الشيخ المقدسي المجاهد
عصمان الشامي
(عثمان بن عبدالرحيم الشامي)
ورجلاً من هؤلاء الرجال , كان ظلاً لعمر المختار (كما جاء في مدونة الكتّاب الليبيين) ولولا فضل الله تعالى ، وإيمانه الراسخ بقضية الشعب الليبي العربي المسلم , واستبساله في ذلك , ودعمه المنقطع النظير لحركة
الجهاد, بجاهه وأملاكه , وبخبراته العسكرية النظامية مع الجيش , وخبراته الجهادية مع بزوغ القاومة الشعبية مع المجاهد أحمد الشريف , وفي تظافره مع بقية مجاهدي الداخل , لما آلت ليبيا إلى ما آلت إليه
من نصر وظفر في نهاية المسير الشاق .
********************
الشيخ عصمان الشامي
هو في نظر (الكتّاب اللييبين) وتد من أوتاد الجهاد , في ساحة القتال والشرف على أرض الواقع التي كان سلاحهم فيها :: الإيمان والبندقية وزادهم التمر والش*** ، ورابطوا وصبروا وما
بدلوا تبديلا ,
الشيخ عصمان (عثمان ) بن عبدالرحيم الحاج الشامي :ذلك الفارس المسلم العربي المقدسي البطل ، ولد ببيسان
في فلسطين الحبيبة سنة 1883 م
*******
معاهدة أوشي أو معاهدة لوزان الأولى
هي معاهدة وقعت بين مملكة إيطالياو (تركيا) وتم توقيعها اثر الحرب
التركية الإيطالية (1911-1912). عقدت في قلعة أوشي في
(ضواحي لوزان) بسويسرا في 22 شوال 1330هـ
الموافق 3/8/1912.
بموجبها انسحبت الدولة العثمانية وسحب جميع الجنود والضّباط والموظفين من طرابلس وبرقة من ليبيا، وتركت أهلها وحدهم وجهًا لوجه أمام الإيطاليين .
*********
القرار الشجاع والتاريخي
انسحب الجيش التركي من ليبيا بموجب معاهدة لوشي لوزان الاولى كان (عثمان الشامي) ضابطا من ضبطها المسلمين العرب , كما الليبيين والمسلمين والعرب قد صدموا من هذا الموقف المفاجئ والمزلزل
للإنقلابيين على السلطان عبد الحميد (1908) , بذلك اصبحت ليبيا امام القدر الالهي تواجه الطغيان الايطالي
لوحدها , لتصبح هذه البقعة الصغيرة , مسرح لاهم احداث القرن العشرين , وربما تتعدى , لتصبح هي النموذج والقدوة في اعتذار ايطاليا لليبيا ودفع التعويضات , لاهم احداث القرن 21
والتغيير في منحنى التاريخ المعاصر .
**************
عثمان الشامي :: ونجيب بيك الحوراني (البطاينة) وقجة عبدالله التشادي :: والمجاهد علي مبارك اليمني
وغيرهم الكثير من الجنود العرب والمسلمين , قرروا عدم الانسحاب والعودة لاوطانهم ولاهلهم , وقرروا الموت الف مرة بالرصاص في خضم المعارك , وعلى اعواد المشانق , والجوع في الصحاري والبراري , على ان يتركوا اهل ليبيا يواجهوا الطغيان والظلم لوحدهم , دون ان يختلط دمائهم بدماء الشرفاء على التراب الليبي , أمثال القائد أحمد الشريف , الشيخ يوسف بورحيل المسماري من قبائل المرابطين ، والشيخ عبدالحميد
العبار ، من قبائل المعادي ، والفضيل بوعمر الأوجلي , والشهيد عمر المختار , والأستاذ إبراهيم سالم عامر (مترجم كتاب برقة الهادئة) والكاتب محمد الطيب الأشهب , وإخوانهم الكثير , لقد عانقوا
الشمس ليصنعوا لامتهم الاسلامية وقوميتهم العربية الاصيلة مجدا وتاريخا ونورا نتفاخر به بين الامم , وذخرا كبيرا عند الله تعالى , نعرف قيمته يوم القيامة في اليوم العظيم .
