرفيق الاعلى 26 عام من المعانة والتعب ومع ذلك عز عليها ان باب من ابواب الاجر قد سد بوفاة هذة الفتاة انا لله ولنا اليه راجعون

بسم الله الرحمن الرحيم ،،،

نسأل الله تعالى لأخينا حسن الجزاء والأجر الجزيل ولكل داء دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله لأجل ذلك ندعو الله أن يمن عليك بالعافية والشفاء ،،، آمين ،،،

أما بالنسبة للقصة التي عرضتها الأخت سيما فنقول صحيح أن المجتمعات البدائية تنظر للإنسان على أنه عاجز أو معاق أو سبه في العائلة (حرض) تستعر منه العائلة ؛ ولقد فوجئت يوماً برجل أعرابي يعنف ابنته المعاقة بشكل فظ وكلمات أقل ما يقال عنها ذابحه وليست جارحة بل ويدعو الله عليها بالموت الزؤام وكل هذا في جمع من المارة والناس تنظر إليهما وهو جلمود صخر لا يخشى الله فيها ،،، أما هي المسكينة فقد احمر وجهها خجلاً من كلماته الصارخة وترقرقت الدموع في عيونها وانكمشت وكأنها تتمنى على الله أن تنشق الأرض فتبتلعها ،،،

لقد نشأت في بيت والدي وسط جو طبيعي فقد كان والدي رجلاً تربوياً ؛ يعاملني مثل أخوتي تماماً ويوكل لي من الواجبات ما يوكله لهم ؛ ويجادلني في أمور يتقبل فيها رأيي بل ويستفزني لأطرح رأيي بقوة وقد كنت أعارضه بكلمات جريئة تحرجه أحياناً - رحمه الله - بل وتغضبه أيضاً وكان يكفي منه أن يلطم خدي أو يصفعني ليقمع ما لدي من أفكار ،،، ولكنه كان يكتفي بالابتسام وتركي لوحدي بعد أن صرحت له بما يدور في رأسي ،،، فأورثني جرأة الكلام والنقاش الحر ،،، فله علي الفضل كله بعد الله تعالى ،،،

كان يجبرني على مجالسة ضيوفه والاستماع للمناقشات في مجلسه وكان يعاقبني بشدة إذا وجد لدي انكفاء أو ميلاً للعزلة والوحدة ،،، بل وكان رحمه الله يجبرني على العمل في الدكان على الرغم من عدم معرفتي الجيدة بأمور الحساب ولكنه كان يصر على التعامل مع الزبائن والناس ومجاراة كل زبون حسب سنه وجنسه أصله وفصله ،،، ولا يخفى ما في ذلك من صقل لشخصية المرء ،،، إضافة لوجودي بين أحد عشرة من الأخوة والأخوات يختلف كل واحد منهم في حرفته ومرجعيته الفكرية والثقافية فتعاملي معهم وحدهم كان مدرسة لا تنسى ،،،

ولا ننسى ما للمدرسة من دور مهم في صقل شخصية الطالب فذاك معلم العربية يغرس فيك حبها وحب القراءة والمطالعة ومعلم العلوم يغرس فيك حب المختبر والبحث والتجربة وذاك أستاذ التاريخ يرويه لك كقصة ممتعة بل ويطلب منك شرح الدروس للطلبة أمامه في الصف الرابع الأساسي وهو جالس يربت على كتفك قائلاً والله طلاب معهد المعلمين لا يشرحون شرحك !!!

أما الطلاب : فيتحلقون حولك تروي لهم الأحاديث وجميل الحكايا ، ويتسابقون إلى صحبتك ومرضاتك ويتوددون إليك بحمل كتبك وحقيتك وأشيائك بل ويتسابقون للإمساك بيدك عندما تصعد درجات المدرسة ويمهدون أكتافهم لك لتستند عليهم ؛ فلا ننكر ما للشعب في الأردن من وعي إنساني وحب للآخرين ورحمة ومودة وتدين ومخافة الله في أصحاب الأعذار وكذلك أبناء الشعب الفلسطيني من أبناء اللاجئين في الأردن كما عرفتهم وجربتهم طيلة حياتي الدراسية يمتازون برحمة وحنان قل نظيرهما حول العالم لدرجة أنني لا أذكر أنني حملت حقيبتي المدرسية يومين متتاليين طيلة حياتي المدرسية ،، بل وحتى عندما كنتاً طالباً في إحدى كليات عمان لم أكن أتردد بالقول لتلك الفتاة الصالحة : تعالي خذي كتبي وضعيها في الفصل !!! وعندما سقطت مني تلك الكتب على الأرض سارعت أخرى من الحرائر للقيام بلملمة كتبي وأوراقي عن الأرض دون تردد !!!

ولا زالت علاقتي بزملائي أثناء الدراسة على ما كانت عليه حتى بعد زواج أكثرنا ودخول أولادنا المدارس !!

