نأخذ موقفا سلبيا من الفنان عادل إمام، عودا على تصريحاته السابقة والتي كان يؤيد فيها نظام مبارك بما في ذلك التوريث، ولم يؤيد ثورة 25 يناير، وظل محسوبا على مبارك وسياسته التي ظلت تعمل وسيطا لإسرائيل وتضغط على قيادة حماس، حتى أبان العدوان على غزة عامي 2008و2009/ ولا نعود للتذكير بصريحات إمام وتحميله مسؤولية العدوان على حماس وليس على إسرائيل التي تحتل كل الأرض الفلسطينية، ومقاومتها واجب أخلاقي وإنساني قبل أن يكون دينيا أو عربيا.
جاء العمل التلفزيوني الجديد «فرقة ناجي عطا الله» فرصة للفنان عادل إمام لتقديم عمل درامي يليق بمصر وبالقضية الفلسطينية التي تطوع لها وما زال آلاف الكتاب والمثقفين والفنانين العالميين والتكفير عن أخطائه ومواقفه الأخيرة والليونة التي رافقت عددا من أعماله الأخيرة مثل السفارة في العمارة، ولكن جاء العمل مخيبا، فهو يقر بوجود علاقة مع إسرائيل، ويؤيد التطبيع خاصة وأنه تناول قصة دبلوماسي في السفارة المصرية في تل أبيب، يتعامل مع الإسرائيليين بشكل عادي وطبيعي والقصة التي حدثت معه، قد تحدث لأي دبلوماسي في أي بلد آخر، بمعنى أن ذلك تطبيع مع العدو، يروج له العمل بشكل واضح.
عدا عن ذلك، فإن أحداث المسلسل التي يجرى جزء منها في غزة، كانت أيضا فرصة لعادل إمام للقيام بزيارة حقيقية إلى غزة، وتصويرها وإظهار معاناة اهلها الحقيقيين، وليس الاكتفاء فقط بكتابة اسم مدينة غزة على مشاهد لا تمت بصلة لها، كما أن اللهجة الغزاوية كانت غائبة كليا عن العمل، فلم يتقن أحد من الممثلين سوى الحجة فاطمة شيئا من هذه اللهجة، وكان انفعال أبو طارق الغزاوي مبالغا فيه؟، كما أن المشاهد التي صورها لفتيات غزة ليست حقيقية، وكذلك البيوت والشوراع، وكان بإمكانه الاطلاع على اي تقرير من غزة لكي يرى أن بيوت الحجر، والشوارع التي تظهر من خلفها الجبال ليست موجودة بهذا الشكل هناك، فالمنطقة ساحلية، ومنبسطة وليست ثرية إلى هذا الحد، أضف إلى حس السخرية من فتح وحماس بطريقة لا تليق بفنان كبير عليه مسؤولية كشف الحقائق وعدم اللف والدوران حول قضية مصيرية، وتصوير مناسف اللحم والأكل في غزة بهذا الشكل المبالغ فيه، علما بأن القطاع يعيش في وضع اقتصادي ومعيشي سيء جدا بسبب نقص الكهرباء والمحروقات واغلاق المعبر الوحيد مع العالم العربي وهو معبر رفح. والذي لم يتطرق له المسلسل.
لقد بدا الاستخفاف واضحا بعقول المشاهدين، فالمعبر الذي مر منه فريق ناجي عطا الله من غزة إلى تل أبيب، ليس له علاقة بحاجز إيرز، كما أن وجود حاخامات، قادمين من غزة إلى الحاجز الإسرائيلي لا يمر بسهولة على الحاجز، فلم يعد هناك اسرائيليون في غزة منذ تفكيك المستوطنات الإسرائيلية فيها، وهذه النقطة فاتت الكاتب والمخرج. أضف إلى أن الإسرائيليين ليسوا سذجا الى الحد الذي صوره العمل، والذي سيثبت بطولة ناجي عطا الله وفرقته في سرقة بنك ليئومي، كما اتهمه البعض بسرقة العمل عن الفيلم الأمريكي (المحيط 11).
لقد تحولت قضية الصراع العربي الصهيوني من صراع وجود إلى صراع حول المال، مثل أفلام جيمس بوند، وكان يفترض أن يتوقف إمام مليا أمام هذا العمل وأن لا يتم سلقه بهذه السرعة وبهذا التشويه المتعمد، والذي يريد أن يغسل يد العرب من القضية الفلسطينية وتصوير المصريين باعتبارهم غير معنيين بما يحدث هناك، فهم يجهلون أبسط الحقائق كما عرضها العمل، وهذا ليس صحيحا، فأكثر بلد معني بقطاع غزة هو مصر منذ حرب الـ48 ومنذ ضم القطاع الى مصر بعد نكبة فلسطين، وما تلا ذلك حتى اليوم.
كنا نتمنى لو أن عادل إمام وهو ممثل قدير بلا شك، قدم عمله فقط عن غزة، وتم تطوير زيارته إلى هناك، وتحويلها إلى عمل درامي، يكشف فيه الكثير من الحقائق والاوضاع للشعب الفلسطيني منذ النكبة وحتى اليوم بطريقته الفنية والكوميدية والتراجيدية، والتي تجلت في مشهد جنازة الشهيد التي شارك فيها بالحطة الفلسطينية وكان المشهد مؤثرا