******************************************
الشيخ عثمان بن عبدالرحيم الشامي
عصمان الشامي (كما هو معروف عند الليبيين) أحد رفاق عمر المختار الفارس الذي مثل الأرض المقدسة
في ملحمة الجهاد والإستشهاد
*********
المقاومة اللييبية , كلية عسكرية خرجت قادة عرب ومسلمين بعد عودتهم لأوطانهم , ومن الجيش التركي المنسحب من إيطاليا وترك ليبيا تواجه قدرها مع الطغاة , كان أنور باشا وأخيه نوري ، وكذلك مصطفى
كمال اتاتورك الذي أسس تركيا (العلمانية)
******
أبطال في ذاكرة الأمة العظيمة
الحديث عن رفاق عمر المختار حديث رائع وممتع فقد جاهد في ليبيا مع عمر المختار قادة آخرون كثر , من العرب والمسلمين , واللافت للنظر أن هؤلاء الرجال كان لهم شأن عظيم فيما بعد, ومن بين هؤلاء كان جعفر العسكري العراقي الذي أصبح وزيراً للدفاع , وأسس الجيش العراقي وعرف بأبي الجيش العراقي , ومن
ثم رئيساً للوزراء ، كذلك عبدالرحمن عزام المصري الذي شارك المجاهدين في الجبهة الغربية ، وأصبح أول أمينٍ عام للجامعة العربية علماً بأن السلطات الإيطالية حكمت عليه بالإعدام غيابياً وكذلك الشهيد (نجيب الحوراني) ، من حوران إربد - أردن الحشد والرباط , والذي أستشهد في 4/3/1914 , ومن كثرة حب الليبيين
لهذا الفارس , استنوا سنّة لم تكن معروفة لدى الليبيين في برقة , وذلك بتسمية أبنائهم على اسم (نجيب) , ولا زال التقدير الكبير لهذا الرجل المؤسس للجهاد الليبي ضد الطليان , و هنالك إلى يومنا هذا تقاطع طرق في ضواحي مدينة بنغازي , يسمى بنقطة نجيب حيث كان معسكره الذي يتجمّع فيه المجاهدين وكذلك (قجه عبدالله التشادي) , ذاك البطل الشجاع الذي أتى من (تشاد) ليرد الجميل لإخوانه الليبيين الذين قاتلوا الفرنسيين
مع أهل (تشاد) المسلمين , دفاعاً عن بيضة الإسلام والمسلمين من1898 إلى 1913 ، والمجاهد (علي مبارك اليمني) من اليمن مهد العروبة كذلك الأمير شكيب أرسلان (الكاتب اللبناني والمجاهد
العربي المسلم الكبير) الذي كان لقلمه اللاذع الدور الأكبر في فضح الطليان , وكشف جرائمهم ومناصرة إخوانه الليبيين في المهجروأخوه (نسيب أرسلان) الذي بشعره سجل لأهل ليبيا البطولة والمفخرة , وللطليان الخزي والعار ، وغيرهم كثيرين لانعلمهم وما يضرهم أننا لا نعلمهم ويعلمهم الله عز وجل , ولن يضيع أجرهم وكانوا جميعهم تحت قيادة السيد (أحمد الشريف) في بدايات الجهاد , ومن ثم المجاهد الكبير :: عمر المختار :: \في برقة التضحية والجهاد
*************************************
نحن أمة تملك في تاريخها التجارب القوية الحية وتتجدد دائماً من خلال هذه التجارب العظيمة, كما أننا لا ينسى المحن والعذابات التي عاشناها في المعتقلات والمنافي، ومن أغلى وأنبل وأشرف تلك التجارب حركة جهادنا في فلسطين والجزائر والعراق ضد البريطانيين(1914 – 1928) والأمريكان الآن , ونموذجها ليبيا ضد الطليان
الفاشست , وتلك المهمة التاريخية التي صنعها رجال عمر المختار ولقنوا فيها (الإستعمار الأوروبي) وإيطاليا درساً لا ينسى من خلال تلك المدرسة العسكرية التي أسسها عمر المختار والتي جعلت الجبل الأخضر , أرضاً محروقة أمام العدو وأصبحت المنطقة بكاملها بوابة نار أذهلت جنرالات إيطاليا , مما جعل غرسياني يقول:
