وتبقى الذكرى ....

محمد عبد ربُّه الحجوج ....

قصةٌ أسطوريَّة لشاب عقد قرانَهُ على الفرحِ والسعادة .... آمَنَ بكلمة " أستطيع " ، وكرِهَ كلمةَ " لكن " ، ولم يعترف مُعجمُهُ بكلمة " مستحيل " ....

سعى طوالَ عمرِهِ إلى رسمِ الابتسامة على شفاهِ من حوله حتى ولو كانت تلك الابتسامة حزينة ، ولكنها في نظرِهِ قادرة على تجاوزِ كل المِحنِ والصِّعاب ....
أجل .. لم تُفارق تلك الابتسامة شفاهَهُ طوال حياته... لا أذكر أنني رأيتُهُ يومًا غاضِبًا أو منفعلاً ، بل لطالما كانَ ساخِرًا مما يحيط بهِ من أشخاص ومواقف وحتى أزمات .. فهوَ لم يحزن على وفاةِ والدهِ بقدرِ ما كان سعيدًا لكونِهِ آخر من شهدَهُ وترضَّى عليه ....

لم يؤمن يومًا بالفشلِ والإحباط .... ولطالما ردَّد مقولةً مفادها أنَّ الفشل ما هو إلاّ الاستسلام لليأس والإحباط ، وكانَ هو خير مثالٍ على ذلك ؛ حيثُ إنَّه تعرَّض للكثير من العراقيل في حياته ولكنَّه كان يصرُّ على النهوض على قدميهِ الهزيلتين في إصرارٍ منه على عدمِ ارتطامِ وجههِ بالأرض ....
هو لم يأسف على سقوطِهِ يومًا ما ، بل دائمًا ما كان فخورًا بسرعتهِ في الوقوفِ مُتحدِّيًّا بذلك العراقيل التي تنتظرُهُ في محاولةٍ منها لكسرِ عزيمتِهِ الحديديَّة ....

وداعًا محمد .... وداعًا يا ابنَ خالي العزيز ....
وداعًا أيُّها الشَّاب الأسمر المرِح .... وداعًا لقلبِكَ الأبيض المفعم بالأمل والنشاط ، ولطيبتِكَ المفقودة في هذا الزَّمان ، ولما أردتَ تحقيقَه على مدار حياتكَ من زواج وعملٍ أفضل ممّا كان لديك وغيرِها من الأمنيات الكثيرة ، تلكَ التي لم تتحقَّق يومًا في حياتِك ، ويبقى عزاؤنا الوحيد أن يحقِّقها الله لك بعد مماتك .... وداعًا لكلِّ ما تحمل من معاني الصدق والبساطة والنخوة والرجولة والحنان ، تلكَ الصفات التي لا يمكن أن تجتمع في شخصٍ واحِد ....

رحمَكَ الله يا محمد وأسكنَك فسيحَ جنانِهِ إن شاء الله .... احتسبناكَ لوجه الله تعالى ابنًا بارًّا رضيًّا ملتزمًا لأوامرِ الله مجتنبًا لنواهيه....

ملاحظة : توفي " محمد " عن عمرٍ يناهز الخامسة والعشرين عامًا قبل يومين مدهوسًا في منطقة " المقابلين " ، وكانَ آخر كلامه من الدنيا " أشهد انَّ لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله " ، ودفِن مع إصبعِهِ المرفوع للشهادة ....