كتبهاتيسير مشارقة ، في 29 نوفمبر 2008 الساعة: 00:23 ص
ـ ملح هذا البحر ـ
فيلم فلسطيني جريء
كتب تيسير مشارقة:ـ
اختتم أسبوع الفيلم الفلسطيني أعماله بعرض فيلم (ملح هذا البحر ) للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر. وقد جرت فعاليات هذا الأسبوع في مسرح البلد بعمان بالتعاون مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام وأمانة عمان الكبرى(مركز الحسين الثقافي) في الفترة الواقعة بين 2/11-8/11/2008 في عمّان،الأردن.
وقد جاءت فكرة إقامة أسبوع الفيلم كما يذكر الكاتالوج الفاخر للفعالية ثمرة للتعاون بين تلك المؤسسات المذكورة ومهرجان آرت ايست/نيويورك.وتجدر الإشارة ان مسرح البلد اصبح ممثلاً للأردن في شبكة المساحات السينمائية العربية التي تأسست في عام 2007 وضمت في عضويتها مؤسسات مختلفة من الدول العربية.
وبدأت فكرة أسبوع الفيلم الفلسطيني بمناسبة مرور ستين عاماً على نكبة فلسطين وذلك بهدف إظهار المستوى المتميز للثقافة والفن الفلسطيني المعاصر وللتأكيد على الدور الهام للثقافة في تقديم فلسطين إلى العالم كشعب وكحضارة وكذلك لتدعيم التواصل الثقافي بين تجمعات الفلسطينيين في كافة أنحاء العالم.
لقد اختارت رشا سلطي أحد منظمي مهرجان آرت ايست مجموعة من الأفلام الفلسطينية لمخرجين شباب معاصرين ليكون هذا الأسبوع بمثابة نظرة خاصة على السينما الفلسطينية بمختلف أطيافها، وليتم الاحتفاء بانجازات هذه السينما التي وصلت إلى أهم المهرجانات السينمائية العالمية.
تم اختيار فيلم ملح هذا البحر للمخرجة الشابة آن ماري جاسر كفيلم الاختتام . وقد شارك (ملح هذا البحر) في مهرجان كان في فرنسا وتم ترشيحه ليكون ضمن الأفلام التي تتنافس على جائزة الأوسكار لأ فضل فيلم أجنبي لهذا العام 2008.
***
الأفلام المشاركةفي أسبوع الفيلم الفلسطيني بعمان / الأردن في الفترة الواقعة بين 2/11-8/11/2008:
(1) أتمنّى: روائي قصير من إخراج شيرين دعيبس
(2) ظل الغياب: وثائقي من إخراج نصري حجاج(*)
(3) على الساكت: روائي قصير من إخراج سامح الزعبي
(4) بوبا: روائي قصير من إخراج عماد أحمد (*)
(5) عود على البيت: وثائقي من إخراج عمر قطان
(6)عن هذا البحر: وثائقي من إخراج صبحي الزبيدي
(7)معلول تحتفل بذكرى دمارها: وثائقي من إخراج ميشيل خليفي
(
المنام : وثائقي من إخراج محمد ملص
(9)كل الأماكن كانت سيان: روائي قصير من إخراج بسمة الشريف
(10)كل ما أريد لعيد الميلاد:روائي قصير من إخراج سما الشعيبي
(11) نعيم و وديعة :وثائقي من إخراج نجوى نجّار
(12) السطح:وثائقي من إخراج كمال الجعفري
(13) عرس الجليل:روائي من إخراج ميشيل خليفي(*)
(14)ملح هذا البحر: روائي من إخراج آنماري جاسر (*)
***
يتبع… قراءة في فيلم (ملح هذا البحر)
تيسير مشارقة
mashareqa@hotmail.com ملح هذا البحر
فيلم آن ماري جاسر (ملح هذا البحر) يدخل في نطاق الكوميديا السوداء التي تتحدّث عن حق العودة ولكن بطريقة غير مباشرة وبأسلوب أخاذ وساحر. فالبنت ذات اللكنة الأميركية(ثريا) تصر على الوضوح والذهاب لرام الله من أجل متابعة مبلغ من المال هو الوسيلة الوحيدة للعودة واستعادة بعض الحقوق ورؤية الواقع عن كثب. وتكتشف العائدة بأن الواقع لئيم وغريب(غروتسكي ) وأن من قابلتهم من الفلسطينيين بشر عاديون يكادون يتحولون إلى مواطنين يعانون من (العادية جداً) في ظل سلطة وطنية فلسطينية عاجزة وسائب الأمن في أراضيها. هؤلاء المواطنون العاديون ، يرغب بعضهم للهجرة والبحث عن عيش كريم بعيداً عن قرف الاحتلال الإسرائيلي.
