الأسطورة الفرنسية
عذراء "أورليانز" جان دارك
محيط - سميرة سليمان
تمر بنا ذكرى ميلاد جان دارك عام 1412 م بمدينة "دومريمي" شمال شرق فرنسا، والتي توفيت عام 1431م في التاسعة عشرة من عمرها بمدينة "روون" في إقليم نورماندي شمال البلاد بإعدامها حرقا من قبل قوات الاحتلال و اتهمتها بالإلحاد.
ترجع شهرة جان دارك إلى نجاحها في رفع حصار قوات الاحتلال الإنجليزية عن مدينة "أورليانز" الفرنسية عام 1429؛ حيث استطاعت جان دارك لقاء الملك الفرنسي "شارل السابع" بمدينة "شينون" وأقنعته بالمهمة العسكرية التي نذرت نفسها لها وهي تخليص أورليانز من براثن الإنجليز.
تقول جان دارك في اعترافاتها: " بين أفراد أسرتي، كان اسمي جنيت. منذ مجيئي الى فرنسا، سموني جان.
ولدت في قرية دومريمي. اسم أبى كان جون دارك، وأمي كانت تدعى ايزابيل. طوال فترة إقامتي في القرية، عملت في قضاء الواجبات المنزلية، وما ذهبت لرعي الخراف وما نملكه من حيوانات أخرى إلا فيما ندر.
تعلمت في الصغر الخياطة والغزل، ولا أخشى منافسة أي امرأة في ريون في هذا المجال،اما دراستي، فقد تعلمت عقيدتي والتصرفات الصحيحة للطفلة المهذبة بطريقة حازمة وفي الوقت المناسب.
مرة كل عام اعترفت بخطاياي الى القسيس، ولقد شربت الماء المقدس وتناولت الخبز السماوي في عيد الفصح" .
حلم وجد طريقه للحقيقة
جان دارك
تتابع دارك في مذكراتها " أبلغتني أمي ان أبى قد حلم أكثر من مرة بأنني سأهرب بعيدا مع مجموعة من الجنود. قالت لي انه تحدث الى اخوتي منذرا: "لو آمنت بان هذه الأحلام ستتحقق لطلبت منكم إغراقها، واذا رفضتم فسأغرقها بنفسي." بسبب هذه الأحلام، قام والديّ بمراقبتي دائما وحدا من حريتي واضطهداني. مع ذلك أطعتهما في كل شيء. ولكن، حين طلب الخالق مني الذهاب ما كان لي بد من إطاعة الأمر. وما دام الخالق قد أمر، فكلمات مائة أب وأم، حتى وان كنت بنت ملك، ما كانت لتمنعني. وهكذا فضل الخالق ان يحقق مشيئته عبر عذراء ريفية بسيطة سترد أعداء الملك على أعقابهم" .
نشأت جان دارك في كوخ صغير على مقربة من الكنيسه وكانت البلده التي يعيشون بها بلدة صغيره على مقربة من حدود مقاطعتي شمبانيا واللورين وهي واحدة من الاف البلدان والقرى التي يكتظ بها الريف الفرنسي وقد نضجت شخصية وعقلية جان دارك بسرعة غير عادية فعندما بلغت الخامسة كانت تصلي وتدعو الله وهي تجثو على ركبتيها وعندما سألتها أمها يوما: لماذا تجثين على ركبتيك و أنت تصلين فأجابت الطفله إن أقل شيء نفعله لله الذي خلق لنا كل شيء أن نجثو على ركبتينا ونحن نصلي له .
وهناك واقعه حدثت عندما كانت الطفله جان دارك في السادسه من عمرها حين تعسرت ولادة جارة لها وكانت هذه الجاره طيبة القلب ودائما ما تلاطف جان دارك وعندما إشتدت خطورة حالتها يئست القابله وأخذت تبكي وأيقن أهل المرأه بأنها هالكه فدخلت جان دارك وسمعت أصوات البكاء والعويل فقالت الطفله لهم إن بكاءكم هكذا لا يرضي الله أرجوكم كفو عن البكاء قليلا حتى أدعو الله وأتوسل اليه أن ينقذها فجثت جان دارك جوار الفراش وأخذت تدعو الله وبعد وقت قصير ولدت المرأه ونجت هي وطفلها فتناقلت القريه كلها الخبر وشاع بينهم أن الطفله جان دارك مباركه فصاروا يهرعون اليها كلما ألمّت بأحدهم مصيبه .
