لم يصبر أبناء الربة بالكرك على استفزاز السياح الاسرائيليين، فقام أحد التجار كما روى مندوب “العرب اليوم” في عددها الصادر في 5 حزيران، بضرب يهودي سائح بالحذاء، عندما دخل متجره وهو يرتدي القلنسوة اليهودية المعروفة، في خطوة عنجهية أثارت غضب التاجر، فقام بطرده من المحل، ليسود الهرج والمرج السوق كله، ويقوم بعدها تجار الربة والمواطنون بطرد السياح الاسرائيليين، بعد ضربهم بالاحذية وعددهم ستة رجال ونساء، يستقلون ثلاث سيارات.
ان خطوة تجار الربة هذه والتي تؤكد انتماءهم العميق لامتهم ولعقيدتهم، وحبهم المطلق لفلسطين والقدس والاقصى، تطفح بالدلالات الهامة ومنها: ان الشعب الاردني يرفض التعامل مع العدو، الذي لا يزال يحتل الأرض والقدس، ويستبيح الأقصى يوميا، ويرفض الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الشقيق.
يرفض التعامل مع هذا العدو الغاصب الذي استباح ويستبيح دماء الاشقاء ويعمل على تهويد اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ويستذكر دماء شهداء جيشه الابرار، التي روت سهول جنين وباب الواد واللطرون، واسوار الاقصى وساحاته، ولا تزال حرة، تستنهض الامة لتحرير ارض الاسراء والمعراج.
وبالمقابل، فان ممارسات السياح الصهاينة، هي ممارسات فجة عنصرية فوقية، غير مقبولة، فلماذا يصرون على لبس الطاقية اليهودية، وهم يتجولون داخل المدن، ويؤمون المتاجر والمطاعم، وهم يعرفون أن هذه الطاقية خاصة باليهود المتدينين، يلبسونها وهم يتلون ثرثراتهم وكذبهم أمام ما يسمونه “حائط المبكى” والذي هو حائط البراق، ولكنه التزوير الذي اضحى صناعتهم المعروفة.
ان المواطنين العرب والعالم كله يميزونهم عن غيرهم بهذه الطاقية. ومن هنا لم يسأل التاجر الكركي السائح اليهودي عن اسمه وجنسيته، بل عرف انه يهودي ابن يهودية، بلباسه الطاقية، حينما نظر اليه، فقام بطرده فورا، بعد ان فقد أعصابه وشعر بالاهانة، وهو يقتحم عليه متجره.
لم يحترم العدو اتفاقيات السلام، ولم يحترم التنازل الجوهري الذي قدمه العرب باعترافهم بالعدو على أكثر من 78% من فلسطين التاريخية، بل استغل السلام لتنفيذ مخططاته وخططه العدوانية، فقام بتهويد القدس، وها هو يرفض اقامة الدولة الفلسطينية، ويعمل على تكريس الامر الواقع، بتحويل الضفة الى “كانتونات” وجزر معزولة، يستحيل معها اقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، لتبقى اسيرة الحكم الذاتي، واسيرة السيطرة الصهيونية.
تذكرنا واقعة الربة هذه، والتي تحتل مكانا متميزا في مقاومة التطبيع، وحتما ستستقر في الوجدان العربي كمثال على اصالة هذا الشعب، تذكرنا بواقعة “ابو أحمد” صاحب مطعم في جرش رفض استقبال السفير الاسرائيلي في مطعمه، وقام بطرده.
واقعة الربة، وانهيال أحذية الكركيين على رؤوس السياح الصهاينة، جزاء وفاقا لاستفزازهم للاردنيين، واستهتارهم بعواطفهم، خاصة وهم يرون عقيدتهم تمس، وقدسهم تهود، واقصاهم يستباح، هي درس للعدو الصهيوني بان الاردنيين والعرب لن يتخلوا عن القدس وفلسطين، وان كل الاتفاقات التي جاءت في لحظة الهزيمة، لن تستطيع تغيير الحقيقة، وإلغاء التاريخ، ومصادرة الحق، بان فلسطين عربية، منذ أن خلق الله الارض، وستبقى حتى يرثها ومن عليها.
باختصار.. صرخة الكرامة التي اطلقها الكركيون من الربة، دعوة للمطبعين ولكافة ابناء الامة، بضرورة وقف التطبيع، وعدم التعامل مع العدو الصهيوني.
وسلمت النفوس الابية التي ترفض الضيم.