"لقد ضربني عمر المختار ضربات موجعة لاأنساها في تاريخي العسكري".*
***
*****
ضربه وضرب الإستعمار وكل أنواع الإحتلال وقدم النموذج والمثل لمقاومة المظلوم للظالم
**** مهما كان المظلوم ضعيفا , ومهما كان الظالم متجبرا طاغيا ****
************************************************** *****
الشيخ :: المجاهد عثمان بن عبدالرحيم الشامي :: المقدسي
أو (عصمان الشامي) كما هو معروف في ليبيا , أحد زعماء المقاومة والجهاد في سبيل الله، ومن المؤسف ، أنه غير معروف، وهو ليس الوحيد في ذلك بل يشاركه في ذلك كثر لانستطيع حصرهم بقدر ما تعذّر علينا
(الكتاب الليبيون) حصر المعارك التي خاضوها، والشيء بالشيئ يذكر فإننا عجزنا عن حصر المعارك التي خاضها الشيخ عصمان، ولكننا نجزم أنها بالمئات , لذلك تعذّر حصرها , والدليل هو ما قاله غرانسياني في
كتابه ( برقة الهادئة ) عندما حصر لنا عدد المعارك التي خاضتها قواته مع رجال الشيخ عمر المختار ،والشيخ عصمان الشامي أحد القيادات الميدانية بأنها قاربت 277 فقط في ما بينالربيع / مارس 1930 إلى
الكانون/ ديسمبر 1931 أي خلال 21 شهراً من المرحلة الأخيرة من الجهاد, وبذلك الشيخ عصمان الشامي هو وتد من أوتاد الجهاد في ساحة القتال والشرف على أرض الواقع التي كان سلاحهم فيها الإيمان والبندقية وزادهم التمر والشعير *** ، ورابطوا وصبروا وما بدلوا تبديلا , الشيخ عصمان (عثمان ) بن عبدالرحيم الحاج
الشامي .. ذلك الفارس العربي البطل ، ولد ببيسان في فلسطين الحبيبة سنة 1883 م، وتحديداً بقرية ببيسان
قرب الحدود الأردنية الفلسطينية وفي المغرب الكبير اعتاد أنْ يسمُّوا كل من يأتي من بلاد الشام (سوريا فلسطين ، الأردن ، لبنان )(بالشامي) كما هو الحال في تسمية (المغربي) لكل من أتى من المغرب الكبير
( ليبيا، تونس ، الجزائر،المغرب ) إلى الشام
************************
زوجتّه أمه وهو صغير فرزق بابنة أسمها (تركيه) , وكم كانت ابنته تركية الصغيرة التي تركها
وعمرها شهر تمر في خياله وصورتها بين اهلها في الوطن وهو يشاهد الأنسحاب العسكري , ليشده الحنين إلى وطنه ولكن حنينه للجهاد وشهامته عدم ترك إخوانه اللييبيين كان أكثر (وابنته الحاجة تركية تعيش في المخيمات اللجوء الفلسطينية في الاردن الى الان).
********
أبي الشيخ عصمان أنْ يترك إخوانه الليبيين يواجهون الطليان وحدهم فانضم إلى حركة الجهاد الليبية في الجبل الأخضر ، وبادله المجاهدون الليبيون التحية , فزوجوه امرأتين من القبائل برقة البدوية قبيلتي الدرسة والبراعصة ، حتى يمتزج دمه بدمهم , فكانت زوجته الأولى من قبيلة الدرسة ، والتي أنجبت له (محمداً) ، أما زوجته الثانية من قبلية البراعصة , فانجبت له (علياً) وكلاهما لا يزالان يعيشان في مدينة
بنغازي , حيث زودنا الحاج علي بمعظم معلومات هذا البحث وترك الشيخ عثان عبدالرحيم الشامي , ذرية مازالت في ليبيا إلى يومنا هذا , وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من لحمة المجتمع الليبي في مدينتي البيضاء وبنغازي ، ويتمتع جميعهم بالإحترام والتقدير .