ويروى أن جان دارك عندما بلغت العاشره من عمرها كانت تسمع أصوات تحدثها وتقول لها: جان دارك داومي على الإبتهال..جان أنت الخلاص لوطنك.. استمري في عطفك على الفقراء.
فرنسا تناديني
أخيرا قررت جان أن تخطو أول خطوه نحو تحرير فرنسا فاضطرت جان أن تكذب لأول مره في حياتها فقات لوالديها بأنها تشعر بالملل والضيق وتريد قضاء بضعة أيام عند خالتها فأذن والداها لها بذلك فأخبرت جان زوج خالتها عن الأصوات اتي تسمعها وعن نيتها لتحرير فرنسا وكان زوج خالتها رجل طيب القلب فصدقها ووافق على أن يصحبها لمقابلة حاكم منطقة فوكولور وعندما قابلت الحاكم قال بأنها فتاة مجنونه فعادت جان خائبه الى بيت والديها.
جان دارك
بعد مدة من الزمن عادت جان لزيارة خالتها وصادف في هذه المره وجود فارسين في البلده عرفا بالشهامة والشجاعة والتدين كان أحدهما يدعى "برتراند دي بولانجيه" والآخر يدعى "جان دي ميتس" وعندما سمعا عن جان ذهبا وبعد حديثهما معها وعدا بمساعدتها وذهبا لمقابلة حاكم فوكولور وكان الحاكم يحترمهما كثيرا فوافق على التوسط لتحديد موعد تلتقي فيه جان بالملك شارل السابع وفرح أهل القريه لأجلها فلطالما صدقوها واعتبروها فتاة صالحه فتبرعو بمالهم لها فاشترت حصان ودرع وسيف ورمحا وخنجرا وارتدت زي رجل وقصت شعرها .
وتطوع شابان من البلده لخدمتها ومرافقتها وكان أحدهما يدعى جوليان والأخر يدعى هونيكور، سافرت جان ورفاقها الى مدينة شتون واستغرقت رحلتها أحد عشر يوما واجهت خلالها الكثير من المشاق ووصلت الى شتون حيث مقر الملك في السادس من شهر مارس عام 1429م واستدعى الملك أولا الفارسين الذين كانا معها فلما سمع أقوالهما أذن لجان بأن تقابله في قصره وبعد أن قابل الملك جان لم يصدقها على الفور بل جعل مجموعه من القساوسه يحققون معها للتحقق من مزاعمها و بأنها تسمع أصوات فأقنعتهم بإجاباتها فأشار رجال من حاشية الملك عليه بأن يرسلها الى مدينة بواتيه ليحقق معها النائب العام وذهبت جان الى هناك و أمطرها النائب العام بوابل من الأسئلة كما انتدب عددا من كبار رجال الكنيسه للتحقيق معها وكان بينهم راهب يدعى غليوم أمري سألها: تقولين أن الملائكة أوحوا اليك أن تقودي جيش فرنسا لأن ربنا يريد نصرتنا، إذا كان ما تقولينه صحيحا فإنّ الرب ليس بحاجة اليك ولا الى جنود فرنسا لينصرنا على الإنجليز ! .
فأجابت جان : إن الجنود يحاربون والرب يكتب لهم النصر إنك تقول كما قال اليهود لنبيهم موسى إذهب أنت وربك فقاتلا...وهذا القول كفر مبين، فأفحم الراهب بإجاباتها وأشار بضرورة تنفيذ رغباتها .
نجاحات جان
أمر الملك بتجهيز فيلق ليكون تحت إمرة جان وجعلت جان كلا من الفارسين جان ميتس ودي بولانجيه مستشاريها العسكريين وتطوع العديد من الشبان وانضموا الى جيش جان حتى بلغ عدد الجنود إثنا عشر ألفا ولكن قبل البدء بأي معركه أرسلت جان رساله لمحاولة التفاهم وديا أولا مفادها أن الله أرسلها لطرده من فرنسا " التي انتهكتَ سيادتها وعثتَ فيها فساداً... لو أطعتني؛ فسأرحم رجالك وأسمح لهم بالذهاب إلى ديارهم، وستذهب المملكة إلى الملك تشارلز، الأحق بالإرث... وإلا سنشعلها حرباً ضروساً لم ترَ فرنسا مثلها منذ ألف عام".
