نضال شيخ الكرك إبراهيم الضمور(1832) يحاكي نضال ملك الكرك المؤابي ميشع (840 قبل الميلاد)
فصل من فصول نضال شيخ الكرك إبراهيم الضمور
كانت الحكومة العثمانية تلزم الضرائب لمتعهدين يدفعون لها ويحصلونها من الناس...
كان قاسم الأحمد عام 1832 زعيم جبل نابلس بلا منازع، وقد حافظ قاسم الأحمد على الرخاء الاقتصادي في جبل نابلس.. وساعد الناس بتخفيف الضرائب عنهم قدر الإمكان وقد أثار ذلك غضب الأتراك اللذين رأوا ان العرب غير جديرين بان يحكموا أنفسهم بأنفسهم.. فلا بد من غريب يحكمهم حسب رأيهم..
فتم خلال السنوات التالية فرض ضرائب جديدة.. وجعل الخدمة العسكرية إجبارية على جميع البالغين.. وتقرر نزع السلاح من الناس.. مما أثار سخط السكان فبدأت أولى الثورات ضد الأتراك في جبل نابلس بقيادة زعيمها قاسم الأحمد.
استطاع الأتراك هزيمة جيش قاسم الأحمد ... بعدها تلفت قاسم الأحمد بحثا عن ملجأ، فاجتاز نهر الأردن إلى الشرق، وحل ضيفا ودخيلا على أبناء الكرك في قلعتهم التي كانت تقاوم الأتراك بين حين وآخر بقيادة الشيخ إبراهيم الضمور حاكم الكرك آنذاك.
حل قاسم الأحمد ضيفا على الكركيين.. ووصلت أخبار لجوئه إلى الأتراك فجائوا إلى الكرك على رأس قوة كبيرة ليقبضوا عليه.. ولكن الكركيين رفضوا تسليم دخيلهم. .
كان لشيخ الكرك إبراهيم الضمور أبناء اثنين احدهما يدعى ( سيد والثاني علي ) وإثناء ذهابهما لتفقد الأحوال حول الكرك تفاجئا بالعسكر تحيط بهما من كل جانب ووقعا في الأسر فأرسل إبراهيم باشا قائد الحملة، رسالة إلى شيخ الكرك مليئة بالحقد والتكبر والغرور هذا نصها
(إلى شيخ الكرك إبراهيم الضمور تسلم الكرك وتخضع رجالك وإلا أحرقت ولديك -الإمضاء إبراهيم باشا).
كان وقع الصدمة عنيفا على رجالات الكرك وشيخهم وضيفهم .. ويدخل الشيخ إلى بيته متجهما مضطربا فتسأله العلياء زوجته فيجيبها:
(والله ما أخذتك لبياض خدك ولكن لأني اعرف انك من اشرف نساء الكرك وعلى أمل أن يكون لي منك أولاد يصونون العرض ويحمون الشرف واليوم قدر الله ان يختبرنا وهذا الباشا يقول تسلم الضيف وتسلم القلعة ورجالك وإلا أحرقت ولديك)
وتجيبه العلياء بشموخ كشموخ قلعة الكرك وبكبرياء الكركيات
(يا شيخ.. الرأي رأيك والله ما على الحياة أسف بعد الدين والعرض والشرف وألف اهانة للمال ولا اهانة العيال وألف اهانة للعيال ولا اهانة للدين والعرض والشرف فلا والله شرفك ودخيلك وشرف الكركيات والكرك أولى من حياة سيد وعلي قل للباشا يقتل إذا ما بدو يقبل الفدية).
لقد قالها الشيخ ابراهيم الضمور بكل عنفوان:
(والله لا اسلم الدخيل هذا ضيفنا .. والله لا اسلم الكرك للدولة ولو احرقوا السماء على رأس السيد وعلي الحياة والعيال لا قيمة لهما الدين والشرف خير منهما .. استعدوا للموت ونار الباشا ولا نار الفضيحة والعار)
وتسمع العلياء رد الشيخ وتصرخ من خلف الباب ليسمع الجميع
(حنا ما تعودنا نسلم الدخيل في الأولاد ولا في البلاد يا شيخ الأولاد فيهم عوض أما الشرف والنوماس ماله عوض).
وهاهو شيخ الكرك إبراهيم الضمور يسترجع تاريخ الكرك عام 840 قبل الميلاد .. يسترجع تاريخ الملك الكركي المؤابي ميشع عندما حاصر العبرانيون الكرك فقاتلهم وانتصر عليهم ..
لقد دفعت عروبة ورجولة وشهامة وكبرياء الشيخ إبراهيم الضمور إلى التضحية بأبنائه على أن يساوم على أخلاق وقيم العروبة في إكرام الضيف وإجارة الدخيل وغيرها من عادات وتقاليد العرب..
رحم الله الشيخ إبراهيم الضمور ورحم والديه وأسكنهم فسيح جناته ...
المصدر : حزب الثورة العربية الكبرى / مكتب الثقافة والأعلام