بسم الله الرحمن الرحيم
حمد لله على السلامه وعوده ميمونه بحمد الله وارجو ان تكوني صوتا للحق في كل مجال
وهذا صيفي التميمي حكيم بني تميم وقاضي العرب
أكثم بن صيفي سيد من سادات تميم ، كان يقيم بين قومه ويقصد إليه الرجال يلتمسون عنده الحكمة والرأي السديد . ويروى أنه حين سمع ببعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أرسل رجلين يسألانه عن نسبه وعما جاء به ، فتلا عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 90"سورة النحل .
فلما رجعا إلى أكثم قال لقومه: هذا رسول يأمر بمكارم الأخلاق . لكنه توفي ولم يلقَ النبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة النبوية بثلاث سنين , وقد عُمر طويلاً . وكان أكثم خطيباً مبدعاً وحكيماً تتدفق الحكمة على لسانه .
الخطبة:
يُروى أن النعمان بن المنذر قصد إلى بلاط كسرى فوجد عنده وفوداً من الروم والهند والصين ، وقد افتخر كل وفد بمآثر أمته ، ولما افتخر النعمان بمفاخر العرب أنكر كسرى على العرب أن يكون لهم مجد ، ووصفهم بأنهم وحوش تقيم في القفر ، وحينئذ اقترح عليه النعمان أن يستدعي وفداً من العرب ويسمع منهم ، فوافق كسرى على ذلك وقدم وفد العرب وعلى رأسه أكثم بن صَيفي ، الذي ألقى هذه الخطبة بين يدي كسرى : "إنّ أفضل الأشياء أعاليها ، وأعلى الرجال مُلُوكلها ، وأفضل الملوك أعمها نفعاً ، وخير الأزمنةِ أخصبها ، وأفضل الخطباءِ أصدقها . الصدق منجاة ، والكذب مهواة (1) ، والشر لجاجة (2) ، والحزم مركبٌ صعب ، والعجز مركبٌ وطيء (3) . آفةُ الرأي الهوى ، والعجز مفتاح الفقر ، وخيرُ الأمورِ الصبر . حُسن الظنِ ورطة ، وسوء الظن عِصمة ، إصلاح فساد الرعيّة خير من إصلاح فساد الراعي ، مَنْ فسدت بطانته كان كالغاص بالماء . شر البلاد بلادٌ لا أمير لها ، شر الملوك من خافهُ البريء ، المرء بعجز لا محالة . أفضل الأولادِ البررة . خير الأعوانِ مَنْ لم يُراءِ بالنصيحة ، أحق الجنودِ بالنصر مَنْ حسُنت سريرته ، يكفيكَ من الزاد ما بلّغكَ المحل ، حسبُكَ من شر سماعه . الصمت حُكمٌ وقليلٌ فاعلهُ .البلاغةُ الإيجاز (4) . مًنْ شدّد نفّر ، ومَنْ تراخى تألّف" .
فأُعجب بها كسرى إعجاباً شديداً ، وقال له: لو لم يكن لقومك غيرك لكفاهم ذلك فخراً . ثم خطب رجال آخرون من زعماء القبائل فدُهش كسرى لبلاغة العرب وأكرم وفودهم ، فرجعوا من بلاطهِ معزّزين مكرّمين .