من غير موعد .. شاء الله تعالى أن ألتقي بوالدة الشهيد محمد سدر لدى زيارة غير مقصودة لأحد الأصدقاء عند مروري بالمنطقة .. ومع أن الوقت الذي جمعنا كان قصيرا , ألا أنه كان مثيرا ومدهشا .. اللقاء مع والدة الشهيد لا يشبه أي لقاء , ولو كان مع والده أو أخوته ! الأم بطبيعها غنية بالعاطفة والحنان , كاملة التعلق بأولادها ! فكيف أذا كانت تحسب ولدها شهيدا في سبيل الله .
كل حركات محمد وتصرفاته وكلامه كانت توحي بأن حدثا صاعقا سيحصل لأبنها المهندس ! مع أنها لم تكن تلاحظ عليه أي أرتباط بالمقاومة أو بأي عمل مسلح .. ألا أن فكره وقيامه وقعوده وغيابه عن البيت كان لا بد وأن ينبه الأم أن شيئا ما يجري ولا تدري تفاصيله !
الشاب محمد ايوب سدر لم يكن من أصحاب اللهو والسهر .. كان رزينا هادئا في سلوكه وكان كثير الشرود أو أنه كان يحدث نفسه بالأنخراط في سلك المقاومة .. فالأحداث المتلاحقة على الصعيد العسكري في منطقة الخليل كان مثيرا للأنتباه وكان مؤثرا .. الناس تعاني من المداهمات والأعتقالات وكثرة الحواجز ونقاط التفتيش ..
وما دام الأنسان أبن بيئته , يتأثر بأحداثها , والبيئة بطبيعها تشكل ضاغطا قويا على النفس والسلوك ..
أعتقد أن محمد سدر كان غير مستثنى من هذا التفاعل مع ما يجري !
شاب غير مرتبط بزوجة وأولاد .. جنود الجيش يتجولون على هواهم والعملاء يحصون أنفاس الناس .. هذا أغتيال وهذا أعتقال وهذا يسلم تسليم اليد مقابل بضع شيكلات أو دولارات !
الجو خانق .. الناس مكبلون بالقوانين العسكرية وبأوهام المفاوضات والسلام .. والسلطة لا قدرة لها على أي فعل مؤثر !
كله كلام في كلام .. الناس باتت تعتقد أن المفاوضات هي عملية تخدير طويل الأمد .. فقد أنقضت سنين طويلة من قوائم الوعود ! ولا شيء على الأرض .. حتى وصلت مرحلة من المفاوضات أن المهم هو الجلوس على الطاولة ولقاء الأسرائيليون بأي شكل .. شو القصة .. ما حدا فاهم شي