*********
وعندما انحسرت حركة المقاومة وضيق الخناق على المجاهدين بمجيء الفاشستي موسوليني للحكم في إيطاليا عام 1923 م في برقة والبيضاء لجأ شق من المجاهدين إلى واحات الدواخل والبقية إلى الجبل الأخضر
المنيع , فأعادوا ترتيب القيادة في شكل هيئة الجبل , برئاسة الشيخ عمر المختار , الذي ذاع صيته وأصبح قائدا ًللجهاد فكان نائب عمر المختار الشيخ يوسف بورحيل المسماري من قبائل المرابطين ، والشيخ عبدالحميد العبار ، من قبائل المعادي ، والفضيل بوعمر الأوجلي , من العمق الليبي , ممثلاً واحات الإمداد والصمود في جوف الصحراءوالشيخ عصمان الشامي من فلسطين ( كما كان من قبله نجيب الحوراني البطاينة من أردن الحشد والرباط) وقدجه عبدالله تشادي وغيرهم ... مضيفاً البعد العربي الإسلامي كونهم يمتلكون الأكاديمية العسكرية في الجيش العثماني
******************
في صيف 1930م
أعُيد تنظيم :: الأدوار :: (معسكرات المجاهدين) فأصبح الشيخ عبدالحميد العبار على قرابة 300 مقاتل
وعثمان الشامي قائداً لحوالي 380 مقاتل والفضيل بوعمر على رأس 380 مقاتل أما الشيخ عمر المختار
فكان القائد العام لجميع الأدوار , ويلازمه نائبه الشيخ يوسف بورحيل , في الإشراف العام على مسيرة الجهاد .
******************
لكن سرعان ما بدت ترتقي أرواح إخوانه القادة إلى باريها ففي 20/9/1929 , استشهد الفضيل بوعمر , وكان فراق المجاهد الفضيل بوعمر فراقاً مؤلمة للمجاهدين , فضم الشيخ (عثمان الشامي)
ادوار :: فصائل المجاهدين :: الفضيل بوعمر إلى قيادته , واستمر في عطائه حتى الإمتحان الأكبر :: أسر الشيخ عمر المختار بعد معركة ( عين لافو ) في وادي الطاقة قرب سلنطة يوم 11/9/1931
وكان الشيخ عثمان في رفقة عمر المختار عندما وقع في الأسر وعندما وقع الشيخ عمر المختار على الأرض جريحاً , وجاءه كل من عثمان الشامي , والتواتي عبد الجليل المنفى ، وحمد المختار ابن أخ الشيخ عمر المختار ، وهمَّ الرجال للقتال دونه , ولكن الشيخ عمر المختار أيقن أنه لا مفر , فأمر الرجال بالإفلات وقال لهم
” افلتوا يا أولادي فأنا عاجز عن الوقوف” .
*************************************
وأخُذ الشيخ عمر المختار أسيراً إلى سوسه تحت حراسة مشددة , تمهيداً لنقله إلى بنغازي عن طريق البحر
وأحبط الشيخ عمر المختار مشاعر مستجوبيه , وأفسد على الطليان نشوة النصر , عندما إبتسم إبتسامة المؤمن بقدر الله تعالى , والواثق من نصره ولو بعد حين , وأخبر (داودتشي) متصرف الجبل أنه غير منزعج كثيراً لوقوعه في الأسر , لأن إرادة الله تعالى فيها الخير كله , وأنه أخذ التدابير اللازمة لانتقال القيادة إلى أحد الأربعة وهم
حمد بوموسي :: وعثمان الشامي
وعبد الحميد العبار :: ويوسف بورحيل
***************
إرتقى الشيخ عمر المختار , شيخ المجاهدين في قرية سلوق صبيحة يوم 16/9/1931م , بإذن الله تعالى شهيدا في سبيل الله وبعد استشهاد الشيخ عمر المختار
**************************
كتب القائد المخضرم السيد :: أحمد الشريف :: المثقل بالشيخوخة والمرض . وبعيداً عن أرض الوطن
في مكة المكرمة رسالة إلى الشيخ عبدالحميد العبار , بتعيين الشيخ يوسف بورحيل قائداً للجهاد خلفاً للشهيد عمر المختار , فتقبل المشايخ من بينهم الشيخ عصمان الشامي ، ذلك بالطاعة لقائدهم العسكري برحابة
الصدر , واستمروا في قتالهم للإيطاليين .وكان لسان الحال يردد ما قاله الشاعر , (أحمد الشارف) في طرابلس الغرب :
رضينا بحتف النفوس رضينا
ولم نرضي أن يعرف الضيم فينا
ولن نرضى بالعيش إلا عزيزاً
ولا نتقي الشر بل يتقينا
ولكن ضاقت بهم برقه بما رحبت , وقل الزاد والعتاد وهُجَّرت معظم قبائل برقة إلى معتقلات , الآبيار وسلوق وقمينس والمقرون والعقيلة والبريقة ، وقُتل خلق كثير , ونُصبت الأسلاك المكهربة الشائكة للحيلولة بينهم
وبين إخوانهم المهاجرين بمصر , فانقطعت الإمدادات والأخبار ولم تسلم عائلة (الشيخ عثمان الشامي) من تلك الابتلاءات فاعتقلت زوجته الأولى واسمها (مكاتيب امعيوف وابنهما محمد) وسجنوا في معتقل العقيلة الوحشي
وكان أقارب المجاهدين القادة يراقبون مراقبة شديدة وعلى جانب حاد من القسوة، ثم نفى اثنان من إخوانها وهم من قبيلة الدرسة , وبالفعل , مات أخوال ( محمد عصمان عبدالرحيم الشامي ) في جزيرة الموت لا لشيء اقترفوه, إلا دفاعاً عن أرض والعرض وأختهم مع الشيخ عثمان أحد قادة المقاومة ، أما الزوجة الثانية ، (هويته بنت محمد بريدان) من بيت اليتامى في البراعصة ( 1891 - 1996 ) وكانت حينها حبلى بابن الشيخ عثمان الشامي ، (علي )، التي أسرع الشيخ عثمان في بعثها مع المهاجرين إلى مصر الشقيقة وأنجبت ولدها (علي) في الطريق بمنطقة البطنان الصحراوية وكتب لها ولطفلها الحياة ودخلت مصر , واهتم الليبيون في المهجر بعنايتهما في مدينة (مربوط الحمام) , ومن ثم رجعوا إلى ليبيا فيما بعد .