إن البيئات الحضرية تمتاز بالتفهم وقبول ذوي الأعذار والاحتياجات الخاصة أكثر من البيئات الريفية التي تنظر للمعاق على أنه عالة لا يزرع ولا يقلع ومن تقترن به فهي رهينة الفاقة والفقر والعوز وكذلك المجتمعات البدوية فهي أكثر انغلاقاً وجفوة إلا من رحم الله وقد يصل الأمر بنعت المريض علانية عندهم بأوصاف غريبة كأن يقال له (عميّان ) أو (أبو العرّاج) أو (حويل) أو (طعيج ) الخ من هذه الألقاب ،،،

ولا ننسى هدي ديننا الحنيف ؛ حيث حث على العدالة في الدعوة والتبشير ولو كان المدعو رجل أعمى بل وإن الرجل الأعمى لربما تزكى فكان خيراً من كثير ،،، وذلك سيدنا عمرو بن الجموح يقول للنبي العربي الحبيب : ( إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة ) وذاك عبد الله ابن أم مكتوم لم تمنعه الإعاقة من أن يكون مؤذن الفجر ولم تمنعه من الخروج في يوم القادسية حاملاً للواء فاتحاً لأرض العراق الحبيب ،،، رحمه الله ،،،

بالنسبة لمرض التلاسيميا فقد قرأت في إحدى الصحف اليومية قبل فترة بسيطة خبر مفاده :

( انخفاض عدد الإصابات بمرض التلاسيميا في الأردن بنسبة 20% بفضل تطبيق الفحص الطبي قبل الزواج )

ونحن ولله الحمد نمنع إجراء أي عقد زواج قبل إجراء فحص التلاسيميا للخاطبين قبل الزواج حتى يكونا على بينة من إتمام مراسم الزفاف خصوصاً وأن هذا المرض ينعكس على الأبناء والأجيال القادمة وعلى مقدرات الدولة كاملة ،،،

أخواني الأحبة أركز على أن الدعم المعنوي لذوي الاحتياجات الخاصة في غاية الأهمية فلا زلت أذكر حتى يومي هذا تلك السيارة وتلك الكرة الحمراء التي أهدتني إياها عمتي (أم فادي) عندما كنت صغيراً ولا زلت أذكر بعض أبناء العمومة عندما كانوا ينعتونني في طفولتي بالـــ (رفيق أحمد) فكم كانت كلمة (الرفيق) تعطيني دفعة نحو الأمام وكم كانت تشعرني بالاعتزاز بنفسي ،،، ولا زال الحب نامياً بيننا وإلى الأبد ،،، غير أن الرفيق أصبح أخاً ،،، هههههههه أحبكم كثيراً ،،،

أختي نور الدوايمة كم شعرت بأهمية عملي وأنا أدقق معاملات الزواج وأركز على الفحص الطبي بعد موضوعك الشيق الرائع فنحن بحاجة لمساعدة أجيالنا القادمة حقاً ،،

ثم إن ذوي الاحتياجات الخاصة لاخوف عليهم (فإن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها ولو لم تكن أنفسهم بالقوة الكافية لما حملها الله تعالى هذا الحمل وهذا الامتحان) فإما الرضى بعطاء الله وقدره ولهم الفوز في الدارين وإما والعياذ بالله والسخط ومن سخط فليس له عند الله إلا السخط جزاء وفاقاً ،،،

أيها الأخوة ..
دعونا ننتقل الى الوجه الآخر للصورة ..
نعم هم أخوتنا .. هم أبنائنا .. هم جيراننا .. هم أصدقائنا ..
هم منا ومرتبطون بنا ارتباطا وثيقا لا ينفك أبدا ..
هم أذن فلذات أكبادنا .. بالروح والدم ..
ثم هم أخوتنا في الدين ..
ثم هم خلق الله تعالى ..
اذن فالقبول بهم فرض من الدين
ولو نظرنا بأعمق من نظرتنا لمباهج الدنيا الزائلة سنجد أن طفلا به أعاقة يحمد الله تعالى
وقد رأيتهم لما تسأل أحدهم عن حاله فيقول : الحمدلله
ورأيت الصم حين تسألهم بالأشارة يرفع عينيه ويديه الى السماء ثم يقبلهما دلالة الحمدلله !!
الآن لو نظرنا الى الى صورة أخرى ..
ولد صحيح الجسم معافى متعلم ولا يعرف أتجاه القبلة
ولا يحفظ آية من كتاب الله ولا حديثا
يعني .. واضحة !!
هذا الطفل الذي وهبك الله تعالى أياه ..
لم تكن له يد في الحالة التي هو فيها ولم ترغب ولم تتمنى أنت أن يكون أبنك بهذه الحالة
اذن فالمسألة امتحان ..
أنا أنصح أن تذاكر جيدا ..
لن يمضي وقت طويل حتى تظهر النتائج ..
الآجال محدودة .. لا تتقدم ولا تتأخر ..
---------------------------
بالأمس .. في مركز التأهيل المجتمعي في مخيم الوحدات قام المركز مشكورا بأحتفالية لتكريم
أعضاءه من ذوي الأحتياجات الخاصة
فقامت مندوبتنا بزيارة المركز وقد أبدت أعجابها بما يقدمه المركز من تعليم وتوجيه وما يقدمه من رعاية وقالت : لقد لمست هذا من فريق المعلمات اللواتي يشرفن على المركز .. الأخلاق العالية والتحمل والصبر ..
وقالت قد يبدو الأمر صعبا للوهلة الأولى ولكن بالأرادة وحب العمل .. عمل الخير طبعا وليس العمل الوظيفي .. أننا حين نستشعر حاجة غيرنا ويمكننا تلبيتها له نكون ممن فرج كربة أخيه أو أبنه أو جاره فيفرج الله تعالى عنا من كرب يوم القيامة .. بهذا الشعور يمكن ولهذا الشأن قال الله تعالى :
( أن أكرمكم عند الله أتقاكم )
ليس أطولكم وليس أقواكم ولا بالرياضي ولا الملاكم !!
وهذه بعض الصور من تلك الأحتفالية الطيبة

