مركز حقوقي يندد بالتعسف ضد منتقبات مصرمفكرة الإسلام: أعرب مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز عن أسفه البالغ لاستمرار الهيئات والمؤسسات الرسمية في إهدار أحكام القضاء المصري، بمنع الطالبات وعضوات هيئة التدريس المنتقبات من دخول الامتحانات. وقال المركز في بيان له: إن آخر تلك الانتهاكات كان رفض وزير التعليم العالي ورئيس جامعة عين شمس وهيئة التدريس بالجامعة تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الخاص ببطلان قرار هيئة التدريس بالجامعة والخاص بمنع المنتقبات من دخول قاعات المحاضرات والامتحانات ومراقبتها، والذي تم على أثره منع المنتقبات من دخول الامتحانات والأساتذة والمعيدين من مراقبتها، ما دفع البعض منهم لرفع دعوى قضائية إلى محكمة القضاء الإداري لتمكينهن من مراقبة الامتحانات، وحصولهن علي قرار يلزم الجامعة بالسماح لهن بممارسة عملهن بحرية تامة، إلا أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ القرار بالمخالفة للقانون.
وأوضح البيان أن المركز كان قد تلّقى شكوى من الدكتورة كريمة جابر علي - مدرس قسم أمراض النبات – بكلية الزراعة جامعة عين شمس تفيد منعها من مراقبة الامتحانات، ما دفعها للتقدم بالدعوى رقم 13361 لسنة 64 ق، وحصولها علي حكم من محكمة القضاء الإداري، ببطلان قرار هيئة التدريس بالجامعة، وجواز ارتداء النقاب داخل قاعات الامتحان.
وأضافت أنها ليست الوحيدة التي تم منعها من ممارسة عملها، حيث سبق وأن قامت إدارة الجامعة بمنع "بسمة كمال"، و "مروة محمود"، ونورا محمد طه"، المعيدين في كلية الزراعة جامعة عين شمس من مراقبة الامتحانات، وكذلك منع "حفصة عبد العاطي"، و"أسماء محمود عبد الجليل"، أعضاء هيئة التدريس من الأمر نفسه، وكذلك منع الطالبات "فاطمة شوقي فايز سلامة"، و"آية مجدي محمد"، و"هاجر عبد الوهاب"، و"هاجر علاء الدين محمد"، و"سمية نبيل"، و"رشا محمود"، من دخول الامتحانات بسبب ارتدائهن للنقاب.
ويضيف المركز أن تلك المخالفات لم تقتصر فقط على جامعة عين شمس، حيث إن هناك العديد من الجامعات المصرية التي تقوم بذلك الأمر، ومنها جامعة الفيوم التي أصدر مجلسها قراراً بمنع المنتقبات من أداء الامتحان، ما دفع العديد من عمداء الكليات وعلى رأسهم الدكتور هاني الغزالي عميد كلية الهندسة، الذي قام بنفسه بالمرور علي لجان الامتحان وإجبار الطالبات علي خلع النقاب أو الخروج من قاعات الامتحان.
وأوضح البيان أن هذا المنع يمثل مخالفة للقانون والدستور، فضلاً عن مخالفته الصريحة للمعاهدات والاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والموقّعة عليه مصر.
مخالفة الدستور المصري:
وعلل ذلك بأن القرار يأتي بالمخالفة لنص المادة الثانية من الدستور والتي تقول: "إن الإسلام الدين الرسمي للدولة واللغة العربية هي اللغة الرسمية، والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع"، كما يمثل كذلك مخالفة للمادة 57 من الدستور والتي تقول بأن كل اعتداء علي الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات، جريمة يعاقب عليها القانون.
يضاف إلى ذلك أن القرار يمثل إخلالاً بمبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة 40 من الدستور والخاصة بأن "المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أوالدين أو العقيدة".
ويضيف المركز أن القرار يمثل مخالفة كذلك للأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا، بشأن النقاب، والتي أكدت على حرية المنتقبات في ارتداء النقاب و أن إسدال المرأة النقاب أو الخمار على وجهها إن لم يكن واجبًا شرعيًّا في رأى فإنه في رأي آخر ليس بمحظور شرعًا ولا يجرمه القانون كما لا ينكره العرف.
ومن ثم لا يجوز حظره بصفة مطلقة أو منعه بصورة كلية على المرأة ولو في جهة معينة أو مكان محدد مما يحق لها ارتياده لما يمثله هذا الحظر المطلق أو المنـــع الكلى من مساس بالحرية الشخصية في ارتداء الملابس ومن تقييد للحرية العقدية.
مخالفة المواثيق الدولية:
كما أنه وعلى صعيد القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان يمثل القرار مخالفة صريحة؛ ففي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية : "جميع الناس متساوون بقدرهم وبحقوقهم، ويتوجب عدم التمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين".
كما يعد ذلك ـ أيضاً ـ مخالفاً لميثاق الأمم المتحدة الذي أكد على ضرورة إلغاء جميع أشكال عنصرية الأديان والمعتقدات بموجب القرار رقم 36/55 (1981)، والذي يقضي في المادة 3 بأن "إهانة واحتقار الأديان يعتبر خرقًا لميثاق الأمم المتحدة".
لذلك كله فإن المركز يطالب وزير التعليم العالي ورئيس جامعة عين شمس وغيرهما من رؤساء وعمداء الجامعات والكليات المصرية بضرورة احترام أحكام القضاء، والسماح للمنتقبات بدخول قاعات الامتحان، ومراقبة الامتحانات، دون تعسف أو ضغط عليهن من أجل خلع النقاب.
كما يطالب بضرورة السماح للأستاذة كريمة جابر علي، وغيرها من الأساتذة والطالبات اللائي سبق ذكرهن من أداء الامتحانات ومراقبتها، دون أي تمييز بينهن وبين زميلاتهن في الجامعة، وذلك على اعتبار أن ارتداء النقاب يمثل حرية شخصية على الجميع احترامها.
وأخيراً يطالب المركز وزير التعليم العالي ورؤساء الجامعات المصرية بعدم إصدار قرارات يكون من شأنها تقييد حرية الرأي والتعبير لطلبة وأساتذة الجامعة، على اعتبار أن الجامعة هي المكان المناسب لتعلم الحرية والديمقراطية ونشرها في أوساط المجتمع المصري.