*****
ما بقي من المجاهدين ليس لهم ما يقاتلوا به ولم يكن لديهم حتى أزهد الطعام , بل كانوا يقتاتون الحشائش مع
خيولهم , لكي يستمروا في التنقل من مكان إلى آخر , حتى لا يظفر بهم العدو ، وخلت البلاد من السكان , فقد استشهد من الليبيين نصف عدد السكان , 750 ألف , من أصل مليون ونصف
والباقي سيقوا إلى المعتقلات الصحراوية القاتلة , وهاجر الباقي إلى الصحراء المصرية الغربية , وإلى السودان الغربي (تشاد) وتونس والجزائر
**********
“ الفرسان الثلاثة ”
قرر القادة الثلاث الذين سماهم المجرم “غراسياني ” في مذكراته “ الفرسان الثلاثة ” قرر القادة الثلاث الذين سماهم المجرم “غراسياني ” في مذكراته “ الفرسان الثلاثة ” الهجرة إلى مصر لغرض تجنيد المهاجرين الليبيين والتزود بالعدة والعتاد والعودة بهم إلى أرض الوطن وإخراج الناس من ” المعتقلات ” وانقسموا إلى ثلاث فرق قادها الفرسان الثلاث .. فقد اشتبك الشيخ البطل ” عثمان الشامي ” مع الطليان ثم وقع في الأسر جريحاً في عين غزالة , وكانت صحته خطرة للغاية وحالته يرثى لها كما يروي “ غراسياني” ذلك في كتابه
( برقة الهادئة )
*************
من المجاهدين ومن بينهم قادة ميدانيين استبسلوا حتى نجوا أمثال :: صالح بو امطير العبيدي :: وحمد بوخير الله البرعصي ودخل هؤلاء الأبطال مصر , وبنادقهم على ظهورهم وأمقاصهم بأيديهم وكانت تلك صفعة أخرى وجهها المجاهدون لوجه إيطاليا السافر وغضب المجرم غراتسياني لفداحة المصاب وذلك بخروج عدو لدود وقائد للجهاد
****************
وكان الشيخ عبدالحميد العبار في حالة صحية سيئة للغاية ، حيث فقد أكثر من نصف وزنه نتيجة المجاعة التي واجهها هو ورفاقه في الجهاد، حتى أن أضلع قفصه الصدري السفلي كانت تحك حوض ساقيه ، حيث ملأ جوفه بألياف النخيل الجافة الرطبة التي تمكنه من الوقوف منتصباً ، وتستر بخرق بالية من خيش الخيم ، علماً بأن هذا الرجل الجوعان العريان كان من أثرى أثرياء برقة وأجودها .