نظر إليّ طويلاً ، ثم تنهد بحزن عميق وقال : (( نيالك يا أبو خضره ،،، ))
قلت له : ( ولم تغبطني يا صديقي ؟؟!! ))
قال بأسى : (( بكره لما نكبر أنت ما بتروح على الجيش !!! ))
ضحكت وقلت له : ( بس هاظ اللي هامك ؟؟!! ولك حاسدني عرجتي !! الله يقطع شكرك ) !!

كم هو جميل عندما يلتف الأصدقاء من حولك بحب عميق وإخلاص لا يضاهى ،،، وكم هو جميل جنون محبوبتك عندما تقلد مشيتك وهي تنظر لساعتها وتحسب كم الفرق بين مشيتك وبينها !!! مش قلت لكم مجنوووونه !!!

كم هو محرج لك عندما يمشي مجموع من الصغار خلفك وهم يقلدون مشيتك ويتضاحكون عليك وأنت في طريق عودتك من المدرسة !!!

كم يؤلمني ويحزن قلبي عندما تراني تلك الطفلة الصغيرة الجميلة ، فتختبئ خوفاً من مشيتي خلف أمها وتلتصق بثوبها !!! او عندما تسارع فراراً مني إلى بيتها والخوف يقمع ملامها البريئة وتغلق الباب من خلفها مسرعة !!!

كم هو مقرف عنما تصل سن البلوغ والشباب ؛ ويقوم بعض المقربين منك بتجاهلك شيئاً فشيئاً دون سبب واضح سوى ما تفسره لك حاستك السادسة التي تتميز بها وهو أن ذلك الشخص لديه بنات ؛ ويخشى منك أن تتطاول فتطلب القرب منه ؛ فيقلص معرفته بك ، ويتحاشاك شيئاً فشيئاً !!! وأنا أقول له في قلبي : ( على بال مين يالي بترقص في العتمة !!!) .

كم تفاجأت من لكمة ابنتي إنعام لابنة عمها أما والدها حتى طرحتها أرضاً !!! صرخت في وجهها : ( إنعام لماذا ضربت ابنة عمك ؟؟؟!! ألم تري قد غضب عمك منك !! )

تنظر لي بقوة عجيبة وثقة وتقول : ( بعدين بحكيلك ليش ضربتها !!! خليها بيني وبينك !! )
قلت لها : ( تعالي وشوشيني في أذني )
اقتربت مني وقالت بثقة صاحب الحق : ( ضربتها لأنها تعيرني بك وتقول لي : أبوك أعرج !! )
ضحكت منها وثلت لها : ( يا ،، بابا هذي الكلمة عادية وكلمة أعرج مش مسبه يا بابا ،، هذي كلمة عادية !! )
نظرت لي بعجب وكأنها لم تصدق أنها ليست سبة !!!

بعد عدة أيام وقد نسيت الموضوع سألتها : ( بابا أنت ما عرفت على إيش اتفقنا أنا وأعمامك ؟؟!!)
قالت : ( لأ أنت ماقلتلي !! )
قلت لها بلهجة جادة: ( اتفقنا على تبادل الأبناء ،،، أنا آخذ ابن عمك جمعه لي ، وأنت تصبحين ابنة عمك ماجد ،، تمام يا بابا ؟؟!!)
بحزم وبلا تردد : ( أنا ماني موافقة ،،، أنت أبوي ، ما بدي أغيرك !! )
قلت لها : ( وليش يا ست إنعام ؟؟!! )
قالت بحزم : ( يعني هو في بنت بتتخلى عن أبوهاااا ؟؟!!!)

أحبكم أهلي وعشيرتي ،،، وكل أخوتي !!! سلامي لكم جميعاً ،،،