سلطة وطنية عاجزة وسلبية:
في العديد من الأفلام الفلسطينية التي ظهرت مؤخراً في السنوات الثلاث الأخيرة(2005-2008) نلحظ صورة نمطية للسلطة الفلسطينية، وقد تكون واقعية، لأن هكذا هو واقع الحال دون تزييف أو تزيين. وقد لعب دور السلطة المبقرطة والمتخمة الفنان القدير وليد عبد السلام. وأظهرت حادثة السطو على بنك ضعف وهشاشة الأمن الفلسطيني الذي لا يحمل سلاحاً وهنا غمز باتجاه الاحتلال الذي جرّد السلطة من أسلحتها مما نشر الفوضى في الأراضي الفلسطينية وأدى إلى ظهور عصابات وميليشيات ولصوص.
الدوايمة :
يظهر الفيلم أطلال بلدة الدوايمة التي احتلتها إسرائيل ولم يعد أحد يتذكر اسمها من المستوطنين اليهود الجدد. بينما عماد يدخل إلى بيت قديم متهالك هناك، ويحاول مع ثريا إعادة الحياة القديمة التي امّحت ولكن لا حياة لمن تنادي فيأتي أحد الحراس (أكاديمي يهودي) ليطردهم من المكان الذي أصبح موقعاً أثريا (متنزّه سياحي)يزوره السياح لمعرفة القدرة الصهيونية على الدمار وصناعة حضارة جديدة (حضارة محتل).
رياض دعيس نموذج للفلسطيني المشاغب:
الفنان والمخرج رياض دعيس الذي رافق (عماد وثريا ) رحلة البحث عن المال المسروق ، يدفعهما لسرقة البنك واستعادة المال ويفروا جميعا في رحلة تسلل إلى الوطن السليب فلسطين 48(إسرائيل)، ويتجوّل هؤلاء المغامرون بسيارة مزيّفة ومعهم المال في تل أبيب ويافا ويدخلان البحر الذي زاد ملحه.. ذلك البحر الفلسطيني الذي وقف عماد مطوّلا قبل أن يدخل غماره، فهو يجهله، ولا يعرف طعم ملحه.
وللعلم فقط ، أن الفنان (خالد الحوراني ) الذي لعب دور أ ثانوياً في الفيلم ، كان على موعد في سنوات ماضية مع فجيعة عندما غرق أخاه الفنان (حسن حوراني) وابن اخته، في بحر يافا لجهله فن السباحة.
ولعل مشهد السباحة يظهر كيف يسقط حسن في البحر صارخا لا أعرف السباحة ويختفي ويبتلعه البحر.
جرأة عالية المنسوب :
الفيلم جريء جداً مقارنة بالأفلام التي سبقته (مثل: يد إلهية للمخرج إليا سليمان)، فهو يمزج الجد بالهزل وبلغة قريبة من الفولغارية يحاول توصيل رسائل مكثّفة بالتسلل إلى بساطة المشاهد المتلقي. ولا سبيل ربما غير ذلك لتقريب الحالة من الذهنية العادية. ويزيد فيلم المخرجة آن ماري جاسر من الفولغارية المحبّبة باطلاقه العنان لها في حدودها القصوى مما يعطي قيمة (الجرأة الأخلاقية) في مواجهة وسخ الواقع الذي فرضة الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية.
صالح بكري يتألق كل مرّة:
الفنان القدير صالح بكري الذي شاهدناه في فيلم (من بعد ما رحت) للمخرج والفنان محمد بكري ، وهو ابنه البكر (محمد بكري = ابوصالح)، وشاهدناه في فيلم (عيد ميلاد ليلى لرشيد مشهراوي، وهناك يمثل دور سجين محرر ) وكذلك في فيلم (الفرقة) الاسرائيلي[شخصياً شاهدت مقاطع من الفيلم على يو تيوب] ، وغيرها، هذا، الصالح بكري، يتألق في العديد من الأفلام وكأنه يأخذ مسار أبيه الألمعي في المسرح والسينما.
صالح بكري، الشاب الطويل والعفوي الساخر ، ذو الملامح الفلسطينية العميقة و الدفينة ، سحرنا بدوره الفني ودخل قلوبنا في أدائه المميز مما يبشّر بدخوله العالمية كفنان قدير. وقد نقول إنه دخل العالمية من خلال (على الأقل ثلاثة أفلام فلسطينية كبرى) حازت على جوائز عالمية أو دولية:
ملح هذا البحر ، من يوم مارحت ، عيد ميلاد ليلى…
أذكر سخرية هذا الفنان (صالح بكري) حتى من نفسه أنه طلب من أحد اللاجئين الفلسطينيين وضع يافطة تحمل جملة (العودة إلى البيت حق مقدّس) فوق بوابة منزله .. كي يحل المسألة.. بنفس الأسلوب ذكر لي الفنان القدير (خالد الطريفي)، عندما طلب مني وضع يافطة تحمل اسم مدينتي التي ترزح تحت الاحتلال الصهيوني ، على باب منزلي في عمّان كي اشعر بأنني أعيش هناك.