********
سبق وأن عين الشيخ (عصمان الشامي) قائم مقام لأدوار (المجاهدين) قبيلتي الدرسة والبراعصة , وهذا شرف ناله القليلون ، حيث تزعم رئاسة قبائل عُرف عنها التباهي بمشايخها وشبابها الأبطال ************************
ومن شمائل الشيخ عصمان شدة البأس وقوة الشكيمة ، لا يعرف اللين في التعامل مع الطليان لشدة عزته بإسلامه وعروبته
*******
وقع الشيخ عصمان في الأسر في الكانون / ديسمبر 1931 م , جائعاً مريضاً مثخناً بالجراح , بعد
جولات له مع الطليان , أذاقهم فيها مرارة القتال، وأُطلق سراحه لتدهور صحته في سنة 1933 م ، وبقى على قيد الحياة تحت مراقبة الإيطاليون حتى توفي في 1938م في ظروف غامضة
********************
والشيخ عصمان الشامي استعمل كل ما أوتي من قوة في سبيل الجهاد على أرض ليبيا، فوظف جاهه وأرضه وممتلكاته في فلسطين لدعم حركة الجهاد في ليبيا . واستغل الشيخ عصمان علاقاته الشخصية لدعم المجاهدين , وخاصة مع (شفيق حزام) ، من أبناء فلسطين المسيحيين الذي كانت له استثمارات وأملاك كثيرة في ليبيا
في منطقة الحنية , ومصنع شفيق الشهير ببنغازي ، علماً بأن هذا الرجل لم يتأنى في دعم المجاهدين , بمنح الشيخ عصمان ما أراد ,(ديناً) وهو على علم بتصديه للجهاد ، فقد استدان ما أحتاجه بعض المجاهدين , من شفيق خزام على ضمانة الشيخ عصمان الشامي , والذي كان له أملاكا كثيرة في فلسطين , كما أنه شغّل ابنه (محمد بن عصمان الشامي) في مصنعه بعد خروجه من المعتقل
***********
بعدما أخُرج الشيخ عصمان من المعتقل سنة 1933 م لسوء صحته , كان الجوع والحاجة في انتظاره , ولم يبخل وجهاء سكان بنغازي من الحضر , بالتشرف بمساعدة هذا السيف المتكسر في ساحات الجهاد
*************************
وعندما رجعت زوجته (هويته البرعصية) التي كانت بالمهجر بأن يُرتب لهم سكن يليق بالعائلة ، وبالفعل استطاعا أن يتحصلا على قطعة أرض في منطقة البركة , بعدما باعت زوجته ما تمتلك من فضة بالإضافة إلى ما درته عليها بعض الأعمال الشريفة التي قامت بها وبنوا فيها بيتا صغيراً لضم شمل العائلة حتى يستأنفوا حياتهم في هدوء .
******
وهنا جاءه شفيق حزام يطالبه بالديون التي عليه والتي استدانها منه لغايات الجهاد ودعم المختار ولما عجز عن السداد طالبه بأراضيه المرهونة له والمودة في بيسان في فلسطين بحيث يتنازل له عنها وتبين وجود شريك يهودي شفيق اسمه عاموس وطلبو منه التنازل بتلك الأراضي لهم بدلاً من الديون التي عليه ؛ وهنا قام أقاربه بترتيب زيارة له إلى فلسطين حيث مولده وأهله وعشيرته وأملاكه المرهونة من أجل الجهاد وبالفعل تمت جميع الترتيبات , ولكن ولكن عودته إلى فلسطين في نظر اليهودي عاموس لربما كانت خطراً حقيقياً فقامت السلطات الإيطالية بإجراء فحوصات طبية له وحقن بمطعوم عاجلته بعدها المنية ببيته في ليبيا بمرض شديد وظروف غامضة ، ووافاه الأجل في 12/12/1938 م .