ولكن الإنجليز لم يقبلوا فكان أن خاضت جان العديد من المعارك وانتصرت وحررت العديد من الحصون وتمكنت من فك الحصار عن مدينة أورليان وعرفت جان دارك منذ ذلك الحين باسم "لابوسيل دورليانز" أي عذراء أورليانز وتوج شارل السابع ملكا على فرنسا وزحفت جان نحو باريس حتى احتلت مدينة سان دينيس عام 1429م .
وحين اقتربت من مدينة سان أنورا أصيبت بسهم في فخذها الأيمن ولكنها نهضت وحثت الجنود على متابعة القتال وامتطت فرسها دون أن تأبه بجرحها وألمها، وعادت إلى المعركة وهي تشجع الجنود بقولها: "كونوا شجعاناً ولا تتراجعوا، وبعد قليل سيكون النصر لكم. هيا...المدينة لنا".
كانت جان دارك رحيمة عطوفة؛ فحينما انسحب الإنجليز من المدينة، في الخامس من مايو قالت لرجالها والرقة تعلو وجهها: "لا تلحقوا بهم أي ضرر... وعندما أصبح سقوط باريس وشيكا أمرها شارل السابع بالعودة الى مدينة سان دينيس ثم أقنعها بالعودة لتبقى بجوار الملك فنفذت الأمر ولكن كانت قد اصيبت بالحمى من جراء الجرح الذي اصيبت به وبعد أن سادت الفوضى الجيش الفرنسي بعد رحيل جان دارك استولى الإنجليز على مدينة سان دينيس ورغم كل ذلك أصر شارل السابع بضرورة بقاء جان دارك معه بحجة أنه يشفق عليها بعد كل ماكابدته من مشقه .
تحايلت جان دارك على الملك وأقنعته بأن يسمح لها بالخروج فخرجت بعدد لا يتجاوز الاربعمائة جندي فقط ودارت معارك صغيره إنتصرت فيها جان دارك ورجالها فزحفت نحو مدينة كومبيان وهناك دارت معركه عنيفة هزمت فيها جان دارك وأسرها البرغانديون، عملاء الاحتلال البريطاني وباعها الكونت دي لكسمبورج للإنجليز وتمت محاكمة جان التي حكم عليها بالإعدام حرقا رغم أن التقاليد العسكرية لا تسمح بإعدام الأسرى لاسيما إذا كانوا قاده بل يتم دفع الفديه لإنقاذهم ولكن الملك شارل السابع لم يفعل بتحريض من بعض رجال حاشيته الذين باعو ضمائرهم للإنجليز والبورغونيين.
اللحظات الأخيرة
بيت ومتحف جان دارك
أحرقت جان وهي في التاسعة عشرة بتهمة الهرطقة والسحر والقي رمادها في نهر السين: وتقول عن هذا: بعد ان ابلغونني بأنهم سيقيدونني الى شجرة ويحرقوا جسدي، قلت لهم: "لو كنت في مكان إعدامي، وشاهدت الزبانية يشعلون النيران التي تلتهب حين يلقون لها بالأخشاب الجافة، ولو كنت في وسط اللهيب، حتى آنذاك لن اعترف بالمزيد، ألح على تكرار ما قلته حتى ساعة الموت.ليس لدي المزيد من الأقوال".
يوم الإعدام .. تُـليت عليها موعظة من قبل رجال الكنيسة، استمعت لها بهدوء لكنها انهارت باكية وأخبرتهم أنها قد سامحتهم على فعلتهم وطلبت منهم الدعاء لها.. يقال إن عدداً من القضاء وبعض الحاضرين بكوا بصمت وأحسوا بغصة فلم يتفوهوا بكلمةٍ واحدة في حين شعر البعض الآخر بنفاد صبر وطالب بتعجيل الحكم!
وفي عام 1456 أصدرت كنيسة روما في السابع من يوليو حكما يقضي ببراءة جان دارك من التهم المنسوبة إليها وفي إبريل عام 1920 أقيم حفل كبير في كنيسة سان بطرس واعتبرت جان دارك قديسة من القديسات، وتحتفل الكنيسة بعيد القديسة جان في يوم ذكرى موتها أي في الثلاثين من مايو من كل عام وأصبحت قصة جان دارك من أكثر القصص الملهمة في التاريخ، وكتبت عنها كتب و مسرحيات و ألفت قصائد وأفلام، حيث تم تمثيل فيلم بعنوان "آلام جان دارك" ويعد من أشهر 100 فيلم في السينما العالمية.