فيلم يتناول حق العودة بأسلوب خاص:
مشهد العودة إلى البيت الفلسطيني المسروق من المحتل الصهيوني (الوكالة اليهودية لا تسمح باعادة بيعه للعرب) في يافا بالقرب من شارع النزهة أظهر بلادة الإسرائيلي الذي ظهر بلا إحساس حيال عذابات الآخرين ، وكان مشهد الفنان رياض يجالس اليهودية صاحبة البيت الفلسطيني المسروق وكأنه خيار ، أو أسلوب جديد للعودة واستعادة الحق كما جرت عملية الاستيلاء على المصرف لاستعادة المال المجحود. رياض استولى على قلب اليهودية للبقاء في وطنه ومن أجل البقاء والعودة. ولكنه يبقى خيار فردياً يصعب تطبيقه على عموم الشعب الفلسطيني.. من أجل تنفيذ حق العودة .
جلاد يخاف من ضحيته:
مشهد الطلبة اليهود الذين يتجوّلون في ربوع الدوايمة المهجورة مع مدرّس التاريخ يظهر أنهم خائفون من التجوال في المدينة الفلسطينة المحتله باعتبارها متنزّه سياحي. يظهرون مرعوبين من أرواح اللاجئين أو الذين ماتوا في الدوايمة. هل هذه حال كل اليهود .. إنهم يخافون من ضحيتهم.
الممثلة الرائعة سهير حمّاد:
قامت بدورها على أكمل وجه وظهرت عنيدة وعفوية ومشاكسة وراغبة بالعودة إلى وكن نها وطن الجد المسلوبة أمواله من مصرف بريطاني أثناء الانتداب ما قبل 1948. كانت دافئة وحميمية تلك الفتاة الشابة التي شاهدنا أنفسنا من خلالها ، وبذلك تصدق مقولة أن (المجتمع يفسّر نفسه بالسينما). فكلّ منا، أي الذين مرّوا على المعابر والحواجز الصهيونية الاسرائيلية، عانى من سوء تصرف حراس الحدود واسئلتهم المحرجة والتوقيف والتشليح، وبخاصة هؤلاء الفلسطينيين الذين يحملون جنسيات أجنبية ويودون زيارة بلداتهم الأصلية.
المخرجة آن ماري جاسر :
لم يتسن لي مقابلة المخرجة آن ماري جاسر بعد عرض الفيلم في الصالة التي اكتظت بالمشاهدين، نظراً لإحاطتها بالعديد من المعجبين بالفيلم ، ولم يتسن لي أخذ رقم هاتفها لمتابعة بعض التفاصيل في مجريات الفيلم ، إلا أنني بالفعل أقول إنني تعرفت من خلال هذا الفيلم على مخرجة صاعدة بقوّة وأنها قادرة مستقبلاً على اختراق العالمية مثلها مثل : إزيدور مسلم، وميشيل خليفي ، ورشيد مشهراوي وهاني أبو أسعد ، وإليا سليمان ، ومي المصري، و حنّا الياس ، و علي نصّار، و نزار حسن ، و [ ضف: آن ماري جاسر] وآخرون. . بالاضافة إلى جيل المؤسسين الكبار في السينما الفلسطينية : مصطفى أبو علي و هاني جوهرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معلومات عن الفيلم:
فيلم (ملح هذا البحر) salt of this sea
للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر Annemarie jacir
نوع الفيلم: روائي feature
لغة الفيلم: فيلم ناطق بالعربية ومترجم للإنكليزية
(بلد الفيلم :فلسطين)
نوع الشريط: 35 ملم
مدة الفيلم: 109 دقيقة
سنة الانتاج: 2008
ـــــــــــــــــ
ملخص الفيلم:
ولدت (ثريا) في بروكلين (الولايات المتحدة) لطبقة عاملة من اللاجئين الفلسطيمييم تكتشف أن كل مدخرات جدها قد جمّدت في حساب مصرفي في يافا عندما اضطر إلى مغادرة بلده في عام 1948. تصمم ثريا على استعادة حقها وتحقق حلم حياتها بالعودة إلى فلسطين . تتعرف على (عماد) شاب فلسطيني ، يطمح للرحيل نهائياً من فلسطين على عكس ما تصبو إليه. يقرر الاثنان حل مشاكلهما وإن بطريقة غير شرعية.
ــــــــــــــــــ
أبطال رئيسيون:
(1)الفلسطينية القادمة من بروكلين(الولايات المتحدة) إلى فلسطي: ثرياموسى تهاني)الفنانة:سهير حمّاد(
(2)عامل المطعم : عماد ، من سكان الأمعري وأصله من الدوايمة(الفنان : صالح بكري)
(3)الشاب المخرج : … (الفنان والمخرج :رياض دعيس)
شخوص ثانوية، أغنت الفيلم:
الفنان والمخرج :يحيى بركات
الفنان التشكيلي :خالد حوراني
الفنان والمخرج: مازن سعادة
المخرجة والفنانة القديرة : ايمان عون
الموسيقار والفنان: وليد عبد السلام
فنيون[ أتذكرهم من شارة الفيلم]:
مهند يعقوبي (مخرج و مونتير )
رضوان شلبي (موسيقار )
__________________
تيسير مشارقة
* بقي أن نقول بأن المخرجة المبدعة آن ماري جاسر قد أهدت عملها الفني هذا لأرواح شهداء مذبحة الدوايمة ،،،