**********************
ورد أهل ليبيا الجميل لأهل فلسطين وكان من رفاق الشيخ عصمان من المجاهدين الليبيين الذين لجأوا إلى مصر ، ومن سار على دربهم ، لم يهنأ لهم خاطر أو بال ، بل البعض منهم أراد استكمال مسيرته الجهادية طمعا في الشهادة , فتطوع قسماً منهم للجهاد في فلسطين المباركة , تلبية لصوت الجهاد , ووفاءً منهم لما قام به المجاهد البطل عصمان الشامي في ليبيا ، فذهب المجاهد ( سعيد جربوع )، وكان من المقربين لشيخ عمر المختار، كما كان من القلائل الذين كانوا بمعية الشيخ عمر المختار عند وقوعه في الأسر وجرح دونه , ونجى من الأسر , وكذلك المجاهد (بلقاسم حفتر الفرجاني) والمجاهد (حمد بن شعيب) ، الذي جرح في فلسطين عندما انضم إلى صفوف المجاهدين , ضد الإنجليز والصهاينة في فلسطين , والكثير من الليبيين الذين عرفوا في فلسطين حبيبة بالمغاربة , وآخرين لا نعرفهم الله تعالى يعرفهم ولن يضيّع أجرهم
******
عائلة عثمان بن عبدالرحيم الشامي تُمنح شهادة التقدر , ووسام شرف الجهاد المقدس ولم تُترك عائلته بدون سند ولا مدد من قبل إخوانهم في ليبيا , بل تسابقت القبائل في احتضان أبناءه وتذكيرهم بأن انتسابهم للشيخ عصمان
الشامي شرف ما بعده شرف , جسد ذلك الشيخ عبدالحميد العبار عام 1962 عندما جاءه علي ، الابن الأصغر للشيخ عصمان ، وكان حينها الشيخ عبدالحميد يرأس مكتب المجاهدين , دخل (علي عصمان) على الشيخ عبدالحميد , أملى على الفور على سكرتير مكتبه، معتوق آدم الرقعي ، أن يكتب الآتي : ” هذا ابن عصمان الشامي الغني عن التعريف .. والسلام ” ثم وقعها وختمها بختمه فما كان على الجهات المعنية , إلا أن توشح العائلة بشهادة تقدير وعرفان لجهاد والدهم ، وكذلك وسام شرف الجهاد المقدس , اعترافاً لصنيع هذا الفارس :: المسلم العربي المقدسي الفلسطيني البطل, القادم من أرض الشمال , للجهاد مع أبناء المغرب العربي في شمال أفريقيا
**********************
لقد كان لرحيل الفارس العربي المسلم , الأثر الكبير وخاصة لعدم رؤياه النصر الذي حققه لاحقاً أبناء ليبيا على الطليان ولعدم رؤياه لفلسطين منذ أن غادرها للجهاد في ليبيا , ولكن هكذا يُمكّن للأبطال ، لا تكتب لهم البطولة إلا بعد الابتلاء والتضحية والصدق أحمد شوقي أمير الشعراء في وصفهم عندما رثاهم في شخص الشيخ عمر المختار فقال :
خيرت فاخترت الميت على الطوى *** لم تبن جاهاً أو تلمّ ثراء
فتحية لروح هذا البطل الطاهرة وهي تطل علينا صباحاً مساءً من عليائها لتشاهد , قوافل الشهداء مزدحمة على أبواب الأقصى في فلسطين والعراق والشيشان وأفغانستان ,فرحم الله الشيخ عمر المختار وعصمان الشامي ، ونجيب بيك الحوراني , ومحمد الحمد الحنيطي وسرور برهم , ورفاقه المجاهدين الذي ألبسوا تاريخ هذه الأمة , حُليٍ من الكرامة والفخار ، وزينوا بفروسيتهم وشجاعتهم , ليبيا وفلسطين وسوريا والعراق والجزائر ..... بشرف الجهاد المقدس وأسكنهم فسيح الجنات ولا تزال المقاومة الصادقة للظلم والظالمين
تستمد من جهاد الرعيل الأول روح التضحية والإستشهاد في سبيل الله تعالى
*********
الاستعمار مدان , احتلال اراضي الغير مرفوض والظلم مدان , وله ثمن يدفعه الظالم للمظلوم والتعويض
وتقبيل يدي (محمد عمر المختار) الإبن رمزية الأباء يتورثها الأبناء سُنّة ليبيا وإيطاليا
*************
قدم رئيس الحكومة الايطالية (سيلفيو برلوسكوني) يوم (30/8/2008) اعتذارا رسميا باسمه وباسم الشعب الايطالي عن «الجراح الغائرة التي سببها الاستعمار الايطالي للشعب الليبي» خلال زيارته الى بنغازي. ووقع برلوسكوني «اتفاقية تعاون وشراكة وصداقة» تقضي بدفع ايطاليا، تعويضات بمليارات الدولارات عن الحقبة
الاستعمارية للييبا. ووصف الاتفاق بالساعة التاريخية واعتبره اقرارا بهزيمة الاستعمار، وتردد عقب توقيع الاتفاق ان «الاستعمار مدان وان احتلال اراضي الغير مرفوض وان الظلم مدان , وله ثمن يدفعه الظالم للمظلوم» «الاستعمار مشروع فاشل»
*******************
والجهاد في سبيل الله ماض إلى يوم القيامة
ووعودات الله تعالى , تمدنا بالأمل {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ
(105)إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ(106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}