أيضا بقيت جان دارك مصدر إلهام للعديد من المبدعين الفرنسيين، وخرجت الكثير من الأعمال الأدبية التي تروي قصتها. ومن أشهر هذه الأعمال قصيدة "كريستين دو بيزان" في عام 1429م وكانت جان داراك حية، وحملت عنوان: " جان دارك ".
وكذلك المأساة المسرحية التي وضعها الأديب "شولر" عام 1801 وجاءت تحت عنوان: "عذراء أورليانز". كما وضع "شارل بيجي" في عام 1897 المأساة الثلاثية التي حملت عنوان: "جان دارك". وفى عام 1928 أنتج "كارل دريير" فيلما بعنوان: "آلام جان دارك".
جان دارك الاسطورة
جان دارك (بالفرنسية: Jeanne d'Arc) ولدت عام 1412 م بمدينة "دومريمي" شمال شرق فرنسا، وتوفيت عام 1431م في التاسعة عشرة من عمرها بمدينة "روون" في إقليم نورماندي شمال البلاد بإعدامها حرقا من قبل قوات الاحتلال و التي اتهمتها بالإلحاد. تعتبر جان دارك أبرز وجوه مقاومة الاحتلال الإنجليزي لقطاعات من بريطانيا أثناء حرب المائة عام، بين بريطانيا وفرنسا (1337-1453).
ترجع شهرة جان دارك إلى نجاحها فى رفع حصار قوات الاحتلال الإنجليزية عن مدينة «أورليانز» الفرنسية عام 1429، حيث استطاعت جان دارك لقاء الملك الفرنسى «شارل السابع» بمدينة «شينون» وأقنعته بالمهمة العسكرية التى نذرت نفسها لها، وهى تخليص أورليانز من براثن الإنجليز.
وتقدمت جان التى كانت تبلغ حينها 13 عامًا على رأس جيش صغير، وتمكنت من الانتصار فى معركة بمدينة «باتاى» وطرد جيش الاحتلال من أورليانز. وعرفت جان دارك منذ ذلك الحين باسم «لابوسيل دورليانز» أى عذراء أورليانز.
ومن ثم فإن جان دارك لم تكن مجرد رمز لمقاومة المحتل، وإنما رمز للمقاومة النسائية فى العالم، لقد وهبت جان دارك نفسها فى عمر مبكر للكفاح والمقاومة ضد الإنجليز وأخفقت فى «كوبيينى» قبل أن تصل إلى باريس، وسقطت فى 23 مايو 1430 فى أيدى «البورجينيين» نسبة إلى جنود دوق «بورجونى» المعارض لمقاطعة آرمانياك، وتم بيعها إلى الإنجليز بعد أن ألصقوا بها تهمة السحر،
وقدمت جان إلى محكمة كنسية ترأسها أسقف «بيير كوشون»، واعتُبرت بموجب قرار المحكمة ملحدة ومرتدة وهو ما ترتب عليه حرقها حية بمدينة روون فى إقليم نورماندى فى «30 مايو» من عام 1431، وكان عمرها آنذاك 19 عامًا تم تناول سيرتها فى أكثر من فيلم، منها بعنوان «آلام جان دارك» ويعد من أشهر 100 فيلم فى السينما العالمية كما ظلت مصدر إلهام للعديد من المبدعين الفرنسيين،
وخرجت الكثير من الأعمال الأدبية التى تروى قصتها، ومن أشهر هذه الأعمال قصيدة «كريستين دو بيزان» فى عام 1429 وكانت جان داراك لا تزال على قيد الحياة وحملت عنوان: «جان دارك». وكذلك المأساة المسرحية التى وضعها الأديب «شولر» عام 1801، وجاءت تحت عنوان: «عذراء أورليانز».
كما وضع «شارل بيجى» فى عام 1897 المأساة الثلاثية التى حملت عنوان: «جان دارك» وفى عام 1928 أنتج «كارل دريير» فيلم «آلام جان دارك»، ولأن جان دارك قروية وفلاحة فرنسية، بالأساس وشديدة الإيمان فلقد كانت ملحمتها شديدة الخصوبة وشكلت إغواء للمخيلة القروية التى نسجت حولها الأساطير.
Joan of Arc